أحدث الأخباراليمن

*الشهيد الحمدي كما لا يعرفه الكثيرون.. صفعات «إبراهيمية» لا ينساها الكيان الصهيوني*

مجلة تحليلات العصر الدولية

خالد العراسي

لا يعلم الكثير أن أكبر وأقوى الصفعات العسكرية والاستخباراتية التي تلقاها الكيان الصهيوني كانت موجهة من الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي.
*الصفعة الأولى*
حدثت الصفعة الأولى في 11 يونيو عام 1971 عندما تعرضت ناقلة النفط الإيرانية “بحر المرجاة” لهجوم بقذائف (آر. بي. جي) في مضيق باب المندب أثناء نقلها النفط الإيراني إلى الكيان الصهيوني (عندما كان النظام الإيراني عميلاً لأمريكا وللكيان الصهيوني في تلك الفترة)، وكان الحمدي حينها قائدا لقوات الصاعقة، ومسؤولا عن المقاطعات الغربية والشرقية والوسطى ولم تعلن أي دولة أو جماعة مسؤوليتها عن الحادث.
ويقول البعض بأن عناصر من جبهة التحرير الفلسطينية المتواجدين في اليمن الشمالي (سابقاً) حينها هم من نفذوا هذه المهمة بتنسيق بين حكومتي اليمن ومصر، “ووفقا لوكالة الأنباء الفرنسية تم تصنيف الهجوم كأخطر ضربة تعرض لها الكيان الصهيوني في تلك الفترة، وأن هذه الضربة لا يعادلها إلا قرار عبد الناصر في مايو 1967 إغلاق مضيق تيران” .

*الصفعة الثانية*
أما عن الصفعة الثانية، فحدثت في مايو من العام 1972، عندما كان الحمدي يشغل منصب نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
في تلك الفترة تم القبض على أكبر جاسوس في الموساد الصهيوني وكان مصري الجنسية وهو الضابط “باروخ زكي مزراحي” أثناء تواجده في الحديدة بعد أن أنهى مهمته في عدن بنجاح، حيث تم إلقاء القبض عليه في فندق الإخوة وبحوزته صور لميناء الحديدة وكل المواقع والمنشآت الهامة المطلة على البحر الأحمر وخط الملاحة، ورغم ادعائه أنه التقط هذه الصور للذكرى وكان مصراً على أنه مغربي الجنسية مستخدما اسما مستعارا: “أحمد الصباغ”، إلا أن الاستخبارات اليمنية عثرت على ورقة بحوزته فيها إحداثيات وصور كروكية لكل المواقع الحيوية والعسكرية، وهنا اعترف عميل الموساد بمهمته، إلا أنه لم يكشف عن هويته الحقيقية وكانت هناك عروض من الكيان الصهيوني عن طريق تاجر إثيوبي لإطلاقه مقابل 10 ملايين دولار، إلا أن الحمدي غضب ورفض بشدة وسارع بإبلاغ السلطات المصرية والتي بدورها أرسلت ضابط الاستخبارات المصرية “رفعت جبريل” الملقب بـ”الثعلب” ووصل إلى اليمن وتعرف على الجاسوس واتضح أنه ضابط رفيع المستوى وليس مجرد جاسوس عادي وأثناء نقله إلى مصر حرك الكيان الصهيوني قوة بحرية كبيرة جدا لمحاولة إنقاذ عميلهم إلا أنهم فشلوا وتمت عملية إيصاله إلى مصر بنجاح، وتقول المخابرات المصرية إن حجم الاستفادة من باروخ مزراحي كانت كبيرة جدا، لأنهم تمكنوا من معرفة طريقة تجنيد الكيان لعملائه داخل الدول العربية وأسلوبهم بالتغلغل واندماجهم مع المجتمع منذ البداية، مما ساعد مصر كثيرا
في حرب أكتوبر 73. كما أن مصر تمكنت في عام 74 من مبادلة باروخي بـ65 أسيراً مصرياً وفلسطينياً، أبرزهم الكاتب والأديب الفلسطيني توفيق فياض، الذي حكم عليه الكيان بالسجن 8 سنوات بتهمة التخابر لصالح مصر، وأيضاً عابد قرمان.
ومنذ ذلك الحين تم وضع اسم الحمدي في قائمة أعداء الصهاينة. وكان الكيان في تلك الفترة يعمل بشكل كبير على زراعة عملاء له داخل الدول العربية. وفي العام نفسه الذي تم فيه إلقاء القبض على باروخي تلقى الحمدي معلومة من المخابرات المصرية تفيد بأن اثنين من القيادات اليمنية العسكرية التقيا بسفير الكيان في إثيوبيا وتم استقطابهما كعملاء في الموساد، لكنها لم تتمكن من تحديد اسميهما (وقد تحدث عن هذه الجزئية اللواء/ ناصر سالم صالح بحيبح وذكرها بالتفصيل وبالأسماء وتم اغتياله عن طريق السم وهي طريقة الصهاينة في الاغتيالات).

*الصفعة الثالثة*
تمثلت الصفعة الثالثة التي تلقاها الكيان الصهيوني من إبراهيم الحمدي بإغلاق مضيق باب المندب في وجه البوارج الحربية الصهيونية في حرب أكتوبر 73، وذلك بصفته نائبا للقائد الأعلى للقوات المسلحة ونائبا لرئيس الوزراء لشؤون الدفاع، ما أدى إلى هزيمة ساحقة للكيان الصهيوني نظرا لتحييد قواته البحرية التي كانت أكثر ما يعول عليها الكيان في حربه.
فكانت أكبر صفعة يتلقاها الكيان، فوضع علامة إكس ثالثة (X) بجانب اسم الحمدي، وباتت مسألة اغتياله تشكل ضرورة.

*الصفعة الرابعة*
لم يكن صعود إبراهيم الحمدي إلى كرسي الرئاسة هو الصفعـــة الرابعة رغم الفاجعة التي أصابت الصهاينة من هذا الخبر، لكن الصفعة الحقيقية تمثلت في إقامة الحمدي للمؤتمر الأول بشأن البحر الأحمر في عام 1977، الذي شاركت فيه كل الدول المطلة على البحر الأحمر باستثناء السعودية التي لم تحضر تلبية لرغبة الكيان أو بالأصح لتوجيهاته.
وعمل الصهاينة منذ ذلك الحين في مسارين، الأول هو: ترتيب وتجهيز خطة اغتيال الحمدي بتمويل ومتابعة سعودية على يد القياديين اليمنيين اللذين التقيا بسفير الكيان في إثيوبيا عام 72 بعد أن تم تجنيدهما ضمن الموساد مقابل منحهما كرسي السلطة في اليمن وضمان استمرارية الاستحواذ على حكم اليمن ما دامت السلطة تابعة للكيان وتنفذ توجيهات الكيان، وبالأخص بشأن خط الملاحة في اليمن، وكانت السعودية هي الواجهة باعتبارها الذراع الصهيونية الأمريكية البريطانية في المنطقة ولها مصالح في اليمن وتحظى بقبول شعبي ومجتمعي في كل الدول والجار الأول والأقرب لليمن، وواجهة السعودية الدينية تجعلها أكثر قبولا عربيا من غيرها من الدول، لاسيما وأنها بلد الحرمين الشريفين ولم تكن حينها بلد التفسخ والانحلال كما هي اليوم برؤية الدب الداشر بن سلمان، فالانحطاط الحاصل اليوم يأتي من باب المسايرة والمجاراة مع تفسخ المجتمعات، فالعدو يعرف ما هو السلاح المناسب بحسب الزمان والمكان وفق ما تتجه إليه المجتمعات أو بالأصح وفق ما وجهوا المجتمعات إليه.
أما المسار الثاني فكان: محاولة السيطرة على باب المندب وخط الملاحة، وهذا تطلب عدة خطوات أولها تدويل المضيق وتنصيب سلطة يمنية تابعة للكيان والاهتمام بالقرن الأفريقي وإقامة قواعد عسكرية أمريكية وصهيونية على جزر وسواحل الدول الأفريقية المطلة على المضيق وآخرها انتزاع جزيرتي تيران وصنافير من مصر وضمهما إلى السعودية كمنفذ احتياطي بديل.
وللأسف تمكن الكيان الصهيوني من اغتيال الحمدي قبل أن يوجه للكيان صفعته الخامسة بأيام قليلة، أي قبل انعقاد “المؤتمر الثاني للبحر الأحمر”. وبالعودة إلى موضوعنا نتذكر جيدا في كل الروايات التي سمعناها عن اغتيال الحمدي بأن القنصل العسكري السعودي “الهديان” أجاب الحمدي عندما سأل عن الدم الموجود على الأرض وكان دم أخيه الشهيد عبدالله الحمدي، فأجابه بأن هذا هو البحر الأحمر، في إشارة إلى ما فعله الحمدي بشأن البحر الأحمر .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى