أحدث الأخبارايرانمحور المقاومة

الشهيد سليماني كما يصفه الإمام الخامنئي

مجلة تحليلات العصر الدولية - محمّد صادق الهاشميّ

المقدّمة
لا يمكن الفهم الحقيقيّ للقمم المعنويّة إلّا من خلال النظر إليها ما يذكره العظماء عنها ، فإنّ رجلاً مثل الحاجّ سليماني أسطورةٌ توفّرت فيها القيم والشجاعة والبسالة والروح الثورية والإيمان العميق بالله وخطّ أهل البيت (ع)، لا يمكن رؤية هذه القمّة إلّا من خلال تقييم قمّة كبيرة أخرى لها، اسمها الإمام الخامنئي الذي يعتبر حديثه بموجب تقواه وورعه وعلمه وموقعه كلمات مخلصة وصادقة ومستلّة من عمق التجارب بحقّ الشهيد، إنّها شهادة للتاريخ أمام الأجيال والحوزات والمستقبل والحاضر، ليكون الشهيد وفق شهادة الإمام نموذجا ومدرسة، وهذا هو الذي دعانا إلى أنْ نكتب عنه من خلال كلمات قائد الثورة الإسلاميّة لنرى كيف يقيّمه وينظر إليه، وأيّ خصال تتجسّد فيه، نالت إعجاب الإمام وترسّخت في قناعته، وإليها يرجع النصر، وماهي رؤية وتقييم ونظرة الإمام الخامنئي لهذا الرجل الكبير.
أوّلا: الشجاعة والحكمة
الإمام الخامنئي يعتبر الشجاعة هي القوّة والقدرة الشخصية النابعة من الإيمان ورسوخ العقيدة، لتشكّل قوّة دافعة نحو العمل الجادّ والمخلص، ومالم تتوفّر هذه الشجاعة فلا يمكن لأيّ ثائر ومخلص وقائد أنْ يمضي قدما بين الأخطار والأكدار والموت والحرب والنيران للدفاع عن قيمه ومبادئه .
إنّ الإمام الخامنئي يصف الشهيد سليماني: « كان الشهيد سليماني شجاعا ومُدبّراً على السواء. لم يقتصر على الشجاعة؛ لأنّ بعض الناس لديهم الشجاعة لكنهم لا يمتلكون التدبير والعقل اللازمين لاستخدام هذه الشجاعة 8/1/2020م».
فالإمام الخامنئي يصف الشهيد بأنّه شجاع، ولكنّ هذه الشجاعة معززة بقدرات العقل والايمان والتدبير والحكمة لتدارس المواقف، وتجدر الإشارة هنا إلى أمر مهمّ سلّط عليه الإمام الضوء، وهو أنّ الحاجّ الشهيد خاض حروبا عديدة وشديدة، واتخذ مواقف مهمّة، وفي لحظات حرجة وواجه أعتى الشدائد في ميادين واسعة، وسعت من خلال التطوّرات الميدانيّة ، والمؤامرات الآنيّة ، وتنوّع في الأخطار، نعم هذا ما يشهد به العدوّ والصديق، ولكنّ هذه المواقف التي اتخذت من قبله ليس تعجّلاً في المواقف، أو أنّها منطلقة من حماسٍ وثوريّة غير مدروسة، بل أنّها تعتمد الحكمة والتدبر و مخافة الله وهي ، فليس كلّ إقدام ممدوح، مالم يقرن بالتدبّر والحكمة والايمان، وإلّا كان تهوّراً، وليس كُلّ حكيم شجاع، لذا يقول الإمام الخامنئي :« إنّ الآخرين أهل التدبير لكنهم ليسوا أهل الإقدام والعمل، ولا يتحلّون برباطة الجأش اللازمة للعمل . إنّ شهيدنا العزيز كان يمتلك رباطة الجأش، ويقع في فوهة الخطر غير آبه، ليس في أحداث هذه الأيام فقط، بل خلال فترة الدفاع المقدّس أيضا، وفي قيادته لواء (ثار الله ). 8/1/2021م».
ثمّ يقول ثانيةً مؤكّدا ذلك واصفا إيّاه : « كان أيضا صاحب تدبير، وكان يفكّر ويدبّر، وكان ذا منطق في أعماله، وأنّ الشجاعة والحكمة توأمان، ليس في ساحات الحرب فقط بل في الساحة السياسية».
وقال أيضاً: « كنّا نشاهد سلوكه وأعماله في الميدان السياسيّ أيضاً، كان ذا شجاعة فائقةٍ، وتدبير وحكمةٍ، كلامه مؤثّر مقنع ؛ لأنه كان يتمتع بالدراية والذكاء والفطنة، وكان يتصرّف بأعلى درجات الوعي والعقلانية والدراية في إدارة الشؤون المتعلّقة بالبلدان التي يعمل فيها، وشعرت بذاك جيّدا. 16-12-2020م ».
ومن خلال هذه الكلمات المنيرة بحقّ الشهيد المذكور التي قالها رجل عظيم ومرجع وقائد للأمّة الإسلاميّة نستكشف ما يلي:
1. إنّ الحاجّ سليماني قد نال ثقة الإمام الخامنئي ليس اعتماداً على التقارير، وما يُنقل له، بل عن تتبع خاصّ من نفس سماحة الإمام، وأنه كان يراقب سلوك الحاجّ في الميادين الإسلاميّة في لبنان والعراق وإيران، وكلّ ميدان دخل فيه عسكريّاً كان أو سياسيّاً أو أمنيّاً فضلا، عن ميدان سورية، ووفق هذه المتابعة الخاصة منه يشهد له الإمام أنه خاض الحروب بحكمة وفهم عميقين لمعادلات الأحدث والصراع الدولي والإقليميّ، وبفطنة عالية ورسوخ في الحكمة المعتمدة على الخوف من الله، وتغليب مصالح المسلمين، ومعرفة ما يحوكه الأعداء للعالم الإسلاميّ؛ فإنّ المعركة كانت معركة أيديولوجيات واقتصاد ونفوذ وصعود ونزول وتبدّل في القدرات، ونزاع في الإرادات ، وكلّ هذه القضايا كانت حاضرة في تخطيط الشهيد.
2. إنّ الشجاعة التي أبداها الشهيد سلماني نادرة من نوادر الدهر، جعلته يقف في الصفّ الأوّل للقادة الذين يخلدهم التاريخ، فهو يخوض الميادين، وينام في السواتر، ويحرر المدن، ويجلس في مراكز القرار الكبيرة، لا يعرف حرّاً ولا برداً، ويواجه المحن، كلّ هذه الأدوار – كما يشهد الإمام – قد خاضها الشهيد سليماني وهو يعرف بحكمته توقيتات المعركة، ونوعية المؤامرة، وطبيعة الردّ، وأهمّية التعبئة والحكمة في وضع الخطط التي أدّت إلى النجاح والنصر للإسلام على يد المقاومة الشريفة في إيران ولبنان والعراق واليمن والتي يرجع إليها الفضل في هزيمة ومخططات الصهاينة، وتكشف عن أنّه تمكّن من توظيف قدرات المسلمين واستنهاضها بما فيه مصلحتهم، مصلحتهم كمسلمين، يحثون الخطا نحو التحرر والسيادة والأمان، وليس كما يقال: إنّ سليماني مجرّد قائد عسكريّ، فالعسكري والشجاع الذي لا يعرف مجريات الأحداث والموازين والمعادلات الحاكمة دوليا وإقليما، وطبيعة الصراع في الإرادات لا يمكنه السير في المعركة إلى نهايتها، وما النصر الذي تحقق بشهادة الإمام الخامنئي على يد القائد سليماني؛ لأنه حكيم أوّلاً، وشجاع ومدبر وذكي وعارف بكلِّ التفاصيل، فهو مدرسة عسكرية وسياسية خارج الجغرافيا، ونموذج إسلاميّ فريد من نوعه، وفي إمكانياته من ممازجة الحكمة بالشجاعة والفطنة والمعرفة السياسية والعسكرية أنْ يمنح هو والمقاومة الأمّة الإسلاميّة مكانتها .
3. إنّ الإمام الخامنئي يشهد للحاجّ الشهيد سليماني إنه كان فطنا ومصداقاً لقول الإمام عليّ (ع) :«المؤمنُ كَيّسٌ عَاقِلٌ» ، فقد كان الشهيد يواجه السّلاح بالسلاح، والرجال بالرجال، والعقيدة بالعقيدة، والعقد بالخبرة، والتعاقد الدولي والإقليمي بالعقد الإسلاميّ الثوريّ، ويعرف كيف يفكك الألغام الدولية والإقليمية العسكرية والأمنية والسياسية دون أن تنزلق المنطقة إلى حروب أهلية ودولية وإقليمية، فهو يخوض حروباً في الميادين، وحروباً في المعادلات السياسية والدولية وبحمد الله وبحكته وشجاعته خرج منها منتصراً، ويحقّ له الوسام الذي قاله عنه المرجع السيستاني: « إنه والشهيد أبو مهدي المهندس قادة النصر».
4. الشهيد سليماني وإنْ كان قائدا عسكريا إلّا أنه وبشهادة الإمام الخامنئي عارفٌ بالسياسة بتدبّر عالٍ حتى داخل إيران فضلا عن الخارج، فهو يشرك المصالح الإسلاميّة ويغذي المواقف الحربية بمواقف سياسية متزنة، وإنّ إيران شهدت نهضة كبيرة كانت المقاومة قد احتلت فيها مساحتها في العالم الإسلاميّ بهمّته ورؤيته ونزاهته، فنال أعلى درجات الشرف في الدنيا والآخرة .
ثانيا: التقوى والايمان والجهاد
من الطبيعي أن يقال: إنّ هذا القائد الذي خاض معارك ضارية ومواقف سياسية كبيرة وتعدد في الأحداث والأزمنة والفتن فيها مواقف وحروب ودماء وشهداء وجرحى وهجرات فرضها العدوّ فمن الطبيعي أن القائد هنا امثال الشهيد سليماني فضلا عن شجاعته وحكمته التي أشار إليها الإمام الخامنئي لابدّ أن تتوفّر فيه التقوي والنزاهة والورع عن المحارم لتدار المعارك على أسس القواعد الشرعية والمذهب الشريف، مستلهما خلقه ومواقفه من قائده الإمام عليّ (ع)، والإمام الحسين (ع) وهذا ما يشهد به الإمام الخامنئي عنه
لا يمكن أنْ نتصوّر قائدا إسلاميا مختلفاً تماما عن أيّ قائد عسكري يعالج كلّ هذه الأحداث الحادّة المهولة دون تقوى وورع وإيمان والتزام أسس الشريعة، وهذا ما يشهد به الإمام الخامنئي بكلماته عن الشهيد فقد قال: « كان مخلصا يلتزم أداتي الشجاعة والتدبّر في سبيل الله، ولم يكن من أهل التظاهر والرياء وما إلى ذلك . والإخلاص مهمّ، ونتيجة ذلك الاخلاص هو العشق والحبّ والوفاء من عند الشعب، وهذه الدموع والآهات والمشاركة الشعبية وتجدد الروح الثورية لدى الشعب 17/1/2020م ».
الإمام الخامنئي يربط بين شجاعة الشهيد وحضوره في الميدان، وبين حبّه لله وتقواه وابتعاده عن الدنيا وحبّ الظهور، وهذا الأمر اوجب أنْ يكون الشهيد سليماني رمزاً ومحرّكا للثوار والمقاومين، ومدرسة لهم ومحبوبا لدى الجماهير خالدا مادام الضمير متحرّكاً في وجدان الأمّة، إنه معزّ الاسلام .
نعم هكذا يقيّم ويشهد الإمام الخامنئي للشهيد سليماني والشهيد المهندس حينما يقول: « اللّهم إنّك توفّيتهم متلطّخين بدمائهم في سبيل رضاك، مستشهدين بين أيديك، مخلصين ذلك لوجهك الكريم».
وقال: «كان الشهيد سليماني من أهل المعنويّات والاخلاص، والسعي وراء الآخرة، وكان رجل المعنويات حقّاً، ولم يكن متظاهرا بذلك».
وقال في أخلاق الشهيد سليمانيّ: « فلقد تبلورت في هذا الانسان مكارم الأخلاق، ذهب إلى صحاري البلد الفلاني والفلاني وعلى الجبال وقابل أعداء شتّى، وقد جسّد بالفعل هذه القيم الثورية التي زرعها الإمام الخميني في منهجه الإسلاميّ وبلورها وأظهرها ».
وهنا يشير الإمام إلى جنبة مهمّة وهي أنّ الشهيد سليماني بورعه وتقواه وإخلاصه وحبّه لدار الآخرة في كلّ معاركه ومواقفه إنّما جسّد وأظهر للعالم بأجمعه منهج الإسلام العظيم الثوريّ، وهو منهج الإمام الخميني، المعتمد على الأخلاق الرفيعة، وأسّها الأوّل هو التضحية من أجل كلّ الشعوب الإسلاميّة، فإنه لم يدافع عن إيران وشعبها، بل دافع عن الشعوب الإسلاميّة في فلسطين ولبنان والعراق واليمن بقوله: «كان لديه روح التضحية والانسانية أي أنه لم يكن مطروحا لديه هذا الشعب وذاك الشعب، وما شابه، بل كان إنسانيا، ويضحّي بنفسه من أجل الجميع».
الإمام يردّ شبهة قيلت بأنّ الشهيد إنّما خاض الحروب في خارج الجغرافيا الإيرانية من أجل شعب إيران، وهذه الأقاويل للأسف قيلت من أوساط مختلفة من الأعداء ومن أوساط إجتماعية غير مدركة للحسّ الإيمانيّ، والحرص والخوف والبعد الإنسانيّ في أخلاق الشهيد سليماني التي تحرّكه للدفاع عن المسلمين كلّ المسلمين
ونتذكّر قول بنت الشهيد سلماني زينب حينما تحدثّت في قناة الميادين مترجية والدها أنْ يبقي يوما واحداً للتزوّد منه في البيت شوقا له، إلّا أنه أجابها: « إنّ آمرلي محاصرة، وأنّ تأخري قد يكون سببا لموت الأبرياء من المسلمين، وسبي النساء، ماذا أقول للإمام الحجّة عجل الله تعالى فرجه».
كان بإمكان الشهيد سليماني أنْ يولي جهده كمسول إيراني على تحصين ثغور إيران عسكريا، ولكنه اعتبر كلّ بلاد المسلمين ثغوره ، فقاتل في الصحارى، والجبال، والسهول، والواديان، قاتل في الحرّ والبرد دون ملل أو كلل، وبورع عَزّ نظيرُه، مراعيا للشريعة في كلّ تفاصيل المعركة، ألا يكفي شاهداً أنه في كلّ الحروب لم يترك فرضاً ولا مستحبّا؛ لهذا قال الإمام الخامنئي عنه: «كان قائدا بارعا في المجال العسكري وفي الوقت نفسه كان دقيقا في مراعاة الحدود الشرعية، وقد ينسى الأفراد أحيانا الحدود الشرعية الآلهية في ساحة الحرب، أمّا هو فلا ، نعم إنه كان حذرا ». 18/1/2020.
وقال: « كان يحذر من أنْ يحدث اعتداء أو ظلم على أحد، فيحتاط ويلتزم في أمور لا يرى الكثيرون أنّها ضرورية في الميدان العسكريّ، وأنّه كان يقع في فوهة الخطر لكي يحفظ أرواح الآخرين ما استطاع إلى ذلك سبيلاً ».
وقال: « كان حذرا على أرواح مَن معه وجنوده من الشعوب الأخرى ممن كانوا إلى جانبه، وأنه كان ثوريا بشدّة، والنزعة الثورية خطُّهُ الأحمر »، وهذا يعني ما يلي:
1. هذه الشهادات من الإمام الخامنئي بحقّه سيسجلها التاريخ، وتدخل في الدروس الإسلاميّة ومناهج التربية للمقاومين والأجيال المسلمة بأنّ الشهيد كان شجاعا ورعا تقيا قاتل لأجل الله دفاعا عن المسلمين جميعهم، وليس عن إيران وحدها، وأنه خاض المعارك ، ووقف في الصفّ الأوّل، والساتر الإمامي؛ ليحمي المسلمين، ويصون أعراضهم من دون فرق بين فلسطيني وعراقي ولبناني وايراني، نعم إنّ الشهيد مدرك أنّه مسؤول عن حماية الجبهة الإسلاميّة قبال الجبهة الصهيونية. كلّ هذا الشعور لدى الشهيد، وهذه العقيدة استمدّها من الشريعة والفقه والقران والمنهج الثوري للإمام الخميني .
2. شهادة الإمام الخامنئي للشهيد سليماني بورعه وتقواه وتفانيه من أجل كلّ المسلمين تعتبر منهجا للمقاومين أنْ يترسّموه في مسيرتهم، ويجعلوا الشهيد قدوتهم الكبرى في الخلق والتضحية والإبتعاد عن الدنيا والجاه والظهور والثروات والمصالح الشخصية، وأنْ لا يتمّ توظيف الجهاد للدّنيا، بل يبقي الجهاد السبيل إلى الواضح إلى الله تعالى .
ثالثا: / حبّ الشهيد سليماني للشهادة والجهاد
السّمةُ التي طبعت شخصية الشّهيد سليماني، والتي شهد بها الإمام، وتجلّت في خطبه وتصريحاته وكلماته هي أنّ المحرّك الذاتي في مسيرة الشهيد الجهادية كان هو حبّه للشهادة، وبإيمانه بالجهاد الحقيقي، لا لغرض دنيوي زائل، ولا هدف قوميّ، أو مصالح شخصية، بل كان الشهيد ذائبا في ذات الله، راغبا في لقائه، مؤمنا بالجهاد كسبيل إليه تعالى، فلازمت حياته الزهد والخلق والتواضع والصدق، وإلى هذا يشير الإمام الخامنئي بقوله: «الحاج سليماني عرّض نفسه للشهادة مئة مرّة، ولم تكن هذه المرّة الأولى، ولكنّ كلّ ذلك في سبيل الله، وأداء لواجبه، والجهاد في سبيله، ولم يكن لديه أيّ خشية من أعداء الله تعالى». 8/1/2020م.
وقال: « لم يكن يعمل لنفسه، بل من أجل المسلمين، هكذا كان الشهيد سليماني، وأنّ الجهاد في سبيل الله يعني الجهاد الداخلي في تربية النفس، فكلّ جهاد خارجي يعتمد على الجهاد الداخليّ، فطوبى له، وطوبى له، لقد حقق أمنيته، لقد كانت لديه أمنية، وكان يبكي من أجل أنْ ينال الشهادة، وكان لديه شوق شديد للاستشهاد إلى حدّ يجعله يذرف الدموع لقد حقق الله أمنيته». 8/1/2020 م.
وختم الإمام كلامه عن الشهيد بقوله: « قد أمضى جلّ عمره بالجهاد في سبيل الله، والشّهادة كانت تكريماً له وجزاءً لمساعيه الحثيثة طوال هذه الأعوام الطويلة ». هذا هو الشهيد سليماني في شهادة الإمام الخامنئي.
وإلى هذا ينتهي القول بما يلي:
1. الشهيد سليماني مدرسة لأيّ مقاوم، ونموذج في تفاصيل الأخلاق والإخلاص، به نعرف الجهاد، وصدق المجاهدين، ومنه نستمدّ العزّة، والمنهج الثوريّ الإسلاميّ، والجهاد في سبيل الله وليس للدنيا الزائلة، فنكون مصادقاً لقوله: {خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا} [التوبة : 102]
2. الشهيد سليماني رسم جغرافيا الإسلام في المنطقة، وعبر الحدود، وجعل المسلمين في إيران والعراق وسوريا ولبنان واليمن وفلسطين أمّة واحدة في الدفاع عن عزّتها وثرواتها ومستقبلها، ودفع المؤامرات الأمريكية والأخطار الصهيونية عنها.
فالشهيد سلماني والشهيد المهندس وكلّ شهداء العراق والمقاومين هم عزّة الأمّة وكرامتها وحماة مستقبلها من مؤامرات المنطقة .
3. لا قيمة لأي منهج إسلاميّ مالم يتدرّع بالإسلام الثوريّ، سيما أنّ الأعداء من الخليج وأمريكا وكُلّ القوى الصهيونية متربصة بالمسلمين، منتجة للدواعش والعناصر والتشكيلات الإرهابية والبعثية والعلمانية والعملاء، هؤلاء لا ينفع معهم منهج الاستكانة والخمول والاسترخاء، بل منهج العزّة والسلاح، والتحلّي بالقيم والاخلاق الفاضلة .
4. إنّ سلوك الشهداء والمقاومين ليس ضرباً من المصالح بقدر ما أنّ الأمّة الإسلاميّة لا يمكنها أنْ تكون أمّة وتحافظ على وجودها إلّا بمنهج المقاومة، ومنهج المقاومة، الذي يعني الترفّع عن الدينا والتحلّي بالجهاد والنزاهة والحبّ والتواضع، والحذر المستمرّ، والعمل على تطوير قدرات المسلمين، ودعم الجهاد، ورصّ الصفّ. ومن المهمّ أنْ يدرك المسلمون أنّ المؤامرات قائمة، وأنّ أيّ تخلٍّ عن السّلاح والوعي والمنهج الثوري هو خيانة تفتح الباب للأعداء للإطاحة بالمسلمين، وأراضهم ، وعرضهم.
5. كلّ ما ذكره الإمام الخامنئي في الشهيد سليماني وما تحلّى به من شجاعة وحكمة وأخلاق وترفّع ونزاهة وصدق وحبّ للآخرة لابدّ أنْ تكون المعيار لكلّ مقاوم ومسلم ومثقف وحوزويّ ورجل الدين وخطيب، وعلينا أنْ نربّي شبابنا وأجيالنا على هذه القيم لنكون أمّة الاسلام .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى