أحدث الأخبارالعراق

الصدر خارج العملية السياسيّة: كرة النار بأيدي «التنسيقيّين»

الأخبار- سرى جياد الجمعة 17 حزيران 2022

على رغم أن زعيم «التيار الصدري»، مقتدى الصدر، لم يحدّد، في اجتماع الحنانة مع نوّاب كتلته المستقيلين، الوُجهة التالية لتَحرُّكه، إلّا أنه حسم أمر رفض العودة عن قرار الاستقالة. رفضٌ يستبطن رهاناً على أن صوته خارج البرلمان وخارج العملية السياسية التي أعلن الانسحاب منها، سيكون أقوى ممّا كان في داخلها، ولا سيما أن المأزق الذي يتخبّط فيه العراق سينتقل إلى المناوئين له، والذين لا يبدو، في المقابل، أن لديهم حلولاً سريعة له

بغداد | أقلّ من ثلاث دقائق استغرقتها كلمة مقتدى الصدر أمام نوّاب كتلته المستقيلين، لم يفصِح فيها عن الخطوة التالية التي سيقوم بها، بل اكتفى بقول ما لن يفعله، وهو المشاركة في العملية السياسية مع مَن وصفهم بـ«الفاسدين»، أو حتى المشاركة في الانتخابات المقبلة إذا شاركوا هم فيها. هكذا، نفض الصدر يديه تماماً من كلّ أثقال الحُكم خلال السنوات الماضية، والتي كان شريكاً كاملاً فيها، سواءً من خلال المشاركة في جميع الحكومات السابقة، أو من خلال الموالين له والذين ما زالوا يملأون الإدارات الحكومية، ليُلقي بالحمل بكامله على الطرف المناوئ له، وتحديداً قوى «الإطار التنسيقي» التي يسعى إلى رمي كرة نار الأزمة بين يديها، مُراهِناً على المزيد من إضعافها. ويُبقي الصدر، بذلك، خياراته مفتوحة لجهة تحريك شارعه في وجه قوى «التنسيقي» في أيّ لحظة، وعرقلة أيّ خطوات يمكن أن تقوم بها الأخيرة للمُضيّ في عملية تشكيل الحكومة، ولا سيما أن تلك القوى باتت أمام خيارات ضيّقة، وسيكون عليها هي أيضاً إذا وصلت إلى طريق مسدود في أيّ مشاورات قد تُجريها مع المكوّنات الأخرى حول تشكيل حكومة جديدة، أن تتّجه نحو خيارات صعبة مِن مِثل الذهاب إلى انتخابات مبكرة، أو الإبقاء على حكومة تصريف الأعمال برئاسة مصطفى الكاظمي إلى حين نضوج ظروف ملائمة لتغيير ما.


وعلى رغم مشاركته في الحُكم طوال 19 عاماً منذ الاحتلال الأميركي للعراق وإسقاط نظام صدام حسين، إلا أن الصدر كان دائماً يحاول أخذ مسافة لشخصه على الأقلّ من الحُكم، فيشمل بهجومه على الفساد عناصر تيّاره، فيقيلهم من مناصبهم ويستبدلهم باستمرار. كما اعتمد سياسة الباب الدوّار التي تتيح له الدخول في الحكومات والخروج منها بمرونة، مع المحافظة على سيطرته على مفاصل أساسية في الدولة. واستفاد، أيضاً، في تكوين شعبيّته، من مؤسّسات «التيار الصدري» الخاصة المتغلغلة في المجتمع العراقي، ومن علاقات إقليمية عمد إلى إقامتها مع دول الجوار، وتحديداً السعودية والإمارات. وفي هذا الإطار، يَلفت الباحث السياسي العراقي، كاظم الحاج، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن «الكتلة الصدرية مؤثّرة حتماً في المشهد السياسي، وأيضاً التيار الصدري الذي هو القاعدة الجماهيرية للكتلة، نفوذه كبير جداً في الشارع، ومؤثّر في حراكه»، مضيفاً أن «هذه الكتلة لديها أدوات تنفيذية كانت ولا تزال الآن حاضرة في مؤسسات الدولة».

وإذ يُذكّر الحاج بأن الصدر أعلن سابقاً أن «المعارضة الشعبية ربّما تكون أحد الخيارات»، فهو يتوقّع أن يعمل الرجل في اتّجاهَين: «الأوّل تحريك الشارع، وهذا أمر متوقّع، للمطالبة بالحقوق التي يمكن أن يطالب بها الجمهور العراقي بصورة عامة، وخصوصاً الخدمات في قطاع الكهرباء والقطاعَين الصحّي والتربوي، وهي قطاعات تعاني بشكل كبير جداً؛ والثاني، دفْع الكتلة الصدرية إلى استخدام أدواتها التنفيذية في عرقلة أيّ توجّه حكومي خلال الفترة المقبلة، وبالتالي سيكون البرلمان مشلولاً وليس ذا جدوى، بما يؤدّي إلى تقصير عمر أيّ حكومة يمكن أن تتشكّل، وأيضاً إلى تحديد سقف زمني للانتخابات البرلمانية المقبلة». كذلك، يستطيع الصدر، من خلال قوّته في الشارع، الضغط على المكوّنات الأخرى، لتصعيب مهمّة «الإطار التنسيقي» إذا ما قرّر الأخير المُضيّ في تشكيل حكومة، خاصة في حال استطاع الأوّل إقناع حليفَيه السابقَين في «تحالف إنقاذ وطن»، «تحالف السيادة» بقيادة رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي و«الحزب الديموقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني، بعدم المشاركة في حكومة مع «الإطار». وهذه قد تكون الحال إذا كان أخذُ العراق إلى الفوضى في وجه طهران وحلفائها العراقيين، قراراً إقليمياً دولياً، باعتبار أن الحلبوسي وبارزاني، حليفان للولايات المتحدة ودول الخليج وتركيا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى