أحدث الأخبارالسعودية

الصراع داخل أدوات العدوان

مجلة تحليلات العصر الدولية

بقلم: عيسى محمد المساوى

غالب الظن أن جهود تشكيل الحكومة بين الاخوان والانتقالي ستنتهي الى ما انتهى اليه اتفاق الرياض 2019م، وفي احسن الظروف قد تتشكل الحكومة لا لتستقر بل لتكون شاهداً على اكبر مواجهة خلال المرحلة الاولى لمباشرة اعمالها على الارض، ومع تحول الانتقالي من مليشيا الى مكون رسمي وهو ما ينطبق أيضا على قوات طارق، سيفقد الاخوان الميزة التي ظل يزايد بها منذ 2015م.
اذا تشكلت الحكومة لن يبقى هناك مليشيا، وسيخسر الاخوان واحدة من أهم الأوراق الرابحة، سواء في مواجهة الانتقالي وقوات طارق، او في مواجهة ميلان موقف التحالف او المجتمع الدولي من خلال تصوير أي ميل تجاه غير الاخوان بوصفه خرقا خطيرا لهدف التدخل في اليمن، وعلاوة على ذلك فإن الخسارة الأفدح انهم سيكونوا امام حكومتين وجغرافيتين ومعسكرين؛ أحداهما بقيادتهم والأخرى بقيادة الانتقالي فيما يبدو انه محاولة لاستدعاء التجربة الليبية بكل مساوئها، ولعل أحد اسباب تعسر مخاض الحكومة المرتقبة هو عملية توزيع المواقع الحيوية بحيث تسفر عند ساعة الصفر عن انقسام مزعوم الشرعية الممزقة بين المعسكرين وظهور نموذج ليبي مكتمل الاركان جنوب اليمن، فهل سيأخذ الانتقالي مكان حفتر ويضم اليه سلطان البركاني؟؟
يعزى هذا التشظي الى انعدام الثقة بين الادوات، وبينها وبين المشغلين، وداخل المشغلين انفسهم، فالاخوان لا يمكن ان يثق برسائل  الانتقالي التطمينية بوصفه منافساً قوياً، وأداة طيعة بيد النظام الاماراتي العدو اللدود لتنظيم الاخوان ليس في  جنوب اليمن فحسب بل وفي ليبيا ومصر من قبل.
في المقابل تنعدم ثقة الانتقالي بجدية الاخوان في قبول الشراكة بالحكومة حسب نصوص اتفاق الرياض، فتنظيم الاخوان هو من صنع معاناة الجنوب بفعل سياسة الضم والالحاق التي اعتمدها منذ انتصار عصابة 7/7، وهو من رفض قبول أبسط صيغ المعالجة لاشكاليتي نهب الاراضي والمتقاعدين العسكريين قبل أن تنشأ القضية الجنوبية أصلا ، ثم هو العقل الإقصائي الذي تحكم بالجنوب بعد 2015م وما زال يعمل الى اليوم لحساب قطر وتركيا.
أما على مستوى الدائرة الأوسع، فالامارات لن تتنازل عن مطامعها الاستراتيجية في الجنوب لعدوها اللدود الاخوان مهما كلف الثمن، ثم هي ليست مضطرة لهذا التنازل وقد صنعت لنفسها ذراعاً محلية طيعة لحماية مطامعها، ومع أن السعودية تشارك الإمارات موقفها العدائي للاخوان، خصوصا بعد حديثهم عن استدعاء تركيا العدو التاريخي للمملكة والقوة التي غيرت الموازين في ليبيا، لكن الرياض مضطرة في نفس الوقت للتمسك بالاخوان لمواجهة انصار الله في الشمال وللدفاع عن حدودها الجنوبية، فهم البقية الباقية من تركة خمسة عقود من السيطرة على اليمن عبر الأدوات.
من جهة أخرى تتوجس السعودية خيفة من الانقلاب الاماراتي عليها في جنوب اليمن، فمن يصنع انقلابي ناجح كالانتقالي لاشك أن لديه نزعة انقلابية متطلعة الى الاستحواذ على الجنوب كساحة نفوذ مغلقة لا تقبل القسمة على اثنين، وهذا ما لا يخدم المصالح الاستراتيجية للسعودية الغارقة في رمال اليمن، والتي لا تملك الارادة السياسية للخروج منه، وليس بيد باقي القوى الارادة لوقف الحرب او دعوة تركيا، فخيوط اللعبة كلها بيد قوى الاستكبار العالمي أما الآخرين فليسوا أكثر من أدوات بيدها من السعودية الى تركيا ومن الاخوان الى الانتقالي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى