أحدث الأخبارالعراقمحور المقاومة

العراق سيحتاج 580 سنة لاستعادة قيمة مشروع أنبوب نقل النفط الخام العراقي من البصرة – العقبة

مجلة تحليلات العصر الدولية - المهندس علي جبار الفريجي

تقرير اقتصادية مهم جداً:
برؤية اقتصادية مجردة ننظر فيها لحاجة العراق لمد انابيب نفط مع الأردن، السعودية، إيران، تركيا، سوريا..
كأساس لهذه الفكرة، نعم العراق بحاجة لهذا التنوع بقنوات ومنافذ تصدير النفط. ولكن يجب أن تحتكم هذه الرؤية الاقتصادية لجملة من العوامل منها – حجم الفائدة من كل خط أنبوب، هل ستكون مجدية كعوائد وايرادات لخزينة الدولة على مدى بعيد، هل ممكن إن تضمن علاقات سياسية واقتصادي متزنة مع هذه الدول، وغيرها من العوامل الاقتصادية المهمة.
خط انبوب نفط عراقي سيمتد من مدينة حقول البصرة وبمحاذاة الحدود السعودية وصولا الى العقبة، سيتم بناؤه وفق نظام البناء والتشغيل ونقل الملكية (B.O.T) لفترة تمتد من 15- 20 عاما ثم تعود ملكية الأنبوب الى البلدين.
إن فكرة الربط النفطي بين البصرة-عقبة ليست وليدة للظروف والمتغيّرات للفترة الحالية بل هي مشروع قديم لجأ إليه العراق إبان الحرب العراقية – الإيرانية بعد تعرض منشئاته النفطية للقصف والتدمير، وظهرت فكرة البحث لمنفذ آخر لتأمين أمدادات تصدير النفط، تم طرح المشروع عام 1984 وكانت الفكرة تتضمن إنشاء أنبوب قادر على ضخ 1.5 مليون برميل يومياً لكن العراق تنازل عن الفكرة لصالح الأنبوب العراقي – السعودي الذي يربط البصرة بمدينة ينبع؛ ومن ثم إلى البحر الأحمر. الذي تم البدء بالعمل ب عام 1986 بتكلفة 2.6 مليار دولار حينها وهو الخط الناقل العملاق بمسلفة 1568 كم وبطاقة تصديرية 1.5 مليون برميل، مع طاقة تخزينية تحتوي على عشرة خزانات مستقلة بميناء ينبع بطاقة 10 مليون برميل ومنصة مستقلة. في عام 1990 بدأ الخط الناقل بالعمل بطاقته الكاملة وبعد ثمانية اشهر تم مصادرته من قبل الجارة السعودية بحجة غزو العراق للكويت.
في عام 2013 وقع العراق اتفاقية مع الجانب الأردني اتفاقية مشروع مد أنبوب النفط الخام العراقي من البصرة الى مرافئ العقبة على مشارف ساحل البحر الأحمر وبكلفة نحو 18 مليار دولار، وبطول 1700 كم مع تسع محطات ضخ عملاقة ستة منها بداخل العراق وثلاث في الأردن … بمعدل طاقة تصدير مليون برميل يومياً تقريباً 150 ألف برميل منها سيذهب لتجهيز محطة الزرقاء في الأردن والباقي منه يذهب للتصدير، مع احتمالية إضافة خط ناقل اخر للغاز الطبيعي بطاقة 100 ألف مقمق كمرحلة أولية.
هنا نناقش عدد من العوامل التي تخص هذا النوع من المشاريع لنستكشف مدى الأهمية الاقتصادية لهذا المشروع:
لمشاريع استراتيجية بهذا الحجم تحتاج ضمانات دولية لاستمرارها ولا تكون عرضة للمزاجية السياسية المتخبطة في المنطقة.
معدلات رسوم نقل هذه الكمية ستكون خاضعة لفاتورة الأردن ستقبض ثمنها وهي أغلي بكثير من فاتورة نقل النفط العراقي عبر البصرة مباشرة، او حتى من خلال ميناء جيهان. وهذه خسارة. وضريبة نقل النفط لن تتأثر في معدلات أسعار النفط هبوطاً او ارتفاعاً.
العراق سيباشر بامتلاك خط الانبوب بعد 15 سنة، والجزء الذي في الأردن سيعود لملكية الأردن حسب العقد، بمعنى العراق سيدفع ن نفطه صمن الجزء الموجود في الأردن.
بعملي حسابية بسيطة، بمعدل تصدير 850 ألف برميل يومياً من خلال خط أنبوب البصرة – العقبة، باعتماد سعر 50 $ للبرميل كمعدل بيع لسنوات طويلة سيكون اجمالي المبلغ هو 42,5 مليون دولار (أيراد) سنوي. بخصم تكاليف الإنتاج 9 دولار للبرميل، مع رسوم تصدير 4.5 دولار للبرميل عبر الأردن سيكون صافي الايراد هو 31 مليون دولار سنوياً.
بحساب قيمة المشروع 18 مليار دولار، العراقي يحتاج 580 سنة لاستعادة قيمة المشروع من النفط المصدر. وسيخسر 30 % من هذه القيمة للأردن حسب الاتفاق تحويل ملكية الجزء من خط الانبوب للأردن، مع خسارة (- 16 $) عن كل برميل الل 150 ألف بريل يومياً التي ستذهب للأردن لنفس الفترة بمعدل حسابي 13,6 مليون دولار سنوياً، وبقيمة 7.8 مليار دولار عن 58- سنة.
بالإضافة لفاتورة الصيانة والاندثار التي يجب أن تحسب لمشروع بهذا الحجم.
بشكل مبسط العراق سينفق 18 مليار دولار لمشروع أنبوب البصرة – العقبة سيحتاج 580 سنة لاستعادة قيمة هذا المشروع من تصدير نفطه، ويعطي ربح للأردن مجاني ثلث قيمة هذا الانبوب كملكية بعد التنفيذ، بالإضافة لفائدة اخرى 13,6 مليون دولار خصم عن قيمة استيراد نفط خام سنوي.
طبعاً لم نناقش مسألة قائمة الشركات التي ستنفذ هذا المشروع وهي خالية من الشركات العراقية، ولم تُعرف حجم اعداد العمال العراقيين الذين سيعملون بهذا المشروع وبالتأكيد سيكون عددهم قليل نسبياً لأن الشركات المرشحة لتنفيذ المشروع هي صينية واردنية (ائتلاف).
هل يستوعب ما يسمى القائمين على إدارة مقدرات العراق – حجم الكارثة وكيفية التعامل معها بتوازن سياسي واقتصادي سليم يكفل للعراق حقوقه وكيفية النهج لبناء التوزان الحقيقي في المنطقة.
ممكن أن يفسر البعض هذا النوع من المشاريع الاستراتيجية العالية التكاليف وبخسارة اقتصادية تعوضها العلاقات السياسية والمواقف. لا بأس لكن الإجابة ستكون بسؤال: لماذا على حساب العراق ولا يوجد اتزان مصالح سياسية كثمن لهذه المشاريع الغير مجدية؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى