Uncategorized

الغباء الأميركي مقابل الذكاء الإيراني=قنبلة نووية

مجلة تحليلات العصر الدولية - إسماعيل النجار

لآ تُحرجوهم فتُخرِجوهم؟
خذوا من هذه العبارة عنوان لكي لا تقعوا بالمحظور،

كلامي هذا مُوَجَهٌ للإميركيين بالذات، وأنا لستُ معنياََ ككاتب أن أُقَدِّم لهم النصائح؟
ولكن من باب النقد اللاذع للغباء الأميركي المستحيل ان تجد له نظيراََ سِوَىَ شيطنتهم ومكرهم.

الأميركيون أثبتوا أنهم أغبياء جداََ في إتباعهم سياسة العقوبات الصارمة ضد إيران! لأنها في مكانٍ مآ شَكَّلَت خدمة ذهبيه لهم في أصعب الظروف التي يَمُرُّون بها منذ سنوات طويلَة.

الجمهورية الإسلامية الإيرانية إعتادت الإفراط الأميركي الزائد بالعداء والكراهية ضدها كما العقوبات الصارمة الظالمة التي فرضتها عليها منذ أربعين عام بعد إنتصار الثورة الإسلامية فيها،

وأستطاعت إيران أن تتعامل مع نتائجها وتعلمت جيداََ كيف تلتَف عليها وتتجاوز أضرارها في الكثير من الأحيان وبملفات معقدَة وكبيرة للغاية كملف النفط وتحويل الأموال وإستيراد المواد الأولية وقطع الغيار،

هناك قسم تجاوزته من خلال الإكتفاء الذاتي والتصنيع المحلي،
وقسم آخر من خلال تأمينه بطُرُقٍ مختلفة وعن طريق أصدقاء وشركات،

أما الدولار أصبَح تأمينه هوَ الأسهل ولا يحتاج إلى مصارف أو إيداعات.

تبقى مسألة بيع النفط بكميات كبيرة الوحيدة التي تأخذ حيزاََ واسعاََ من الإهتمام الرسمي للقيادة بالرغم أن جهود الحكومات الإيرانية جميعها صَبَّت على تطوير الصناعة والزراعه والصناعات الدوائية والأهم إنتاج البنزين والزيوت المتطورة وتأمين الحاجات الضرورية بهدف الإكتفاء الذاتي وإيجاد فُرَص عَمَل وترتيب الميزان التجاري الخارجي لمصلحة الإقتصاد والخزينة الإيرانية بتفوُق، أو خلق توازن تجاري مع دوَل الجوار والقضاء على العجز التجاري نهائياََ.

هذا على المستوَى الإقتصادي في مواجهة العقوبات،
لكن على المستوَىَ السياسي والعسكري، راكمت إيران قدرات عسكرية كبيرة وكثيرة،

حيث عَمَلت وتعمل مؤسسات وزارة الدفاع للصناعات الحربية على تطوير قدرات متنوعة من سلاح الطيران والصواريخ والرادارات والمعدات الألكترونية الحديثة وأجهزة السونار والمسح الجيولوجي وعالم الفضاء وبناء السفن والمدمرات والغواصات، بالإضافة إلى سلاحَي الجو والدبابات والأقمار الصناعية.

في الجانب الخاص بالإتفاق النووي حقَّقَت الولايات المتحدة الأميركية والدُوَل الخمس الشريكة بالإتفاق إنجازاََ نوعياََ من خلال التوقيع مع طهران،
لكن سياسة إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب الغبية والحمقاء التي إنحرَفت وأنجرَفَت مع الرغبات الصهيونية أدَّت إلى الإنسحاب من الملف النووي من طرفٍ واحد وفرضت عقوبات إضافيه أحادية الجانب على طهران أحرجَت من خلالها شركائها الأوروبيين،

الأمر الذي دَفع بإيران للتحذير من مغبة عدم العودة الى روح الإتفاق وإحترام الحبر الأميركي عليه،

واشنطن لَم تَعِر أي إهتمام لتهديدات طهران ورفعت منسوب التحدي بزيادة فرض عقوبات جديدة أيضاََ، الأمر الذي دفع بها الى رفع نسبة التخصيب من ٣،٦٧٪) إلى ٩ ثمَ ٢٠ ثمَ ٤٠ ثم ٦٠ قابلة للزيادة وربما تصل إلى حدود إنتاج مكونات القنبلة النووية حتى لو لم يتم صنعها الذي يترافق مع تطوير محركات الصواريخ الدقيقة ورؤوس متفجرة ضخمة،

إستفادت إيران من الحَمَق الأميركي أكثر مِمَّا تضَرَّرَت، وازدادت إرادة وتصميماََ على إستكمال كل خطوات التحدي للولايات المتحدة ومَن يدور بفلكها.

الأوروبيون كانوا يميلون إلى البقاء ضمن ورقة الإتفاق، ولكنهم أبدَوا ضعفاََ كبيراََ في مواجهة أميركا وتماشياََ مع روح مشروع خروجها وفرض العقوبات الظالمة على إيران، وبقيت أوروبا داخل الملف كشاهد زور.

الإكتفاء الذاتي الإيراني والدبلوماسية الهادئة المدروسة الرائعة والإنتصارات العظيمة التي حققتها قِوىَ المحور الذي تتزعمه إيران في المنطقة وخصوصاََ العراق ولبنان وسوريا واليمن وغزة،

كانوا جزءََ مهماََ وأساسياََ لصمودها ورفع مستوى التحدِّي مع أعدائها،
لذلك أصبحَ من غير المجدي والنافع لها أن تقبل العودة إلى الإلتزام ببنود الملف النووي بالنص الحرفي كما كانت في السابق في حال لم تلتزم واشنطن بكامل روحية الإتفاق ورفع العقوبات بشكل شامل،
العودة لم تَعُد تخدم مصلحتها الوطنية بالكامل ولا يؤمن لها أمنها القومي،
ناهيك عن الشروط الأميركية المستحيلة المُتَبَّلَة والمُنكَّهة بطعمٍ ورائحة صهيونيتين وألتي وضعتهما إدارة بايدن على طهران كشرط أساسي لعودتها إلى الملف النووي،
وكأنها اليوم في موقع فارض الشروط بينما تعتبر طهران عودتها الى روح الإتفاق خسارة إذا لَم تحقق لها الضمانات الكافية بعدم الإنسحاب منه مجدداََ، ورفعَ العقوبات بالكامل،
والإلتزام بكامل بنوده من دون إدراج أي بند آخر على جدول أعمال المفاوضات يشمل الصواريخ البالستية أو أي موضوع آخر.

إيران ألتي يُحَرِّم قائدها ومرجعها ولي الفقيه الإمام علي الخامنئي صناعة (قنبلة ذرية) أو الإقتراب منها لأسباب دينية وشرعية بَحتَة، قد تدفعه أميركا نتيجة ضغوطاتها المبالغ فيها إلى إصدار فتوىَ كفائية معاكسة تبرر صنعها لحاجات الضرورة التي تقتضيها الظروف السياسية والعسكرية الإيرانية التي تتلقى تهديدات إسرائيلية يومية بالإعتداء عليها مترافقة مع تهديدات أميركية دائمة.

ربما قد يخرج إلينا أحداََ من الناس ليقول أن فتوَي السيد القائد مبدئية ونهائية، لذلك نحنُ نَوَد توضيح الأمر أن التحريم جاء نتيجة قناعة القائد بأن سلاح الدمار الشامل قاتلٌ أعمىَ وظالم وكانت الفتوىَ نتيجة حالة سابقة هيَ تجربة هذا السلاح على اليابان والتي كانت وخيمة جداََ وغير أخلاقية واللآ إنسانية،

ولكن إذا إقتضَت الحاجة اليه فأنه سيكون جاهزاََ في أي وقت لحماية الأمن القومي الإيراني.

من هنا نستطيع أن نرىَ أيها السادة كيف أن الغباء الأميركي واضح ومستشري على مستوى التعاطي السياسي مع الجمهورية الإسلامية والذي يغلب عليه الطابع الصهيوني أكثر منه أميركي.

إن عودة واشنطن إلى روح نَص الإتفاق قد يفيدها ولا يضرها لأنه يحرم إيران من صنع قنبلة إذا أرادت أو قررت في أي ظرف ولأي سبب،

لكن البقاء خارجه لن ينفع ولا يعطي أميركا او إسرائيل أية ضمانات بذلك.

[مئَة وعشرين مليار دولار محتجزة للجمهورية الإسلامية الإيرانية في ثلاثة عشرة دولة خارجية،

إذا رُفِعَت العقَوبات عنها فأنها ستكون كافية لتشكل نهضة كبيرة وقوية في الإقتصاد الإيراني على كل المستويات وتقدم ضمانات أمنية لأمن الملاحة البحرية وأمن دُوَل المنطقة علىَ ضِفٍَتَي الخليج بالكامل.

إذاََ لماذا المراوحه والمراوغة؟
نصيحة عودوا إلى رشدكم قبل فوات الأوان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى