أحدث الأخبارالثقافة

الفيدراليات الأبراهيمية..الفكرة امتدادها، محركاتها وعوامل قبولها، مسارها وملكيتها، اهدافها..!

مجلة تحليلات العصر الدولية - بهاء الخزعلي

في عام ١٩٩٠ قتل سيد نصير المصري الأميركي حاخام يهودي يدعى مائير كاهانا،  لكن برئه القضاء الأمريكي بعد أن أكتشف أن الرصاصة التي قتلت الحاخام،  ليست نفس الرصاصة التي أطلقها سيد نصير،  فتدخل اللوبي الصهيوني للإبقاء على سيد نصير في السجن،  فقام سيد نصير بداعي أمل إطلاق صراحة،  بعدت دراسات داخل السجن لحل النزاع بين فلسطين والكيان الصهيوني،  فتوصل لفكرة (الفدرالية الإبراهيمية) ورفع بها مذكرة إلى باربرا وزيرة الخارجية الأمريكية عام ١٩٩١،  ثم لم يتلقى ردا على ذلك،  فكرر المحاولة في عهد كلينتون حين أرسلها لهيلاري كلينتون،  ولم يتلقى ردا أيضا،  فأستمر بالإرسال حتى رد عليه نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني،  في ولاية بوش الأبن وقال له وصلت الرسالة،  فأخذت مراكز الفكر الأمريكية هذه الفكرة وطورتها حسب مصالحها السياسية.

الفكرة وامتدادها:

الفكرة هي إقامة الولايات المتحدة الإبراهيمية،  التي تزال بها جميع الحدود الحالية للدول وتتحول تلك الدول إلى ولايات،  تحمل هوية إبراهيمية وجواز سفر إبراهيمي،  امتدادها يشمل جميع الدول العربية في آسيا وتركيا وإسرائيل،  وكذلك تمتد إلى المغرب العربي،  وتسلم سلطتها إلى الكيان الصهيوني وتركيا،  وتكون شرعية تلك السلطة مستندة على الإمكانية التكنولوجية،  لأن الدول التي تمتلك الثروات في المنطقة لا تمتلك الإمكانية التكنولوجيا لإدارتها،  معتمدين بالتصنيف أن الكيان يمتلك إمكانية تكنولوجيا متقدمة،  وتركيا تدير نادي الطاقة في منظمة شنغهاي،  وبذلك تتحول إدارة الموارد إلى تحكم مركزي في المنطقة،  وكل ذلك ورد في بحثين عام ٢٠١٥ الأول لجامعة هارفارد والأخر لجامعة فلوريدا،  وهذان البحثان أحدهما مكمل للأخر.

محركاتها وعوامل قبولها:

* الصراعات الدينية والمذهبية تؤثر على سمعت الدين الذي يقتل أبنائه بعضهم بعض،  لذلك يكون الحل بالحديث عن التسامح بين الأديان،  وبذلك يمرر ذلك المشروع في المنطقة.
* الإرهاب الدائم في المنطقة يحمل الصبغة الدينية،  وليس الصبغة القومية أو إرهاب المافيات الأميركية،  ويذكر مركز راند الأمريكي التابع إلى (CIA)،  أن الأعمال التي تصدر من شخص ينتمي لدين معين يعكس صورة ذلك الدين،  لذلك نلاحظ ازدياد التيارات اللادينية في المنطقة.
* فشل الدولة القومية في إدارة موارد الدولة،  والحاجة الملحة للشعوب لاستثمار تلك الموارد،  وذلك ما تلخص في لبنان من مطالبة البعض من ماكرون بإعادة الاحتلال الفرنسي.
* نجاح ثورات الربيع العربي في دول وفشلها في دول أخرى مع بقاء الحال على ما هو عليه،  من سوء إدارة الموارد وتذمر الشعوب،  مما يؤدي للبحث عن فكرة جديدة وهي إعادة تعريف الصراع،  حيث إن الكل هم أبناء إبراهيم وبذلك يمكننا التشارك بالأرض ومواردها.

المسار وملكية الأرض:

تعتبر جامعة هارفارد هي صاحبة فكرة المسار الإبراهيمية،  حيث أرسلت جامعة هارفارد عام ٢٠٠٠ فريق باحثين للشرق الأوسط،  قام الباحثين بسؤال الشعوب عن ماذا يمثل لهم سيدنا إبراهيم(ع)،  فوجدوا أن سيدنا إبراهيم عامل مشترك بين الأديان،  حيث يصلي عليه المسلمون في صلواتهم أجمع،  وكذلك كل الديانات الثلاث تسمي أبنائهم باسمه،  وبذلك طرح مسار سيدنا إبراهيم عليه السلام في الأديان السماوية الثلاث في منطقة الشرق الأوسط،  انطلاقا من العراق ومروره بتركيا وسوريا والأردن وفلسطين ولبنان ومصر حتى وصوله إلى مكة المكرمة،  وذلك يتطابق مع خارطة الكيان الصهيوني بما يعرف بالدولة اليهودية من النيل إلى الفرات،  ويعتبر هذا المسار مسار تأريخي ديني سياحي يتطابق مع مسار (السهندرين) والسهندرين هو المجمع اليهودي الذي حكم على سيدنا عيسى (ع) بالصلب،  وأضافوا المغرب العربي بسبب الموارد في تلك المنطقة،  وكانت الحجة أن الدولة اليهودية تعتمد ترسيم حدودها على أماكن تواجد اليهود تأريخيا،  وكلنا نعرف بأن المغرب العربي به يهود إلى يومنا هذا.
أما الملكية فإن البحث يذكر أن ملكية الأراضي ليست للشعوب،  حيث إن الأديان السماوية الثلاث كلهم أبناء إبراهيم،  وتلك هي أرض إبراهيم ويحق لجميع أبناء إبراهيم الاستفادة من أرضه ومواردها وتعتبر تلك الأراضي(أراضي مدولة).

أهدافه:

* إزالة الحدود السياسية،  وذلك ما ذكره جاريد كوشنر في سكاي نيوز العربية في ٢٨/فبراير/٢٠١٩،  حين قال إن هدف صفقة القرن إزالة الحدود السياسية ثم أضاف والصفقة لا تعني فلسطين فقط بل لمنطقة الشرق الأوسط بالكامل.
* تغيير التأريخ وإعادة تدوينه وقراءته،  حيث يكون الرابط بين الأديان السماوية هو النبي إبراهيم،  وذلك للتخلص من عقبة رفض التطبيع مع إسرائيل،  وذلك يضمن قبول إسرائيل.
* إلغاء الشعور بملكية المقدسات لشعوب المنطقة،  حيث يقول وليام أوري صاحب فكرة المسار من جامعة هارفارد الهدف من هذا المسار ألا يشعر شعوب المنطقة بملكية المقدسات،  ولا وجود مدن مقدسة ولا ملكية حدود،  وبذلك يكون الولاء للفكرة،  وتطبيق تلك الفكرة قد بدأ في عصر ترامب،  حين قامت منظمة الأونروا بتغيير مناهج الطلاب الفلسطينيين،  من المرحلة الأولى إلى الرابعة ابتدائي،  حيث وضعت القدس العاصمة الإبراهيمية بدل من القدس عاصمة فلسطين،  لكنها فشلت بعد التصدي الشعبي للفلسطينيين فإعادة المنهج الأصلي.
* تبديل الأماكن المقدسة بأماكن إبراهيمية جديدة تحل محلها،  حيث يصبح العالم يحج لأور بدل من مكة المكرمة،  ثم جمع المشتركات في الكتب السماوية بكتاب واحد،  وإيجاد شعائر دينية مشتركة وكانت مبادرتها أنطلقة بدعوى صلاة الخلاص من كورونا للشعوب اجمع،  وإلغاء قدسية الكتب السماوية الثلاث ويحل محلها الكتاب الإبراهيمي.

ختاما:

مشروع الفيدراليات الإبراهيمية بتخطيط ال(CIA) وبعض الجامعات وبعض منظمات المجتمع المدني،  هي الآن تطبق ذلك في منطقتنا بشكل واضح،  معتمدين على خطتين متوازيتين،  الأولى هو القبول بإسرائيل بشكل رسمي، ونلحظ بذلك وجود العديد من الشخصيات والمنظمات للترويج لذلك،  والخطة الثانية هو إظهار مواقف أردوغان الحالية ضد إسرائيل، ومناغمة تركيا بمشروعها التوسعي في المنطقة، ثم تكون تركيا في سلطة المشروع الأبراهيمي مع إسرائيل لأدارة موارد المنطقة، بأعتبارها الواجهة الإسلامية في ذلك المشروع، و من يخشى التطبيع مع إسرائيل حرجا أو رفضا يذهب بأتجاه تركيا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى