أحدث الأخبارشؤون آسيويةشؤون امريكية

المصير البائس لعملاء الاحتلال

مجلة تحليلات العصر الدولية - محمد عايش

مشهد الأفغان المتعلقين بالطائرات الأمريكية يريدون الهروب من بلادهم، لا يُمكن أن تنساه البشرية إلى الأبد. المؤكد أن ثمة الآلاف الآن من اللاجئين الذين يبحثون عن مأوى لهم في دول العالم، بعد أن خدموا المحتل ثم تخلت عنهم الولايات المتحدة وتركتهم يواجهون مصيرهم.
هذه النهاية البائسة لعملاء الاحتلال والمتعاونين معه، هي سنة ثابتة ونهاية لا بد منها مع زوال كل احتلال، إذ يعمد الاحتلال – أي احتلال – دوما لاستحداث طبقة من المتعاونين معه، ويظل يستفيد منهم، لكنه يتخلى عنهم عند رحيله ويتركهم يواجهون مصيرهم ويواجهون ساعة الحساب وحيدين في بلدهم وأمام شعبهم.
مشهد تخلي الاحتلال عن عملائه، شوهد سابقاً عند تحرير جنوب لبنان في عام ألفين عندما كان عملاء ميليشيا أنطوان لحد يتعلقون بدبابات الاحتلال، ويتوسلونها أن تصطحبهم معها، وهو المشهد ذاته أيضاً الذي شوهد في أفغانستان عند رحيل القوات الروسية عنها في عام 1989، وكذا كان الحال يوم رحلت القوات الأمريكية عن فيتنام، عندما التقط أحد المصورين مشهد تدافع بعض الفيتناميين المتعاونين مع الاحتلال نحو مروحية أمريكية تهم بالاقلاع من مدينة سايغون في عام 1975.
الرهان على الخارج والقوى الأجنبية لا يمكن بحالٍ من الأحوال أن يحمي أحداً من شعبه، وإن طال الزمان
. الأمثلة في التاريخ كثيرة على تخلي الاحتلال والقوى الأجنبية عن عملائهم بمجرد الانتهاء منهم، وعدم الحاجة لخدماتهم، وهذا دليل على أن الرهان على الخارج والقوى الأجنبية لا يمكن بحالٍ من الأحوال أن يحمي أحداً من شعبه، وإن طال الزمان، كما أن شرعية النظام السياسي – أي نظام سياسي- لا تُستمد إلا من الشعب الذي هو مصدر السلطات في النظام الديمقراطي، وصاحب البيعة في النظام الإسلامي، أي أنه الأساس في القوانين والأنظمة كافة، سواء كانت سماوية أم أرضية. في أفغانستان حمل الأمريكيون معهم كلابهم وأمتعتهم، لكنهم تركوا عملاءهم ومترجميهم والمتعاونين معهم.. في رسالة بالغة الوضوح مفادها، أن قوات الاحتلال تعامل الكلاب والقطط أفضل مما تتعامل مع العملاء والمتعاونين.
ثمة درس مهم في أفغانستان ليت المراهنين على الولايات المتحدة وإسرائيل يتعلمونه، وهو أن الحماية والشرعية المستمدة من هذه القوى الأجنبية، لا يُمكن أن تدوم إلى الأبد، وإن طالت، وأن الاحتلال سيتخلى عن عملائه ولو بعد حين، وهذا ينسحب على الأنظمة التي ترتمي في أحضان الاحتلال تطبيعاً وترويجاً أملاً في الحصول على الحماية من تل أبيب، وينسحب أيضاً على من يظنون بأن الغلبة للاسرائيليين والأمريكيين، وأن أوراق اللعبة في أيدهم دون غيرهم.
ما حدث في أفغانستان يؤكد أن الاحتلال وإن طال أمده واستمر زمنه فهو إلى زوال، وأن المتعاونين معه سيؤولون إلى مصير بائس، ولو أفلتوا لبعض الوقت، وهذه سنة الله في الأرض، ولن تجد لسنة الله تبديلا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى