أحدث الأخبارشؤون امريكية

المكارثية الأمريكية وإنعكاسها على قضايانا

مجلة تحليلات العصر الدولية - أسعد العزوني

ظهرت المكارثية الأمريكية في أوائل خمسينيات القرن المنصرم ،على يد عضو مجلس الشيوخ الأمريكي السيناتور جوزيف مكارثي من ولاية ويسكنسون،الذي إتهم العديد من موظفي الحكومة الأمريكية وبالتحديد وزارة الخارجية بأنهم عملاء للإتحاد السوفييتي،وتقوم المكارثية طبعا بإسناد التهم لأي كان ،بدون تقديم أي دليل.
تم تأطير المكارثية وهي مكافحة الشيوعية بقانون إسمه المكارثية ،الذي عانينا منه نحن العرب الذين ندور في الفلك الأمريكي كثيرا ،مع أن الشرق العاطفي المتدين يصعب عليه قبول الشيوعية كما وصلتنا وما تعنيه حسب تصرفات البعض،وما إنتشارها في الوطن العربي إلا ردا على التشدد المكارثي الذي لفّنا معه ،وإمتلأت سجوننا العربية بالشيوعيين،وأبسط ما يمكن ان يقال عن المكارثية بأنها إرهاب ثقافي يوجه ضد المثقفين.
أنهكتنا الرأسمالية والشيوعية على حد سواء ،فنحن بقبولنا التجزئة ورضانا بدول بحجم الموارس ،كنا عرضة للنهش من هنا وهناك،فلا الرأسمالية التي غرقنا في حبها وقفت معنا في قضايانا العادلة ،لكنها وقفت بالباع والذراع مع مستدمرة إسرائيل الخزرية الصهيونية الإرهابية،ولا الشيوعية التي ناصبناها العداء وقفت معنا أيضا،بل وقفت بكل طاقاتها مع مستدمرة الخزر في فلسطين.
الإتحاد السوفييتي الشيوعي كان ثاني دولة يعترف بالمستدمرة الخزرية،وتعهد بتزيدها بالنفط الروماني بعد ان برزت مشكلة مصفاة حيفا ،إثر توقف النفط العراقي عنها،وكانت مستدمرة الخزر بحاجة للنفط، وقدم الإتحاد السوفييتي عرضه ،ما دعا أمريكا وبريطانيا إلى قطع الطريق على موسكو وتزويد المستدمرة الخزرية بالنفط.
كانت مستدمرة الخزر في فلسطين محل صراع بين الرأسمالية الغربية والشيوعية الشرقية ،بينما نحن لم نجد من ينظر إلينا نظرة إحترام لسهولة إنقيادنا،فقد كانت الرأسمالية ترغب في جعل المستدمرة الخزرية رأس حربة لها في شرقنا العربي،ولذلك قدمت لها كل شيء لدعمها وتأمين بقائها ،وإتفق على ذلك في مؤتمر كامبل الإستدماري الذي إنعقد في لندن عام 1905 بعد إكتشاف النفط في الخليج.
أما موسكو الشيوعية فكانت تطمح بتحويل المستدمرة الخزرية إلى دولة إشتراكية تدور في فلكها،ولذلك أمدتها بكل الدعم المطلوب أيضا،لأننا نحن العرب لم نثبت لموسكو أننا جديرين بالوقوف معنا لأننا كنا رأسماليين أكثر من الرأسماليين أنفسهم.
أطرف نكتة يمكن أن تقال في هذا السياق هي أن أمين عام جامعة الدول العربية عزام باشا قال للوسيط الدولي الكونت برنادوت عام 1948 ،أن على الأمم المتحدة تسهيل عودة 300 ألف لاجيء فلسطيني إلى ديارهم أثناء فترة سريان الهدنة،حتى لا تتفشى في أوساطهم الشيوعية.
روى الكونت بيرنادوت أنه علم من بعض الدوائر ،خاصة بين اللاجئين الفلسطينيين أن هناك دعاية رائجة لصالح إقامة دولة شيوعية في فلسطين ،على النمط السوفييتي حيث لا تمييز بين العرب واليهود في هذه الدولة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى