أحدث الأخبارالثقافة

الموجة الإلحادية الموجهة

مجلة تحليلات العصر الدولية - المهندس إبراهيم مال الله

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته…
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين.
أكتب هذا المقال بعد أن إستلمت رسائل ومخاطبات من عدة زميلات وزملاء وأخوات وأخوان الذين يبدو لنا أنه ربما أن الحجة قد أعيتهم في الرد، وقد تنتابهم الشكوك. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ((جاء الإسلام غريب، ثم يعود في آخر الزمان غريب حتى لا يبقى من الإسلام سوى إسمه)).
تكثر في هذه الايام وعلى وسائل التواصل الاجتماعي منشورات تتحدث عن حضارة الاناناكي في وادي الرافدين، وكيف انه كانت لديهم مركبات فضائية وأنهم هم الآلهة الحقيقيون كما أثبتته لديهم الدراسات الأثرية لحضارة وادي الرافدين وحضارة المكسيك وحضارة البيرو في أمريكا اللاتينية. والغريب في الموضوع أن أكثر من يتعاطى هذه المنشورات هم من المسلمين بنسبة كبيرة جداً، وقبل أكثر من سبع سنوات أخبرني أحد الأصدقاء (من المسلمين) بأن علماء الآثار عثروا على نص سومري أو أكدي كما روى لي ينص بأن قصة موسى بن عمران عليه السلام وكيف أن الملك عثرعليه كطفل وليد في قفص عائم في النهر هي في الحقيقة ليست قصة النبي الرسول موسى بن عمران عليه السلام وإنما هي قصة الملك سرجون الأكدي؛ و قبل أيام إستلمت منشوراً من أحد الأصدقاء يشير فيه الى وجود ساعة في معصم يد أحد التماثيل الآشورية، وهذه الصورة تدل على التقدم والتطور الحضاري لتلك الحضارات، ناهيكم عن الأخبار الكاذبة المفبركة التي بثت قبل سنتين حول أن كوكب نبيرو كما ذكرت – حضارة الأنكا في أمريكا اللاتينية – سيرتطم بالارض لتكون نهاية العالم عند إرتطامه.
ولا أعترض على الساعة التي أشار اليها التمثال المنحوت ولاعلى المركبة الفضائية التي جلس فيها الراكب متقرفصاً ولا غير ذلك، ولكن أن نعتقد أن حضارة الأناناكي التي تشير الى وجود آلهة قدمت من السماء وغزت الأرض، فذلك هو تشكيك بوحدة الخالق ((الله) سبحانه وتعالى.
إن هذه الأشارات المرسومة والمنحوته والتي إعتبرت من الماضي العجيب، ما هي إلا عناصر موجة إلحادية تقودها الصهيونية والماسونية العالمية من أجل دحض الفكر الديني وقيادة الشعوب نحو نبذ الأديان لتحقيق المجتمع العالمي المادي. فمن السهل تكليف أحدهم بنحت تمثال أو قطعة من الصخر القديم فيها كتابات مسمارية أو غير ذلك من الصور و الإعلان عنها أنها منحوتة آثارية تشير الى كذا وكذا، وهذا هو ما يسمى التزييف الآثاري أو الدس الآثاري، لترويج فكرة مضادة.
و قد يسأل البعض (فما هو الدين ؟؟ وما هو الإيمان؟؟).
قال تعالى في كتابه الكريم – بسم الله الرحمن الرحيم ((وإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173) وكَذلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ ولَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (174) ))- سورة الأعراف المباركة.
في هذه الآيات المباركة دليل واضح على أن الله أخذ منا عهداً موثقاً يشهادتنا بأنه هو الله ربنا عندما كنا في ظهور آبائنا (بني آدم)، فمن كفر بعد ذلك فإنه أمام حجة ألقاها الله تعالى عليه قبل خلقه في عالم الدنيا، فلا مجال للنكران؛ قال رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم (( كل إمريء يولد مسلم على فطرته، ولكن ابواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه))، وهذه دلالة أكيدة لا لبس فيها أن الدين في البشرية فيما بعد مكتسب من الوسط الإجتماعي الأسري أولاً ثم من الوسط الإجتماعي العام ثانياً، وأما الثبات على مبدأ التوحيد وعبادة الله تعالى الواحد الأحد بدون المؤثرات التي ذكرت، فهي مرحلة التمحيص التي يدخل فيها الإنسان والتي تسمى (الإيمان)، وقال تعالى في كتابه الكريم – بسم الله الرحمن الرحيم ((وَعُرِضُوا عَلَىٰ رَبِّكَ صَفًّا لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ۚ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُم مَّوْعِدًا)) – سورة الكهف المباركة، الآية 48.
وقال تعالى – بسم الله الرحمن الرحيم ((يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ۚ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ ۚ وَعْدًا عَلَيْنَا ۚ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ))سورة الأنبياء المباركة ، الآية 104.
إن الوعد الحق هو أن نقف أمام رب العزة كما خلقنا أول مرة.
من خلال هذه الآيات المباركة؛ نعرف أننا خلقنا من قبل ولكن ليس بهذه الصورة الدنيوية و إنما بصورة أخرى أرادها الله لنا في عالم قبل بث الأنفس في هذه الدنيا. وكنا قد أعطينا الميثاق لله تعالى بأن نعبده إلهاً واحداً،
للاسف أجد هناك من يجادل في الدين بلا علم ومنهم من يتبع قنوات فضائية مضلله مثل القناة التي يظهر فيها المتنصر المغربي الذي يدعى (الأخ رشيد)، والذي يدعي بأن القرآن كتب من قبل ورقة بن نوفل الأسدي (إبن عم زوج الرسول خديجة الكبرى سلام الله عليها)؛ ولكن لنتوقف قليلا يا أخ رشيد فكل الروايات التاريخية تثبت بأن ورقة بن نوفل أدرك بعث النبي محمد صلى الله عليه وآله و سلم بالرسالة ، ولكنه توفي قبل الجهر بالدعوة المحمدية، فمن كتب القرآن بعد ذلك في السور القرآنية المدنية بعد الهجرة؟؟؟ و هل كان ورقة بن نوفل يعلم بما حدث ليلاً في هجرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حينما غادر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فتلى على المشركين المتآمرين على إغتياله بسم الله ارحمن الرحيم (( وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا يبصرون)) سورة يس المباركة. وكان ورقة بن نوفل متوفياً آنذاك.
إن كل ما تدعو اليه تلك القنوات وبعض منشورات التواصل الإجتماعي هو لتكذيب القرآن وتكذيب الرسالة المحمدية، بل كل الراسالات التي قبلها، والزعم بأن آلهة الآناناكي هم حقيقة من خلال البحوث الآثارية.
إنه بلا شك أن تقوم محافل الماسونية ببث تلك السموم في مجتمعنا لنفي ودحض عقيدة التوحيد والإنطلاق بالشباب اليائس من طبيعة الحكم المدني في الدول العربية والدول النامية والإسلامية خصوصاً الى العالم المادي الغير ملتزم بأخلاقيات السماء للسيطرة عليه من خلال التشتيت الذهني. ولكي تعرف أخي القاريء بأن أعلى درجات الأسلام هو الزهد فإن أعلى درجات الهدى هي أدنى درجات الزهد وأن أعلى درجات اليقين هي أدنى درجات الهدى وإن أعلى درجات التقوى هي أدنى درجات اليقين وإن أعلى درجات الإيمان هي أدنى درجات التقوى، وإن أول الإسلام أن تشهد بأن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وهي أدنى درجات الإيمان فإنظر أخي المسلم في أي درجة أنت؟؟ راجع الآية الثانية في سورة البقرة المباركة و أنظر ما هو الهدى؟؟؟
إن الملحد هو من نسف فكره بنفسه (فهو لايريد الإعتراف بالله تعالى ورسالاته، على الرغم من أنه يعلم جيداً أن الله تعالى موجود في شبكة أفكاره). وإذا نجادله بالمنطق فإن نفي النفي يعني (الإثبات) ولكنه يجهل هذه الحقيقة أو يتغاضى عنها إستكباراً، وإذا نجادله بغير المنطق فنقول له، إن الإيمان مرحلة بلوغها سهل لمن أراد أن يؤمن بالله تعالى وما عليه إلا التفكر في خلق نفسه على الأقل فإن فكر في خلق نفسه فسيصل الى حقيقة الإيمان. هل ذلك صعب؟؟؟
إن غاية الموجة الإلحادية هي نقل المجتمعات الإنسانية مهما كانت أديانها من الجانب الأخلاقي الروحي الى الجانب المادي المتنصل عن الإلتزامات السماوية، ثم تكوين جبهات إلحادية في المجتمعات الإنسانية وبث الكراهية ومن ثم الحروب التي تستنزف تلك المجتمعات التي سيطر عليها عملاء الماسونية وذيول الصهيونية في العالم الإسلامي الذي يتهاوى أمام التقدم العلمي لدول الإستكبار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى