أحدث الأخبارشؤون آسيوية

المُطبِّعون الجدد يخترقون الأردن: استبدال الملك وفرض “الحل البديل”

مجلة تحليلات العصر الدولية - علي عبادي

المتابع لتطورات الساحة الأردنية في الآونة الأخيرة ولو من بعيد، كان يدرك أن شيئًا ما يغلي وقد ينفجر في أية لحظة على شكل عمليات إرهابية، أو حراكٍ شعبي مطلبي على خلفية تدهور الوضع المعيشي وارتفاع نسبة البطالة، خاصة مع توقف الدعم الخليجي لنظام الحكم. لكن تفجّر أزمة بين نخبة النظام التقليدية ومن ضمنها شخصيات خدمت في أقرب مراكز السلطة الى الملك (الديوان الملكي) شكّل مفاجأة للمراقبين من الخارج وفتح بابًا لأسئلة متشعبة:

لماذا الأردن محط اهتمام اليوم، وهو الذي تمتَّع باستقرار نظام الحكم منذ أحداث “أيلول الأسود” في بداية سبعينيات القرن الماضي بين الجيش الأردني والمنظمات الفلسطينية، مع استثناء لا يلغي هذه القاعدة ويتعلق بالحراك الشعبي المطلبي في العام 2011 واستمرار الشدّ والجذب مع جماعة “الاخوان المسلمين”؟

هل للحدث بُعد محلي – عائلي بحت، أم أن له صلة بالتطورات الإقليمية الأخيرة، وتحديدًا في مرحلة البحث عن ترجمة “صفقة القرن” على الأرض بالاستفادة من اتفاقات التطبيع بين عدد من الأنظمة العربية والكيان الصهيوني؟

ما هو موقف السعودية ودولة الإمارات من المستجدّ الأردني، لا سيما في ضوء الفتور الواضح في العلاقات التي اعترت علاقات عمّان مع البلدين الخليجيين في فترة رئاسة ترامب وطرح “صفقة القرن”؟

ما موقف الإدارة الأميركية مما جرى؟ وهل لا تزال ضمانة كافية للحكم الأردني الذي يجابه واحدة من أصعب المراحل التي عاشها منذ تأسيس إمارة شرق الأردن قبل مائة عام؟

احتقان داخلي وتهميش من “الحلفاء”

بداية، لا بد من إيراد الملاحظات التالية:

– يعيش النظام السياسي في الأردن فترة توتر داخلي ناجمة عن تداعيات الصعوبات الاقتصادية التي تواجه البلاد، والتي فاقمها الحصار المالي غير المعلن من جانب الأنظمة الخليجية المقتدرة. وحظي الأردن بنوع من التغطية السياسية بعد اندلاع أحداث ما سمي “الربيع العربي” عام 2011، إذ تم ضمه والمغرب الى نادي الممالك والإمارات العربية (دول مجلس التعاون الخليجي العربية الست + 2) ومُنِحا، الى جانب سلطنة عُمان والبحرين الضعيفتي الموارد، إمكانات مالية للتغلب على مصاعبهما الاقتصادية والمالية. ومعلوم أن الأردن يعتاش الى حد كبير على المساعدات التي تأتيه من الغرب، لا سيما من الولايات المتحدة، ومن الدول الخليجية النفطية، بسبب محدودية موارده الاقتصادية وعدم تطوير إمكاناته بالرغم من علاقاته الوثيقة بالغرب وإقامة معاهدة سلام مع كيان العدو عام 1994.

– من المعلوم أن الأردن أيضًا، فضلًا عن فقر موارده الاقتصادية، يعاني من أزمة دور، ويُنظر إليه على أنه دولة وظيفية منذ تم تأسيس إمارة شرقي الأردن برعاية الاستعمار البريطاني عام 1921، قبل إعلان قيام المملكة الأردنية الهاشمية في 1946. ويُقصد بالدولة الوظيفية تلك التي أُوكلت اليها وظيفة محدَّدة من قبل الدولة الاستعمارية الوصية عليها، وهي هنا توفير قاعدة للنفوذ البريطاني (ومن ثم النفوذ الأميركي) والتعايش مع الدولة الصهيونية التي ستنشأ لاحقًا عام 1948 اعتمادًا على وعد بلفور لعام 1917. بناءً عليه، يتخوف القادة الأردنيون اليوم من أن تكون هذه الوظيفة قد أصبحت محل شك أو أنها قاربت على انتهاء الصلاحية، في ضوء ممارسات الضمّ والاستيطان الصهيونية وإجهاض فرصة قيام دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة عام 1967، مما يضع الأردن أمام مواجهة عبء الخيار البديل.

– أدت سياسات الكيان الصهيوني، لا سيما في عهد الليكود، الى إعادة إنعاش التفكير في ما يسمى “الخيار الأردني” لإنهاء القضية الفلسطينية. ويقوم هذا الخيار الذي نادى به غُلاة قادة الليكود (بدءًا من وزير الخارجية يغآل ألون 1974 -1977) على إقامة دولة فلسطينية في الأردن وتهجير قسم كبير من فلسطينيي الضفة الغربية إليها، قبل أن يتم تجميل هذا الطرح على صورة “كونفدرالية” أردنية – فلسطينية تلافيًا للاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة له على أرضه التاريخية.

– أدى وصول دونالد ترامب الى الحكم في الولايات المتحدة عام 2016 الى إحياء آمال القادة الصهاينة في وضع “الخيار الأردني” موضع التطبيق. ولم يتوانَ ترامب عن تقديم كل الدعم لمخططات الاستيطان في الضفة وقضم المزيد من الأراضي الفلسطينية وتهويد القدس، مُهمِّشًا الى حد كبير مكانة الأردن في الإستراتيجية الأميركية في المنطقة ومعزِّزًا هواجس الملك الأردني حيال مستقبل المملكة في تصوّر واضعي “صفقة القرن”.

– في الفترة التي تلت توقيع اتفاقات التطبيع العربية – الإسرائيلية الأخيرة، شعر الأردن بأن دول الخليج قد تج…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى