أحدث الأخبارشؤون آسيوية

الهروب الى الأمام

مجلة تحليلات العصر الدولية - جلال الاغا

عندما خسر نتنياهو في الحصول على الاغلبية في الانتخابات ولم يستطيع تشكيل حكومته، ذهب الى اعطاء الاحزاب الدينية المتطرفة مزيد من المساحة في العمل واطلق يداها في التطرف ضد المقدسات الاسلامية ونهب البيوت ومصادرة الاراضي والاستيلاء على الاحياء السكنية والتغول على الفلسطينيين؛ آملاً في كسب أصواتهم في الانتخابات القادمة.
ولاعتقاده أنه حيّد الجغرافيا الفلسطينية ودجّن الضفة وألهى غزة في مشاكلها الحياتية الداخلية وضَمَن ذوبان فلسطيني الداخل. فأيقن انه آن الأوان للاستفراد بالقدس وتطبيق صفقة القرن على ارض الواقع والقيام بالضم الفعلي بعد الضم القانوني.
لكن خانه التقدير وجهل قراءة التاريخ ولم يفهم طبيعة خصمه. فقد انتفضت غزة نصرة للقدس وحرائر الاقصى ولبّت صيحات التكبير ونداءات الاستغاثة، لتنتفض مدن الداخل المحتل دعماً لغزة ونصرة للمقدسات وذلك لاول مرة يتوحد الفلسطينيون ضد المحتل دفعة واحدة وبهذا العنفوان. وهذا مؤشر خطير على كيان الاحتلال واستقراره.
نتنياهو يريد الهروب الى الأمام ومن خلال توصيات مجلسه الأمني بتشديد الضربات على غزة؛ وذلك لعدة امور:
أولاً انتقاماً من غزة، تلك البقعة الصغيرة التي تقف حجر عثرة امام طموحه للتمدد على المحيط والعربدة عليه.
ثانياً لم ينسى الصفعات التي تلقاها من غزة خلال السنوات الماضية سواء باذلال جنوده في المعارك او بإهانته في مؤتمراته الانتخابية.
ثالثاً لا يريد أن تصبح تل أبيب ملطة ومستباحة لاي أحد بضربها وهي التي كانت محرمة على دول عظمى مجرد الاقتراب من اسمها او تهديها حتى.
رابعاً هو الخروج بأي نصر اعلامي يتحجج به أمام شعبه ليبرر لهم دخولهم في الملاجئ لايام ومقتلهم في اقاصى البلدات الصهيونية والتي كانت لعقود آمنة.

نتنياهو بعرضه صور بعض الشهداء على صفحته وايعازه لاعلامه بتسليط الضوء على قتل المدنيين وهدم البيوت في غزة لهو دليل على فشله العسكري وفشل حملته وجيشه وخططه.
ان تصريحات قادته بأن العدوان سيستمر لايام وانهم رفضوا وساطات بوقف العدوان لهو عين الكذب، فهو يعكس حالة الاحباط لدى قادة الجيش من تحقيق الاهداف الاستراتيجية ويعكس حالة السخط الشعبي الصهيوني ضد المؤسسة الامنية والسياسية في الكيان.
الكيان الصهيوني مأزوم وقوته الردعية قد تآكلت ولكنه يتحرج ان يطلب الوساطات علانية كي لا تذهب هيبته المصطنعة والتي حافظ عليها لسنوات امام العالم وفرضها على جيرانه بالإجرام والمجازر.
الخلاصة نتياهو وقادة جيشه (سياسيوا المستقبل) يحتاجوا الى نصر اعلامي سريع قبل ايقاف الحرب ليتغنوا به، وخاصة أن الاسبوع القادم سيكون عندهم (عيد توراتي) مهم. فنتنياهو سيخسر الكثير اذا اتي يوم الاحد القادم والمتدينين الصهاينة في الملاجئ لاول مرة ويتعرضون للقتل في (عيد شبعوت) ويخسرون ملايين الشواقل يومياً جراء التعطيل الحياة الاقتصادية.
لذلك اعتقد قادة الكيان سيضغطون على الوسطاء في الخفاء ليتوسطوا لدى المقاومة باتفاق هدنة قريبا، والى ذلك الحين سيسير في خطين، تشديد العمليات العدوانية والتي تحمل طابع اعلامي وبالمقابل محاولة تخفيف الضغط على جبهته الداخلية من خلال التعتيم الاعلامي ومحاولة تقليل استفزاز المقاومة الفلسطينية كي لا ترد وتضرب بقوة اكبر وبعمليات نوعية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى