أحدث الأخبارالإسلامية

الوحدة الإسلامية سلاح الأمة في وجه الفتن وردع الاعداء

مجلة تحليلات العصر الدولية - د. أحمد الزين

نعيش اليوم في أجواء “أسبوع الوحدة الإسلامية”، التي أنبثقت فكرته من الولادة المباركة للنبي محمد نبي الهدى والرحمة المهداة (صلى الله عليه وآله)، وطرح عنوانه الإمام الخميني (قده)، حيث جعل من تاريخي ولادته المشهورين عند أهل السنة والشيعة في 12 و17 ربيع الأول من عام الفيل، منطلقا للوحدة بين المسلمين، فأعلنه بينهما، فكانت بصمة مضيئة من بصماته الرائدة وإنجازاته الخالدة التي تركها لنا، على سبيل المثال إعلانه “يوم القدس العالمي” في آخر جمعة من شهر رمضان المبارك، و “يوم المرأة” في يوم مولد الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء (ع)..
ومن بركات هذا الإعلان التاريخي والإلهام الموفق لفكرة الوحدة الإسلامية، أنها أنارت آثارها فكر الأمة الإسلامية وتركت بصماتها على الخطاب الإسلامي التوعوي والتعبوي، وأضاءت درب أبنائها، وعلى أثرها أنتجت عديد من المنظّرين والمفكرين والباحثين في إحياء مشروع الوحدة الاسلامية من جديد.. وعديد من العلماء والنظراء والخبراء في إستكمال الإطروحة التاريخية للتقريب بين المذاهب الإسلامية، في مسار إستثمار الخلافات المذهبية التاريخية والاجتهادات الفقهية وتداعياتها الإنقسامية الفتنوية.. وتحويلها الى فرصة تلاقٍ وإلتقاء فكري وحضاري، ومحطة إنتاج فلسفي وفقهي وثقافي وإنساني، تحت راية رسول الوحدة والإنسانية، كمنطلق للوحدة بين المسلمين، ووقفة لإستذكار سيرته وسنته وأحاديثه ومواقفه.. وإستنباط منها أفكاره وقيمه ومبادئه وأخلاقه وإنسانيته.. للتآسي به والاقتداء بتراثه العظيم وتطبيقه تطبيقا صحيحا وإسقاطه صدقا وأمانة على واقعنا الإسلامي ومجتمعاتنا المتشرذمة، والعمل على إستبدال كل الافكار المضلة والمفاهيم الخاطئة والمسيمات المستحدثة من قبل هواة الشقاق والفتنة، وراعيي التفرقة والانقسام، ومفتيي التعصب والتكفير، ومخططيي الإفتعال والإقتتال.. وتصحيحها وتنقيتها من الشوائب وتقويمها بالمفاهيم القرآنية والقيم المحمدية الاصيلة ومبادىء الأصالة وأفكار الحداثة والتنوير المستوحاة من السيرة النبوية الشريفة النقية الطاهرة الخالية من أي دسّ وتحريف وافتراء وسوء الفهم وسطحية الطرح وضحالة البحث وخفة المقاربة وجهل المقصد وقصر التأويل وخطأ التفسير وضعف الحديث..
هنا، تكمن أهمية أسبوع الوحدة الإسلامية في إستغلال هذه الفترة الزمنية كفرصة لتعزيز الطروحات العلمية وبحوث المدارس العقائدية والفكرية التي تتبنّى إجتماع العلماء والنخب والمثقفين والباحثين.. وتلاقي أبناء الدين الواحد على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم، من أجل توحيد القلوب ورصّ الصفوف، وتوطيد العلاقات الودية والاخوية بين شعوب الأمة الإسلامية، والتي تساهم في درء الفتن والمخاطر والحروب عن المسلمين وبلدانهم من خلال تكثيف الحضور وتوسيع المشاركة في المؤتمرات والاجتماعات والندوات والمعارض.. وتقديم البحوث وأبداء الافكار النيّرة والآراء السديدة.. في سبيل تقوية أواصر التعاون والتواصل والتلاحم والتكاتف.. وتعزيز الامن المجتمعي والتعايش السلمي الحضاري فيما بينهم، واستثمار نتائجها في تقوية الإيمان والتبصير والتربية الصالحة لاجيالنا، وزيادة عزيمتهم وارادتهم في مواجهة الظلم والطغيان والطاغوت ومقاومة الطغاة والاعداء المستكبرين، وتحقيق الاستقرار والسيادة والاستقلال في بلدانهم.. وبالتالي يساعد حتما في تقدمهم وتطورهم وتحقيق لهم الرفعة والعزّة والكرامة والشموخ وإعلاء راية الإسلام بين الامم والاقوام.
ويجدر التذكير الى ان الاتحاد والوحدة سبيل مجد الامم وبناء الحضارات. فأتحاد المسلمين ووحدتهم ليس خيارا استراتيجيا عند الضرورة فقط، بل هو خيارا أصوليا دائما بناءً على القواعد القرآنية ولان الله تعالى يبارك الوحدة كما جاء في كتابه الكريم: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ} ﴿آل عمران – ١٠٣﴾، و { إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} ﴿الأنبياء – ٩٢﴾.
ومن ضمن الاهداف السامية لأسبوع الوحدة الإسلامية واحدى الغايات المبتغاة لتوحيد المسلمين هي الحاجة الماسة لتعزيز عامل القوة والاقتدار والتمكين وتوحيد الجهود والطاقات والقدرات لخلق “قوة ردع إسلامية عالمية” من أجل الدفاع عن حقوق الامة، والتصدي لمشاريع الابراهيمية والتطبيع والتهويد والغزو الثقافي الغربي والحرب الناعمة التي تستهدف الدين الحنيف وتعمل على طمس الهوية الاسلامية.. وتكون تلك القوة الاسلامية سدا منيعا في مواجهة مخططات دول الاستكبار والصهيونية العالمية التي تسعى دائما للهيمنة والسيطرة على البلدان الاسلامية لاحتلالها ونهب ثرواتها.. وتكون حاجزا رادعا لإبعاد مخاطر التقسيم والتجزئة والفتن المذهبية والتفرقة والحروب التي تعمل تلك الدول على إذكائها ليلا نهارا في الغرف السوداء خدمة لمصالحهم وأطماعهم..
وأهم مطلب في أسبوع الوحدة الإسلامية واسمى غاية التي تهفو إليها قلوب المسلمين مجتمعة، ويطمح إليها كل مسلم غيور، وكل إنسان شريف وحرّ، وكل من يؤمن بقيم الحق والعدل والعدالة وينشد الامن والاستقرار والسلام، ألا وهي تحرير الاراضي الاسلامية المحتلة، واستعادة مقدسات الامة من أيدي الصهاينة الغزاة المحتلين وعلى رأسهم القدس الشريف، لتكون العاصمة الابدية لدولة فلسطين، مع ضمان عودتها إلى أحضان الأمة الإسلامية.
لذا، تعتبر الوحدة الاسلامية من اقوى الاسلحة وامضاها في حماية الامة، وجعلها في مأمن من كل الفتن، وفي حصن تردع اعداء الامة وتكالبهم عليها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى