أحدث الأخبارشؤون امريكية

الولايات المتحدة الأمريكية بين استعلاء الماضي ورعب المستقبل

مجلة تحليلات العصر الدولية - جورج حدادين / موقع إضاءات الإخباري

الولايات المتحدة اليوم أمام معضلة حقيقية :

الحنين الى استمرار هيمنة الماضي والرعب من المستقبل المنهار

الماضي القريب
دخلت الولايات المتحدة مرحلة الهيمنة بعد الحرب العالمية الثانية، مرحلة انهيار الاستعمار المباشر، وانهيار أكبر قوتين استعماريتين في تلك الفترة، بريطانيا وفرنسا،

بعد الحرب العالمية الثانية خرجت الولايات المتحدة منتصرة بلا تضحيات ولا دمار ولا ويلات ولا ضحايا ولا معاناة ، بينما كانت الحرب كارثة حقيقية بشكل مباشر على الاتحاد السوفيتي وعلى الدول الأوروبية، وبشكل ثانوي دول منطقتنا حيث ساحات معارك جانبية طاحنة.
بعد الحرب العالمية الثانية كان الاقتصاد الأمريكي في قمة قوته وكانت الولايات المتحدة تنتج حوالي 45% من مجمل الانتاج العالمي، فرضت سيطرتها عبر قواعد عسكرية منتشرة في العالم وسجلت أعلى نسبة ابتكارات عبر سرقة عقول الدول الأخرى.

عبر “مارشال بلان” سيطرت على اقتصادات أوروبا الغربية واليابان وكوريا الجنوبية وبقية الدول، وسيطر الدولار والنظام المصرفي الأمريكي على التبادل التجاري في السوق العالمي،

وهيمنة الثقافة وهوليوود والموسيقى والفن وطريقة الحياة الأمريكية على ثقافة الشعوب الأخرى.

أستمرت الهيمنة الأمريكية، عبر سيادة القطب الواحد ، بعد انهيار المعسكر الاشتراكي ، فترة قصيرة ، لا تتجاوز عدة عقود، بعدها دخلت الولايات المتحدة رحلة الضمور حيث انحدر
الاقتصاد الأمريكي، ولم يعد يمثل سوى 18% من مجمل الاقتصاد العالمي، وقبضت الدولار بدأت تتراخى، وبدات قدرتها على الاستمرار في الصرف على قواعدها العسكرية المنتشرة في العالم تضمحل، كما وبدأت قبضتها الأمنية تتراخى، لا بل اصبحت هي ذاتها غير محصنة من هجمات الخارج متعددة الاشكال، امنية اقتصادية سيبرية…الخ

دخل المجتمع الأمريكي مرحلة الانقسام العامودي، بالإضافة للانقسام الأفقي، العنصرية وفقر المجتمعات الحدية والقوى المهاجرة غير الماهرة، وتكوينات المهاجرين، الذين ما زالوا متمسكين بعاداتهم وتقاليدهم وسلوكياتهم الأصلية، أي لم يندمجوا بعد.
أنقسم المجتمع الأمريكي وتبلور كتلتين ضخمتين متصارعتين متوازيتين ومتعادليتين، كتلة الإنكفائيين، من طرف، والمحافظين الجدد، من طرف آخر، وتحمل كل كتلة مشروع مختلف لا بل متناقض مع الأخر، صراع داخل المنظومة الرأسمالية ذاتها، بين ممثلي الرأسمالية المضاربة ( المحافضين الجدد ) والرأسمالية المنتجة ( الإنكفائيين)، وليس هناك من بوادر على قدرة أي من الكتلتين المتصارعتين على الحسم قريباً، ويبدو أن هذا الصراع سيستمر لفترة ليست بالقصيرة ، ما لم تحدث مفاجائات خارقة.

بدأت قوى عالمية بالبروز خاصة الصين وروسيا الاتحادية تنافس الولايات المتحدة اقتصادياً وعسكرياً، القوة الاقتصادية الصينية، حيث أصبحت القوة الأولى عالمياً على صعيد الإنتاج، وأصبحت الأسلحة الروسية متفوقة على مثيلتها الأمريكية.

قبل عام 2008 كان العقل الاقتصادي الصيني يعمل على تفادي انهيار أمريكا اقتصادياً، لما لهذا الإنهيار من تداعيات كارثية على الاقتصاد الصيني ، بعد ظهور ما سمي أزمة الرهن العقاري عام 2008 ، بدأ العقل الاقتصادي الصيني يعمل على حماية الاقتصاد الصيني من تداعيات إنهيار الاقتصاد الأمريكي، بمعنى آخر وصل العقل الاقتصادي الصيني الى قناعة بحتمية انهيار الاقتصاد الأمريكي والمجتمع الأمريكي والإتحاد الأمريكي، وما يجري على أرض الواقع اليوم، على صعيد الولايات المتحدة، يثبت كم هو صائب العقل الاقتصادي الصيني في التقييم العلمي الدقيق لواقع الولايات المتحدة.
قد يكون الطرف الوحيد الذي ما زال يراهن على الولايات المتحدة هو النظام الرسمي العربي التابع، وقوى التبعية السياسية والاقتصادية على الساحة العربية، ووهم ما زال يعشعش في عقول بعض من قوى ” البرجوازية الصغيرة ” العربية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى