أحدث الأخبار

اليات واسباب نجاح الحركة العلمانية والمدينة

(( العلمانية الشيعية انموذجا )).

محمد صادق الهاشمي.

20-2-2020
………………….

عدد من الملاحظات عن الآليات والفرص والظروف الموضوعية والذاتية التي شكّلت فرص نجاح يستفيد منها العلمانيون في بث أفكارهم في الوسط الشيعي وهي:

1 ـ الوجود الفعلي الميداني للخط العلماني :
التبليغ نحو الخط السياسي والفكر العلماني مازال فاعلاً وموثراً ومستمراً دون توقف، وتقف كبريات المؤسسات الغربية لتمويله بكل ما أوتيت من قوة مالية ولوجستيه بشكل مباشر، وكاد الخط العلماني الغربي أنْ يوجد له موطىء قدم بين المفكرين ويوجد له من يدافع عنه ويتصدى له ويعلن عن وجوده في مرحلة ما بعد 2003م، هولاء عازمون على الدفاع عن خطهم دون تراجع أو توقف؛ أمّا يكفي أنَّ رئيس مجلس محافظة بغداد حينما أصدر قراراً بتاريخ 6/9/2010 لمنع محلات بيع الخمور (غير المجازة) كانت ردة فعل هؤلاء أنْ انطلقوا أفواجاً للتظاهر بقلب بغداد احتجاجا على هذا القرار واعتبروه منعاً للحريات الفردية الليبرالية التي أقرّها الدستور لهم، وتوجهاً بالعراق نحو دولة طالبانية أو إيرانية ، ولم يصدر عن الحوزة والعلماء والخطباء وأئمة المساجد أي رد، ولا من القوى السياسية، بل يوجد من فسره (قرار منع محلات الخمور غير المجازة) أنّه دعاية انتخابية، إذن آليات هؤلاء فاعلة ومؤثرة، وهي تتوسع وجوداً داخل الطبقات المثقفة حتى تحولت الى موسسات ومنظمات مجتمع مدنى وترفدهم برامج امريكية منها ((اولبرايت وغيرها التي دربت الاف الشباب ))، وأنّهم حاضرون في الميدان يتحركون بعلانية وقوة ومتواصلون بالانتاج الفكري، وهذا الحضور الميداني يعد بحق إحدى الآليات الموثّرة في الساحة؛ لأنَّ أي حركة كي تكون ناجحة فإنّ من لوازم نجاحها هو الإعلان عن نفسها والاستمرار في نهجها وعدم خوفها أو توقفها لأيِّ تحديات كانت.



2 ـ عدم وجود المتصدين:
لايوجد من يتصدّى للرد على فكرهم وطروحاتهم؛ لأنَّ هكذا دور يجب أنْ تنهض به الحوزة، والحركات الإسلامية أو الدولة أو الطبقة المثقفة التي ينبغي أنْ تجد سانداً حوزوياً أو حكومياً للقيام بالمهمة، إلا أنَّ أمراً كهذا لا يوجد، ونحن نعتقد أنَّ عدم وجود الرد المناسب للدفاع عن ثوابت الإسلام وقيمه ودحض المنهج الغربي هو إحدى الفرص والآليات التي أدّت الى أنْ يعزز هؤلاء مواقعهم داخل المجتمع العراقي.
إحدى الآليات التي يستغلها الخط العلماني في التوسع هو سكوت الإسلاميين عن ممارسات هذا الخط النظرية والعملية، من فتح الملاهي وبيع الخمور والمخدرات ونشر الأفكار التي تهاجم الدين وتمس جوهر العقيدة، وقد استغلوا السوشيل ميدا بكل حرفية عالية .

3 ـ انشغال الحركات الاسلامية:
ومن آلياتهم العملية انشغال الإسلاميين بالشؤون السياسية والحكومية، ومواجهة التحديات والدخول في التجاذبات، وانشغالاتهم بالأمور الإدارية، وللانصاف لا ننكر ما قاموا به من أداء واجبات والنهوض بمهماتٍ كبيرة من اقرار الدستور وبناء اسس الدولة ، لكن هذا لا يعني سقوط التكليف عنهم في الإرشاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مضافاً إلى أنَّ انشغال بعضهم لايبرر للآخرين منهم أنْ لا ينهض بهذه المهمة ، المهم هذا الانشغال من جميع الإسلامين بمواضيع هامّة وتحديات خطيرة وظروف قهرية سواء أكان مبرراً أم لا، فتحَ الباب على مصراعية للخط العلماني الامريكي ليصول ويجول وليملأ الفراغ في الساحة الفكرية في العراق دون رادع بعد أنْ وجدوا الساحة متروكة لهم، أنّا لهؤلاء الليبراليون أنْ يتجرؤوا ويمسّوا قدسية الإسلام في الستينات والسبعينات يوم كان الخط الاسلامي من الدعاة وغيرهم جاهزاً للرد والدفاع عن حياض الإسلام، وله الكعب المعلّى في القول الفكري السديد، واصدارته التي أخذت حيزها الثقافي بين الأجيال وعلى رأسها كتاب اقتصادنا وفلسفتنا، وكتب أخرى، أما آن لهؤلاء الدعاة أنْ ينهضوا اليوم ليعيدوا أمجاد القلم الإسلامي.

4 ـ علمانية الدولة:
الدولة العراقية بلا اشكال لا يمكن أنْ تحسب على أنّها ذات هوية إسلامية لا من حيث الدستور ولا من حيث البناء المؤسساتي لها ولا من حيث القوى السياسية المشاركة فيها، بالمعنى الأخص، نعم هوية العراق الايديولوجية لا يمكن أنْ نصفها بالإسلامية لا بالمعنى العام ولا المعنى الأخص، فمن اللحاظ العددي نجد أنَّ مساحة الخط العلماني كبيرة، فإنّ القوى السياسية الكردية 80% منها علمانية، والأحزاب السنية تمثّل الخط العلماني العربي بعد اضمحلال الخط الاخواني في العراق ، أمّا القوى الشيعية فلا يقال عنها أنّها قوى إسلامية في الممارسة الادارية للدولة ، إذن من اللحاظ العددي لا يمكن أنْ نحكم على هوية العراق وايديولوجية دولته بأنّها إسلامية لما ذكرناه، وعليه يكون عددهم علمانيا لا يستهان به، ومن حيث النوع فإنَّ الحركات الإسلامية العراقية تعاني من:
أ) إنّ الإسلاميين أصحاب المشروع عدد محدود وليس كل الأفراد في الحركات على ذات النهج، فهناك تفاوتٌ كبيربين فرد وآخر من حيث التاريخ والاخلاص والاهتمامات ونوعية الاهتمامات.
ب) نفس الحركات الإسلامية لم يتضح مشروعها الإسلامي التربوي بقدر وضوح مشروعها السياسي، وليس في الأمر نقاش، وأنّه من المسلّم تسالماً يقطع الكلام بأنَّ المشروع التربوي لهذه الأحزاب لتربية الأمّة لم يعد في صلب الاهتمامات والبرامج، نعم توجد اهتمامات من هنا وهناك من الأحزاب ومن المرجعية والوقف الشيعي, والعتبات إلّا أنّها دون الطموح ولا تشكّل بمجملها نهضة متكاملة للوقوف بوجه التحديات.
ج) الدستور حاكمٌ على التوجّه العام لفكر الدولة، وهذه الحاكمية آلية مهمة في فرض الايديولوجية السياسية(( رالجع المادة 2 من الدستور).
من هنا نحكم على الدولة العراقية بأنّ توجهها العام توجّه علماني، وهذه تعدّ إحدى الفرص والأرضيات التى تعد أهم آلياتهم لطرح أفكارهم، وكأنَّ الدولة هي التي تولّد الفكر السياسي المدني أو تشكّل حياديتها فرصةً لخطهم كي يفعلّ دوره.



5 ـ الحاضنة الاحتلالية:
كما أنَّ الاحتلال البريطاني مطلع القرن العشرين فرض اجندات فكرية وتدخل في بناء ثقافة العراق واستطاع أنْ ينتج حركة علمانية في العراق، وأنْ يصدّر الى المجتمع العراقي مبادىء الدولة القومية الأوربية التي برزت كفكر دولة في القرن السادس عشر الميلادي فهكذا يفعل المحتلون، وليس المحتل الأمريكي بدعاً من حركات الاستشراق والاختراق الممتدة في أعماق التاريخ والتاريخ المعاصر، وليس أدل على تدخلهم في الصياغات التفصيلية للدستور بهدف بناء الفكر السياسي للدولة،، إلّا أنّنا لا نريد الغوص في الأرقام والتحليلات، ونكتفي لتقديم الدليل على تدخّلهم السافر في صياغة الفكر السياسي العراقي بمثالين، الأول: بيان السفارة الأمريكية الذي يعرب عن (قلقهم على الحريات العامة والفردية في العراق إزاء قرار مجلس محافظة بغداد بمنع محلات الخمور غير المجازة),والثاني: صدر بيان بنفس اللغة يعرب عن (عميق قلقهم لمنع ظاهرة الإيموا في العراق ، من هنا يمكن القول: إنّ وجود الاحتلال يشكّل حاضنةً مهمة لهذا الخط ويكون إحدى فرص نجاحه وإحدى آلياته القوية للنفوذ في أوساط الطبقات الثقافية في العراق، ولا يمكن تصور احتلال دون خط سياسي فكري وتأثيرات خاصة .
6 ـ استغلال الإرهاب:
ظهور الإرهاب في العراق من القاعدة والفكر الإسلامي المتطرّف الذي تقوده عناصر ربّما تُسيّر من قِبل الغرب ((داعش)) لتأجيج المشاعر ضدَّ الإسلام والمسلمين، تلك الخلايا الإسلامية الخطرة والقمعية والشاذة مارست دوراً خطيراً في العراق ليس على المستوى الأمني بل في مجال آخر وهو ترويج أفكار دكتاتورية دموية متخلفة حسبتها على الإسلام مستفيدة من قراءات أسلافهم، تلك السلوكيات والأفكار أعطت صورة مشوّهة عن الإسلام، واستغلت من قبل الغرب والحركة المدنية الغربية في العراق للتشنيع بالدين ونظمه السياسية بأنّه دين غير قادر على طرح نموذج حكومي لطرح سليم قادر على حل المشكل الاجتماعي وإقامة دولة عادلة، مستفيدين من النفور النفسي لبعض الشرائح الاجتماعية العراقية، من الإسلام السياسي، نعم عشرات الحركات الإرهابية ظهرت باسم الإسلام، وقد مر ذكر بعضها،فقد طرحت أفكاراً وثقافات كانت في غاية البعد عن الإنسانية وقدّمت ممارسات أدّت الى تقديم صورة مشوهة عن الإسلام، تلك الأفكار والسلوكيات إحدى آلياتهم للتشنيع بالإسلاميين وتقديم نموذجهم البديل، والذي يراجع كتابات الدكتور زهير المخ، وهادي المهدي وآخرين، يجد في ماكتبوا خير دليل.
7 ـ الانفتاح الاعلامي:
الانفتاح الإعلامي الذي رافق الاحتلال بعد 2003 من فضائيات ومسلسلات وبرامج وإعلام كل هذا ولّد انفتاحاً نفسياً وأخلاقياً جعل سلوكيّات العديد من النخب والشباب ليبرالية التوجّه سواء شعرت بذلك أم لا، بقصد أو بدون قصد، هذا الميل السلوكي هيأ المناخ والأجواء لقبول الفكر الغربي وتقبل طروحات ليبرالية في العراق، وهذا التحول السلوكي استغل من الليبراليين كآلية لطرح الأفكار والترويج لها نظرياً وعملياً.
8- توجه بعض الاحزاب توجها ليبراليا واحيانا علمانيا بنحو واضح
9- اهمال شريحة الشباب وشيوع الفساد المالي والاداري وظهور الطبقية
ضعف دور الحوزة العلمية التبليغي
10- عدم التركيز على مفهوم المقاومة الفكرية بنحو صحيح

الخلاصة
هذه هي الآليات التي يستفيد منها التيار المدني لترويج أفكارهم وبسط نفوذهم الفكري في العراق، وقد نجحوا نوعاً ما في التمدد على شرائح عدة وطبقات مهمة من المجتمع العراقي واحتلوا وسائل اعلام وموسسات ترويج ثقافي واسعة، وقد وضعوا لهم موطىء قدم في الثقافة العراقية وفي المجتمع أيضا بدرجات متفاوتة، ولئن يدّعي أحدٌ أنّ الأمة في العراق محتفظة بقدر كبير من عاطفتها والتلاحم مع الشعاير الدينية والمزارات والحوزات والمنابر وخير دليل الزيارات المليونية في عاشوراء، فالجواب وباختصار شديد يظهر من خلال الفصل بين العاطفة وبين السلوك العملي، ولنا في الموضوع ايضاح وكلام، ولكن خلاصة الأمر لا يدعي أحد أنَّ التفعيل والتفاعل العاطفي الديني في العراق مبني على فكر سياسي يؤهل الأمة لصون تجربتها السياسية وقيمها الاسلامية وتحصين لسوكها الاخلاقي والإجتماعي، وأهل مكة أدرى بشعابها.



نتيجة مهمة
ونوكد ان العلمانية ستظهر بنحو جدي وخطير في الوسط الشيعي ويمكن ان يقال عنها (( العلمانية الشيعية )) وهي نتاج ردة فعل الاجيال الناشئة من سوء الخدمات والفساد والاهمال وضعف الجانب التبليغي يقابله استغلال كبير من المنظمات العالمية ومن امريكا بالذات واسرائيل والخليج وحزب البعث لاجل تحطيم القيم ونشر الفسوق والمخدرات والافكار الهدامة لخق مجتمع شيعي مستعد لتقبل الفكر الغربي ومشاريعه السياسية وسوف تكون الطبقات الفقيرة والمسحوقة علميا وثقافيا هي رائدة الدعوة الى مواجهة المشروع السياسي الاسلامي خصوصا في الوسط الشيعي وسوف يقود العراق طبقة الجهلاء ويكونوا يد ضاربة ومنفذة للعلمانية الغربية من حيث لايشعرون كل هذا مالم ينهض العاملون بمشروع اجتماعي منتج .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى