أحدث الأخباراليمن

اليمن صراع المشاريع الخاصة وأزمة الهوية..؟!

ِ
✒️ د /
احمدحسن القشائي

( 2)

ثمة إشكالية أزلية تعيشها اليمن بكل مقوماتها وهي إشكالية (الهوية والانتماء) والتي تفاقمها أزمة غياب الدولة وهويتها وعدالتها وموقفها من المواطنة وهذه الإشكاليات المركبة لا يمكن حل جدليتها بمعزل عن ( المشروع الوطني) الجامع والعقد الإجتماعي الذي ينظم العلاقة بين الدولة والمجتمع وبين المكونات الاجتماعية ببعضها وهذا المشروع الغائب لا يمكن أن تأتي به القوى المتصارعة حتى من خلال ما يسمى( بمؤتمر الحوار الوطني) الذي يتحدث البعض عن مخرجاته بقدر من الحماس الزائف فهذا المؤتمر بكل مخرجاته لم يكن أكثر من (مخدر موضوعي) جاءت مخرجاته لتشرعن لتعدد الهويات وتكريس قيمها ومشاريع أصحابها على حساب المشروع الوطني الغائب والمغيب قسرا لصالح ترسيخ المشاريع الذاتية الخاصة حزبية كانت أو قبلية أو مناطقية وطائفية ومذهبية..؟!
وترى (الرياض) أن إعادة استجرار قيم (الطائف اللبناني) يمثل الوسيلة المثلى لضمان مصالحها وبقي هيمنتها على اليمن وهي التي استطاعت خلال العقود المنصرمة من إعادة تموضعها على الواقع اليمني عبر تمكين اتباعها وحلفائها في الداخل اليمني وقد تمكنت من إيجاد حضورا لافتا عبر تبنيها لترويكا من الرموز المحلية ومكنتهم من خلال دعمها اللامحدود لهم من الوصول إلى واجهة الأحداث وجعلت منهم شخصيات إجتماعية نافذة في المجتمع، ويمكن القول إن نظام الرياض وخلال العقود المنصرمة من مسارنا الوطني قدمت دعما ماليا ومعنويا لأفراد وشخصيات سياسية واجتماعية وقبلية يمنية ما يفوق بعشرات الأضعاف من تلك المساعدات التي قدمتها للحكومات والأنظمة اليمنية المتعاقبة منذ اعترافها بالثورة اليمنية عام 1970َم..؟!


بيد أن ما جرى. يجري في اليمن منذ العام 2011م وحتى اللحظة وربما سيبقى إلا ما شاء الله، كل هذا يعكس ويعبر عن رغبة نظام آل سعود ورؤيتهم لما يجب أن يكون عليه الواقع اليمني، وفي خطاب أطراف الصراع اليوم ما يكفي لتأكيد حقيقة الإخفاق الذي تعيشه النخب السياسية اليمنية بما في ذلك أطراف الصراع الذين لا يعكسون في خطابهم موقفا وطنيا أو رؤية وطنية يمنية من شأنها أن تزيح الكابوس الذي يجثم على صدور الشعب اليمني الذي بدوره يوزع ولاءته بين أطراف الصراع ويؤغل في (تقديس) الرموز التي يتبعها ويواليها على حساب ولائه لوطنه وجغرافيته وحقيقة وجوده التاريخي والحضاري..!!
أن غياب المشروع الوطني وقيم الهوية والانتماء وإفراغ الثورة والجمهورية والدولة من منظومة القيم التي يفترض أن تعنون مسارها عوامل سهلت لأعداء اليمن مهمة تطويع وتتويه البلاد ونخبها التي أرتهنت لأوليا نعمتها ممن أغدوا عليها بالمال والدعم وجعلوا من هذه الرموز بمثابة موظفين لديها ولم يجانب الاستاذ الراحل الشاعر عبد الله البردوني الصواب حين وصف (حكام اليمن بالفراشين على أبواب حكام الجارة الكبرى)..؟!
أن إشكالية بل أزمة النخب المتصارعة اليوم أكثر تعقيدا مما كانت عليه في الأحداث الدامية السابقة التي شهدتها البلاد بشطريه من بزوغ فجر الثورة اليمنية..؟!
أن أزمة اليمن اليوم تتمثل في غياب (المشروع الوطني) الذي بدوره مرهون بوجود الدولة الوطنية بقيمها العادلة و بهويتها الجامعة وواحدية المواطنة والمساواة فيها، وهذه المفاهيم الوطنية والحضارية لا يمكن استخلاصها او الوصول إليها في ظل النخب الفاعلة التي تتصدر المشهد اليمني الغارقة في تكريس مشاريعها الخاصة وتنفيذ أجندات حلفائها في الإقليم وهي أعجز من تبني موقفا وطنيا إيجابيا يؤدي لإيجاد مشروع وطني يعزز قيم الهوية والانتماء الوطنيين بإبعادهما القومية والإسلامية والإنسانية، ينقل بموجبهما اليمن الأرض والإنسان من مربع العبث التدميري الراهن إلى مصاف العقلانية الوطنية والسكينة الاجتماعية والحياة الكريمة بعيدا عن هيمنة قوي النفوذ الداخلي أو قوي النفوذ الخارجي..
يتبع ( 3 )
————–
✍️…📝 الاعلامي

د /احمدحسن القشائي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى