أحدث الأخبارشؤون آسيويةشؤون افريقية

امريكا والخيار النووي امام الصين

مجلة تحليلات العصر الدولية - علي الربيعي

في الآونة الاخيرة بدأت كلمة سينوفوبيا تأخذ مكانا غير معهود من صفحات الميديا المقروءة والمسموعة والمرئية، والاخيرة التي هي الاكثر في تداولها. فكما تداولت الميديا ايام تصاعد الإرهاب السلفي الممثل بالقاعدة وداعش والنصرة كلمة اسلام فوبيا في الاعلام، وخصوصا الغربي، يلصق اليوم كلمة فوبيا بالصين لتكون سينوفوبيا ولتعني الخوف من الصين. الصاق كلمة فوبيا أصبحت جزء من النحت
اللغوي المعاصر لتعني المفردة الناتجة باضافة الكلمة فوبيا التي أصلها مشتق من اللغة اليونانية التي تعني الخوف الغير المنطقي. المصطلح فوبيا اضيف الى الكثير من المفردات لتعني الخوف مما تعنيه المفردة. على سبيل المثال أضيفت الى كلمة هايدرو (المياه) فصارت هايدروفوبيا او الخوف من الفيضانات. واضفيت الى الارتفاع ( هاي high) فاعطت مفردة هايفوبيا، التي تعني الخوف من العلو الشاهق او الارتفاع وهكذا تكون دلالة الكلمة بما تضاف اليه.

ما يجعل الولايات المتحدة تعيش يوميا مع قلق السينوفوبيا هو ليس سيناريو سياسي، ابتدعه صناع القرار فيها، بل هي الحقيقة التي باتت لايمكن تجاهلها. فالولايات المتحدة الأمريكية تعيش نفس ازمة الاتحاد السوفياتي في بداية الثمانينيات من القرن الماضي حين قال الرئيس الامريكي رونالد ريغين مخاطبا القادة الشيوعيين سوف نجوعكم تسليحا. وفعلا كان سباق التسلح هو الهاجس الروسي للحاق بالتكنولوجيا الامريكية العسكرية ولم تمضي سنة ١٩٨٩ اذ لم ينهار الاتحاد السوفياتي فحسب بل انهار المعسكر الشيوعي باكمله. امريكا اليوم تمر بنفس مرحلة ما قبل انهيار الاتحاد السوفياتي لكن بفارق ان هذا الانهيار لأمريكا الرأسمالية سيكون امام الصين الشيوعية نتيجة سباق التسلح وتأخر امريكا عن اللحاق بالتطور العسكري التكنولوجي الصيني السريع رغم القاعدة التكنولوجية والعلمية الواسعة التي تمتلكها. ففي السابع عشر من شهر تشرين اول سنة ٢٠٢١ نشرت صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية خبر مفادة ان الصين نجحت في اطلاق صاروخ اسرع الصوت. ومن مصادر اعلامية اخرى ان الصاروخ اكمل دورتين حول الارض وعلى ارتفاع منخفض استغرقت كل دورة له ٤٠ دقيقة. لقد جعلت الصين خط مساره فوق اسرائيل ايضا كرسالة سياسية قبل ان يتم دورته الثانية ليضرب هدفه المخطط له في الاراضي الصينية. بالمقابل صرح ناطق باسم البنتاكون الامريكي ان تجربة الصاروخ الامريكي الأسرع من الصوت قد فشلت ولم يعلق بأكثر من ذلك. اما المفوّض الأميركي لشؤون نزع الأسلحة، روبرت وود، علق قائلاً: “لا ندري كيف لنا الدفاع ضد ذاك النوع من التقنية” الأسرع من الصوت. فالترسانة العسكرية الأميركية حاليا لا تمتلك القدرة على اعتراض تلك الصواريخ وتدميرها.

أمريكا ربما أجلت اي مواجهة عسكرية مع دول غير الصين الى وقت حتى تحسم أمرها معه (الصين). لان فائض القوة الذي استعادته بعد غزو العراق وافغانستان لاتريد ان تدمره مرة اخرى في مواجهة قد تكون خاسرة، حتى لو ان فائض القوة الذي بنته مؤخرا لايكفي لمواجهة الصين. اذ ادخار القوة ليومها خير من هدرها في مغامرة حرب غير مضمونة النتائج امام دولة غير دولة التنين. الرئيس الامريكي جو بايدن ومع وجود فائض القوة الذي لايكفي امام القوة العسكرية الصينية ولتحقيق مواجهة حاسمة قد يكون امام خيار استخدام السلاح النووي، الذي لوح بإستخدامه سلفه الرئيس ترامب قبل مغادرة البيت الابيض، والذي هو السلاح الوحيد للدفاع عن الهيبة الامريكية امام هذا التقدم الصيني السريع الراهن. ولكن السؤال هل الخيار النووي الامريكي الصاروخي سوف يصمد امام الصواريخ المضادة الأسرع من الصوت والتي سوف تفجر الرؤوس النووية والصواريخ الحاملة لها وهي لم تبتعد عن منصات اطلاقها عشرات الكيلومترات؟ ام سوف تستيطع هذه الصواريخ ان تصل أهدافها داخل الاراضي الصينية وتدمرها؟. الجواب ان المواجهة بين العملاقين الصيني والامريكي سوف يجيب على التساؤل. ولكن لابد ان نضع في الحسبان ان المواجهة مع الصين تعني التدخل الكوري الشمالي النووي والروسي التكنولوجي على خطوط النار الى جانب المواجهة بين العملاقين. اذ ان وجود كل من كوريا الشمالية دولة نووية وروسيا كقوة كبرى عالميا امرهما مرتهن بوجود الصين قوة عسكرية واقتصادية عظمى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى