أحدث الأخبارشؤون اوروبيية

امكانية الحرب بعد التصعيد في شرقي اوكرانيا

مجلة تحليلات العصر الدولية - علي الربيعي

التصعيد على الحدود الروسية الاوكرانية يزداد يوما بعد يوم قربا من الحرب وبعدا عن السلام في هذا الصراع. وفي حال اندلاع الحرب بين روسيا واوكرانيا فانها سوف لن تقتصر على حدود البلدين. وبفعل الدفع الخفي من الصين وكوريا الشمالية باتت روسيا اكثر تشددا مقابل التوعدات الامريكية، ما سيجعل الحرب تندلع حتى خارج الحدود الاوربية لتكون عالمية. لا شك ان الموقف الروسي يستند الى وسادة حديدية قد تخبأ ضربة نووية او كهرومغناطيسية. فالصين تمتلك قرابة ٣٠٠ رأس نووي وكوريا الشمالية تمتلك القنبلة الكهرومغناطيسية وكلاهما تدفعان باتجاه التصعيد لأنتزاع اوكرانيا، سواء بالقوة او بالمفاوضات، من الجزء الاوربي الشرقي لتحول دون انضمامها الى الحلف الاطلسي المتآكل. فأوكرانيا خصوصا الجزء الشرقي منها ستكون حبة البركة في الاقتصاد الروسي اذا استطاعت انتزاعها.

لايتوهم الغرب بقيادة امريكا حين يقرأ في حسابات الخطة الروسية، ويرى ان لا وجود في قائمة استعادة دول الاتحاد السوفياتي السابق -دول البلطيق، ليتيوانيا واسيتونيا ولاتيفيا، هي الهدف الروسي بعد اوكرانيا لانتزاعها هي ايضا من الاطلسي وضمها للإتحاد الروسي الفيدرالي فيما بعد. فاليوم اذا سلمت امريكا اوكرانيا لروسيا فغدا سوف تتنازل عن دول البلطيق التي بدأت تشعر هي الاخرى انها على قائمة الإحتلال الروسي غير المقروءة. وربما بعد غد سوف يتنازل الغرب عن اوربا الشرقية كلها اذا دعت الضرورة بغية الحفاظ على اوربا الغربية فقط، اذا اضطرت المصالح. صراخ قادة دول البلطيق بدأ يتصاعد كما الفريسة عندما تكون بين انياب او مخالب المفترس، بعد ان احست بضعف الأداء العسكري والسياسي لدول حلف الاطلسي امام روسيا، خوفا من ان دولهم سوف تُبتَلع بالقوة او بالسياسة هي الاخرى ايضاً.

التصعيد العسكري اخذ منحى جديدا في التطور بعد ان أعلنت روسيا انها سحبت قوتها بعيدا عن حدودها مع اوكرانيا، في اشارة لتخفيف التوتر. فإن قيادة الحلف الاطلسي اعلنت مجددا ان اعداد القوات الروسية يتزايد في الواقع على الارض وليس كما تدعي روسيا. ففي اخر تصريح للاطلسي ان التحشيد الروسي العسكري وصل الى ١٩٠ الف جندي. الرقم على ما يبدو مرجح للزيادة طالما ازداد العدد سابقا من ١٢٠ الف جندي ليصل الى ١٦٠ الف. تواجد هذا العدد من القوات العسكرية الروسية على الحدود مع اوكرانيا يوحي ان الحرب سوف لن تكون ضربة محدودة يمكن احتوائها اذا انطلقت شرارتها بل ان هذه الشرارة قابلة ربما تستعر منها نارا تحرق العالم مابين شرقه وغربه. في اليوم ١٩\٢\٢٠٢٢ وصل الامر الى ماهو أخطر، اذ بدأت القوات الروسية التدريب على استخدام الصواريخ الحاملة للرؤوس النووية. التطورات الجديدة هي اشارة ان الحرب قد تتوسع في اللجوء الى السلاح النووي. وهذا يعني انفلاتها وتوسعها الى حرب عالمية ثالثة قد تلجأ الاطراف المتنازعة فيها الى استخدام أسلحة لم يألفها العالم من قبل. اذ ربما سيدخل فيها السلاح الكهرومغناطيسي، الذي سيشل كل ماهو يعتمد على الهندسة الرقمية (الكمبيوتر) من معدات والات، الى جانب السلاح النووي المدمر. وطالما ان روسيا تجري مناورات على استخدام السلاح النووي فإن الجانب الامريكي هو الاخر ربما يجري مناورات على استخدام قوته النووية.

روسيا والصين خلال الخمسة سنوات الاخيرة استطاعتا التسويق اعلاميا لاحدث الاسلحة التي صنعتها في هذه السنوات، خصوصا الصواريخ الفوق الصوتية والصواريخ الكانسة للاقمار الصناعية وصواريخ مضادة للصواريخ البالستية وربما خبأت اخرى للمفاجئات. مقابل هذا التطور في التصنيع العسكري لم يكن هناك اعلان امريكي عن تطور في التسليح يكافئ ما اعلنتاه الصين وروسيا مجتمعتين سوى الصمت، الذي جعل معادلة القوى تميل لصالح الجانب الروسي-الصيني وخصوصا بعد ان كشف الرئيس ترامب أوراق القوة العسكرية الامريكية من ان أمريكا قد تلجأ لاستخدام السلاح النووي اذا اضطرت الامور في الدفاع عن نفسها وعن حلفائها. بهذا التصريح من أعلى جهة رسمية في الإدارة الأمريكية جعل روسيا تستطيع قراءة اوراق القوة الامريكية التي خف ثقلها في ميزان القوى العالمية حتى باتت دون القوة العظمى. الجدل الاعلامي حول الصراع الروسي الاطلسي كثير ويصب في خانات متعددة منفصلة احداهما عن الأخرى لكن تبقى الدبلوماسية ان وسع المجال لها او ساحة الصراع بين الاطراف هما فيصلا حسم النزاع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى