Uncategorizedاليمن

انقسام الرئاسي .. والعليمي رئيس بلا سلطة

تقرير خاص :

في أروقة القصر الملكي وباحاته هناك تم اختيار قطع شطرنج ” المجلس الثماني” بعناية فائقة، أحسنت السعودية انتقاءهم، فهي على يقين من إخلاصهم لها، وقد خبرتهم في أكثر المواقف شدة حين كانت المخاطر تعصف باليمن، فكانوا دوما الأوفياء، وهي فوق ذلك على يقين من عدم نزاهتهم، فطيلة العقود الماضية كانوا هم المؤسسين لمدرسة الفساد ورعاتها، ولا علاقة لهم بشيء من المبادئ الوطنية وحب الوطن، المبدأ هو المال وليس الوطن. ولم يأت الاختيار هذا محض صدفة إلا بعد توافق مع الدوائر الاستخباراتية الدولية في تشكيل وهيكلة هذا المجلس الهجين من شخصيات أمنية وعسكرية وقادة تنظيمات إرهابية ومرتزقة هذه هي البضاعة السعودية الكاسدة، المحترفة في صناعة الحروب.

قالوا إن اصطفافهم وتوحدهم قوة، ذلك لأنه بدأ من رأس الهرهم ولم يبدأ من قاعدته، وتلك من الحكم الخارقة المغايرة لقواعد البناء من الاسفل، ترجيحات البداية من الأعلى لإحلال السلام في اليمن في لمساتهم السحرية والقوة الموحدة في مواجهة أنصار الله.. لم يدم الأمر ساعات لينشق “مجلس العليمي” طولا وعرضا في أول اجتماع له بعد عودته من الرياض وقضاء إجازة عيد الفطر فقد اختلف الموحدون وانكسر إيوان المجلس قبل أن ينهي العليمي الجلسة. اختلفوا في جلسة حول تشكيل الحكومة وساد الانقسام الصفوف بين الأعضاء، لم يتفق ” الهجين” على تشكيلة الحكومة فسرعان ما تكهرب الجو بإحمرار الوجوه والمقارحة، وارتفاع الاصوات مختلطا بالرغبات الحزبية الجامحة والاهواء، حتى تنازعت “النخبة” على اقتسام الكعكة للمناصب الوزارية، فكل واحد يريد من جماعته وحزبه وملاسنات ومشاحنات وتعصبات انتهى الأمر بفض الاجتماع وتطاير الجميع عن عدن إلا من العليمي الذي لا حول ولا قوة له والزبيدي الحاكم الفعلي لعدن.


آثار الانقسام سخرية واستهجان الشارع اليمني عن حقيقة السلام، وتكاتف واصطفاف القوات المدعومة من التحالف السعودي الإماراتي ضد قوات صنعاء بعد تشكيل المجلس الثماني الرئاسي بقيادة العليمي، ما يؤكد أن الحديث عن الاصطفاف وتوحيد القوى المناهضة لحكومة صنعاء مجرد استهلاك اعلامي.
وأن العليمي يقيم في مدينة عدن لا يستطيع توجيه أمر أمني، أو عسكري فيها لأن من يسيطر عليها من قوات لا تأتمر بأوامره، ولعل ذلك ما يفسر استمرار انقسام المجلس الرئاسي منذ تشكيله وحتى الآن.

سيطرة الانتقالي على عدن وتمسكها بعدم السماح بدخول أي قوات أخرى تتبع بقية أعضاء المجلس الرئاسي إلى المدينة، يراه مراقبون بأنه يوسع الخلافات داخل المجلس الرئاسي الذي فشل في التوحد وهو ما أدى إلى مغادرة أعضاء المجلس لمدينة عدن وعودة كل واحد منهم إلى المنطقة التي كان يسيطر عليها كفرج البحسني وسلطان العرادة وطارق صالح. ووصل الانقسام داخل مجلس الثماني الرئاسي إلى الحد الذي منعهم من اللقاء بالمبعوث الأممي هانس غروندبيرغ الذي زار عدن قبل يومين بهدف الترتيب لإعادة فتح مطار صنعاء ودفع المجلس للموافقة على السماح للمسافرين بالمغادرة بموجب جوازات السفر الصادرة من صنعاء بعد أن تم الاتفاق على ذلك بين المبعوث وقيادة التحالف قبل وصوله إلى عدن بيوم واحد، حيث لم يلتق المبعوث الأممي بجميع أعضاء المجلس الرئاسي، بالإضافة إلى أن المجلس ومنذ أن انتهت إجازة عيد الأضحى لم يعقد إلا اجتماعاً واحداً وبسببه تم مغادرة أعضاء المجلس عدن على وقع الجوانب الأمنية الذي رفض الانتقالي السماح ببقائهم بقواتهم داخل عدن، بالإضافة لرفض الانتقالي التخلي عن السيطرة على عدن ودمج قواته ضمن قوات موحدة بقيادة العليمي، الأمر الذي يجعل العليمي ذاته مجرد رئيس بالاسم فقط، حيث يفتقر لوجود قوة عسكرية وأمنية تضمن تمرير قراراته
وتوجيهاته.

وحسب مصادر مطلعة فإن قرارات وتوجيهات رشاد العليمي لا تزال تخضع للقبول والمصادقة عليها من قبل التحالف السعودي الإماراتي من أجل تمريرها، حيث تؤكد المصادر المطلعة أن هناك أكثر من ملف لم يستطع العليمي البت فيها بسبب عدم التعاطي معها من قبل بقية أعضاء المجلس المعنيين بهذه الملفات، الأمر الذي يجعل العليمي مضطراً إلى رفع ما يطلبه بخصوص هذه الملفات إلى التحالف السعودي، ثم يقوم التحالف عبر السفير السعودي محمد آل جابر بالتخاطب مع الأطراف المعنية داخل المجلس مع بقية الأعضاء للقبول والتعاطي مع ما يطلبه العليمي، الأمر الذي عده مراقبون بأنه يجعل العليمي مقيداً في تحركاته وتوجيهاته المرهون تنفيذها من عدمه بالتحالف السعودي الإماراتي.

فرج البحسني الذي لم يعد إلى عدن منذ اخر اجتماع لملجس العليمي قبل عيد الفطر المبارك، بدأ يهدد بتحويل حضرموت مكاناً بديلاً للمجلس، الأمر الذي يجعل الانتقالي أمام تهديد حقيقي بإفراغ عدن من محتواها ومن كونها مقرا للمجلس الرئاسي، وهو ما ستتبعه بالضرورة وقف أي التزامات من مجلس الرئاسة بشأن تطوير وتأهيل مدينة عدن المعقل الرئيس للمجلس الانتقالي.
فتصريحات البحسني التي وردت في لقاء للمكتب التنفيذي لحضرموت، ورد فيها تلميحات واضحة بإمكانية نقل ما يسموها ب “العاصمة المؤقتة” إلى حضرموت.


حزب الإصلاح من جانبه يتعرض لانتكاسة كبيرة منذ مطلع أبريل الماضي بعد إجراء التغييرات السياسية بإنشاء مجلس رئاسي ضم ثماني شخصيات، وخروج علي محسن من اللعبة يعتبرها الإخوان معادية لهم، وهو الأمر الذي أعاد سلطان العرادة للتمترس في مأرب، فيما تصاعدت وتيرة الخلافات بين قادة الإخوان والمؤتمر في مأرب على خلفية خصومات مالية من الدعم المخصص لسلطان العرادة واضافته لصالح “بن عزيز” وهو الأمر الذي اعترض عليه العرادة بشدة وآثار خلافا كبيرا بين الطرفين. فيما اعتبر مراقبون مقدمة لتقليص نفوذ الاصلاح وسيطرته على مفاصل الدولة والمؤسسات المالية والمخصصات الشخصية إلى حد كبير خصوصًا بعد الفشل السياسي والعسكري والاقتصادي الذي صبغ قيادة وسيطرة الإخوان طوال العقد المنصرم، واقع يجعل حزب الاصلاح ممثل تنظيم الإخوان في اليمن في مفترق طرق. وبات الإخوان في اليمن أمام خيارين فإما أن ينحني للموجهة مع خصومه في المؤتمر والانتقالي، أو أن يلجأ إلى الطريق الذي سلكله إخوان مصر إلى الإرهاب وتحريك الخلايا والتنظيمات الإرهابية ضد خصومه، وشن حرب إعلامية ضروسة بحكم سيطرته على الجهاز الإعلامي، وانسلاخه بشكل كلي عن المجلس الرئاسي والقوى الإقليمية الداعمة له وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، إذ تبدو المؤشرات قوية على هذا الانقسام في صفوف هذه القوى غير المتجانسة، وقد شهدت الأيام الماضية عمليات إرهابية تكاد تكون شبه يومية، وقبلها أثارت حادثة هروب مجموعة من أخطر الإرهابيين من سجن في وادي حضرموت بطريقة مريبة وهي منطقة تسيطر عليها قوات موالية لحزب الإصلاح الإسلامي، كما أن آلة الإعلام والدعاية التابعة لحزب الإصلاح تشن هجومًا على المساعي الدولية، بالتوازي مع هجوم مماثل على ما يسمونه بالمجلس الرئاسي الذي شكلته السعودية في الرياض بديلا عن عبدربه منصور هادي بطريقة غير شرعية وخارج سياق العملية الديمقراطية والدستور اليمني.

هذه الانقسامات والاختلافات وإدارة الحملات الإعلامية المنظمة تهدف إلى إثارة الرأي العام، وتبديد فرص الحل السياسي للأزمة اليمنية، وما يلوح في الأفق أن هؤلاء المنقسمون يعدون أنفسهم لحروب طاحنة ضد بعضهم البعض، وهذا واضح من انضواء كل من حزب الإصلاح في مناطق سيطرته، والانتقالي في عدن والمحافظات المجاورة، الذي اشتدت خلافاته مع طارق ومنعه من السيطرة بقواته على عدن، فعاد طارق أدراجه إلى المخاء وباب المندب. ومع هذه الأجواء المشحونة بالتوترات والانقسامات والعداوة تظل فرص نجاح المساعي الدولية قليلة في ظل استمرار تمترس هذه القوى ضد بعضها البعض في عرقلة مساعي السلام ووضع الألغام أمامه.؛

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى