أحدث الأخبارايرانمحور المقاومة

ايران والأقلمة الكبرى دواء الداء المزمن لولا ايران لاكتمل الأمان ايران صين المنطقة

مجلة تحليلات العصر الدولية

حتى عام 1979 ، وبعد أن رمي العرب بأخر أوراقهم في حرب 73 ، كانت المنطقة قد أصبحت “آمنة” والتطبيع سائر باتجاه النهاية المفرحة – خاصة بعد اتفاقية كامب ديفيد ،وماتبعها في أوسلو ، انه زمن الاتفاقيات ، واسرائيل تتجه لتتويج حروبها بنصر ناجز ، وحرب تشرين 73 ستكون آخر الحروب .
ما تبعها من مراحل ، كانت تسير في الاتجاه ذاته ، ما يزيد الثقة الاسرائيلية ،بأن ماخططت له ، سيتوج بالنجاح ، ولن يعرقله مناوشات ومشاغبات هنا وهناك ،من فصائل تمارس عمليات حدودية محدودة الحجم والتأثير .
عام 79 ،دخل عامل الى المنطقة ، سيكون له تأثير واضح في تحديد مساراتها ، فقد نجحت في بلد مجاور، ثورة شعبية بقيادة دينية ،كانت من أولى أعمالها ، طرد السفير الاسرائيلي في طهران ،وتسليم السفارة الاسرائيلية ، الى بعثة منظمة التحرير الفلسطينية .
كانت تلك الثورة بصبغتها الدينية ، قد أقلقت ومنذ البداية ، كل دول المنطقة دون استثناء ، لكن الخشية الأكبر ،ظهرت في السعودية ودول الخليج واسرائيل .
تجسدت تلك الخشية ،في 8 سنوات حرب خاضها نظام صدام ، بدعم غير محدود من دول الخليج ، خج بنتيجته البلدان في حالة منهكة ، لكن كانت وطأة الحرب على العراق ،هي الأكبر ،فقد اتيحت لإيران ،فرصة تجاوز النتائج ،بحصولها على فترة من الاستقرار ، فيما تواصلت الحروب على العراق وفيه .
كان واضحاً ان دولة بحجم ايران بإمكانياتها وثرواتها ، هي أشبه ب”صين ” المنطقة ، الصين التي وصفها نابليون بأنها تنين اتركوه نائماً ، كي لايهز العالم اذا استيقظ ، وبعد قرون ،ظهر ان نابيلون كان محقاً ،فالعام بدأ يهتز من نهضة التنين الصيني .
أما المنطقة ، فقد بدأت هي الأخرى بالاهتزاز ،نتيجة للدور الايراني ، فقد صمدت سوريا ، وغير لبنان المعادلة مع اسرائيل ،ورفع الحوثيون من أهمية وجودهم ،فيما أصبحت غزة ، نقطة ارتكاز على المتوسط ،كبيرة الفاعلية والتأثير .
وهكذا حوصر خصوم ايران ، الذين حاولوا تطويقها ، وزحف عليهم التهديد عبر أكثر من جهة ، فوجدت السعودية نفسها مطوقة من الحشد شمالاً ،والحوثيين جنوباً ، فيما اسرائيل أحيطت بحزام ناري – غزة – الجولان – جنوب لبنان – بل حتى الأردن بأكثريته الفلسطينية .وكانت بصمات ايران تنعكس على تلك الجبهات بشكل مباشر ، وكلما نجحت ايران في دفع خصومها واعدائها ، نحو المزيد من الشعور بالاختناق ، كلما كثرت أخطاؤهم وارتباكهم .
لقد راهنت على اللباب من الرجال ،وتركت لا عدائها القشور ، راهنت على من ليس لديهم ما يخسرونه ، ولا مايخافون على ضياعه ، فكسبت الحوثيين يمناً ،والحشد عراقاً ، والحزب لبناناً ،وحماس والجهاد فلسطينياً ، وكل من هؤلاء ،موثوق في التعامل ،شجاع لا في القتال ، يتواجد في مناطق جغرافية حيوية استراتيجية .
على ذلك يظهر المشهد ،وكأن ايران وجدت دواءً ،لداءٍ مزمنٍ ، طالما تسبب بنكبات للعرب ،وطالما استهتر بهم وعبث بكراماتهم وادخل في نفوسهم ، ان إسرائيل اقوى منهم – مجتمعين ومنفردين – .
لم يعد أمام أنظمة العرب سوى خيارين : أما التصالح مع ايران والاعتراف بقوتها وقدرتها – وذلك يتطلب خطاباً مغايراً وتعبئة معاكسة – وأما الاستمرار في النواح بخلاصة القول : لولا ايران لاكتمل ((الامان )).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى