أحدث الأخبارفلسطين

باحثان (إسرائيليان) يحذران من معركة متعددة الجبهات مع الفلسطينيين

كوبي ميخائيل، وأودي ديكل

يرى باحثان إسرائيليان بارزان أن ما يجري ليس موجة عمليات فلسطينية عابرة بل مبادرة منظمة تشارك فيها من خلف الكواليس حماس والجهاد الإسلامي بدعم من إيران، ويحذران من معركة متعددة الجبهات ومن تناغم مواقف السلطة الفلسطينية مع هذه المبادرة بسبب ضعفها وتجاهلها إسرائيليا.

ويقول الباحثان في معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب كوبي ميخائيل وأودي ديكل في مقال مشترك نشر في موقع “المعهد” إن إسرائيل تواجه سلسلة من أعمال العنف والهجمات الفتاكة، بينها هجومان نفذهما مواطنون إسرائيليون اعتُبِروا في الماضي مع تنظيم “الدولة”، لأنهما وقعا داخل مدن مركزية أثار بلبلة أمنية وعامة. كما يستذكران أن قوى الاحتلال تحركت بكل قوتها ضد البنية التحتية لـ”الإرهاب” في منطقة جنين، وهو ما أدى إلى حوادث قُتل فيها فلسطينيون وأنه منذ مطلع رمضان، تجددت المواجهات مع شبان فلسطينيين في القدس.

ونوها أن وسائل الإعلام، وأيضا قادة المؤسسة الأمنية، يعتبرون هذه الأحداث موجة “إرهاب” متجددة رغم أنه ليس هناك ما يؤكد أبدا أن ما يجري هو موجة فقط، كما أن التعامل مع الأحداث كأنها موجة فقط يفرض، إلى حد كبير، أنماطا من الرد، لأن الموجة من المفترض أن تكون عابرة ومدتها محدودة، ولا تتطلب تغييرا في النهج من الأساس.

ويتابعان “في مقابل ذلك، عندما يكون المقصود ظاهرة تنظيمية، فإن أنماط الرد التي تلائم الموجة ليست بالضرورة ذات دلالة. من هنا، تأتي أهمية فحص الأحداث من وجهة نظر تنظيمية، أي التعامل معها كمنظومة “إرهاب” تديرها “حماس” من وراء الكواليس، بالتنسيق مع الجهاد الإسلامي، وبإيحاء ومساعدة من إيران. والهدف منها المحافظة على الإنجاز الأساسي الذي حققته “حماس” في عملية “حارس الأسوار”: تعدد ساحات التحرك – القدس داخل إسرائيل، الضفة الغربية، قطاع غزة، وجنوب لبنان – والقدرة على إشعال كل الساحات في وقت واحد”.
وحسب تحليلهما فإن الهجمات الأخيرة هي معركة “إرهاب” في ساحة معركة شاملة متعددة الجبهات تؤثر الواحدة منها في الأُخرى وتتأثر بها وأن المنطق الذي ينظم هذه المعركة هو المنطق الأساسي لمقاومة جوهر وجود إسرائيل، وهناك منطق ظرفي يعتمد على ضعف السلطة الفلسطينية وخسارة نهجها السياسي.

ويزعمان أن الهدف هو عرقلة عمليات التطبيع بين إسرائيل والعالم العربي، ومنعها من تعزيز مكانتها الإقليمية، على خلفية تهميش الموضوع الفلسطيني لدى الرأي العام الإقليمي والدولي. ويعتقدان أن هذين المنطقين يجري الدفع بهما قدما بواسطة النضال المسلح و”الإرهاب”، والمحرك لهما حماس التي تعمل مباشرة على تأسيس بنية “إرهابية”، ليس فقط في القطاع والضفة الغربية، بل أيضا وسط المواطنين العرب في إسرائيل، كما تبني شبكات تصعيد في القدس الشرقية وتنسق مع تنظيمات أُخرى، وخصوصا الجهاد الإسلامي (الذي ازدادت قوته مؤخرا، في الأساس في شمال الضفة، بفضل مساعدة مالية إيرانية)، ومع الجبهة الشعبية، وحتى مع حزب الله، وهي تُعد الأجواء “الإرهابية” من خلال تحريض منهجي ومستمر.
رأس حربة المقاومة

وعلى هدى الموقف الرسمي للمؤسسة الأمنية والسياسية في إسرائيل يعتقد الباحثان أنه في المقابل، تعمل “حماس” بصورة غير مباشرة، من خلال السعي لتحريك حوادث عنيفة وهجمات تقوم بها أطراف أُخرى، أو تنظيم هجمات من دون أن تتحمل المسؤولية عنها، من خلال استخدام وكلائها، بينهم الجهاد الإسلامي وكتائب الأقصى (التابعة لحركة “فتح”)، أو نشطاء يتماهون مع  تنظم “الدولة”.

ويقولان إن كل ذلك من أجل السيطرة على ساحات المعركة وعدم إعطاء إسرائيل ذريعة كي تتحرك ضدها في قطاع غزة. ومن هنا، تسعى حماس للمحافظة على مكانتها كـ”رأس حربة المقاومة” في الكفاح المسلح ضد إسرائيل، بينما مصلحتها هي في الحفاظ على التهدئة في قطاع غزة، ولذلك، هي تبذل كل ما في وسعها من أجل تشغيل الجبهات الأُخرى.

ويزعمان أيضا أن كون إيران هي التي تشغل الجهاد الإسلامي يزيد من التقدير أن إيران هي القوة التي تحرك الهجمات التي وقعت مؤخرا (بالتوجيهات وتهريب السلاح ونقل معلومات لإنتاج سلاح وتهريب أموال)، والهدف عرقلة التحالف بين إسرائيل والدول العربية. ومن المعقول أيضا برأيهما أن إيران تستخدم حماس والجهاد الإسلامي كوكلاء عنها للانتقام من إسرائيل بسبب العمليات التي قامت بها ضدها، بينها العمليات التي نُفذت في داخل أراضيها.

ويضيفان: “في الوقت الحالي، تحرص حماس على المحافظة على الهدوء في قطاع غزة من أجل مواصلة برنامج إعادة الإعمار الجاري بقيادة مصر وقطر، والسماح للعمال الغزاويين بالعمل داخل إسرائيل (مؤخرا زادت إسرائيل عدد أذونات العمل إلى 20 ألفا)، وبهذه الطريقة، تحاول حماس استغلال التهدئة من أجل إعادة بناء البنية التحتية “الإرهابية” التي تضررت خلال عملية “حارس الأسوار” وتحسينها، تحضيرا لجولة المواجهة المقبلة”

ويعتبران أن إطلاق حماس قذائف في اتجاه البحر، قبل أيام هو إشارة إلى إسرائيل بأنها مستعدة للمعركة العسكرية في قطاع غزة أيضا. ضمن هذه المزاعم يقولان إنه في المقابل، تسعى حماس (في الأساس من خلال صالح العاروري المسؤول عن الذراع العسكرية في الحركة في الضفة الغربية، والذي يعمل من اسطنبول ودمشق وبيروت) لتطوير بنية تحتية لـ”الإرهاب” في الضفة الغربية وفي جنوب لبنان، ولتوطيد التعاون مع الجهاد الإسلامي، وتكثيف القنوات مع المواطنين العرب في إسرائيل، وإعداد بنية تحتية للتصعيد في القدس الشرقية.

ويتابعان: “شهر رمضان الذي بدأ منذ أيام، يمكن أن يشكل خلفية لزيادة التحريض. تجلت الردود وعمليات الإحباط الإسرائيلية من خلال اعتقال مواطنين عرب في إسرائيل المنتمين إلى “داعش”. بالإضافة إلى عمليات استخباراتية وعسكرية واسعة النطاق في الضفة الغربية أدت إلى حوادث إطلاق نار وقتل فلسطينيين ينتمون، في أغلبيتهم، إلى الجهاد الإسلامي، واعتقال مشتبه فيهم بـ”الإرهاب”، أو تقديم مساعدة لهم”.

وهما يدعيان أيضا أن هذه العمليات تؤجج الأجواء وسط نشطاء الجهاد الإسلامي وحماس في الضفة الغربية، وترفع مستوى التوتر في مواجهة السكان المدنيين. ويحذران من إنه على خلفية هذه الدينامية التصعيدية، لا يمكن استبعاد احتمالات عدم نجاح حماس في منع الجهاد الإسلامي من إطلاق صواريخ من القطاع على الأراضي الإسرائيلية، وتوسيع المعركة أيضا إلى جبهة القطاع، وتطور معركة عسكرية مشابهة لعملية “حارس الأسوار”.

وضمن هذه الرؤية يقول الباحثان الإسرائيليان وكلاهما عسكريان في ماضيهما إن السلطة الفلسطينية تفقد أهميتها إزاء ما يحدث وهي، رويدا رويدا، تقف مع الجو السائد في الشارع الفلسطيني المعارض لإسرائيل وإن رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية دان اغتيال ثلاثة نشطاء من الجهاد الإسلامي في نهاية الأسبوع في جنين، ويرجحان أن نشوء معركة متعددة الجبهات ستضع السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية أمام تحد، يمكن أن يؤدي الرد عليه إلى تعطيل التنسيق الأمني مع إسرائيل، وربما توقفه.

وفي هذا المضمار يزعم الباحثان أن حكومة الاحتلال تسعى للمحافظة على الهدوء في القدس وفي الضفة الغربية، وللتمييز بين نشطاء وشبكات “إرهاب”، وبين السكان المدنيين الذين لا علاقة لهم بذلك، والمحافظة على نسيج الحياة وتحقيق نيتها منح تسهيلات خلال فترة رمضان، وهي تسهيلات موجودة في الإعلام فقط حتى الآن. كما يوضحان أن حكومة الاحتلال تريد أيضا تعزيز السلطة الفلسطينية والمحافظة على التنسيق الأمني معها وأنه مع ذلك، وفي ضوء الحديث المحتدم وسط الجمهور الإسرائيلي والجمهور الفلسطيني، فإنها تواجه صعوبة في ترجمة نياتها إلى خطوات على الأرض.

ويخلص كوبي ميخائيل، وأودي ديكل للقول إنه إذا كان صحيحا أن إسرائيل تواجه معركة متعددة الجبهات تقودها “حماس”، فإنه يتعين عليها أن تنتهج استراتيجيا، هدفها زعزعة المنطق الذي يوحد بين هذه الجبهات ونزع سيطرة “حماس” على حدود المعركة. ويتابعان”مع ذلك، ورغم أن الرغبة في الفصل بين الجبهات، فإن إسرائيل ليس في استطاعتها التعاون مع الاستراتيجيا المزدوجة لـ”حماس” التي تحافظ على التهدئة في القطاع من جهة، ومن جهة أُخرى تحاول إشعال سائر الجبهات”.

لذا، يتعين برأيهما على إسرائيل استخدام وسائل ضد حماس ليست عسكرية بالضرورة، وهي: وقف تحويل الأموال من قطر إلى “حماس”، إلا إذا أوقفت الدوحة التحريض ومنعت تدخل “حماس” في جبهات خارج قطاع غزة، ووقف عمليات التحريض من خلال قناة الجزيرة. استغلال مساهمة مصر في الضغط لكبح “حماس” بواسطة وقف إعادة إعمار القطاع وإغلاق المعابر في سيناء، إعادة التفكير في سياسة زيادة عدد أذونات العمل في إسرائيل، المعطاة إلى عمال من القطاع.
تهدئة القدس.

وبنظرهما تُعتبر القدس الجبهة الأكثر قابلية للانفجار، والتي تنطوي على احتمال توحيد كل الجبهات والمطلوب توظيف مساعٍ حثيثة لتهدئة التوتر في المدينة خلال فترة رمضان، والسماح للمصلين المسلمين بالصلاة في المسجد الأقصى، ومنع الاحتكاكات بينهم وبين اليهود الذين يزورون الحرم. في المقابل، من المهم إشراك الأردن، بتأييد من الولايات المتحدة، في تهدئة النفوس في منطقة الحرم القدسي.

كما يدعوان لتطبيق التفاهمات التي جرى التوصل إليها بشأن زيادة عدد الحراس في أجهزة الوقف، في مقابل حرص أردني على منع تدخل نشطاء حماس والحركة الإسلامية – الجناح الشمالي، في نشاطات الوقف. ويضيفان: “لا يمكن لإسرائيل قبول المساهمة السلبية للسلطة الفلسطينية في التحريض وتأجيج النفوس، من خلال كبار المسؤولين لديها، كما أنها لا تستطيع قبول السياسة المعادية لإسرائيل في كل المنابر الدولية. مع ذلك، يجب أن تحاذر من دفع السلطة إلى يدي حماس، والمحافظة على نسيج الحياة في المناطق الفلسطينية لإبعاد السكان عن “الإرهاب”، وتوطيد التعاون الأمني مع الأجهزة الأمنية في السلطة، والسماح لها بفرض القانون ومعالجة شبكات حماس، وزيادة الجهد لترميم الاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية”.

كما يشيران الى ازدياد قوة الجهاد الإسلامي وتعززت بصورة كبيرة في شمال الضفة وقطاع غزة بفضل التأييد الإيراني وقوته هذه جعلته محركا لـ”الإرهاب” بأحجام كبيرة، ومركز جذب أيضا لنشطاء انتموا إلى تنظيمات أُخرى، كما جعلته يشكل تحديا خطِرا لاستقرار السلطة الفلسطينية. من هنا يستنتجان أنه يجب على إسرائيل أن تكشف عن المساهمة الإيرانية في التدهور الحالي للوضع الأمني في الساحة الفلسطينية – الإسرائيلية، سواء أكان المقصود موجة “إرهاب” عابرة، أو تصعيد منهجي طويل الأمد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى