أحدث الأخبارشؤون آسيوية

باكستان نداء للإغاثة!

العصر*أتذكر قصيدة لنازك ملائكة حيث تصف فيها الفيضان الرهيب لدجلة عام ١٩٦٤ في العراق بالنهر العاشق بحسها المرهف [أين نمضي إنه يعدو إلينا…]، ولكن المشكلة في باكستان أنا نعاني في هذه الفيضانات من عشق السماء والأنهار معا!
قاسٍ هي الظروف في بلد نهشه الفساد وسوء الإدارة؛ بسبب الفيضانات التي أغرقت حوالي ثلثي البلاد، والتي نجمت عن الأمطار الفصلية، وذوبان الأنهار الجليدية، وإهمال الجهات المعنية؛ مما أدى ألى مقتل أكثر من ألف شخص، من بينهم ٣٤٠ طفلا، وأصيب ١٧٠٠ آخرون، ويُعدّ ذلك أخطر فيضان في العالم منذ ٢٠١٧.
والملايين تحت رحمة الظروف البيئية القارصة من الأمطار الغزيرة التي تهطل بلا هوادة، والمياء التي غطّت وجه الأرض بالكامل، وتيارات المياء المتحركة التي تهدم كل شيء، وذلك مع خطر تفشّي الأمراض، وفقدان الغذاء، والماء القابل للشرب، والدواء، والمأوى. ومن المؤلم، أن هذه المناطق من أفقر المناطق في البلد، وأبعد ما تكون من التسهيلات، والبنى التحتية، وكل ذلك يجعل الحياة أكثر صعوبة ومهدّدة بالمخاطر في هذه المناطق.




في كل لحظة تمر، يرتفع عداد الضحايا، والناس بأمس الحاجة إلى أبسط الحاجات الأساسية، وكل لقمة طعام، أو رغيف خبز، أو شربة ماء، أو خيمة، أو قطعة لباس، يمكن أن تنقذ حياة إنسان!
الظروف متأزمة جدا، والدولة أعلنت حالة الطوارئ، والأمور تسير إلى كارثة إنسانية رهيبة؛ لأنه مع حجم الأضرار والتحدي لا تكفي مصادر الدولة ولا قدراتها لمواجهة هذه الأزمة، وكل ذلك يدعو إلى التعاون والتلاحم من الجميع على المستوى الدولي…
ومن السهل أن تمرّ بلا مبالاة على معاناة الآخر، إذا أعرضت عنه الطرف، ولكن إذا نظرت إلى أب خائف على سقف بيته بين نساء وأطفال يلتمس النجدة، أو طفل مذعور غزت الأمواج الجائرة عالم أحلامه، أو أرملة فقدت بيتها المتواضع، تجد أنه لا يمكن ولا يجوز لك أن تمشي معرضا؛ لأن عون المظلوم، وإغاثة الملهوف، ومساعدة المصاب من شيم الإنسان قبل كل انتماء.
وأما الدين فقد قال عمن أنقذ نفسا من الهلاك: (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا)، وجعل إغاثة الملهوف أفضل معروف، ومن كفارات الذنوب العظام، وجعل ترك من يستحق الإطعام من أسباب الخسران في الآخرة: { مَا سَلَكَكُمۡ فِی سَقَرَ (٤٢) قَالُوا۟ لَمۡ نَكُ مِنَ ٱلۡمُصَلِّینَ (٤٣) وَلَمۡ نَكُ نُطۡعِمُ ٱلۡمِسۡكِینَ (٤٤) } [سُورَةُ المُدَّثِّرِ: ٤٢-٤٤].
ملايين من المشردين من الأطفال، والنساء، والعوائل، في أطراف القرى، والمرتفعات التي لم تصلها المياه، والمحصورين في داخل القرى التي غرقت في المياه، ينتظرون من يمدّ إليهم يد العون…!

*أفضل المعروف إغاثة الملهوف*

سجاد حيدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى