أحدث الأخبارالإماراتالخليج الفارسيةالسعودية

بدء الطلاق السعودي والاماراتي

مجلة تحليلات العصر الدولية - د.حكم امهز

لم يكن موقف الامارات في “اوبك بلاس”  الرافض لخطة السعودية الا الشعرة التي قصمت ظهر البعير، بين الطرفين، بعد ان بات من الصعب اخفاء الخلافات الكبيرة بينهما، وظهرت خطط كل منهما واضحة في المنافسة للسيطرة على المنطقة على مختلف المستويات واهمها الاقتصادي والسياسي.

العالم – مقالات وتحليلات

الامارات رفضت خطة اوبك بلاس، لانها تدرك ان السعودية لا تريد لها ان تستمر في دورها المحوري الاقتصادي في المنطقة، وذلك تمهيدا، لتحقيق حلم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في “خطة 2030″ اضافة الى انه اعلن عن انشاء شركة طيران عملاقة لمنافسة شركات الامارات وقطر، والغاء دورها، كي تستفرد الرياض بالتسيد على الدول العربية في المنطقة.

ويبدو ان قرار الامارات بالخروج من تحت العباءة السعودية ليس جديدا، بل قديم جدا، والسعودية كانت تدركه، لكنها، كانت تتجنبه او تتجاهله وتؤجل الرد عليه، عبر علاقة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ونظيره الاماراتي محمد بن زايد، التي استغلها ابن زايد بذكاء، وسخرها لمصلحة بلاده، خصوصا في اليمن، وغدر بن زايد ايضا بصديقه بن سلمان، وانفرد، بالاتكاء على الكيان الصهويني في مواجهة الرياض، رغم ان اتفاقيات التطبيع التي وقعتها ابو ظبي مع الاحتلال، كانت طبخة مشتركة بين بن زايد وبن سلمان.

وتدل خطوات التطبيع المتسارع بين الكيان الصهيوني والامارات، على نوايا الأخيرة في تقويض دور السعودية التي التفتت الى الامر ، منذ فترة، و”فرملت” نوعا مع خطوات تطبيعها مع الكيان الصهيوني.

ويلاحظ ان قرار الطلاق الاماراتي مع السعودية، بدأ بالظهور متدرجا، مع سيطرة الامارات على جنوب اليمن ومنع ميليشيات عبد ربه منصور هادي المحسوبة على السعودية من وضع حتى قدم لها هناك.. والكل يذكر كيف ان وزراء حكومة هادي عندما وصلوا بالطائرة الى مطار عدن، استقبلوا الصواريخ، حيث قتل من قتل وجرح من جرح وفر من فر عبر البحر..

وعلى المفرق الاول، اتخذ بن زايد القرار، واظهره، متدرجا، بدء من الخروج من اتفاق الرياض المتعلق بجنوب اليمن بين حكومة هادي المدعوم سعوديا والمجلس الانتقالي المدعوم اماراتيا، وطرد قوات هادي من الجنوب، ثم عرقلة العودة الى الاتفاق (قبل ايام قليلة) رغم توسط الرياض للحل.

لم تكتف الامارات بذلك بل قامت مقاتلات الامارات بقصف جوي (الاحد) ضد مواقع هادي في محافظة أبين اليمنية.. سبق ذلك ان سيطرت الامارات على جزيرتي سوقطرة وميون وانشأت قواعد عسكرية ومطارات عليهما، بهدف السيطرة على الممرات والمعابر البحرية المائية في باب المندب والبحر الاحمر، وطرد السعودية منها، ولم تبق للمملكة من عدوانها على اليمن الا الصحاري للسيطرة عليها.

بن سلمان المخدوع عن سذاجة او عن غباء او تفكير خاطئ، والذي لم يدرك ما يحيكه له بن زايد، بدأ بردة فعل، تمثلت بوقف الرحلات الجوية مع الامارات، بذريعة الكورونا، مع انه لا مشكلة للامارات مع الكورونا.

ردة فعل، تضع الامر مع الإمارات، امام سيناريو، مشابه للسيناريو الذي حصل مع قطر، لكن بفارق الظروف والتطورات وتغير العلاقات في المنطقة بعد المصالحة التركية القطرية المصرية الاماراتية.

الامر الذي قد يجعل السعودية في عزلة، في حال حاولت تنفيذ هذا السيناريو، خصوصا وان دول مجلس التعاون (المتهالك والمتهاوي)، اصبحت اقدر على مواجهة السعودية “الرجل المتهالك” التي باتت اضعف من اي وقت مضى، بعد هزائمها المتتالية في اليمن وسوريا والعراق ولبنان وغيرها.. ما يعني ان اي ضغوط سعودية ستواجه، ان لم يكن بالرفض، فعلى الاقل بالتجاهل .

ما يعني ان المنطقة ذاهبة نحو متغير في خارطة العلاقات والتحالفات السياسية التي باتت السعودية احوج ما تكون لها. وربما احد مظاهرها، “رسالة” استضافة “قناة العربية” السعودية، خالد مشعل القيادي في حركة حماس “الارهابية” بالنسبة الى السعودية. رسالة مزدوجة الى الامارات والكيان الصهيوني الذي تستقوي به الامارات في المواجهة،
مفاد الرسالة اننا ذاهبون نحو المحور الاخر، ان لم تلتزما بقواعد اللعبة. لذا فمن المتوقع ان تفرج المملكة عن معتقلي حماس خلال الايام المقبلة ان لم تكن هناك رسائل تطمين بالحفاظ على دورها في المنطقة سواء من الولايات المتحدة الامريكية او الكيان الاسرائيلي.

والا فانه لا يتسغربن احد، رؤية السعودية تحسن علاقاتها مع تركيا وقطر والاخوان المسلمين وربما مع ايران، في مواجهة ما تؤسس له الامارات مع الكيان الصهيوني من تحالفات في المنطقة.
وبطبيعة الحال، هذا لا يعني ان السعودية ستتخلى عن العلاقات مع الكيان الصهيوني، لكنها ستراعي في هذا المجال مصالحها.

وتبدو الرسالة واضحة من خلال فرملة الرياض خطوات التطبيع مع كيان الاحتلال في الفترة الاخيرة.

الازمة بين السعودية والامارات تحولت الى معارك على وسائل التواصل الاجتماعي، ومن يدخلها، يجد انها تحولت الى حرب على جبهات مفتوحة بين انصار الطرفين، وتحول الخلافات بينهما الى مادة دسمة للنقاش التحليلـ خصوصا على منصات تطبيق ( clubhouse ) عند من يعتبرون انفسهم نخبا مثقفة. ومن بين العناوين البارزة، “الخلافات السعودية الاماراتية: ابعادها ومآلاتها”.

كذلك عنونت صحيفة فايننشال تايمز بــ”تدهور العلاقات السعودية الامارتية”.

يمكن القول ان السعودية والامارات دخلتا في حرب “تدميرية مفتوحة” فكل منهما، يريد القضاء على دور الاخر في المنطقة، وان الدور السعودي بدأ بالافول، ولم يعد ذاك المؤثر على بعض الدول العربية الي كانت خاضعة له، ولم يعد امام المملكة الا ان تتقبل مرغمة الشراكة مع دول اخرى وتتخلى عن الاحادية، تماما كما ستتقبل حليفتها الولايات المتحدة الامريكية الشراكة مع الصين وروسيا ، وتتخلى عن احادية القطب العالمي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى