أحدث الأخبارالاقتصادشؤون امريكية

بداية افول عصر الدولار (1-4)

د بلال الخليفة

د بلال الخليفة

ان الهيمنة التي تفرضها الولايات المتحدة الامريكية عن طريق الدولار على بعض الدول ، لاعتقادها انها تضعف تلك الدول ويزيد من قوتها وهيمنتها على الاقتصاد العالمي، وخير مثال هو الحصار على ايران وما قامت به من الإفلات من قبضة الدولار وجعلت تعاملها بالعملات الوطنية في تعاملاتها التجارية الخارجية وعلى سبيل المثال ان التعامل منع الصين يكون باليوان ومع اوربا باليورو وهكذا، اما الاحداث الأخيرة فكانت او ستكون مميته للدولار، وخصوصا ان اوربا وامريكا أخرجت روسيا من نظام سويفت والذي عجل بإصدار نظام روسي واستخدام نظام صيني للتعاملات وأخيرا وهو قرار اليوم للرئيس بوتين بجعل التعامل في بيع النفط والغاز بالروبل أي جعل اوربا تشتري عملة الروبل من روسيا ثم تشتري منهم الغاز والنفط الذي لا تستطيع ان تستغني عنه ابدا وكما قال مستشار الألماني ان الغاز الروسي والطاقة الروسية لا نستطيع ان نستغني عنها ابدا.

الجنيه الإسترليني (الباوند)
العملات النقدية تكاد تكون مشابهه الى عمر الحضارات، فهي لها بداية ونهاية ولها عصر ذهبي ولها أيضا افول واندثار، ففي التاريخ الحديث، حيث كانت العملة البريطانية الباوند (ترجع أصول الباوند او الجنيه الإسترليني إلى عام 775 ميلادية) هي العملة العالمية الأولى في التعاملات التجارية وفي تقييم أسعار السلع، تبوأ الجنيه الإسترليني بفضل التفوق الاقتصادي والعسكري البريطاني موقع الصدارة في العلاقات النقدية بين الأمم، ولعب دور العملة المفتاح في المنظومة النقدية الدولية طيلة القرن التاسع عشر. وكانت البلدان قادرة على أداء مقابل وارداتها من السلع مباشرة بالجنيه الإسترليني، كما كانت الهيئات المصرفية لهذه البلدان تنجز عملياتها المالية بإخطار مصارفها في بريطانيا، دون الحاجة إلى نقل الذهب عبر الأراضي والبحار وتحمل الأخطار المرتبطة بذلك.
اما عصر انحدار الجنيه كان في زمن الحرب العالمية الأولى، حيث أدى تمويل المجهود الحربي لبريطانيا إلى تدهور الوضعية المالية الخارجية للدولة، وتفاقم عجز الحساب الجاري في ميزان المدفوعات، كما ارتفع عجز الميزانية بدوره، فاضطرت الحكومة البريطانية إلى مضاعفة إصدارات السندات لتمويل العجز، وبعدها ازداد معدل التضخم، مما جعل تثبيت سعر صرف الجنيه الإسترليني لفترة ما قبل الحرب أمرا غير ممكن، فتراجعت قيمته وقدرته الشرائية. ومما ساعد في افول الجنيه أيضا هو ظهور اقتصاد ناشئ وجديد وقوي وهو الاقتصاد الأمريكي والذي أقرض البريطانيين أموال كبيرة بالإضافة الى تداعيات أزمة 1929 والكساد الكبير الذي أعقبها.
حاولت بريطانيا تقليل من الازمة الاقتصادية التي عانتها جراء الحرب العالمية الأولى، ومن أجل مواجهة هذا الوضع والخروج من الأزمة، رأت الحكومة أن من اللازم منحها هامش حركة بخصوص تدبير سياستها النقدية، فقدمت قانونا لتعديل معيار الذهب. تبنى مجلس العموم البريطاني هذا القانون في 21 سبتمبر/أيلول 1931، وأنهى بذلك قابلية تحويل الجنيه الإسترليني إلى ذهب.

الدولار الأمريكي
بعد الحرب العالمية الثانية، حيث كانت كلفة الحرب باهضه جدا على اوربا، وكانت معظم تجهيزاتهم من الطاقة أي البترول في تسيير سفنهم الحربية هي من أمريكا، وكما ان أمريكا أعطت اوربا 18 مليار دولار في مشروع سمي بمشروع مارشال لإعمار اوربا، ونتيجة لتراجع قيمة العملة البريطانية الجنيه بشكل سريع، وصل لمعدل 30%.
نتيجة لتلك الظروف التي أحاطت باوربا، استغلت أمريكا الوضع واجتمعت بممثلون عن 44 دولة من دول العالم -بينهم جون مينارد كينز ممثلا عن بريطانيا- في مدينة بريتون وودز الأميركية، لبحث مستقبل العلاقات الاقتصادية الدولية بعد الحرب. وانتهى اللقاء بالتوقيع على”اتفاقية بريتون وودز” التي جعلت الدولار الأميركي العملة المفتاح الجديدة للمنظومة النقدية الدولية، وأنهت بذلك عقودا من هيمنة الجنيه الإسترليني.
حدث للدولار ما حدث للجنيه الإسترليني حينما قررت بريطانيا عام 1931 حينما قدمت قانون تغيير معايرته بالذهب وبالتالي قل الاقبال عليه، ففي عام 1971، قام الرئيس الأمريكي نيكسون بإلغاء التحويل الدولي المباشر من الدولار الأمريكي إلى الذهب، والتي سميت بنكسه نيكسون.
اما الان وبعد كل عملية تقوم بها أمريكا ضد دولة بالعالم من حصار اقتصادي مستخدمة بذلك قوتها المالية وسلطة الدولار الأمريكي الذي تمتلكه وتتحكم فيه، بالحقيقة انه يعجل من افول عصر الدولار وبزوغ عصر عملة جديدة، وما قرار الرئيس بوتين بجعل التعامل في مجال النفط والغاز بالوبل الروسي هو ضربة موجعه وكبيرة للدولار وتكاد ان تكون الازمة الأوكرانية بداية لنهاية عصر الدولار الأمريكا

بداية افول عصر الدولار (2)

تكلمنا في المقال السابق بزوغ عصر الجنيه الإسترليني (الباوند) وأفوله ومن ثم عرجنا على بداية التعامل وصعود ثم هيمنة الدولار الأمريكي على العالم والى الآن، لكن وكما بينا سابقا إن الفترة الحالية هي بداية لأفول أو تقلص دور الدولار في التعاملات العالمية وخصوصا بعد الأزمة الأوكرانية. وفي هذا المقال سنبين كيف إن الدولار بدا بالتناقص في التعاملات التجارية وبداية ظهور عملات أخرى قد تكون منافسة للدولار.

​ ​ ظهور عملات أخرى في التعاملات النفطية

يعتبر النفط سلعة استراتيجية لا غنى عنها لأي دولة، فعلى الرغم من التطور السريع لمساهمة الطاقة المتجددة، لا يزال النفط يحتل موقعًا مهيمنًا عالميا بين مصادر الطاقة المستخدمة حاليا. لكن سوقه تشهد هيمنة خالصة للدولار الأمريكي منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وتبني نظام بريتون وودز، وهذا جعل الدولار الأمريكي مهيمن على السوق العالمي، هذه الهيمنة أكسبت أمريكا سيطرة تامة على مصير أهم مصدر للطاقة الضرورية لأي نشاط صناعي واقتصادي وبالذات على السوق الصيني.

أ – الصين

الصين احست بهذا الخطر، فتحت لها بورصة عالمية تتعامل بالبترو ايوان بدل من البترو دولار وهذا في مارس عام 2018، حيث ان هناك خمسة عوامل قد تشكل دعما لنجاحها وهي:

أولا: قد تشكل مخرجا للدول التي عانت طويلاً من الحصار الأمريكي كروسيا وإيران وكوريا الشمالية، حيث ان روسيا ومنذ 2015 تعقد صفقاتها النفطية مع الصين باليوان، وفنزويلا التي أعلنت في سبتمبر 2017 أنها ستبيع نفطها بعملات غير الدولار، بالإضافة إلى إيران التي هددت أكثر من مرة بوقف التعامل بالدولار، وغيرهم من الدول المناوئة لأمريكا.

ثانيا: تتيح فرصة للدول المصدرة للنفط للتقليل من مخاطر الاعتماد الكامل على نظام البترو- دولار خاصة دول مجلس التعاون الخليجي، التي ترتبط مع الصين بعلاقات تجارية، واقتصادية، واستثمارية كبيرة، حيث أشار تقرير صدر مؤخرا عن البنك التجاري والصناعي الصيني إلى أن حجم التبادل التجاري الصيني الخليجي تضاعف 600 في المئة خلال العشرة سنوات الأخيرة، كما أشار إلى أن حجم الاستثمارات الصينية في الشرق الأوسط قد بلغ حوالي 160 مليار دولار؛ وهذا ما قد يدفع الدول الخليجية إلى تحويل جزء من تجارتها النفطية إلى اليوان الصيني حفاظا على حصتها، ومصالحها التجارية، وعلاقاتها مع التنين الصيني.

ثالثا: قد تشكل هذ البورصة جاذبية عالية للدول الآسيوية التي طالما تطلعت إلى سوق آسيوي للنفط قريب منها، ولا يتأثر بالعوامل المحلية الأمريكية. الدول الآسيوية التي نسبة اعتمادها على النفط المستورد عالية جدا، حيث تصل 100 في المئة بالنسبة لكوريا، واليابان، وحوالي 80 في المئة بالنسبة للهند، و67 في المئة للصين.

​ رابعا: قد تساهم هذه البورصة في تعزيز عالمية العملة الصينية اليوان، وتسريع تنويع العملات المتداولة في عمليات التسوية للتجارة العالمية، بما في ذلك زيادة تنويع الاحتياطيات العالمية من العملة الصينية.

​ خامسا: قد تشكل هذه البورصة دعما لدول بريكس، ودول من الاتحاد الأوروبي التي تسعى إلى التخلص من هيمنة الدولار الأمريكي على التجارة العالمية، وانشاء نظام نقدي جديد في العالم لا يعتمد على الدولار وحده.

سادسا: الحرب الأوكرانية عجلت وبشكل كبير الاعتماد على البترو-ايوان وخصوصا اخراج روسيا نظام سويفت للتحويلات المالية العالمي، مما أدى الى اعتماد نظام مالي ومصرفي ثاني.

سابعا: ان الصين وروسيا وإيران وكوريا وكثير من دول اسيا لديها حلف مشترك وهو حلف (مؤتمر شانغهاي) وهو حلف سياسي اقتصادي وعسكري، وبالتالي ان الأرضية مهيئة تماما.

ثامنا: ان الروس ومنذ مجيء بوتين يسعون الى احيا الاتحاد الروسي وعودة القطب الثاني للعالم وبمساعدة الصين التنين الذي سيكتسح العالم اجمع، وبالتالي ان الفرصة مواتية جدا لدول اسيا.

تاسعا: ان الصين قد خطت خطوة بهذا المجال وانشات بنك للتعامل بالبتروايوان بدل البترو-دولار وهي اهم خطوة بهذا المجال.

عاشرا: وكما أسست أيضا البنك الاسيوي للاستثمار بالبنى التحتية والمعني بطريق الحرير وهو موازي لعمل البنك الدولي.

بداية افول عصر الدولار (3)

تكلمنا في المقالين السابقين عن أفول عصر الدولار وبزوغ عصر عملات أخرى وكما بينا سابقا الخطوات التي اتخذتها الصين في هذا المجال من اعتماد عملتها في بعض التعاملات التجارية وكما أسست أيضا بورصة شانغهاي النفطية التي تتعامل بالبترو-يوان، والان جاء الدور لاكمال استعراض الدول الأخرى التي انتهجت نفس النهج بعدم التعامل بالدولار الأمريكي.
ب – ايران
بعد نجاح الثورة في إيران، في إسقاط نظام الشاه، استبدلت إيران الوحدة الحسابية المعمول ﺑﻬا (الدولار) بالمارك الألماني لتقييم صادراﺗﻬا (قبل ظهور اليورو)، وهو ما أثار مشاكل مع البنوك. ففي عام 2007، صرح نائب رئيس الشركة الوطنية الإيرانية للنفط أن 65% من النفط يباع باليورو و20% بالين، بينما يباع 15% فقط بالدولار. وهي خطوة متقدمة جدا في مجال إيجاد بديل عن التعامل بالدولار.
مثلما قلنا سابقا في ان الصين أسست بورصة وبنك شانغهاي تتعامل باليوان بدل الدولار وهذه كانت فسحة للجانب الإيراني في ان يتحرر من القبضة الامريكية وقبضة الدولار فاستطاعت إيران ان تبيع النفط في بورصات لا سلطة أميركية عليها، ولا تتعامل بالدولار مثل بورصة شنغهاي الصينية التي تتعامل باليوان.
في اتفاق المجموعة الدولية (5 +1) اتفاقية رفع الحظر عن إيران، شركة النفط الوطنية الإيرانية، طلبت في عقود مبيعاتها الأوروبية التي صيغت بعد رفع الحظر، على أساس أن تسلم قيمة النفط المباع باليورو وليس بالدولار. كما إن إيران طلبت أيضا ان يتم تسلم أموال النفط التي كانت محتجزة في البنوك الأجنبية باليورو وليس بالدولار.
وكان مندوب طهران لدى منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) قد قدم طلباً بالتخلي عن الدولار في بيع نفط دول المنظمة في العام 2007.
وخلاصة الموقف الإيراني هو ان لها السبق في المضي تأسيس التعاملات النفطية والتجارية خارج العملة الأمريكية والتعامل باليوان الصيني او اليورو الأوربي وحتى الدرهم الاماراتي.

ج – روسيا
في عام 2016، اقترح الرئيس التركي على الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين الابتعاد عن عملة الدولار في التجارة بين روسيا وتركيا، واعتماد إما الليرة التركية أو الروبل الروسي في الحسابات التجارية بين البلدين. للعلم ان حجم التبادل التجاري بين البلدين هو 30 مليار دولار والطرفين يأملان ان يصل حجم التبادل الى 100 مليار دولار.
اما في عام 2018، قرر الصين وروسيا ان يكون التبادل بينهما هو بدون العملة الامريكية أي بغير الدولار والاعتماد على العملات الوطنية، حيث ان موسكو وبكين تعتزمان استخدام الروبل الروسي واليوان الصيني في عقود كانت قد أبرمت بينهما بالدولار.
وتجاوز التبادل التجاري بين روسيا والصين لعام 2017 مستوى الـ 100 مليار دولار، منها 56 مليار دولار هي صادرات روسيا إلى الصين، مقابل واردات بقيمة 52 مليار دولار. وتربط موسكو وبكين علاقات تجارية واقتصادية وثيقة، ويسعى البلدان للارتقاء بالتجارة بينهما لتصل إلى مستوى 200 مليار دولار سنويا في الأعوام القادمة.
اما هذه الأيام وفي خضم العقوبات الغربية والمتحالفين معهم بفرض عقوبات على روسيا ومنعها من التعامل ببرنامج سويفت للتعاملات المالية ، هي عجلت ما كان يسعى اليه الشرق بإيجاد عملات بديلة عن الدولار و طلاق الدولار الأمريكي طلاق بالثلاث لا رجعة فيه، حيث إن تنسيقًا مُكثّفًا يجري حاليًّا بين الصين وروسيا ودول مُنظّمة شنغهاي، وهذا اشرنا اليه سابقا، والاتحاد الاقتصادي الأوراسي للتخلّي بشَكلٍ مُتسارع عن الدّولار في التعاملات الماليّة والتجاريّة، مُضافًا إلى ذلك تأكيد القيادة الصينيّة بأنها لن تدعم العُقوبات الغربيّة ضدّ موسكو، وهي تؤكد بانها ستظل شريكة قويّة لها (لموسكو) في المُعاملات التجاريّة، بل ستعمل على زيادة حجم التّبادل التجاري بين البلدين، خاصَّةً في مجالات الطّاقة والتكنولوجيا، ومن المعروف أن الصين أكبر مُستهلك للطّاقة في العالم ويُمكن أن تستوعب أسواقها غالبيّة إنتاج روسيا من الغاز والنفط.
الليلة الماضية وفي يوم 23/3/2022، قرر الرئيس الروسي اعتماد العملة الروسية الروبل بدل الدولار في بيع الغاز للدول الصديقو واوربا وبهذا يكون بداية النهاية للدولار.

د – السعودية ودول الخليج
بعض المؤشرات التي ظهرت مؤخرا ومنها ما نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية في هذا الشهر أي مارس اذار، حيث أشارت إلى أن السعودية تجري محادثات مع الصين لتسعير مبيعاتها النفطية إلى بكين باليوان الصيني بدلا من الدولار، في خطوة من شأنها أن تقلل من هيمنة الدولار على سوق البترول العالمي، بحسب مصادر الصحيفة.
للعلم ان ربع الصادرات النفطية السعودية تذهب الى الصين وبنحو 1.750 مليون برميل يوميا في حين ان صادراتها الى الولايات المتحدة اقل من نصف مليون برميل بعد ان كانت في عقد التسعينات مليوني برميل يوميا، وإذا تم تسعير النفط السعودي المصدر الى الصين باليوان، فإن هذه المبيعات ستعزز مكانة العملة الصينية”.

 

بداية افول عصر الدولار (4)

المقال الحالي سيختلف عن المقالات السابقة فسيكون التركيز على قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في استخدام الروبل في عمليات بيع الغاز والنفط لاوربا والدول الأخرى. ومما يبين إصراره على هذا القرار هو إن بوتين منح المصرف المركزي الروسي مهلة أسبوع لتطبيق تلك التغييرات وإيجاد طريقة لتحويل تلك الدفعات بعيداً عن العملات الأخرى.

كما أرسل رسالة فيها دبلوماسية إلى الاتحاد الأوربي حينما قال بأن “روسيا ستواصل تزويد الغاز بالكميات المثبتة في العقود السابقة”.

وهنا يمكن انطرح عدة أسئلة عن تداعيات القرار الروسي، ومن اهم تلك القرارات

1 – تداعيات القرار على اوربا؟

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «إذا لم يرغب أحد ما بشراء الغاز بالروبل فلديه فرصة للحصول عليه من أماكن أخرى وبأسعار أخرى». وكما صرحت المانيا وفي أكثر من مره أنها لا تستطيع إن تستغني عن الغاز الروسي، هذا يعني أن الرئيس بوتين قد مسك المانيا واوربا من المكان الذي يؤلمهم والذي لا يمكن أن يستغنوا عنه ولذلك هم مجبرين بالتالي على العمل وفق أسلوب حدده الرئيس الروسي.

حيث ا ن اوربا الآن بين خيارين في مجال الغاز،

الخيار الأول هو إن لا تتعامل مع روسيا وان تستورد الغاز من قطر أو غيرها ووضحنا ذلك في مقال سابق وبالأرقام إن الغاز القطري غير كافي وان الغاز القطري يصل إليهم بشكل سائل (LNG) وسيكون بأربع أضعاف السعر الواصل اليهم من روسيا عن طريق الأنابيب. وبالتالي سيكون خيار كارثي وغير قابل للتطبيق لعدم كفاية الغاز القطري أو غيره.

الخيار الثاني: هو ان تستمر بشراء الغاز من روسيا وبالطريقة التي رسمها بوتين أي بالعملة الروسية لكن هنالك احتمالين في هذا المجال، وهما:

الاحتمال الأول: التعامل المباشر: أن تشتري العملة الروسية الروبل من البنك المركزي الروسي وبصورة مباشرة وهنا الأمر ليس بالسهل بسبب العقوبات التي فرضت على التعامل المالي وكذلك وجود صعوبة أخرى وهي إن البنوك الأوربية تستخدم نظام سويفت المالي المصرفي وان روسيا استبعدت من هذا النظام ” فكيف يكون التعامل:

أ – يتم استثناء التعاملات التي تختص بشراء الغاز من العقوبات

ب – إن يتم التعامل بالنقد (الكاش) وهذا صعب جدا ومستبعد.

ج – التعامل من خلال وسيط، أي بنوك وسيطة، وهنا أيضا يجب عدم فرض عقوبات على تلك البنوك الوسيطة من العقوبات لأنها تتعامل مع بنوك روسية.

د –

الاحتمال الثاني: التعامل الغير مباشر: هو التعامل الغير مباشر مع روسيا عن طريق دولة وسيطة كالصين وعن طريق لان التحويلات المالية ونظام سويفت لا زال في العمل مع الصين رغم أنها تمتلك نظام خاص فيها لكن التعامل مع بقية العالم يكون أما بنظام سويفت أو نظامها المالي، وبعد ذلك يتم التحويل المالي إلى روسيا، أكيد إن هذه العملية تكلف مالا إضافيا وهي التحميلات الإدارية والمصرفية.

2 -تداعيات القرار على روسيا:

القرار الأخير للرئيس الروسي لا يخلو من مجازفة رغم إن المعطيات الحالية تؤكد نجاح قراره لان اوربا لا يمكن ان تستغني عن الغاز الروسي، للقرار إيجابيات وسلبيات، وهي كالاتي:

السلبيات:

​ 1 – من الممكن إن يقلل الإيرادات المتحققة من بيع الغاز لصعوبة تحقيق ذلك الأمر في التحويلات المالية المعقدة التي يجب المرور فيها لتجاوز العقوبات الأوربية الأمريكية على روسيا،

2 – ان جميع العملات بالعالم عدا الدولار هو مغطى بالذهب أي إن العملة والنقد محدد بما يملكه من ذهب وبالتالي ان خروج العملة الروسية الروبل خارج الحدود الروسية، من الممكن أن تتسبب بقلة السيولة داخل روسيا.

​ الإيجابيات:

1 – ان القرار سيرفع من قيمة الروبل الروسي

2 – سيشجع ظهور أنظمة مالية موازية لنظام سويفت بالعالم

3 – سيعطي القرار مركزية وسلطة لروسيا في الاقتصاد العالمي

4 – ان القرار سيدخل الصين في المعترك الاقتصادي العالمي بصورة اكبر وخصوصا أنها متهيئة لذلك.

5 – سيعجل بظهور قطب أخر عالمي مقابل القطب الأوحد الأمريكي.

الخلاصة

1 – ان الحرب الأوكرانية تزداد ضراوة يوم بعد يوم وخصوصا إن بولندا ستدخل في أتون الحرب عما قليل.

2 – ان الصين لن تستمر بالموقف الحيادي وخصوصا انها في حلف مع روسيا في مؤتمر شانغهاي وان اقتصادها سينتفع من ذلك لان الأنظار تتوجه لها في وضعها كوسيط للتعاملات المالية بينها وبين الروس

3 – بدا العالم يعي وجود قطب اقتصادي اخر في بداية ظهورة ودليل ذلك هو توجه بعض الدول الى التعامل بالين أيضا وخير دليل هي السعودية.

4 – زيادة الضغوط الاقتصادية والحربية تعجل ظهور نظام مالي جديد بالعالم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى