أحدث الأخبارالعراقمحور المقاومة

بعد اتفاق “سنجار” ..لماذا يرفض اهالي القضاء عودة البيشمركة؟

مجلة تحليلات العصر - محمود الهاشمي

ليس بطراً ان الايزيديين الذين يشكلون 80% من سكان سنجار يرفضون سيطرة حزب “البارتي” بقيادة مسعود الى القضاء لكن تاريخاً من الخيانة بحقهم قد مارسه هذا الحزب وقائده، حيث ومهما اطلنا الحديث بشأن ما حل بالايزيديين اثناء دخول الدواعش عام 2014 الى القضاء عبر الاراضي السورية لايمكن الاشتمال على تلك الجرائم والانتهاكات بحقهم، فما زال الى الان هنالك الالاف من الايزيديين مغيبين ومازالت النساء اسارى بيد الارهابيين في سوريا، ومازال اهالي النساء يدفعون قوت يومهم لشراء نسائهم!!.
الايزيديون يحملون قوات البشمركة التابعة للحزب البارتي المسؤولية لانهم هم من كان يحمي القضاء رغم انه تابع للسلطة الاتحادية، وهم من غادر المكان سريعاً لترك الدواعش يستبيحون الارض والعرض والمال والارواح!!.
هذه الذاكرة يحفظها “الايزيديون” عن “ظهر قلب” ويحددون اعداءهم بشكل دقيق “الاكراد، الدواعش، تركيا”، ويقولون “الشيعة هم فقط من نصرنا وهم مظلومون مثلنا من قبل الارهاب”.
هذه المعادلة افرزها الواقع الى درجة انهم يتذكرون حادثة “1414” عندما هاجم مجموعة من الاكراد المتطرفين قبر “عدي بن مسافر” الاب الروحي لهم، وهدموه كما يتذكرون كل تاريخ الاكراد وقسوتهم، اما اصدقاء الايزيديين وفق احاديثهم فهم “الشيعة الذين ساعدوهم في تحرير القضاء وتشكيل قوات حماية المدينة “اليبشة” وتعدادهم “3000” مقاتل انضموا الى الحشد الشعبي، وكذلك حزب العمال الكوردستاني “البككة” الذي ساعدهم بالسلاح والتدريب وقاتل معهم للدفاع عن المنطقة بالاضافة الى احزاب كردية سورية قريبة من توجهات حزب العمال الكوردستاني، اما احزاب السليمانية فهي غير راضية عن توسع نفوذ مسعود.
خلال تواجد الحشد الشعبي في سنجار وسهل نينوى ترسخت العلاقة والتفاهمات واستطاع الحشد ان يساعد الشخصيات الايزيدية في ادارة القضاء رغم ان القائم مقام من الديمقراطي الكوردستاني …
الدمار الذي طال قضاء سنجار وتسبب بهجرة “350” الف ايزيدي ليس من قبل الارهابيين فقط، وانما من اصرار الامريكان على المشاركة في التحرير باستخدام الطيران الذي حول المدينة الى خراب، وهذا ما حدث في مركز محافظة الانبار “الرمادي ” ايضاً.
لم ينشغل احد باعمار القضاء رغم ان مناطق قريبة قد شملتهم الخدمات، وهذا ما جعل النازحين يفضلون العيش بالمخيمات بدلاً من العودة.
المخطط الامريكي الجديد يقضي بان تكون تركيا راعية لمصالح امريكا في الشرق الاوسط وصولاً الى اواسط اسيا، لذا ترى تواجداً للقوات التركيا في قطر والعراق وسوريا والبحر المتوسط وليبيا وصولاً الى اذربيجان وان التواجد الكثيف غير المسبوق على هذه المساحة للقوات التركية على الاراضي العراقية يقع على هذا المخطط في بعده الاستراتيجي وان واحدة من مفردات هذا التواجد في العراق يقضي بالسيطرة على مناطق حدودية تربط العراق وسوريا لادارة الملف السياسي والامني ومنع التواصل بين البلدين.
الحزب الديمقراطي الكردستاني غالبا ما يتماهى مع المشروع التركي فقد سبق لاردوغان ان استصحب مسعود في زيارة واسعة في المناطق الكردية في تركيا ومنها دياربكر، وتسويقه على انه الزعيم القومي للاكراد نكاية ب”عبد الله اوجلان” زعيم حزب العمال الكردستاني في تركيا و مؤسسه ، وقد اصدر الب(كاكا)بيانا شجبوا الزيارة، لذا فان تسييد مسعود على منطقة سنجار يمثل ابقاء المنطقة ضمن الهيمنة التركية.
تركيا تعتبر ان تنظيم “بي. كاكا” دخل محافظة نينوى وقضاء سنجار بشكل خاص تحت مسمى وحدات حماية سنجار، و ترى في سيطرة الـ”بي كاكا” على سنجار و مخمور موقعاً خلفياً وعمقاً استراتيجياً له قد يتمدد الى فاعلية اكبر داخل سوريا والعراق، خاصة وان الاكراد عموماً يتعاطفون مع مشروعه القومي بما في ذلك اكراد السليمانية باعتبار ان معظم احزاب السليمانية “يسارية” وخاصة الاتحاد الوطني والتغيير..
الاتفاق الاخير بين الكاظمي والديمقراطي الكردستاني والامم المتحدة و برعاية امريكية تركية يقضي بصناعة قوى امنية جديدة يبلغ تعدادها (2500) رجل امن (1000) من اهالي سنجار المتواجدين بالقضاء و(1500) من النازحين في المخيمات وهذا يعني ان (3000) مقاتل من قوات حماية سنجار التي تشكلت وحمت القضاء خلال الفترة السابقة وتم ضمها الى الحشد الشعبي، سوف تخضع لتقييم جديد وفقا للاتفاق ومثلما تم ابعاد الحشد الشعبي، -كما ينص الاتفاق- سيتم اقصاء هؤلاء وستتم عمليات الاقصاء وفقا لتقييم الحزب الديمقراطي الكردستاني لان نص الاتفاق يقول “بالتنسيق مع حكومة الاقليم”.
وفقا للاتفاق الاخير بشان سنجار، فان القضاء تحولت ادارته الى الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي سوف يعمل على تحويله الى منطقه نفوذ من خلال شراء الذمم والقسوة المفرطة على الخصوم، خاصة وان الايزيديين لا ناصر لهم فيما تعهدت امريكا للكاظمي مقابل ذلك بان الديمقراطي سيدعم موقفه بعد الانتخابات في تشكيل كتلة برلمانية كبيرة،واوعدته تركيا بان يبيعوا له النفط المسروق،من اراضي سهل نينوى!
لا شك وكما هو معتاد فان الامريكان عندما يريدون ان ينفذوا مخططاً يتم سبقه بحدث لاثارة الراي العام، فمثلا يتم تفجير موكب الحريري لغرض اخراج سوريا من لبنان، و يتم اطلاق صواريخ باتجاه مطار اربيل لغرض اخراج الحشد الشعبي من سهل نينوى بعد توجيه التهمة له!!.
الايزيديون ديانة قديمة تعود الى ما قبل الميلاد تاثرت في الديانات السماوية، الاسلام، والمسيحية، والصابئة، وغيرها وسنجار وشيخان ومخمور موطنهم منذ النشاة الاولى لهم، اما انهم ينتمون الى “يزيد بن معاوية” فهذه طرفة لا يتقبلها الايزيديون قط، وربما رضوا بها لفتره الحكم الاموي كغطاء للتخلص من طرف نظام الحكم وهم فئة مغلقة مقسمة دينيا وطبقيا.
ويمثل شيخهم الاب الروحي لهم، و مستعدون للتضحية من اجل اي قرار يتخذه، والامر الحالي للطائف بعموم العالم هو “نايف بن داود” الذي اصدر بيانا شجب فيه لاتفاق واعتبره “خيانة” للطائفة والمنطقة عموماً كونه لم يشرك الايزيديين في المشاورات والاتفاقات وتلته بيانات شجب واستنكار من منظمات المجتمع المدني للطائفة ومن النواب والمسؤولين الاداريين، بالاضافة الى التظاهرات التي خرجت عقب اتفاق “الجمعة” وغطت شوارع القضاء..
وفقاً لهذا فان المبعدين من ايزيديين وحشد شعبي وتركمان ومسيح وشبك، وحزب العمال الكردستاني والعرب الذين ذاقوا ويلات “البيشمركة” وانصار احزاب “السليمانية” سوف يواجهون “الاتفاق” بما يملكون من ادوات التاثير، لندخل في صراع لانهاية له، خاصة وان مصطلح التطبيع الذي ورد بالاتفاق اصبح مدعاة للنكتة في اوساط الايزيديين وهم يضعون محله “الخيانة”..
باختصار فان الاتفاق فيه تجاوز قانوني كما يؤكد د.مصدق (الاتفاق انتهاك دستوري في وضح النهار، اذ انه يخالف احكام المادتين ١٤٠ و ١٤٢ من دستور جمهورية العراق لسنة ٢٠٠٥، كما انه بالعودة الى المادتين ٥٣ و٥٨ من قانون ادارة الدولة العراقية الملغى نجد انها لم تجعل قضاء سنجار ضمن الحدود الجغرافية لإقليم كردستان الا بعد اجراء التطبيع والإحصاء والاستفتاء.
لذا فان رئيس مجلس الوزراء قد تصرف خلاف العديد من النصوص الدستورية وهو الامر الذي يتوجب معه اقرار بطلان هذا الاتفاق بالاستناد الى المادة ١٣/ ثانيا من الدستور التي تقرر بطلان اَي نص او حكم يتعارض مع نصوص هذا الدستور . وفيه “اكراه” وتجاوز على “المعادلة” الاجتماعية والسياسية والجغرافية في المنطقة، وفيه توسع للنفوذ التركي بالعراق على حساب سيادة بلدنا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى