Uncategorized

بعد عامين من إستشهاد سليماني والمهندس: أمريكا تدفع الثمن

مجلة تحليلات العصر الدولية - د. أحمد الزين

يصادف في الثالث من كانون الثاني/ يناير الذكرى السنوية الثانية لإستشهاد قادة النصر الشهيدين قاسم سليماني وابو مهدي المهندس. وبعد عامين على إغتيالهما ظلما وعدوانا تتكشف حقائق ومعلومات وأسرار جديدة، تركت عواقب وتداعيات وآثارا خطيرة على المخططين والمنفذين من قبل قادة امريكا وربيبتها “إسرائيل”.
فبعد الاعلان الواضح والصريح للرئيس الامريكي السابق ترامب بإعطاء الضوء الاخضر لاغتيال الشهيدين، وما أصابه حينها من حالات الزهو ونشوة الكبر والغرور والتباهي بتحقيق إنجاز أمني كبير لللوبي الصهيوني، وإدعاءاته الواهية بازالة خطرهما على أمن “إسرائيل” وان العالم اصبح اكثر أمنا، ها هو المجرم ترامب يظهر من جديد وهو يعترف بالخطأ الجسيم الذي أرتكبه، لما يلاحقه من تبعات ولعنات، وما يعانيه من ثقل جريمة العصر، وفداحة عمله الاجرامي، وخيبة امله من “إسرائيل” ومن شريكه المجرم نتنياهو رئيس الوزراء الصهيوني السابق، المحرض والمستفيد الاول على تنفيذ جريمة العصر باغتيال قادة النصر.
فقد أعترف ترامب أمام العالم بانه تمّ إستغلاله وإستغبائه في لقائه مع الصحفي الإسرائيلي باراك رافيد، الذي نشر اللقاء في موقع “أكسيوس” الامريكي قائلا: “ان نتنياهو أراد أن يحارب إيران حتى آخر جندي أمريكي”، مما يكشف عن مدى تورط وإنخداع امريكا بالمكر والحيل الاسرائيلية، وهذا دليل بيّن على العجز الأمريكي، ومدى الاهانة والمذلة وحالة الإنكسار التي تعرضت لها هيبتها بعد القصف الايراني بالصواريح الثقيلة على قاعدة عين الاسد الامريكية في غرب بغداد، ردا إنتقاميا أوليا على الجريمة الإرهابية الغادرة، وآيذانا بعدم الاعتراف بشرعية تواجد قواتها العسكرية في المنطقة، لإنتهاكها الصارخ لحقوق الإنسان والمواثيق الاممية والقواعد الدبلوماسية والقيم الإنسانية.
هذه الاعترافات لترامب تكشف على مدى حماقته وغبائه السياسي، وهو إدانة له ولإدارته التي تقف وراء الهجوم الذي يتسم بالوحشية والعدوانية والإجرام، ومما يدلل على عقلية الغطرسة والاستبداد والتفكير الساذج لراعاة السياسة الامريكية في عهد ترامب، والذي كاد ان يؤدي الى حرب مدمرة في منطقة الشرق الاوسط. وهذا العمل الإرهابي الجبان غير المبرر ترك آثارا سلبية على علاقات الدول والشعوب فيما بينها، وكاد ان يهدد الامن والسلام العالمين. وقد تبع ذلك تداعيات سياسية أدى الى نشوب توتر وخلاف حاد بين ترامب ونتنياهو، وكشف أسرارا خطيرة حين أتهم ترامب نتنياهو بقلة الوفاء وشتمه بعبارة نابية، وقال أنه “لا يريد حقًا السلام مع الفلسطينيين وكان يستخدمه في مواجهة إيران”، حسب ما نقله الاسرائيلي رافيد. ومن عواقب هذه الجريمة النكراء خسارة ترامب الانتخابات وخسارة نتنياهو فرصة تشكيل الحكومة الإسرائيلية، وإبعادهما عن السلطة والمشهد السياسي.
وقد تتداعى هذا الامر على تدهور العلاقات بين الرئيس الامريكي جو بايدن وبين رئيس الوزراء الصهيوني نفتالي بينيت، وظهر ذلك جليا في مواقفهما المتناقضة وما أستتبعه من تضارب وتصدع في سياساتهما الرعناء. فقد نشرت صحيفة أمريكية معلومات عن “خلاف متصاعد” بين واشنطن وتل أبيب. كما ذكرت القناة 13 العبرية، الثلاثاء في 21-12-2021، بأن الرئيس بايدن يرفض الرد على أتصالات بينيت تتعلق بالشأن الإيراني ومحاذثات فيينا، منذ 3 أسابيع.
أن اغتيال الشهيدين سليماني والمهندس لم يكن مبرراً قانوناً وينتهك الميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وان استهدافهما يشكلان جريمة قتل تعسّفي تتحمل الولايات المتحدة مسؤوليتها بموجب قانون حقوق الإنسان الدولي، حسب ما جاء في التقرير التي قدمته أنييس كالامار، المقررة الأممية الخاصة المعنية بالإعدامات خارج نطاق القضاء، إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. كما تتحمل امريكا العواقب والتداعيات والنتائج المستجدة من مغبة استمرار الاحتلال الامريكي للمنطقة وسياسات الغطرسة والهيمنة والنهب لثرواتها.
وقد وضعت إيران استراتيجية ثابتة لتوجيه صفعات قاسية للرد على إغتيال الشهيدين، واستمرار الانتفام تبدأ بمعاقبة المتورطين في هذه الجريمة النكراء، من خلال إقامة محكمة لتقديم الادلة والمعلومات التي يمكن من خلالها استجواب مسؤولين أميركيين سابقين في الساحة الدولية، ورفع لائحة اتهام ضد المتهمين في هذه القضية لمعاقبة المجرمين. وتحضر إيران بتوجيه الصفعة الاقوى لامريكا بوضع جميع القواعد والمصالح الأميركية في المنطقة تحت المجهر لتصبح هدفا مشروعا حتى طرد آخر جندي أمريكي من منطقة غرب آسيا. وأول الغيث بدأ فعلا بالانسحاب الامريكي المذل من أفغانستان، كمؤشر للهزيمة الاميركية وللحد من التكاليف والخسائر المترتبة، مما يشكل حافزاً قوياً لتوحيد الجهود وتعزيز الامكانيات لإرغامها بالخروج أيضا من العراق وسوريا واليمن صاغرة.
ويترافق مع ذلك الهدف الاستراتيجي تكثيف ألاستعدادات والتجهيزات والتدريبات والمناورات لتعزيز قوة الردع والثبات والاقتدار لمحور المقاومة ضد العدو الصهيوني، الأمر الذي لا بد منه في نهاية المطاف لخوض المواجهة الكبرى، سعيا لتحرير كامل تراب فلسطين والقدس الشريف وإخراج أخر جندي إسرائيلي من المنطقة.
وبهذا السيناريو التحريري يكتمل الإنتقام لدماء الشهيدين سليماني والمهندس، ولدماء جميع الشهداء، وتتحقق العزّة والكرامة والنصر والانتصار لعذابات الاسرى واليتامى والثكالى..
وأن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم.. وما النصر إلا من عند الله..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى