أحدث الأخبارالعراقايرانمحور المقاومة

بعد فشل (الإصلاحيين) في العراق وإيران الثقة بالمقاومة قد يكون هو الحل

مجلة تحليلات العصر الدولية - سلام عادل

منذ أن قرر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر قيادة التيار الإصلاحي في العراق، وذلك أثناء حكومة العبادي إبتداءً من عام 2015، والأمور تزداد سوءً عاماً بعد آخر في هذا البلد العريق والغني بالثروات والموارد الطبيعية، وكان الصدر قبلها محركاً أساسياً للمقاومة العراقية ضد الاحتلال العسكري الامريكي، لكنه قرر أن يكون طرفاً أساسياً وراعياً للحراك السياسي الذي انبثق على شكل موجة احتجاجات شعبية تطالب بالإصلاحات الاقتصادية والسياسية، وكان المستهدف الأساسي لهذه الاحتجاجات هو الأداء السيء لحزب الدعوة الإسلامية ورئيس الحكومة حيدر العبادي، بحكم كونه امتداداً لهذا الحزب وأحد أركانه البارزين.

ولكن الاحتجاجات الشعبية التي تصدرها الصدر تغير مسارها فجأة لتتحول من حركة احتجاجية معارضة للمنطقة الخضراء الى داعم سياسي لها، وصار العبادي، الذي كان أصلاً هو المستهدف مع سياسة التقشف الضارة التي تبناها والمحاصصة التي اعتمدها كسابقيه، بعد مرور سنتين على تلك الاحتجاجات أحد أركان تحالف سياسي صار يطلق عليه (تحالف الاصلاح)، ضم شيوعيين وعلمانيين واسلاميين، وقد اجتمع اطرافه في فندق بابل وصار الصدر هو زعيمه الابرز.

واستمرت الكتلة السياسية للصدريين تقدم نفسها ككتلة إصلاحية رغم استقالة رئيسها بعد أشهر على فوزها بالاغلبية النيابية في 2018، وهو الدكتور حسن العاقولي، الذي اختاره الصدر كبادرة لدعم الوجوه الجديدة غير الضالعة بالتخادم والتخابر، لكن استقالة العاقولي لم تحسّن شيئاً من أداء الكتلة التي تحولت من كتلة صدريين مقاومين الى إصلاحيين متواطئين مع السياسات الامريكية الضارة التي فرضت على العراق.

ولهذا يبدو وكأن (المسار الاصلاحي) أشبه ما يكون بـ(سلة التفاح الفاسد)، حيث تبدو للناظر جميلة وجذابة ومفيدة، إلا أنها في حقيقة الأمر مجرد وعاء يجتمع داخله دود فتاك ينهش في جسد الدولة على مدار الوقت، وهو ما انتهى اليه (تحالف الاصلاحيين) الذي تعد (كتلة سائرون) أحد أركانه الاساسيين، حيث صارت مجرد حاضنة للموظفين المسلكيين الطامحين بشهوة وجموح وعجالة لابتلاع كل ما يقع في طريقهم، وهي الخيبة التي جعلت الصدر يعزف عن انتخابات 2021، كما صرح هو بنفسه مؤخراً.

الاصلاح الفاسد في العراق، او الأفراد والجماعات الذي يطلقون على أنفسهم (اصلاحيين)، كان لهم نظير آخر مشابه في ايران، حيث تبدو تجربة (الرئيس روحاني) وفريقه على شكل (تفاح فاسد) ايضاً، فهم ومنذ أن فازوا في الانتخابات الايرانية قبل ثمانية سنوات لا يَسمع منهم الشعب الايراني غير جعجعة بلا طحين، فحين وصلوا الى السلطة عام 2013 تحت شعارات الاصلاح عبر إبعاد (المحافظين) او التيار الاصولي الذي كان يمثله (الرئيس أحمدي نجاد)، والامور في ايران تزداد صعوبة، خصوصاً الاقتصاد المتداعي بسبب عدم الإلتزام بمسارات (الاقتصاد المقاوم) الذي تحدث عنه مرشد الثورة في ايران، حيث ظل الاصلاحيون الايرانيون ينحازون لمصالح الارستقراطيين على حساب الشرائح الاجتماعية الكبرى، حتى صار الاغنياء أكثر غنى والفقراء أكثر فقراً، وهي أبرز مخرجات زمن روحاني، وهو نفس الحال في زمن حكومة كاظمي صاحب الورقة البيضاء الفاشلة التي تسببت خلال أشهر قليلة بزيادة نسبة الفقر في العراق لتبلغ 40‎%، علاوة على انخفاض قيمة العملة الوطنية بنسبة 25‎%، مع زيادة في الاقتراض الخارجي واستمرار للفساد بأشكال مضاعفة.

إنّ مخلفات الاصلاحيين الايرانيين، والتي هي دائماً كانها (تفاح فاسد)، لا تتوقف أضرارها على الداخل الايراني وحسب، ولو عدنا قليلاً الى الوراء، تحديداً سنوات حكم (الاصلاحي محمد خاتمي) وهي ثمانية أعوام امتدت ما بين 1997 وحتى 2005 ، لوجدنا انها كانت الفترة الأصعب على الدولة العراقية، لانها شهدت تواطؤاً ايرانياً فجاً وصارخاً مع مخططات اللوبي الصهيو- امريكي، الذي عمل على اسقاط الدولة العراقية وتفتيتها بالكامل، وتوجد حول ذلك اعترافات جاءت على لسان الوزير الاصلاحي (محمد جواد ظريف) الذي كان سفيراً لايران في واشنطن اثناء الغزو الامريكي للعراق، وهي تكشف عن قيام ايران باعطاء ضوء اخضر لعمليات غزو العراق، كانت واشنطن بحاجة له لتكتمل اللعبة، ولعل دفع الحكومة الايرانية لعبد العزيز الحكيم للذهاب الى البيت الابيض وإلقاء عمامة المرجعية تحت أقدام جورج بوش الإبن إنما هو مصداق آخر على أن (الاصلاحيين) لا يترددون عن التواطؤ والتماهي والركض حتى مع شياطين الأرض.

ولكن لعل الايرانيين قد تخلصوا من خديعة (الاصلاحيين) في انتخاباتهم الاخيرة، وهذا يتمثل بفوز المحافظين الذين يمثلهم (الرئيس ابراهيم رئيسي) المقرب جداً من جمهور المقاومة في ايران، أما في العراق، فيبدو مسار السفينة مازال تائهاً، إلا في حال قدمت الانتخابات العراقية نتائج مغايرة تطيح بمخلفات (تحالف الاصلاح وشركاؤه)، وهذا يكون في حال فوز (المقاومين) الذي ظهروا على السطح السياسي هذه المرة، وتمثلهم (حركة حقوق) الناشئة، وهي الوجه السياسي للمقاومين على الارض.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى