أحدث الأخبارفلسطينمحور المقاومة

بعض «العــرب» من التطبيع إلى الشراكة مع العدو الإسرائيلي (1)

مجلة تحليلات العصر /مجلة يمن ثبات العدد الأول 7/2020-طالب الحسني

 

بدأ «كيان العدو الإسرائيلي» جعل التطبيع خلف ظهره، ودفع بعلاقاته إلى العمق، بينما لا يزال البعض ينتظر أن يرى سفارات إسرائيلية وعربية متبادلة ليقول أن هناك علاقة تطبيع بين هذه الدولة أو تلك مع «كيان العدو الإسرائيلي، نؤمن كثيراً بالسطحية، نحن نردد ببساطة أن مسألة التطبيع تتعلق بالسفراء والسفارات كشكل من أشكال الاعتراف وفقاً للأعراف الدبلوماسية المعروفة، ننسى العمق.

مهمة سفارة أي دولة في دولة أخرى تتعلق بالتالي: التمثيل الدبلوماسي، والإشراف على العلاقة بين الدولتين، ورعاية ومتابعة شؤون الأحوال المدنية للمقيمين. هذا الشكل السائد في علاقات البلدان مع بعضها، ووجود تبادل سفارات يعني أن العلاقة كاملة، يجدر الإشارة هنا أن ذلك لا يعني تبعية دولة لدولة أخرى، هذا يأخذ شكلاً آخر له علاقة بحجم الشراكة والاتفاقيات التجارية والأمنية والعسكرية الموقعة.
هناك دول تكتفي بالقنصلية: تقوم هذه بمهام أقل ودور تمثيلي أقل تتعلق برعاية رعايا دولة في دولة أخرى وإشراف محدود على التبادل التجاري حسب نسبة التبادل القائم بين الدولتين.
المستوى الأقل من التمثيل والذي يعني أيضاً انقطاع العلاقة بين الدولتين، يتعلق بإيكال سفارة دولة أخرى بالنيابة عن الدولة التي لا تقيم علاقة مع الدولة المعنية في أمور رعاية شؤون الأفراد، وهذا الشكل من العلاقة القائمة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية.
منذ ما يسمى «مؤتمر مدريد للسلام» (1991م) بشأن المفاوضات الثنائية بين كيان العدو الإسرائيلي وبعض الدول العربية لـ «تسوية النزاعات»، وهذا أحد المصطلحات الخطيرة التي أُدخلت إلى الصراع العربي الإسرائيلي، إذ أن الأمر ليس نزاعاً بل هناك شكل آخر، وهو أن كيان من اليهود تشكل بدعم بريطاني وغربي لاغتصاب وطن عربي هو «فلسطين»، واحتلاله، وارتكاب مجازر إبادة جماعية، وتهجير قسري هو الأكثر عنفاً وطغياناً عبر التاريخ. منذ هذا التاريخ 1991م وهذا المؤتمر توسعت علاقات الكيان داخل البلدان العربية، وأجريت العديد من المحادثات والاتفاقيات، بينها أوسلو 94 المشؤوم، بالتوازي مع محادثات سرية بغرض التطبيع.
لقد بدأ كيان العدو الإسرائيلي يقوم بالعديد من التحركات، ونجح في إنشاء مكاتب تمثيلية في عدد من البلدان العربية بينها دول خليجية، مهمة هذه المكاتب إدارة علاقات اقتصادية وسياحية مع كيان العدو الإسرائيلي، هذا الشكل من العلاقة هو تطبيع صريح وشبه اعتراف بـ «دولة الاحتلال الإسرائيلي» وطعنة في الصميم للقضية الفلسطينية، من بين هذه الدول: الإمارات، وعمان، وقطر، والمغرب، وتونس، وموريتانيا.
يجدر الإشارة هنا إلى أن الكثير من هذه الدول أغلقت المكاتب لاحقاً؛ تضامناً مع الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000 م، بينما بقيت ثلاث دول عربية تقيم علاقات رسمية مع كيان العدو الإسرائيلي.
«مصر» أول الدول العربية التي تربطها علاقات رسمية مع كيان العدو الإسرائيلي بعد حرب أكتوبر 1973م، وقد وقعتا ما سُمي بمعاهدة سلام في 1979م، وبعدها بعام فتحت سفارة إسرائيلية في القاهرة، كان هذا الانحراف بداية الطريق لرسم السياسات الإسرائيلية في المنطقة العربية.
في عام 2011م، أثناء مظاهرات «جمعة تصحيح المسار» من قبل المتظاهرين المصريين، تم اقتحام السفارة الإسرائيلية وكسر أجزاء من الجدار الذي بنته السلطات المصرية ثم أغلقت السفارة، لكن لتنتقل أعمالها إلى منزل السفير «حاييم كورن» في حي المعادي في القاهرة الذي يخضع لحراسة مشددة قبل أن يتم فتح السفارة مرة أخرى في سبتمبر 2015م في القاهرة.
مثلُ «مصر» فعلت «الأردن» فتحت علاقات رسمية، وسفارة إسرائيلية داخل العاصمة عمّان، إذ أن أول علاقات دبلوماسية رسمية بين الأردن وإسرائيل عندما وقعت معاهدة السلام بوادي عربة 1994م.
«موريتانيا» ثالث الدول العربية التي تحوي سفارة لإسرائيل، كان افتتاح أول سفارة إسرائيلية في العاصمة «نواكشوط» عام 1999م، على الرغم من الرفض الشعبي لتلك العلاقات، وبدأت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين قبل ذلك بتعيين «غابيرل أزولاي» مكلفا بالأعمال في المكتب الإسرائيلي الموجود في سفارة إسبانيا بنواكشوط.
لم يكتفِ كيان العدو الإسرائيلي بهذه العلاقة على الرغم من أنها صنعت تحولاً كبيراً في الصراع العربي الإسرائيلي، وعزلت أهم دولتين مجاورة للأراضي الفلسطينية «مصر» و«الأردن»، وبدأ نسج علاقات سرّية كانت متوقعة مع دول الخليج، وهي متوقعة لثلاثة أسباب:
السبب الأول: فتور حماس هذه الدول في الدفاع عن القضية الفلسطينية.
السبب الثاني: أن هذه الدول محميات أمريكية وبريطانية، واستسلمت بشكل تلقائي للإرادة الغربية والأمريكية تحديداً التي تعتبر كيان العدو الإسرائيلي حارس المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط.
السبب الثالث: وهي الاستراتيجية الأوضح حتى الآن، وتتعلق بقيام «الجمهورية الإسلامية في إيران» بتبني الدفاع عن القضية الفلسطينية ومواجهة العدو الإسرائيلي.
لقد تكوّن من هنا ما قفز فوق التطبيع إلى التفكير بالشراكة الخليجية والسعودية تحديداً مع الكيان الإسرائيلي ، فما يحصل منذ تكوين محور المقاومة الذي يمتد من فلسطين إلى سوريا إلى لبنان وإلى كل المناهضين لكيان العدو الإسرائيلي ، هي شراكة تحت الطاولة وليس تطبيع فقط ، ولكن بقيت سرية وتكشفت تدريجياً برغبة إسرائيلية، وعن طريق إعلامها الذي كان يسرب بطريقة أو بأخرى لقاءات واتفاقات خليجية إسرائيلية تحت الطاولة تحت عنوان: مواجهة عدو مشرك، هو إيران ومحور المقاومة، ما لبث السرية بالانكشاف، فعقب الحرب الأولى على غزة 2008-2009م، منحت الإمارات لاعب تنس إسرائيلي تأشيرة دخول للمشاركة في بطولة في دبي، ورفع علم إسرائيل للمرة الأولى في «أبوظبي» خلال اجتماع للوكالة الدولية للطاقة المتجددة في حضور مسئولين إسرائيليين.
ويأتي ذلك علاوة على استقبال بعض الدول الخليجية لمسؤولين من كيان العدو الإسرائيلي، قطر مثلاً استقبلت رئيس كيان العدو الإسرائيلي السابق «شمعون بيريز» عام 1996م، وافتتح المكتب التجاري الإسرائيلي في الدوحة، وتم توقيع اتفاقيات بيع الغاز القطري لإسرائيل، ثم إنشاء بورصة الغاز القطرية في «تل أبيبِ».
«سلطنة عمان» هي الأخرى فتحت مكتباً للتمثيل التجاري الإسرائيلي في السلطنة عام 1996م، مهمته تطوير العلاقات الاقتصادية والعملية والتجارية، إلاّ أنه بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية في سبتمبر 2000م، تم إغلاق مكتب التمثيل التجاري الإسرائيلي، وفي 2019م فوجئنا بزيارة لـ «نتنياهو» إلى السلطنة مجدداً.
علينا -أيضاً- التطرق إلى دولتين في «المغرب العربي» هما «المغرب» و«تونس»، حيث فتحت الدولتان علاقات ومكاتب تمثيل لـ «كيان العدو الإسرائيلي» في تلك السنوات -أيضاً- قبل أن يتم إغلاق هذه المكاتب عام 2000م تحت ضغط الانتفاضة الفلسطينية.
فتحت إسرائيل مكتب ارتباط في العاصمة المغربية «الرباط» في نوفمبر 1994م، وفتح المغرب مكتبه في «إسرائيل» بعد ذلك بأربعة أشهر، مما أدّى إلى إقامة علاقات دبلوماسية ثنائية، ولكن تم إغلاقه عقب اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى