أحدث الأخبارشؤون امريكية

بـايـدن والـثــالـوث الـعـربــي الـصــهـيــونـي … رســائــل “عــض الاصــابـع “

مجلة تحليلات العصر الدولية - صالح الصيرفي

الفرق بين اي رئيس امريكي ديمقراطي او جمهوري اتجاه التعامل مع اسرائيل هو في الأداء وترتيب الاولويات اولا ، وحجم تأثير “الكنيسة الانجيلية المسيحية المتطرفة المتماهية مع اسرائيل ” على قرار الادارة الامريكية و ومساحة استجابة هذه الادارة الى ضغوط تلك الكنيسة ثانيا ، وهذان الفارقان هما اللذان يميزان هذا الرئيس عن سابقه .
اسرائيل هي بوصلة السياسات الامريكية الخارجية اتجاه منطقتنا ، وعادة الادارات الامريكية لاتتخذ اي قرار يخص الشرق الاوسط الا بعد مشاورة اسرائيل والتنسيق معها واخذ موافقتها ، ولم يشذ عن هذه القاعدة” العرفية الامريكية ” سوى ترامب حيث منح اسرائيل تفويضا كاملا في اتخاذ كافة القرارات والمشاريع والبرامج السياسية والامنية التي تخص منطقة الشرق الاوسط نيابة عن الولايات المتحدة الامريكية ، فكانت نتيجته ماتمليه اسرائيل تنفذه الادارة الامريكية والعكس صحيح ايضا ، والسبب يعود الى ان الكنيسة الانجيلية المسيحية المتطرفة كانت تمثل شريكا اساسيا في ادارة البيت البيضاوي الامريكي في عهد ترامب
لكن سقوط ترامب وفشله في الانتخابات أفقد الكنيسة الانجيلية المسيحية المتطرفة هذا الدور في ادارة البيت الابيض ، كما افقد رئيس وزراء الكيان الصهيوني نتن ياهو هذا التفويض في تقرير مصير الشرق الاوسط ، ونفس الخسارة انسحبت ايضا على السعوية والامارات حليفتا ترامب وشريكتا نتن ياهو ، الامر الذي دعى الاخير الى محاولة تشكيل تحالف ثلاثي صهيوني عربي ( اسرائيل والسعودية والامارات ) للضغط على ادارة بايدن واجبارها على الرجوع الى دول الثالوث المشؤوم ومشاورتهم حول رسم وتحديد مسارات السياسة الخارجية الامريكية الخاصة بالشرق الاوسط وعلى وجه الخصوص ملف المفاوضات النووية الامريكية الايرانية وحرب اليمن وسويا ولبنان والعراق .
يدرك الرئيس جو بايدن دور دول الثالوث العربي الصهيوني في دعم ترامب في الانتخابات الامريكية السابقة ، كما يدرك خطورة استمرار هذا الدعم في محاولة اعادة ترامب مجددا الى البيت الابيض ، الى جانب فشل محور “الثالوث العربي الصهيوني ” في حسم ملفات المنطقة ابان عهد ترامب ، وبالتالي حاولت ادارة بايدن توجيه عدة رسائل ردعية الى رؤوس هذا الثالوث ؛
1- مقاربة ملفات المنطقة بعيدا عنهم اللهم الا في الاشارة في بعض التصريحات حول اهمية أخذ وجهات نظر حلفاء امريكا فيما يخص ملفات المنطقة
2- تعمد الرئيس بايدن التباطؤ في الرد على تلفون نتن ياهو الذي ظل يراقب التلفون لاكثر من منتظرا الرد
3- تجميد صفقة الاسلحة وعلى رأسها طائرات F35 المتطورة الى الامارات
4- ايقاف كل الدعم الأميركي للعمليات الحربية الهجومية السعودية في اليمن، بما في ذلك تجميد مبيعات الأسلحة ذات الصلة
5- تعيّن الرئيس الأمريكي جو بايدن الدبلوماسي المخضرم وخبير شؤون الشرق الأوسط روبرت مالي مندوباً له للشؤون الإيرانية وهذا مايتعارض بشدة مع رغبة الثالوث الصهيوني العربي
6- إبلاغ واشنطن رسميًا مجلس الأمن الدولي، إلغاء العقوبات التي فرضها الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب على إيران والمعروفة باسم “سناب باك”.
7- تأكيد الرئيس جو بايدن في مؤتمر ميونخ للامن حول إستئناف مفاوضات الملف النووي الايراني ؛ وقال إن إدارته “مستعدة لإعادة الانخراط في المفاوضات” مع مجلس الأمن الدولي بشأن برنامج طهران النووي. ولكن العودة تكون حسب زعمه في اطار مواجهة ” أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في أنحاء الشرق الاوسط ”
8- الاعلان عن الكشف عن التقرير السري لـ CIA الخاص بمقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل السفارة السعودية في اسطنبول .

بالمقابل حاول رؤوس الثالوث العربي الصهيوني ( نتن ياهو و محمد بن سلمان و محمد بن زايد ) الرد على رسائل الرئيس الامريكي جو بايدن برسائل مماثلة في التشويش على التقارب الامريكي الايراني وعرقلة عودة الولايات المتحدة الامريكية الى طاولة المفاوضات النووية وتوريط ادارة بايدن في الغوص مجددا في الرمال المتحركة للساحتين السورية والعراقية ، حيث جاءت الرسائل على الشكل التالي ؛
1- قصف السفارة الأمريكية بالمنطقة الخضراء وسط العاصمة العراقية، بعد خمسة ايام من قصف قاعدة الحرير الامريكية في مطار اربيل
2- توجيه الماكينة الاعلامية الصهيونية الدولية والاقليمية واجهزة المخابرات العراقية والكردية بإلصاق التهمة بالحشد الشعبي و الجماعات الموالية لإيران بقصف اربيل. السفارة
3- تحريك الفوضى في المحافظات العراقية الجنوبية وزعزعة الامن والاستقرار فيها بغية خلط الوراق بما ينعكس سلبا على مسار المفاوضات النووية الايرانية
أزاء ذلك عاد جو بايدن وردَّ برسالتين؛
الرسالة الاولى ؛ الى اسرائيل عندما كشفت وكالة الانباء الامريكية اسوشييتدبرس نشرت يوم 25feb ونشرت صورا من الأقمار الصناعية بجودة عالية تثبت أن مفاتل ديمونا النووي الاسرائيلي يمر بمشروع توسعة وأعمال بنى تحتية هو الاكبر منذ عقود وجرى توقيق حفريات بعمق عدة طوابق وبحجم ملعب كرة قدم
اما الرسالة الثانية ؛ فكانت لابن سلمان ؟؟؟ عندما قرر الاتصال بالملك شخصيا وفتح ملف مقتل جمال خاشقجي وتداعياته على مسار مستقبل التوريث وربما لقطع الطريق على تواية محمد بن سلمان العرش بعد والده ، فضلا عن العلاقات الامريكية السعودية خلال الاربع سنوات القادمة
ولكن الثالوث العربي الصهيوني بقيادة نتن ياهو لن يستسلم بهذه السهولة ، وربما سيستمر بتوجيه رسائل جديدة اخرى في الايام القادمة .

إلا ان اللافت في الامر ان الثالوث المشؤوم وبمساعدة عملائه في المخابرات العراقية والكردية نجح فعليا في توريط ادارة بايدن وتلطيخ يديها بالدماء العراقية والسورية من خلال قيام الطائرات الامريكية يوم امس الجمعة 26 Feb بقصف مقرات للحشد الشعبي في مدينة القائم العراقية ، وعلى معسكرات للجيش السوري والمقاومة الاسلامية في منطقة البوكمال السورية والذي تسبب بخسائر في الارواح والمعدات الامر الذي سيلقي بضلاله على مسار العلاقات المستقبلية العراقية الامريكية فضلا عما سيؤدي الى زيادة الاحتكاك المسلح مابين الجيش الامريكي وفصائل المقاومة العراقية ، وتعقيد الملف السوري الروسي الامريكي .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى