أحدث الأخبارشؤون آسيويةشؤون امريكية

بلينكن تجول في الشرق الأوسط وتباحث وتفاوض خدمة لاسرائيل فقط وفي مسار لضرب المقاومة الفلسطينية

مجلة تحليلات العصر الدولية / صحيفة الاحداث - بسام ابو شريف

في كل لقاء أجراه وزير الخارجية الاميركية انطوني بلينكن مع طرف عربي كانت النتيجة هي التالية : – مديح للطرف العربي ، وللدور الهام والحساس الذي لعبه هذا الطرف في تثبيت وقف اطلاق النار، والأولوية في حديثه تتركز حول ارسال المساعدات الى غزة ، واعادة اعمارغزة مشيرا الى أن اميركا تعتبر حركة حماس حركة ارهابية ، وأن هذا يدفع نحو محاولات لسيطرة السلطة الفلسطينية على كل ما يخص اعادة اعمار غزة ، وادخال المساعدات من نواح انسانية وأمنية ، والحقيقة أن زيارة بلينكن للمنطقة لم يجر التخطيط الا لحماية اسرائيل ، ومحاولة استرضائها رغم كل الجرائم التي ارتكبتها ومخالفتها للقانون الدولي و لاتفاقية جنيف ولقرارات مجلس الأمن .
والموقف الاميركي اذا أردنا اختصاره مبني على التالي : –
أولا : – الالتزام بدعم وحماية اسرائيل حسب الاتفاقيات الموقعة بين الولايات المتحدة واسرائيل ، وعلى هذا جاء بلينكن ليطمئن اسرائيل ونتنياهو بأن الولايات المتحدة ملتزمة بتطوير القبة الحديدية التي نجحت صواريخ المقاومة في اختراقها في القتال الطويل والدامي والذي استمر أحد عشر يوما طالت فيه صواريخ المقاومة مواقع اسرائيلية عديدة ، وضربت تل ابيب ، وهذا ما أفزع الولايات المتحدة جراء فزع اسرائيل .
ثانيا : – ان الولايات المتحدة ستفي بالتزاماتها تجاه اسرائيل ، وستمضي بما اتفقت عليه معها وانها ستحميها من أي هجمة تتعرض لها سواء كانت صاروخية أم غيره .
ثالثا وتضمن تركيز بلينكن في مباحثاته مع اسرائيل والدول العربية التي زارها على ارسال المساعدات لأسباب انسانية ، ويقصد بذلك أنها ليست دعما سياسيا ، ولا نتيجة لجرائم اسرائيل وفي هذه الزيارة أكد أن الولايات المتحدة كانت تعتبر اسرائيل في حالة الدفاع عن النفس وليس الهجوم ، وتدمير مباني غزة ، وقتل مدنييها وأطفالها وشبكات المياه والكهرباء ، وتدمير بنيتها التحتية ، ولم يأت بلينكن على ذكر اي عملية خاطئة لاسرائيل حتى تلك التي طالت وكالة الاسوشيتدبرس ، والتي بدورها تعمل على اجراء تحقيق ، ورفع شكوى ضد اسرائيل في محكمة الجنايات ، ولم يعر بلينكن اهتماما لآراء صدرت عن الحزب الديمقراطي لحوالي 25 عضوا في الكونغرس طالبت الرئيس بايدن بالموضوعية ، والضغط على اسرائيل نتيجة هجماتها المدمرة على غزة ، وضمان وصول المواد الغذائية والدوائية ومواد البناء لاعادة اعمار غزة شعورا من هؤلاء بأن الولايات المتحدة لا تنوي فعل ذلك ، بل تنوي استغلال الوقت للضغط على السلطة الفلسطينية للسير في المسار الذي خططته هي ، وهو المسار الاسرائيلي ، لقد كان واضحا في كل حديث اختتم به زيارته للبلدان العربية واسرائيل أن موقف الادارة الاميركية هو دعم اسرائيل والدفاع عنها ، ولاشك أن حديثه للصحفيين في الاردن عبر عن ذلك ، فقد طرح الاردن بشكل واضح حازم لا لبس فيه ان تبقى الأماكن المقدسة في منأى عن هجمات المستوطنين ، وقوات الجيش ، والشرطة المسلحة كان اهتمام الاردن يلقى من بلينكن الجواب التالي : الأولوية هي لارسال المساعدات الى غزة ، الأولوية هي لاعادة اعمار غزة ، الأولوية بعد ذلك هي العمل على تحقيق وخلق أجواء مناسبة للبحث في حل سياسي في الشرق الأوسط ، أي أن بلينكن يريد أن تدخل المساعدات الى غزة دون أن تمسها حماس ، وترسل الى غزة عن طريق السلطة ، او الشركات الخاصة ، وان الأولوية هي لادخال مواد البناء عن طريق شركات تعمل على زرع أجهزة تجسس تكشف عن المواقع التي تستخدمها المقاومة في خزن أسلحتها وصواريخها .
يريد بلينكن أن تقود السلطة الفلسطينية هذه العملية عن طريق التنسيق الأمني كما تريد اسرائيل ، وليس أن تكون للمقاومة قدرة على الدفاع عن أرضها وشعبها كما نقول نحن ، ولم يتركوا الأمور عند هذا الحد المتمادي في الخضوع لاسرائيل ، التي تمارس القتل والممارسات العنصرية والهمجية ، لم يكتفوا بذلك بل قالوا لن نسمح بادخال اي مساعدات طارئة قبل أن تفرج حماس عن الأسرى الاسرائيليين لديها احياء أو جثامين ، وفي ظل موقف مصر “الحكومة المصرية” ، الذي لايفتح أمام الفلسطينيين معبر رفح ، وهذا الأمر لابد أن تبحثه حماس ووفدها الذي استدعي للقاهرة لبحث موضوع الأسرى يجب ألا يغلق النظام المصري معبر رفح أمام الجرحى والطلاب والعاملين في مجال التجارة وغيرها ، لماذا يشارك في حصار غزة ، ولماذا يشارك ويحاصر اربعة ملايين في غزة ويمنع الجرحى من الدخول للعلاج ، ولماذا يتعامل مع الفلسطينيين باذلال ، وكأنهم عبيد لأنه يشارك في حصار أهل غزة يجب أن يفتح معبر غزة ، ومن هنا نرى أن كل العملية التي نتجت عن زيارة بلينكن هي أن الأنظمة السائرة في فلك الولايات المتحدة استدعت وفد حماس لبحث موضوع الأسرى ، وهم يحاربون حماس بلقمة العيش للافراج عن الأسرى ، ويجب الآ تقبل حماس المهم أننا نرى أن السياق العام للادارة الاميركية هو التالي دعم اسرائيل بكل ممارساتها الاجرامية والعنصرية وحمايتها من أي هجوم سواء من حماس أو على الصعيد الدولي في أروقة الأمم المتحدة ، وبما أن المعركة التي حصلت رفعت درجة حرارة المنطقة ودفعتها الى أن تهتم بقضية فلسطين بعد أن كانت تهملها لسنين طوال وفي ظل ادارات متعاقبة هاهي اليوم تقرر رعاية مباحثات الأسرى ، ورعاية اعادة الاعمار ، وان يقوم الشركاء – شركاء البيت الأبيض – بالعمل على تثبيت وقف اطلاق النار ، ونرى من كل ذلك أن ما فجر الوضع في الشرق الأوسط هو القدس ، وهجمات المستوطنين والشرطة الاسرائيلية على حرمات وباحات المسجد الأقصى وعلى المصلين العزل ، وحملات التطهير العرقي للفلسطينيين في الشيخ جراح ، وجبل المكبر وسلوان ، ووادي الجوزوغيرها .
لم يأت بايدن على ذكرهذا لااشارة ولا ادانة ، لا بل صعد الهمجيون المستوطنون من اعتداءاتهم ، والعالم كله يرى ما يجري على الأرض من على شاشات التلفزيون ، هذا ما حمله العم سام الذي كان يلبس ثياب بلينكن ، ويقول العم سام ان هجوم اسرائيل على غزة هو دفاع عن النفس ، واقتحام الحرم القدسي ، والهجوم على المصلين هو دفاع عن النفس ان الأمر أوضح من الوضوح ، ونحن نعلم أن هناك التفافا على نضالات شعبنا ومقاومته السلمية للاحتلال في كل الميادين ، لذلك قلنا ونقول ان قرار الاشتباك مع اسرائيل ليس موسميا بل هو مرتبط بالاحتلال الذي لا ينتهي الا بتطبيق قراري 242 و338 ، اميركا تقول ان ضرب المدنيين والهجمة الشرسة على المنازل لقتل ساكنيها هو دفاع عن النفس ، ونحن لسنا من دعاة اقفال الأبواب على أنفسنا بل نحن من دعاة الحروب الدبلوماسية ، ووزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي خاض معارك دبلوماسية لانهاء الاحتلال ، وكان نشطا في المحافل الدولية دفاعا عن الحق الفلسطيني ، لكن المشكلة عندنا في الاندفاع بما تريده الأطراف الخارجية فنصبح تائهين في مباحثات هامشية ، وليس أساسية ، وهي انهاء الاحتلال الاسرائيلي ، ونكرر ما قاله الرئيس ابو مازن ، وهو أن السبب في كل هذا هو الاحتلال وهذا الكلام صحيح ، لكن يجب تحويله الى خارطة عمل لابد من تثوير كل الفئات في كل الميادين لمحاربة المخططات العدوانية ، والاعتداءات على مقدساتنا ، وأرضنا ، وشجرنا ، وبيوتنا .
ان الصمت على موقف بلينكن – أي بايدن والادارة الاميركية المنحازة ليس صحيحا ، وعلينا النضال من أجل حقوقنا والمطالبة بانهاء الاحتلال واقرار قرارات الشرعية الدولية ذلك أنه كلما تحدث أحد مع وزير الخارجية الاميركية حول انهاء الاحتلال يحول الحديث الى المساعدات ، وكأنه يقول اننا اشترينا صمتهم ، فمخطط بايدن هو عدم البحث في انهاء الاحتلال الا في ايام بايدن الأخيرة من ولايته ، أي عندما يبدأ بحزم حقائبه لمغادرة البيت الأبيض ، وعليه فكما أجبرت المقاومة بضرباتها وولدت انتصارات في هذه البطولات في قطاع غزة ، واجبرت الادارة الاميركية التي لم تكن فلسطين على جدول أعمالها أن تضع فلسطين على سلم أولوياتها رغم انشغالها بمباحثات فيينا ، ورغم الانسحاب من افغانستان وقضايا عالمية كثيرة يجب أن نجبرها على تبني خطة انهاء الاحتلال الاسرائيلي الغاشم لوطننا ولذلك على قيادتنا ، أي قيادتنا التي تقف على مفترق طرق اما أن تنهي نفسها بنفسها بفشلها الذريع الذي يضاف الى سجلات فشلها السابقة وتتبع نصائح بلينكن ، واما أن تبني على البطولات التي تحققت ، وأن تبني على كل تلك الانجازات التي تحققت بفعل صواريخ المقاومة التي دكت تل ابيب ، ومستوطنات غلاف غزة ، والخضيرة وغيرها ، وتقاوم وشعبنا جاهز في الضفة للنضال ضد المستوطنين والمحتلين نضالا شعبيا سلميا ، وعليها أن تفهم ان دور الأمن الفلسطيني هو حماية الشعب الفلسطيني ، وليس حماية اسرائيل ، وهكذا يصبح للسلطة قوة وعضلات بدون صواريخ ، وانما هو عمليا النضال لوقف ضم الضفة الغربية ، انه القضم المتدرج ، وان التطهير العرقي جريمة في كل العالم ، وفي فلسطين والقدس هو أكبر الجرائم
يريدون أن يعزلوا القدس عن الضفة ، والضفة عن غزة ، وغزة عن القدس والضفة ، وهذه فرصة للسلطة الفلسطينية لا تقعوا في الكمين مرة اخرى ، وقد سبق لكم الوقوع في كمائن العدو المرة تلو الاخرى ، ولا يلدغ المؤمن من جحر مرتين ، ولا بد للسلطة من أن ترفض دولارات بايدن ، واذا كان هذا خطابنا للسلطة ، فان لنا خطابا للمقاومة ، وهو أن وقف اطلاق النار في غزة لا يعني السكوت عن ممارسات الاحتلال بما فيها القدس عاصمة فلسطين يجب أن نبني على انتصاركم العظيم كي يصبح راسخا في التاريخ لأنكم حينما خضتم المعركة كان ذلك دفاعا عن القدس كما قالها وأعلنها الأخ اسماعيل هنية ان سبب المعركة لم يكن لأن هنالك مطالب لغزة وانما انتصارا للقدس ، والتوقف عن العمل هو تآكل للانتصار ، يجب ألا تعتبروا ما حصل في غزة من انتصار كبير لا يعفيكم من الدفاع عن القدس ضد الممارسات العنصرية ، والتطهير العرقي عليكم أنتم واجب ، وألا تكونوا كالذي يأكل انتصاره قضمة قضمة ، وقد خضتم المعركة دفاعا عن القدس ، وليس دفاعا عن أنفسكم ، والقدس تتعرض لهجمات المستوطنين الهمجيين و لممارسات اسرائيل العنصرية في التطهير العرقي والتهجير .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى