أحدث الأخبارالعراقمحور المقاومة

بماذا عاد التواجد العسكريّ لأمريكا والاتفاقيات الاقتصاديّة العراقية الأمريكية التي تلته على الشعب العراقي؟

مجلة تحليلات العصر الدولية

قبل عشر سنوات، في 31 كانون الأول (ديسمبر)، أعلن نوري المالكي رسمياً الانسحاب الكامل للقوات الأمريكية من العراق. وقال للشعب العراقي حينها: «اليوم أصبح العراق سيداً هنياً بهذا اليوم الخالد، وأنتم ترفعون راية العراق على كل شبر من ترابه الطاهر، وتتوحدون تحت رايته، وسيزيدكم ذلك عزا وفخرا… العراق أصبح حراً وأنتم أسياداً». وأضاف رئيس الوزراء العراقي السابق: «كنا ننتظر مثل هذا اليوم ليأتي منذ 2003 عند دخول الأميركيين إلى هذا البلد وما جلبوه من حرب وعنف».
في 20 مارس (آذار) 2003، غزت أمريكا العراق، وشكلت تحالفاً دولياً من بريطانيا وبولندا وأستراليا بذريعة امتلاك العراق أسلحة دمار شامل. ولحق بالعراق خلال هذا العدوان العسكري خسائر مادية وبشرية كثيرة.
اغتصاب للنساء والأطفال، وقتل الشباب والمتظاهرين ضد الاحتلال الأمريكي، وتدمير البنية التحتية والمراكز التعليمية والصحية، ونهب ممتلكات الناس، وما إلى ذلك، ليست سوى بعض جرائم واشنطن وحلفائها في العراق.
وبحسب الإحصائيات المنشورة، فقد تم تنفيذ 569 عملية عسكرية في العراق منذ الغزو العسكري الأمريكي في مارس (آذار) 2003 إلى 2007. ومن بين المحافظات العراقية المختلفة كانت بغداد ثم الأنبار أهدافاً لمعظم الضربات العسكرية الأمريكية [1]. أدى الاحتلال الأمريكي للعراق بعد حرب 2003 إلى تدمير البنية التحتية الاقتصادية للبلاد بالكامل. منذ ذلك الوقت، واجه العراق مشاكل واسعة النطاق في إمدادات الطاقة الكهربائية بسبب تدمير البنية التحتية لشبكاتها [2].
بعد الدمار الهائل الذي لحق بالبنية التحتية للشبكات الكهربائية في العراق، دخلت الشركات الأمريكية إلى العراق بحجة إعادة بناء تلك الشبكات ووقعت عدداً من الاتفاقيات مع الحكومة العراقية لبناء وإعادة بناء البنية التحتية لإنتاج وتوصيل الكهرباء في العراق.
وقعت شركات أمريكية مثل «ExxonMobil» وSOC-SMG»» وArmor Group»» عقوداً مع العراق في مجال الطاقة. شركة «General Electric» الأمريكية، شركة أخرى دخلت العراق بحجة إمداد العراق بالكهرباء التي يحتاجها. في عام 2008، وقعت وزارة الكهرباء العراقية اتفاقيتين مع هذه الشركة لتعزيز نظام الطاقة [3]. أصبح عقد وزارة الكهرباء العراقية مع شركة «General Electric» يعرف باسم «Mega Deal». وعلى الرغم من مرور أكثر من عقد على توقيع هذا العقد الكبير، إلّا أن شركة «General Electric» الأمريكية لم تفِ بالتزاماتها [4].
وبينما وعد الجانب الأمريكي العراق بأنه يستطيع تشغيل أول محطة كهرباء بشكل جزئي في غضون ستة أشهر عبر شركة «General Electric»، إلا أن ذلك لم يحدث، بل تم تشغيل أول محطة كهرباء بشكل جزئي بعد مرور ستة أعوام. الشركة المذكورة أخلفت التزاماً آخرَ في مجال بيع التوربينات للعراق. وكانت شركة «General Electric» الأمريكية قد وعدت بأن جميع مكونات التوربينات المباعة للعراق هي من صناعة أمريكا. بينما تم تصنيع بعض مكونات التوربينات في دول مثل الصين والمجر وفرنسا.
بالإضافة إلى ذلك، دفعت الحكومة العراقية مبالغ كبيرة لأمريكا لاستخدام خدمة التأمين على التوربينات المشتراة، ثم تبيّن أنها خدمة صالحة لمدة عام ونصف فقط وليس أكثر. يشار إلى أن عدداً كبيراً من التوربينات تعطلت بعد سنة ونصف من تسليمها للعراق، وبسبب انتهاء فترة خدمة التامين وجدت بغداد أنها قد خسرت جميع المبالغ المدفوعة مقابل الاستفادة من هذه الخدمة [5].
بالإضافة إلى شبكات الكهرباء، ألحق الأمريكيون أضراراً بالغة بالبنية التحتية العراقية الأخرى. دمرت الطائرات المقاتلة الأمريكية بشدة مدناً مثل الموصل والرمادي والفلوجة عام 2003 بذريعة امتلاك العراق أسلحة دمار شامل وفي عام 2014 بذريعة محاربة «داعش». الجسور ومحطات الطاقة وأنابيب المياه والمستشفيات والمدارس كلها بنى تحتية عراقية استهدفتها الطائرات والدبابات الأمريكية، وقد تدمر العديد منها [6].
بعد تدمير البنية التحتية في مناطق مختلفة من العراق، مهدت واشنطن الطريق لتوقيع عقود كبيرة بين الشركات الأمريكية وحكومة بغداد من أجل إعادة بناء البنية التحتية للبلاد. ومن الأمثلة على ذلك شركة «Halliburton»، التي وقعت عقداً بقيمة 278 مليون دولار مع بغداد لإعادة بناء العراق [7].
حتى أن الأمريكيين استأجروا أكبر شركة هندسة وإنشاءات لديهم للمشاركة في إعادة بناء البنية التحتية التي دمروها هم بأنفسهم. فتم استخدام شركة «Bechtel» الأمريكية لإعادة بناء المدارس والجسور والمستشفيات ومحطات الطاقة وخطوط نقل المياه والسكك الحديدية من أجل تحقيق أرباح ضخمة [8]. دخلت هذه الشركة العراق رسمياً في يونيو (حزيران) 2003 للمشاركة في مشروع إعادة إعمار البنية التحتية في العراق [9]. شاركت الشركة في مشاريع إعادة الإعمار في كافة أنحاء العراق وخاصة في بغداد. [10]
في غضون ذلك، وقع البنتاغون عقداً بقيمة 900 مليون دولار مع شركة «Parsons» الأمريكية، وألزمها بالمشاركة في إعادة بناء البنية التحتية العسكرية والمدنية في العراق [11]. من ناحية أخرى، كلّف الأمريكيون شركة تسمى «Water Wheel Construction Company» للمشاركة في إعادة إعمار البنية التحتية في بغداد ومحافظات عراقية أخرى [12].
لم يؤد الوجود الأمريكي في العراق على مدى السنوات العديدة الماضية إلّا إلى أضرار مادية وبشرية للبلاد. وقد حذر قائد الثورة الإسلامية، الإمام الخامنئي، مراراً من استمرار الوجود الأمريكي المفسد في المنطقة وخاصة في العراق. وفي هذا الصدد، أكّد سماحته خلال لقائه مع رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبد المهدي بأن: «التصريحات اللفظية للأمريكيين بشأن العراق تختلف عن نواياهم الداخلية. عندما احتل تنظيم «داعش» الموصل كان الأمريكيون يرسلون الأموال والأسلحة والمعدات إلى التنظيم، والآن بعد أن هزم العراق «داعش»، يعبّرون عن محبّتهم [تجاه العراق]». كما صرّح الإمام الخامنئي: «لكنّ الأمريكيّين وخلافاً لتصريحاتهم اللفظيّة ينظرون إلى الديمقراطيّة وجموع الناشطين السياسيّين الحاليّين في العراق كضرر يهدّد مصالحهم. ومن هذا المنطلق، ينبغي على حكومة العراق الإقدام على خطوة تدفع العسكريين الأمريكيّين للانسحاب من العراق في أسرع وقت ممكن. إن تواجد الجنود الأمريكيين في بلدان المنطقة يلحق الضرر ببلدان وشعوب المنطقة» [13].

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى