أحدث الأخبارلبنانمحور المقاومة

بين ثقافة الراعي الإنبطاحية ومنطق السيادة والحرِّيَة لبنان إلى أين؟

مجلة تحليلات العصر الدولية - إسماعيل النجار

هذا الوطن الصغير بمساحته، الكبير بشعبهُ وقِيَمِهِ، تناوبَ على إحتلالهِ وإستعمارهِ من قِبَل شُذَّاذُ الآفاق العثمانيون والفرنسيون،
وصولاً إلى الوصوليون المحليون الذين جعلوا منه وطناً ضعيفاً لَيِّن الجانب تابعٍ للخارج وكل ذلك من أجل الحفاظ على مصالحهم الشخصية الضيقة،
كما رهنوا كل مقدرات البلاد والعباد لفرنسا المهم السيطرة على الحكم، والحصول على إمتيازات خاصة لهم مقابل التنازل عن القرار السيادي لهم، وتنفيذ كل ما تطلبه منهم باريس وواشنطن!

القرار بتسليم لبنان للغرب تاريخياً كان قراراً كنسياً،
ولغاية اليوم لا تزال الكنيسة المارونية في لبنان تحاول ممارسة نفس الدور بإعطاء الخارج ما لا يحق له في الداخل،
رغم المتغيرات الديمغرافية والسياسية التي طرأت على الواقع اللبناني منذ العام 1975،
ورغم تَبَدُل موازين القُوَىَ السياسية والعسكرية بين الأفرقاء الجُدُد المتصارعين على الساحتين المحلية والإقليمية،
إلَّا أنه لا يزال رأس الكنيسة في لبنان يُصر على أخذ لبنان غرباً ورفع شعارات طَنَّانة ظاهرها وطني وباطنها مسموم. مُلَوَّنة بألوانٍ وطنية وسيادية مزيفَة!
وما مطلَب تدويل الأزمة الذي ينادي به سيد الصرح الأحد الماضي إلَّا واحداً من أكثر الدلالات التي تؤكد ما نقول.
العناد الكَنسي في لبنان في رفض محاربة إسرائيل ورفض ألمقاومة،
يُعتَبرُ خروجاً عن المألوف وعن السياق الطبيعي لسير الأمور داخل البلاد رغم تَبَدُل الظروف كافة،

ويَلاحظ المراقبون خط سير إبحار سفينة البطريَرك الراعي السياسية هذه الأيام، بشكلٍ معاكس لإتجاه الريح الذي تغيَّرَ مسارهُ وأصبحَ شرقي الهوا منذ سنوات.

بعض المحيطين برأس الكنيسة من المعتاشين على البخشيش الغربي كفارس سعَيد وغيرهُ من أصحاب الأحلام المستحيلة، هم أكثر الناشطين في مجال التسويق لكذبة الإحتلال الإيراني للبنان! من دون أن يخبرنا السيد سعَيد كَم يبلغ عدد الحواجز العسكرية للحرس الثوري الإيراني التي تعترضه على الطريق من بيروت حتى بلوغهِ أفاق بلدتهِ قرطبا؟
الإحتلال الإيراني الذي يعيش فقط في رأس وذهن إبن “نهاد” أصبحَ فوبيا متلازمة له وسرقَت أحلامه الأخرىَ وأعمَت بصيرته بالمطلق،
هذا إذا كانَ لديه بصيرة لدرجة أنه يعيش فوبيا الإحتلال الإيراني المصطنع حتى وهوَ باليقظَة، حتى وصَل به الأمر إلى تشكيل جبهة تُعنَى بإنهاء ذلك الإحتلال المزعوم!

لا بأس سيد سعَيد،
لا بأس سيد بكركي، إحلموا فإن الحُلم فيهِ راحة من عذاب الواقع الذي تعيشونهُ في عز عصر المقاومة التي تكرهونها وفي أَوَج مجدها في لبنان،

المجد الذي أُعطيَ للبنان هوَ بفضل المقاومة وتضحياتها وشهدائها، حصراً منهم وبفضلهم،
وغير ذلك لا أي يوجدُ مَجد عند أحد، ولَم يُعطَىَ مجد لبنان لأحد، فمجد هذا الوطن صنعه رجاله الشجعان الذين قاتلوا إسرائيل وتصدوا لجيشها وليسَ مَن تعاملوا معها وكانوا أذنابها في الجنوب اللبناني أبان فترة الإحتلال.
المجد أعطيَ للمقاومة بفضل شهداءها الذين سقطوا دفاعاً عن وطننا بوجه الإحتلال الإسرائيلي وعملائهِ وبوجه السعودية وأمريكا ودواعشهم ولا شيء غير ذلك.

أما الإحتلال الحقيقي للبنان الذي لم نسمع البطريَرك الراعي وفارس سعَيد وغيرهم يتحدثون عنه، هوَ موجود حقيقةً في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، ومطار حامات، والقليعات، وعوكَر، وفي بعض مؤسسات الدولة التي يسيطرُ عليها أتباع أمريكا والغرب.
أما عملية التسويق الإعلامي لإحتلال إيراني للبنان!
إنما هيَ كذِبَة سَمِجه يصدقها شعراء البلاط من أصحاب قصة الباذنجان الأسود، الذين يعتاشون على لفتَة عوكر الخضراء كل آخر شهر،
أما الباقون من مثقفي ومحبي لبنان يضحكون عليهم عندما يقرأون تغريداتهم ويسمعون عِظاتهم ولا يأبهون لما يقولون.
حزب الله في أدبياتهُ السياسية يحفظ حق الغير بالتعبير عن رأيه، ويقبل بالإختلاف معه، ولكنهُ يبتعد عن الخلاف وإيَّاه، ولا يصمت عندما يكون هناك خطابٌ سياسيٌ كاذب ومُوَجه قد يدفع بالبلاد نحو الفتنة ثم الهاوية!

لبنان هذا الذي أخرجته المقاومة من دائرة التِبَعيَة، هو وطنُ الأرز البديل الأفضل عن لبنان الخانع الراكع التابع المسلوب الإرادة والمهزوم والمنهوب.
لبنان المقاومة هوَ اليوم نقطة إلتقاء كل الشرفاء في العالم الذين يقفون بوجه البلطجة الأميركية والإحتلال الصهيوني لفلسطين،
اليوم بيروت هي عاصمة المقاومة الحقيقية، َعاصمة اللاءآت الثلاث الحقيقية،وعاصمة العروبةُ الحَقَّة، وموئِلُ العِز والإنتصارات،
بيروت ملجئ كل مظلومٍ ومقاومٍ عربي، لن يتغيَّر وجهها وستبقىَ أم العواصم،
فلا عودة إلى الوراء،لا إستعمار ولا إستحمار ولا إحتلال ولا وصاية،
عودوا إلى رشدكم قبل فوات الأوان، فلم يتبقىَ لإسرائيل في هذه الدنيا إلَّا عددٌ قليل وستمضي إلى العَدَم مجدداً بإذن الله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى