أحدث الأخبارشؤون اوروبييةلبنانمحور المقاومة

بين فيينَّا وبعبدا خيط رفيع نكادُ إن نراه

مجلة تحليلات العصر الدولية - إسماعيل النجار.

بين حلقات سلسلة الأزمات الدولية والتعقيدات الكبيرة في خلافات دُوَل المنطقة،
ترسُمُ لنا الإشارات الصادرة عن الأطراف المتفاوضة في فينا لوحةً تفاؤلية، أو أنها ترسمُ ملامح مرحلة جديدة ربما ستلقي بظلالها على المحيط القريب والبعيد إنشاء الله،
فبعدَ قبول واشنطن إدراج مطالب طهران الثلاث في المسودتين السابقتين على جدوَل أعمال الأفرقاء،
شعرَ الجميع أن المشهدَ بدءَ يتغيَّر نحو أُفُقٍ أفضَل، وأن النقاشات بدأت تَتَعمَّق سياسياً بعيداً عن جو النقاش التِقَني الذي كانَ غالباً ما يطغىَ على الجلسات السابقة برُمَّتها.

وما يدعوا إلى التفاؤل أكثر هيَ المرونة التيدتعاطى بها الأميركيون والإيرانيون على حدٍ سواء بالإتفاق فيما بينهم بالسير بالمفاوضات حتى نهاية شهر أيار المقبل عام 2022،

الأمر الذي يُعتَبَر نقطة فاصلة بين مرحلتين مهمتين بالنسبة للشعب اللبناني الذي يطمح إلى التغيير السياسي الداخلي المرتبط بالخارج،
ولأن هناك إستحقاقاً مهماً بتاريخ 15/5/2022 وهو إقرار إنطلاق ورشة الإقتراع النيابية لإنتاج سُلطة جديدة يبني اللبنانيون الأحرار عليها آمالاً كبيرة إذا ألقَىَ الباقون من شركائهم في الوطن عن أكتافهم فِراء الخراف،

رئيس الجمهورية اللبنانية ميشيل عون دعا إلى أن تكون الإنتخابات القادمة هيَ إستفتاءً نحو الإنتقال إلى نظامٍ سياسي جديد للبلاد يعتمد اللامركزية الإدارية أسماهُ الدولة المدنية كحل، وأعتماد الشفافية والتحقيق الجاد لمعرفة هويَة المسببين في الإنهيار المالي والإقتصادي ومحاسبتهم،
(لأنهم مجهولي الهوية!)
والحفاظ على أموال المودعين،
كما دعا عون إلى وضع إستراتيجية دفاعية بأمرة الدولة وبضرورة التعاون بين الجيش والشعب والمقاومة، وأنتقَدَ تعطيل العمل الحكومي من خلال إيقاف إنعقاد جلسات مجلس الوزراء لسبب غير مرتبط بالميثاقية من وُجهَة نظرِهِ،
الأمر الذي فسرهُ البعض بأنهُ هجوماً على حزب الله وأن خلافات التيار معه قد طَفَت إلىَ السطح ولم يعُد بالإمكان لَملَمة الأمر!
بينما الحقيقة هيَ خلاف ذلك كلياً والأمر واضح وضوح النهار، لأن كِلا الطرفين حليفين وليسا حزباً واحداً ومن الطبيعي حصول تناقضات وتباينات بينهما وليس من الضرورة أن يكون الطرفان لديهما ذات الأهداف،
ولكن مع كل ذلك فإن الأمور ستبقى في إطار الخلاف السياسي، بإختلاف وجهات النظر ولا يشكلُ ذلك خطراً على ورقة التفاهم كما يشتهي البعض أو كما يُنَتظر،

الرئيس عون بخطابهِ مهَّدَ الطريق للحزب بشكلٍ مقصود أو غير مقصود لتَبَنِّي فكرَة اللامركزية وتفعيل التحقيق الجنائي الذي يطالب بهِ والسير بهما كعنوان لمرحلة قادمة لا يختلف مع التيار الوطني الحُر بهما، لأن هذا الحزب هوَ الأكثر إيماناً بها بدليل خوضه الإنتخابات البلدية منذ سنوات طويلة بإعتبارهِ أنها إحدى أهم حلقات اللامركزية الإدارية ويعتبرها الخطوة الأساسية للعملية الديمقراطيه التي تنطلق منها كافة الإيجابيات، وتكريساً للديمقراطية التي تنطلق من القاعدة الشعبية.

إذاً ما تحدثَ عنه رئيس الجمهورية هو مطلب قديم جديد لحزب الله سعى اليه دائماً وكان يتم إفشاله عبر رفض البعض تشريع قوانين بها.
هنا نستطيع القول أن حزب الله بالشكل يتفق مع فخامة الرئيس من حيث الطرح ولكن جوهر الأمر يتطلب قوانين وآليات تطبيق عملية،
أما بالنسبة لضربة فخامته على مسمار الجيش والشعب والمقاومة، لَم تكن متطابقة تماماَ وبنفس الحجم مع ضربته على حافر الإستراتيجية الدفاعية التي ستقرر من خلالها الدولة اللبنانية الحرب أو السلم،
لأن العدو الصهيوني له داخل هذه الدولة أصدقاءٌ كُثُر وستكون الإستراتيجية التي يتحكم بقرارها النظام الرسمي اللبناني عبارة عن قيود تمسك بمعصم المقاومة وتمنعها من ردع العدو، وبذلك لن يستوي الأمر ولا تتفق معهم المقاومة.

الرئيس عون حاول بخطابه المساواة بين المظلوم والجلاد عندما تطرقَ إلى الخلاف مع دول الخليج المُطَبِعَة من دون إحترام شريحة كبيرة من اللبنانيين هم شركائه في الوطن تتهمهم السعودية بالإرهاب! وخصوصاً أنهم أكدوا أنهم هم مَن حاربوا الإرهاب في لبنان وعلى حدوده وخارج الحدود وحرروا الأرض ودافعوا عن الوطن.
بين أيار فيينا وأيار لبنان خيط رفيع يكاد أن يُرَىَ في خال نجاح المفاوضات النووية، وقدرة اللبنانيين على الإنتقال الى نظام غير طائفي تحاصصي، قد يجعل الأمر أكثر صعوبة على أمراء الحرب أن يكونوا موجودين أو بارزين على الساحة السياسية، وسيكون موقف المقاومة أمتَن وأصلَب، ولن تكون تل أبيب في خير من الله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى