أحدث الأخبارالاقتصادشؤون آسيويةشؤون امريكية

تبعات الحرب الاقتصادية الأمريكية الصينية!

مجلة تحليلات العصر الدولية

بقلم: أشرف شنيف

مما لا شك فيه إننا نمر بحرب اقتصادية بين قطبا الاقتصاد العالمي أمريكا والصين، ويشتد ذلك الصراع شيئا فشيء دون تدخل الدول العظمى الأخرى، إما بسبب تبعيته ودعمه لهذا الطرف أو ذاك، أو بسبب انغماسها بمشاكلها الداخلية، أو الإثنين معا، وذلك ينذر بتفاقم الأحداث بسبب حدة الصراع الاقتصادي، السياسي، المالي والعسكري، وكذا من حدة الانقسام الدولي، وذلك بالتالي يمكن أن يجر العالم إلى مزيدا من الحروب والصراعات العسكرية لأسباب جيوسياسية كما سأوضحها لاحقا في المقال.

من المؤسف أن نرى عجز المنظمات الدولية في حل ذلك الصراع الناجم عن هاجس أمريكا من طموح التنين الصيني الاقتصادية والسياسية، فالإدارة الأمريكية قائمة على الهيمنة السياسية والاقتصادية والمالية العالمية، وبالفعل أحكمت قبضتها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وذلك ما آثار غضب النظام السوفيتي حينها ودخلت ضد أمريكا في حرب باردة طويلة المدى إنتهت بانهيار المنظومة الاشتراكية في الإتحاد السوفيتي والعالم.

تتشابه ظروف الماضي مع الحاضر، فقد تنامت قوة الصين الاقتصادية -وذلك ما غفل عنه الإتحاد السوفيتي سابقا فكان سبب انهياره- لكن مازلت أمريكا المهيمنة على المنظومة الاقتصادية والمالية والسياسية العالمية مهما حاولت الصين فرض قوتها، وذلك أدى بأمريكا باستغلال أزمة هونغ كونغ للضغط على الإدارة الصينية دوليا والسعي لفرض عقوبات على الصين وقد كانت المملكة المتحدة -حليفة أمريكا الاستراتيجية- أول المتجاوبين ضد شركة هواوي الصينية، كما قامت أمريكا -قبل الخطوة البريطانية-بفرض عقوبات مصرفية على الصين معلنا، مما آثار الحكومة الصينية من تدخل بعض الدول في الشأن الداخلي متوعدة بفرض عقوبات انتقامية ضد أمريكا، وذلك سبقه توتر أمريكي صيني في بحر الجنوب الصيني بسبب إجراء أمريكا لمناورات عسكرية فيه.

في المقابل، سيكون لتلك العقوبات والعقوبات المضادة ضرر اقتصادي عالمي خصوصا أنها أتت من قطبي الاقتصاد العالمي، وبعد انكماش اقتصادي بسبب جائحة كورونا مما سيؤدي لرفع التكلفة الاقتصادية على دول العالم ومن ضمنها الصين أولا وأمريكا تاليا، وسيؤدي ذلك لرفع معدل الانكماش العالمي الذي وصل إلى 4.9‎%‎ بحسب صندوق النقد الدولي مهدد بخسارة أكثر من 12.5 ترليون دولار على مدى سنتين‎، ويبقى صندوق النقد أكثر المتنبئين تفاؤلا، في حين تتوقع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية انخفاضًا بنسبة 6%. أما القطاع الخاص فيرسم أسوأ السيناريوهات على الإطلاق، ويتوقع انخفاضا عالميا قد تصل نسبته إلى 12%. ويؤكد موقع ستراتفور الأمريكي -في تقرير له- أن الاقتصاد العالمي يمر بأشد فترة منذ 80 عاما، وبأن النماذج الاقتصادية جميعها أثبتت -خلال أزمة كورونا- عدم جدواها في التعامل مع حالة عدم اليقين التي عمت الاقتصاد العالمي.

تلك المؤشرات هي بسبب “أزمة الإغلاق الكبير” الاقتصادية -كما سماها صندوق النقد الدولي-. وبالتالي أي حرب اقتصادية جديدة ستسهم في رفع معدلات الانكماش العالمي لأسباب اقتصادية يطول شرحها ولا يتسع المجال لتناولها بالتفصيل، علما بأن الحرب التجارية التي أتت قبل أزمة كورونا قد أسهمت في خفض النمو الاقتصادي العالمي 0.5‎%‎، وخسرت أمريكا أكثر من ترليون دولار فيها، وانخفض النمو الصيني بواقع 0.1‎%‎، وبالتأكيد ستتضاعف وترتفع تلك النسب والأرقام متأثرة بأزمة كورونا.

أخيرا، تبدو المؤشرات جميعها سلبية أمام الاقتصاد العالمي والاستقرار الدولي، ويبدو أن الصين تواجه أمريكا وتحالفها منفرده هذه المرة، خصوصا بعد انغماس فلادمير بوتين -حليف الصين الاستراتيجي- في مشاكل روسيا الاقتصادية بسبب انخفاض أسعار النفط -التي أشغلته بها أمريكا عبر حرب أسعار مع السعودية- وكذا تبعات فيروس كورونا على الطلب العالمي على النفط، واهتمامه بتمديد فترة حكمه حتى 2036، وهذا ما دفع أمريكا بتحالفها بالسير نحو حرب اقتصادية مع المنافس الصيني، كما أن الإتحاد الأوروبي منغمس أيضا في ذاته لحل مشاكله الاقتصادية العظيمة والذي فاقمها فيروس كورونا، وكل ذلك يؤدي بنا للتنبؤ بصورة سلبية على الاقتصاد والسلم العالمي خصوصا في ظل تنامي بؤر الصراع ،والتوترات الجيوسياسة، وتفاقم المشاكل الاقتصادية حول العالم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى