أحدث الأخبارشؤون آسيوية

تحالفات وصراعات الشرق الأوسط

مجلة تحليلات العصر الدولية

بقلم: أشرف شنيف

مع تطور المتغيرات السياسية والاقتصادية والعسكرية التي تعصف بالشرق الأوسط بسبب المصالح المشتركة وكذا المتقاطعة والتي أدت لظهور تحالفات وعداوات حديثة قديمة، ومن هنا أتت الأزمة التركية اليونانية، اليونان اليوم تمر بأزمة اقتصادية حادة وقواتها العسكرية متهالكة وقديمة مقارنة بتركيا، لكنها نقطة قوتها يتمحور حول دعم الإتحاد الأوروبي، ومن فرنسا على وجه التحديد، عدوة تركيا الأزلية في ذلك الإتحاد التي لطالما حلمت تركيا من أجل الانضمام له.
والسبب من كل هذا التوتر هو ثروات شرق البحر المتوسط الغازية والنفطية، وذلك الذي دعى باليونان لترسيم الحدود المائية مع مصر، ودفع قبلها بتركيا ترسيم الحدود للمياة الاقتصادية مع ليبيا، وكان الثمن الذي دفعه أردوغان لحكومة الوفاق هو دعمه العسكري ضد قوات خليفة حفتر حليف فرنسا وروسيا ومصر والسعودية والإمارات، ومن هنا تبرز تقاطعات وتحالفات مختلفة قليلا عن التقاطعات والتحالفات التي كانت في شرق المتوسط، ففرنسا ومصر والسعودية والإمارات تدعم الطرف المواجه لطرف تركيا، باستثناء روسيا التي تدعم تركيا في شرق المتوسط!

في نفس السياق، لقد كان لتفجير مرفأ بيروت سببا إضافيا لتدخل فرنسا في الشأن الداخلي اللبناني مستنده للعلاقات التاريخية الفرنسية اللبنانية فترة الانتداب والاحتلال الفرنسي للبنان، لتطالب فئة من الشعب اللبناني الشقيق عبر عريضة توقيعات بإعادة ذلك الانتداب والاحتلال الفرنسي في سابقة خطيرة تعبر عن يأس واحباط الشعب اللبناني من النخب السياسية اللبنانية التي تتبع في الأصل أطراف خارجية، ونجد أن ذلك التدخل الفرنسي يأتي بدعم أوروبي لمد نفوذه إلى لشرق الأوسط، وعلى وجه التحديد ألمانيا حليفة فرنسا الاستراتيجية وشريكتها في قيادة أوروبا، وذلك يعزز فرصها الاقتصادية والسياسية أيضا خلف فرنسا، ومن لبنان تجرأ ماكرون للتدخل في العراق مستفيدا من الانسحاب الأمريكي التدريجي عقب التوتر الذي أتى بعد اغتيال سليماني، يعزز ذلك العلاقات الطيبة الفرنسية الإيرانية سواء في العراق أو لبنان.

في المقابل، لقد تابعنا “دون استعجاب” إعلان ترامب التأريخي حول التطبيع الرسمي بين الإمارات والاحتلال الإسرائيلي، وقد باركت بريطانيا ذلك الإعلان وهي التي أسست كلا النظامين “الإماراتي والإسرائيلي” وكذلك معظم دول الخليج أيضا والتي باركت تلك الخطوة الصهيونية نحو تطبيق الشرق الأوسط الجديد، وبتلك الخطوة يعزز التحالف الأمريكي البريطاني الاستراتيجي قوته ونفوذه في الشرق الأوسط، ولا ننسى أن بريطانيا وأمريكا أهم الدول العظمى التي تدعم الصهيونية وكذلك فرنسا، وهنا نجد أن التحركات الأمريكية والفرنسية وبدعم بريطاني وألماني يعزز مخطط الشرق الأوسط الجديد بصورة أو أخرى، في ظل عجز وتبعية حكومات الوطن العربي والعالم الإسلامي، واحباط شعبي من فساد وإجرام تلك الحكومات والنخب السياسية، وكذا من الحروب الصراعات بين الجيران والأشقاء بسبب أو غير سبب، وبذلك يكون النظام الصهيوني قد طبق فعليا نظرية الصدمة للشعوب والحكومات العربية والإسلامية للقبول بكل ما يأتي منهم حتى وإن تناقض مع المبادئ والقيم العربية والإسلامية والإنسانية، وبدعم من أنظمة عربية صهيونية.

أخيرا، لكل ما سبق أهداف عسكرية وسياسية واقتصادية تسعى لاستغلال ثروات الشرق الأوسط لمصالح تلك الدول العظمى، كما يستهدف الاستفادة من الموقع المتميز للشرق الأوسط المتوسط للعالم من خلال مشاريع لوجيستية استثمارية، وكذا الاستفادة من الكثافة السكانية كسوق خصب ليتم تصريف المنتجات والخدمات. كما يعد حركة استباقية لدول الغرب ضد نوايا الصين في الشرق الأوسط ومشروعها طريق الحرير العابر لمنتصف الطرق التجارية ومن أهم أسواق العالم كثافة وثراء، وهذا الذي دفعها لتعزيز تواجدها الاقتصادي في المنطقة عبر اتفاقيات تجارية واقتصادية واستثمارية، ومن تلك التحركات يأتي التواجد السياسي والعسكري كما رأينا في القاعدة العسكرية الصينية في جيبوتي، وهذا ما دفع أمريكا وتحالفها الغربي بالتحرك بصور مختلفة لإحباط النوايا الصينية الروسية في الشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى