أحدث الأخبارالثقافة

تحرير العقول.. أعظم مشروع لأخطر مخلوق… (الإنسان)

مجلة تحليلات العصر - المهندس ابو باقر

الذي بين يديك عزيزي القارئ هو مقال غريب الاطوار ، و واحد من سلسلة مقالات اجتماعية وسياسية..، مهدوية الهوى !، عالمية النشاط !، عراقية اللكنة !. تهتم بتزويد العقل البشري بأدوات الفعل الاجتماعي والسياسي ليكون قادراً على ممارسة التغيير والتمهيد والتحول الحضاري إلى دولة العدل والكرامة الانسانية..

وكذلك تهتم بتحويل و” تحوير” العلوم والفنون التي تستخدمها قوى الاستكبار والاستبداد العالمي للسيطرة والتحكم في مشاعر وسلوك وقناعات المستضعفين في الأرض !!.

وتهتم في كيفية أن نستعمل هذه المواد الخام – بعد تصفيتها – لتحفيز “المناعة” الفكرية والنفسية لدى المستضعفين.. ثم نقوم بزرق “اللقاح” الناجع ضد عدوى الفوضى المنظمة التي تستهدف المجتمعات البشرية في هذا الكوكب الجميل، الذي أنهكه الطغاة والفاسدون.

ثم نقوم بعملية “الهندسة العكسية” لأساليبهم الماكرة وادواتهم المتطورة وتفكيكها وإعادة صياغتها ، ونقدمها للناس المستضعفين- كسلاح ودروع واقية من الاستغلال والاستقطاب والاستحمار- بأسلوب بسيط وممتع وشيّق، وسهل التذكر في ميدان المواجهة والبناء.

هذا المقال محاولة لتسليط الضوء على بعض المعاني والأفكار المعنية بإحداث ثورة في العقول، وهي معان تحتاج إلى تذكير ثم انتباه ويقظة أثناء الممارسة الحقيقية في ساحة الفعل الاجتماعي والسياسي، من اجل تنمية المجتمعات المستضعفة، وهي جديرة بأن تصل إلى كل إنسان يسعى لتغذية عقله بالغذاء النافع، وتطوير أسلوب التفكير، كما تنير ومضات في عقول الناشطين والقادة المعنيين بالفعل الاجتماعي والسياسي، حتى يتمكنوا من تأسيس مؤسسات محلية قوية تقوم على قواعد متينة، ويقوم بها مجتمع حر يحترم العقل، ويرعى قدسيته، ويستثمر في تنميته، ويحافظ عليه من التلوث الفكري والغازات المنبعثة من مصانع الاستحمار ! نعم.. الاستحمار !.
فتعال بنا إلى خوض معركة الفكر.. والوعي.. والكرامة.. معركة الأنبياء !!!…

هزة عقلية بمقياس ريختر..

إن زلزلة العقول من أولى أولويات صناع التغيير، لأنها تردم الفجوة بين المستحيل والممكن العقلي، وهي زلزلة تناقش في المسلمات، وما يُعتقد أنه من الأفكار الرواسي، وبهذه الزلزلة يعاد تشكيل العقول. ويكون من أهم توابعها أعادة تشكيل الفعل الميداني، لإحداث زلازل التحول على الأرض، وتقديم النقلات الكبرى في التجربة البشرية.

عندما ننظر إلى خارطة العالم ونرى القارات مستقرة لتشكل جزيرة عالمية تحيط بها المياه من كل جانب، ندرك عظم الدور الذي تتطلبه التحولات الكبرى. فالأرض لم تكن مجزأة بهذا الشكل، ودار حوار وتفاوض مستمر بين اليابسة والماء، ولولا الهزات والرجات والتصدعات لظلت الأرض كتلة واحدة، ولما رأينا مغازلة المياه لليابسة، وتوطنها كحاجز فاصل بين القارات لترسم لنا لوحة رائعة لمشهد القارات الست متربعة على عرش الماء. هذا المشهد الذي نَحَتته الزلازل عبر العصور.

وتحتاج التحولات الحضارية بدورها إلى زلازل تعيد تشكيل وجه الإنسانية، لترسم عليه أرقى الألوان وأبهجها، وتمنحه قسمات الأمل والإصرار.

وكما تمتلك الدول التي تعاني من زلازل متكررة – كاليابان- مراصد للتنبؤ بحدوث الزلزال..، لتحذر الناس أن “الزلزال قادم لا محالة” فإن علماء الاجتماع يتنبئون بأن زلزال العقول حتمي الحدوث !، وأنه قادم لا محالة !، حينما تزداد الضغوط على الأمم..، وتتعاظم التحديات المفروضة عليها !، وتعجز منظومتها الفكرية عن إبداع تصور للحل، حينها تتصدع الأفكار السائدة وتنهار.. وهذا – برأي القاصر – تمهيد مبرمج في المجتمعات البشرية للظهور المهدوي !!.

وتأتي الزلازل الفكرية لتعيد تشكيل العقل من جديد، فيتغير تعريف الممكن والمستحيل، وتُراجَع المسلمات وأنماط التفكير السابقة التي تولدت في ظلها تلك التحديات، وتُضرب كتل الأفكار الجامدة.
هذه الزلازل هي التي تجدد حيوية العقل، وتعيد فرز الأفكار، وتُبدع المَخرج من الأوضاع التي تبدو قاهرة، بعد أن أعلنت الحرب على الأفكار المستقرة في العقل.

ولابد للعقل من زلزال بين الحين والآخر، لأن استقرار الأفكار فيه فترة طويلة لا يدل بالضرورة على النضج ! ، بل قد يعني الجمود على ما أَلِفه !، لذلك يجب أن يرتج بين الحين والآخر رجات قوية يعيد من خلالها فرز أفكاره ومراجعة مسلماته.

ولا عجب إن أبقى على بعض الأفكار التي يصلح بها العقل، وشذب البعض الآخر وطوره، واجتث مجموعة أخرى من الأفكار بلا رجعة، تلك الأفكار التي تعيق الحراك الجاد نحو التحول.

إنه زلزال حقيقي، يضمن حيوية العقل، ويبدو مؤكد الحدوث مع عجز نمط التفكير السابق عن إيجاد حلول وبدائل تفل التحديات، في الوقت الذي يتطلع الناس فيه إلى مخرج.

وإذا تأملنا حياة المصلحين والمفكرين والقادة الذي أحدثوا تحولات تاريخية ، لوجدنا أنهم زلزلوا العقول، إما بالتعرض للمعتقدات السابقة بالنقد: (( قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ)) ، أو مقاومة المسلمات الخاطئة مثل توهم أن الأرض مسطحة !، أو تغيير أنماط التفكير والنظر إلى شكل المجتمع الأفضل، أو طرح أطروحات جديدة جذابة تخاطب أشواق الجماهير: ((قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)) ، أو القيام بمبادرات ميدانية تؤكد القدرة على إحداث التحولات: ((فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ))…

لقد اتخذوا من عقول الجماهير هدفاً، وصاغوا من القول والفعل أدوات لإحداث الرجات، إنهم مهندسو “سونامي العقول” الجارف، الذي يغير قناعات الجماهير، لتنتقل من الشعور بالعجز إلى الإيمان بإمكانية الفعل، وتسرع إلى مغادرة مقعد المتفرج لتنتقل إلى مقعد الفاعل.

إننا إذا أردنا تغيير وجه خارطة الفعل الاجتماعي والسياسي في العراق المعاصر، فلا نبالغ إذ نقول، أنه لابد من زلزلة العقول. وسيكون لتلك الزلزلة دوياً شديداً، لأنها لا تسعى لعقد صفقة أو تسوية مع الأفكار البالية، فهي زلزلة تصنع واقعاً جديداً، فلا يرهبنك أن تصدعاتها تبتلع الأفكار الجامدة وهي تفر مذعورة !. لأن هذه الأفكار هي نفسها التي ابتلعت أحلامنا يوماً ما، وصادرت قدراتنا المذهلة على التخيل وإبداع الحلول.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى