أحدث الأخبارالعراقمحور المقاومة

تحليل … مستقبل العراق

مجلة تحليلات العصر الدولية - محمد صادق الهاشمي

بعد مداولات عديدة ودراسات ميدانية مبنية على اجراء حوارات مع الجهات المعنية ومختلف الشخصيات ومتابعة ورصد لمتغيرات الساحة توصلنا الى نتائج مهمة ستحصل في المستقبل بناء على الواقع الحالي وهنا نقدم خلاصة مركزة عنها تسهيلا للاطلاع وهي :

اولا- حكومة عبد المهدي ونهايات المرحلة السياسية الشيعية الاسلامية
ستكون حكومة عادل عبد المهدي مهددة بالسقوط حال لم تتمكن من تقديم نجاحات واضحة في العراق حسب البرنامج الحكومي الذي حدده عادل عبد المهدي.

وبعبارة ادق يرى الخبراء ان حكومة عبد المهدي الان يلاحظ عليها مايلي:

1 – ان لا وجود لمنصب رئيس الوزراء بل القرار موزعاً على الاحزاب والقوى السياسية الشيعية وهذا ما استشعرته حتى النجف الاشرف فلم يعد منصب رئيس الوزراء قادراً على ممارسة صلاحياته الدستورية وانما صلاحياته صلاحيات فخرية فقرار عزل الوزراء وتعيين الوزراء وعزل وتعيين المسؤولين من الدرجات الخاصة فضلا عن ابرام العقود ورسم السياسات كلها تدار من قبل الاحزاب ولا يتمكن رئيس الوزراء من اتخاذ اي قرار مستقل بعيدا عن ارادة الاحزاب.
من هنا شهدت مرحلة عبد المهدي مصادرة لصلاحيات رئيس الوزراء الدستورية وتفتت الدولة.

2 – هناك من يقول : يحتمل والحال هذا سقوط حكومة عادل عبد المهدي ولهذه الاسباب المذكورة في النقطة السابقة ولعدم قدرة حكومة عبد المهدي ان تقدم اي مشروع خدمي ومواجهة الفساد.

3 – وهناك من يحتمل بل يتحول هذا الاحتمال الى نظرية مؤكدة ان حكومة عادل سوف تستمر الى كامل هذه الدورة لغاية 2022 الا انها بنهايتها ستنتهي مرحلة القوة في الحكم الشيعي (الحكم الشيعي يستمر ولكن تختزل الكثير من قوته) وبذلك يكون وجوده بعد 2022 غير مؤثر في مسار الاحداث السياسية الداخلية والخارجية.

4 – ايضا توجد احتمالات ودراسات تؤكد ان مرحلة حكم عادل عبد المهدي لمن يدقق فيها يجد انها تتضمن مرحلة (انتقالية) هادئة لادخال البعثيين والكثير من الدواعش وتقوية الخط البرزاني وترسيخ وجود القواعد الامريكية، وسيطرة الخليج بدرجة كبيرة، مع ان عادل ما زال ممسكا بقارب النجاة الايراني فمن يلاحظ وزارة الخارجية العراقية وكل المؤسسات الفاعلة بما فيها الوزارات يلحظ حجم التغلغل البعثي.

ثانيا حكومة عادل ونهايات القوة الشيعية الاسلامية:

ستكون حكومة عادل عبد المهدي اخر عهد سياسي بعده تحصل منعطفات مهمة

1 – من المؤكد لمن يتابع العملية السياسية في العراق يجد هناك فرق كبير في العملية السياسية بين 2003 عن 2018 و2019 هذا الفرق يرسم لنا خطا تنازليا من عام 2003 الى عام 2010 كان الحكم للاحزاب السياسية الاسلامية فيه بقوة ووضوح (حزب الدعوة، المجلس الاعلى، التيار الصدري، بدر… الخ) الا انه بعد عام 2014 وصولا الى عام 2019 وجدنا ثمة متغير كبير في طبيعة وايديولوجية تلك الاحزاب .

ومن هنا بعد ثبوت تلك الحقيقة للمراقبين وهو – وجود المتغير الكبير في ايديولوجية الاحزاب وتوجهاتها ورؤيتها-
سنجد في مستقبل شيعة العراق بعد حكومة عادل عبد المهدي واثنائها مايلي:

1 – ستتسع مساحة الاحزاب والشخصيات التي تخلق تقارب حقيقي من الخط الغربي والخليجي والامريكي .

2 – سيتم توسيع جبهة الخط الليبرالي الشيعي لتكون جبهة شيعية كبيرة او مساوية او موازية للجبهة الشيعية الاسلامية الثورية، ومن الان يجري الاعداد لتقوية هذه الجبهة وهذا المحور ومن الموكد مستقبلا هم من يشكلون الحكومة عام 2022.

3 – ستشهد مرحلة عام 2022 والتي يتم لها الاعداد لها من الان بعد ان يستلم الحكم الخط الشيعي المدني الليبرالي وبعد ان ينحسر الخط الاسلامي وتضعف تأثيرات الشخصيات الاسلامية المهمة والكبيرة،ومن تاثيرات ونتائج هذه المرحلة :
– مرجعية الخط الشيعي الاسلامي الجديد لشيعة المنطقة بكاملها وهذا هدف ستراتيجي للولايات المتحدة الامريكية كنموذج شيعي .

– ستكون مرجعية الخط الليبرالي المدني الشيعي الدينية هي النجف ستقوى علاقتهم بالخليج والولايات المتحدة الامريكية.

– ستتم محاصرة الخط الاسلامي والخط المقاوم وتضعيف وتحجيم ثم تهميش الدور الايراني الى اخر ما يمكن ان يتمكن وهذا ايضا هدف ستراتيجي للولايات المتحدة الامريكية.

من هنا قال السفير الامريكي السابق (سيليمان) لجريدة الواشنطن بوست قبل ان ينهي عمله في العراق في الشهر الخامس من عام 2019.
(( ان العراق يعيش مرحلة انتقالية تتجه القوى السياسية فيها باعتقاد راسخ بالتعامل مع الولايات المتحدة الامريكية والخليج مقابل انحسار كبير للدور الايراني. وان قناعات الشعب العراقي بدأت تتقلص وتتجه الى نموذج شيعي جديد )) .

ثالثا- منجزات حكومة عادل عبد المهدي.

التقرير النصف السنوي الذي قدمه السيد عادل عبدالمهدي عن أداء حكومته، يكشف عن انجاز دون 10٪ خلال فترة حكمه وبعض الوزارات دون ذلك باستثناء التعليم العالي.
وهذا يعني وان كانت الحكومة في بداياتها الا انه يمكن القول ان الحكومة سوف تستمر بهذا الضعف حسب كل المحللين والمراقبين، فما دام الفساد منتشرا مستشريا والوزارات موزعة على الاحزاب، والمؤسسات الرقابية غير جادة في محاسبة المفسدين والخدمات معطلة والموازنة لم تقر قوانين تنهض بالبلد صناعيا وزراعيا ولم تعالج الخلل البنيوي في البنى التحتية في الدولة من قطاع صحي وتعليمي، ولم تهتم بتقليص مساحات البطالة، ولم توفر تخطيط لانهاء ازمة السكن والطاقة الكهربائية، كل هذا نتيجة العلة الاساسية وهي الخلافات الحزبية والمكوناتية .

(( كلام المرجع السيستاني للمثلة الدولية عام 2018 )) وتكون النتيجة واضحة بان حكومة عادل ستستمر بهذا الاتجاه وبهذا المستوى من الضعف، وحتى وزارة النفط مع غزارة الانتاج الا انها تعاني من ارتباك في السياسة النفطية.
وكدليل على سيطرة الاحزاب والمكونات على مقدرات الدولة نجد ان المنافذ الحدودية البرية والبحرية تحت سيطرة هذه الاحزاب هذا في الجنوب، وهناك مساحات واسعة من قطاعات الدولة تحت سيطرة الكرد، وخصوصا قطاع النفط بما فيه نفط الشمال وخط انبوب البصرة- الأردن فهو تحت سيطرتهم فضلا عن نفط كركوك وهكذا سيطرتهم ايضا على الاتصالات والبتروكيمياويات.

وبناءا على هذا الاداء الضعيف وتردي الخدمات ونخر جدران الدولة سيحصل مستقبلا مايلي :

1 – سوف تفقد العملية السياسية شعبيتها وتكون مرحلة عام ٢٠٢٢ مرحلة مشاركة متدنية لاتتجاوز ٣٠٪علما انها مشاركة من الجمهور الحزبي فقط.

2 – ستشهد انتخابات عام ٢٠٢٢ الاتحادية صراع وتزوير وقد تفشل الانتخابات او يحصل صراع.

3 – وفي ظل الصراع الانتخابي وقد يكون مسلحا ستبرز وتهيمن الاحزاب ذات الاجنحة المسلحة وعلى راسها التيار الصدري

4 – سيفقد محور الإصلاح رصيده وتكون القوة الانتخابية وتشكيل الحكومة بإرادة البناء حال ميل التيار الصدري اليه، ليتمكن من قيادة العملية السياسية .

5 – ستختفي الكثير من الاحزاب من الخريطة السياسية، والقرار والوجود الحكومي، وخصوصا الاحزاب التي لاتمتلك اجنحة مسلحة .

6 – ستظهر تيارات شيعية ليبرالية لها مساحات واسعة بمساعدة الاحزاب الكبيرة المهيمنة على المشهد السياسي وسيندك الخط العلماني بها وفي ظل هذا الواقع فان الاحزاب الكبيرة لاتتمكن من العودة الي سابق عهدها سياسيا ولاحكوميا. وستتقلص تاثيرات أصحاب القرار من النجف الأشرف وقم في المشروع السياسي؛ لانها لاتتمكن من التاثير على الاحزاب المسلحة .

وكنتيجة لما تقدم سيبرز في الوجود السياسي العراقي العام كل من الخط البارزاني والنصر والحكمة والتيار الصدري وبدر والدعوة بخطوط متعددة مع رجحان كفة التيار الصدري فالحكمة والنصر سوف يستعينون او يجدون انفسهم محشورين في الخط المسلح الا اذا تمكن حزب الدعوة ان يعيد قوته ووجوده ويوسع من تفاهماته .

رابعا : مستقبل المكون السني:

1 – سيدخل اللاعب الخليجي الي الساحة السياسية العراقية العامة والسنية الخاصة بقوة بشطريه الإخواني والسلفي وستعمل أمريكا والخليج علي تقوية الخط السلفي في العراق بجناحيه (السياسي البعثي والعسكري الداعشي) .

2 – ستظهر في المنطقة الغربية في العراق قوة سياسية عمادها بعض الاحزاب والعشائر لها مشروع خاص مؤثر في العراق ويشكل مع الوجود الامريكي استقواء متبادل، فالاحزاب السنية الان ومستقبلا منقسمة الى خط الحلبوسي وخط الخنجر وخط تقليدي خط اسامة وخط اخر تعمل الولايات المتحدة الامريكية على تقويته وهو مؤلف من البعثيين والسياسيين الخاسرين وشيوخ العشائر وبقايا داعش (الخط السلفي).

خامسا : الموقف الامريكي والخليجي :

1 – ستؤثر أمريكا في الداخل مستقبلا من خلال التواجد العسكري واستعمال ورقة الديون الخارجية والطاقة والديون هي (مبلغ ٣٥-٤٠ مليار دولار للمصارف والدول الاجنبية ومبلغ ٤٨ مليار دولار للسعودية والعراق غير معترف به و مبلغ ٣٣ مليار دولار ضمانات سيادية للمستثمرين في قطاع الكهرباء ومبلغ ٢٠ مليار دولار ديون داخلية للمصارف الحكومية ) .

2 – ستلعب بقوة في ورقة المكون السني وخصوصا السنة الدواعش والبعثيين وشيوخ عشائر من الان يجري التنسيق معها وفق مبداء الاستقواء المتبادل بان توفر امريكا القوة لهذه الشرائح مقابل ان توفر هذه النماذج شرعية البقاء للقواعد الامريكية .

3 – سوف يوثر هذا الواقع على مستقبل ادارة المحافظات السنية وهكذا الواقع السياسي العام وكل هذا يجري الاعداد له من الان وفق مشروع ومنهجية عالية .

رابعا: دورالنجف الأشرف مستقبلا:

النجف الاشرف كلها مع هذا الواقع سوف لا تدفع باتجاه الانتخابات وسيكون لها موقف ليس بصالح الاحزاب . وعموما فالنجف الاشرف ولمن يتابع خطاباتها التي تعكس توجهاتهايجد مايلي :

1 – انها منذ عام 2017 تخلت عن دعم الانتخابات.

2 – الهجوم الواسع على الحكومة والاحزاب ومقاطعتها.

3 – دعم التظاهرات.

4 – التأكيد على ان الحكومة لم تقدم شيء في ملف الخدمات ومحاربة الفساد .

5 – الاشارات الواضحة الى ان التدخل الخارجي له اثره في فساد الاحزاب الداخلي.دعم المطالب الشعبية .

6 – الاشارات الواضحة الى خطورة الواقع السياسي حتى وردت عبارات ((الفساد اشد خطورة من داعش )) .

7 – وصف عمل الاحزاب بانه لأجل المصالح الشخصية وان همّ الاحزاب هو (المغانم) كما ورد في بيان 14- 6- 2019.

8 – يوجد شعور من المرجعية من خلال خطب الجمعة ان الجمهور اخذ يقلص علاقته بالاحزاب ومن هنا اختارات المرجعية موقعها ومكانها فهي لم تختار ان تبقى وسيطا بين الجمهور والاحزاب ولا ان تنحاز الى الاحزاب بل انحازت الى الجمهور وصارت عبر بياناتها معبرة عن الجمهور لاسباب هي تراها من مصلحة المذهب ومصلحة المرجعية والعملية السياسية.
عموما نجد ان المرجعية لمن يتابع بدقة عالية وبتشخيص ودراسة معمقة لخطاباتها ومواقفها يتأكد له ان المرجعية ليس مع هذه الاحزاب ولكنها بلا اشكال مع العملية السياسية وسوف لاتدعم هذه الاحزاب وربما يكون موقفها غير مشجع وتحاول ان تنسحب من المشهد السياسي كاملا .
النتيجة :
هذا هو المشهد السياسي لعام 2022 وفق دراسات وتوقعات مستنبطة من الواقع الميداني الحالي وبيننا الايام .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى