أحدث الأخبارشؤون امريكية

ترامب.. رحيل على وقع طبول الفوضى

مجلة تحليلات العصر الدولية - أمين أبوراشد

آخر مستجدات الفترة الإنتقالية الرئاسية في أميركا، التعهُّد الذي التزم به الرئيس المُنتخب جو بايدن، بتقديم حكومة تاريخية تعكس تنوع الولايات المتحدة، فيما ينتفض الجمهوريون للمطالبة بدور أكبر للكونغرس لإعادة الثقة في النظام الانتخابي، بينما يردُّ الديمقراطيون بأن مواصلة التشكيك في نتائج الانتخابات الرئاسية تهدد الأمن القومي الأميركي، وتزامن ذلك، مع خرق معلوماتي كبير وقرصنة لبعض الوزارات السيادية الأميركية، تُحقق بهما إدارة ال “إف بي آي” حالياً، مع توجيه البعض الإتهامات الى روسيا، فيما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يُطلُّ من خلال مؤتمره الصحفي السنوي الشامل، ليرمي الكرة في ملعب أميركا بشأن تحسين العلاقات، لأن الأمر يرتبط بما يحصل فيها على المستوى الداخلي، في توصيف دقيق من بوتين لما آلت إليه الأوضاع في الولايات المتحدة نتيجة الكباش الحاصل مع ترامب الرافض للرحيل سوى على وقع طبول الفوضى الشاملة.
وفي الوقت الذي أعلن فيه رئيس لجنة الأمن القومي والشؤون الحكومية بمجلس الشيوخ رون جونسون، ضرورة مراقبة أمن الإنتخابات في الكونغرس القادم، من أجل استعادة الثقة بنزاهة نظام التصويت، اعتبر السيناتور الديمقراطي غاري بيترز أن الإدعاءات الكاذبة بشأن تزوير الإنتخابات، تهدد الأمن القومي الأميركي وتزعزع استقرار علاقات الولايات المتحدة مع حلفائها، ولعل المثال الأسهل لتوقعات بيترز بشأن الهيبة الأميركية المُتهالكة أتى من تركيا، التي رفض وزير خارجيتها العقوبات الأميركية الواردة في قانون “كاتسيا” على خلفية إصرار تركيا استكمال صفقة شراء صواريخ “إس 400” من روسيا.
وإذا كان الأمن القومي الأميركي بات مهدداً أكثر من أي وقتٍ مضى، فلأنه على المستوى الخارجي اعتمد خلال ولاية ترامب على المكابرة في التعامل سواء مع الحلفاء أو الخصوم، مما شكَّل أحلاف كراهية لشخص ترامب لدى الحلفاء في أوروبا، وأحلاف كراهية لدى الخصوم من فنزويلا الى كوبا الى كوريا الشمالية ووصولاً الى الشرق الأوسط، وأي اهتزاز على المستوى الداخلي الأميركي، سوف يُدجِّن أميركا في مواجهة الفريقين، ومؤشرات عدم الإستقرار الداخلي قد بدأت، وليس بمقدور جو بايدن ترميم معظمها.
ليست المشكلة الداخلية الأميركية محصورة في مواجهة وباء كورونا ولا في الركود الإقتصادي الذي رفع نسبة البطالة الى مستوى خطير، بل هي في النسيج الإجتماعي والنظام السياسي وأزمة الخليط الديمغرافي وتنوّع القوانين بين ولاية وأخرى، لا بل بين مقاطعة وأخرى ضمن الولاية، وتعارُض هذه القوانين مع القوانين الفيدرالية، والسلطة التي يتمتع بها حكام الولايات الى حدّ رفض ومنع تنفيذ قرارات سلطات ودوائر البيت الأبيض.
وبانتظار آخر جولة من الصراع على البيت الأبيض، عبر جلسة الكونغرس المقررة في مطلع كانون الثاني/يناير من العام 2021، للنظر بتصويت المجمع الإنتخابي على فوز جو بايدن، لم تعُد الجولات القضائية التي يخوضها ترامب ذات جدوى، لأن تحريك الشارع عبر أنصاره لا تنتهي جولاته، وهو الذي شرَّع الفوضى وفتح شوارع تناقضات داخل الولايات الأميركية، وليس إقرار قانون إنتخاب جديد بالأمر السهل، عندما ينزلق الحوار بين الأميركيين الى الشارع، وما أكثر الطروحات المطلبية في ذلك الشارع، من التأمين الصحي الى مناهضة التمييز العنصري مروراً بقوانين الهجرة والعمل وانتهاء بالإستقرار الأمني في أكبر دولة تُشرِّع اقتناء وحمل السلاح ولا قوانين موحَّدة تضبط كل هذا الفلتان في مجتمعٍ متنوِّعٍ مُتفلِّتٍ من الضوابط…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى