أحدث الأخبارشؤون امريكية

ترامب (والنزعات الاخيرة ) ومستقبل المنطقة

مجلة تحليلات العصر - محمود الهاشمي

لا اعتقد ان الولايات المتحدة قد انشغلت بأمر بقدر انشغالها بذكرى اغتيال الشهييدين سليمان والمهندس ،فقد اعتادت هذه الدولة المتغطرسة ان تقتل وتغتال وتحرق وتعتدي دون ان ينتابها اي قلق يذكر .
لقد خرج الرؤساء والقادة الاميركان بعد كل جريمة ارتكبوها وهم في خيلاء وغطرسة يتبجحون بما يفعلون ويلوون القوانين الدولية وفق اهوائهم وتطلعاتهم ليبرروا جرائمهم .
منذ عام تقريبا وامريكا تقف على طرف اصابع اقدامها بعد ان ارتكبت جريمة المطار ،حتى ليكاد الشعب الاميركي ان يلطم ترامب على وجهه بمافعل ،فقد تلقوا اول اهانة مباشرة بقصف تواجد القوات الاميركية بعين
الاسد وهو رد لم تألفه امريكا منذ الحرب العالمية الثانية فقد اعتادت ان تصفع الدول على خدها الايمن فتمنحها الخد الايسر ،لكن ايران غيرت المعادلة سواء علم الاميركان بالرد فأخفوا جنودهم او لم يعلموا وقد تلقوا الضربة ورضوا بذلك عل ذلك يرضي القيادة الايرانية وتكتفي به ثأرا للشهداء ،وهي انتكاسة كبيرة للجبروت الاميركي.
كان الرد المباشر بقصف قاعدة عين الاسد مجرد اعلان ان ايران قادرة على الرد لكن الرد الاستراتيجي بطرد القوات الاميركية من المنطقة هو الهدف الاكبر ونسأل ؛- هل ان ايران قادرة على طرد القوات الاميركية من المنطقة ؟ على الارض نعم فقد باشرت امريكا بسحب جزء من قطعاتها من العراق وافغانستان والصومال وربما من مناطق اخرى دون الاعلان ،وكررت لمرات على لسان مسؤوليها انها جادة في ذلك ،ليس لرغبة اميركية لكنها تلقت الضربات على ايدي المقاومة فكانت بداية الهزيمة !!
السؤال الاخر :-اذا كانت امريكا قد اغتالت الشهيدين سليماني والمهندس بقصد القضاء على المقاومة بالمنطقة فهل نجحت بذلك ؟
بعد استشهادهما رضوان الله عليهما سرعان ماتشكلت فصائل جديدة بالعراق وازدادت العمليات العسكرية ضد التواجد الاميركي بما في ذلك قوافل الدعم اللوجستي القادمة من الكويت باتجاه القواعد الاميركية داخل العراق وخارجه مما دفع بالاميركان الى ارسال ممثلة الامين العام للامم المتحدة بلاسخارت للتفاوض مع قادة المقاومة للمطالبة ب(الهدنة) !!
في سوريا ولبنان واليمن وفلسطين اتسعت المقاومة وازدادت قوتها الميدانية والتسليحية
وشاهدنا صواريخ غزة التي تدك قلاع الصهاينة كل حين ،رغم الحصار وقطع المعونات والتآمر واخر الرسائل كانت في ذكرى استشهاد الشهيدين بمناورة شارك فيها (12) فصيلا للمقاومة لم تقم بحجمها المقاومة بغزة من قبل ،فيما كانت صواريخ انصار الله تصل تباعا الى حيث اوكار العمالة بالسعودية !
خلال عام ،منذ ان تمت جريمة الاغتيال وحتى اليوم ،وجدت امريكا نفسها في حرج كبير بين الداخل الاميركي الذي موشكة فيه الدولة لاعلان الانفصال بين الشمال والجنوب وتدهور الوضع الاقتصادي وتأثير الجائحة والصراع بين الحزبين الحاكمين الجمهوري والديمقراطي وبين السياسة الخارجية وانحسار النفوذ وصعود التنين الصيني ،وازدياد صلابة العمق الاستراتيجي للجمهورية الاسلامية ومحور المقاومة .
لم تستطع امريكا ان تغير في المعادلة السياسية والامنية بمنطقة الشرق الاوسط ،فنظام الحكم في سوريا لم يسقط ولبنان تفاوض بقوة وحزب الله عامر بمقاتليه وسلاحه وقيادته وسياسته الداخلية والخارجية ،وانصار الله القوة الاكبر في اليمن وفلسطين حاضرة بقوتها وصمودها وايران تزداد قوة ومنعة وتمددا ،ومن الصعب المساس بها .
خلال عام حاولت امريكا ان تعوض عن خسارتها وهزيمتها بالمنطقة عبر المساس بالقشرة الخارجية للامة ،فضغطت على الحكومات الضعيفة بالمنطقة مثل الامارات والبحرين والسودان والمغرب وسوقهم باتجاه (التطبيع ) مع الصهاينة في سيناريوهات مكشوفة واستعراضية ،ونست انها اخذت القشرة (الحكومات) وتركت اللب (الشعوب) تقول كلمتها بالرفض وانتظار انتظامها لاسقاط هذه الحكومات العميلة .!
خسارة ترامب بالانتخابات الاميركية الاخيرة لاتمثل خسارة اعتدناها لمرشحين سابقين بالولايات المتحدة انما خسارة رهان صهيوني
وعملائي للمشروع (الاترامبي) سواء داخل امريكا وخارجها فخذلهم الله واذلهم واخر قرقعة للسلاح ارسال ترامب في ايامه الاخيرة البوارج الحربية والطائرات المتطورة الى الخليج بدعوى (محاربة ايران ) ثم ليتراجع الى القول (للرد على ايران ) ثم القول بان (الميليشيات التابعة لايران تخطط لضرب جنودنا ومصالحنا)ليلجم من قبل وزير دفاعه
(ليس هنالك من اشارة واضحة بان ايران لديها نية لضرب القوات الاميركية ) فيما انقسم البنتاغون على نفسه وبدأت عملية سحب احدى البوارج وقطعا ستلحق بها الاخريات ، .لنسأل ؛-الم يعد هذا الانسحاب والتراجع هزيمة لامريكا وخذلانا لاصدقائهم بالمنطقة ؟ لقد وصلت الرسالة بان شخصية المهندس وسليماني تتوالدان ليكونا جيلا مقاوما ونصرا مؤزرا بعد ان اقيمت لهما مراسيم التأبين في الادنى والاقصى من الارض عرفانا وشهادة لهذه الدماء الزكية واعلانا بان (المقاومة ) تزداد قوة وبسالة .
قد يبدو بالشكل العام ان اسرائيل تعيش اعراسها بالتطبيع والعلاقات الجديدة والامتيازات التي حصلت عليها من قبل ترامب في جعل القدس عاصمة لهم وضم اجزاء من الضفة الغربية والجولان وغيرها لكنها عشب زائل لايتعدى فصل الربيع ،مثلما ترامب زائل
والنفوذ الاميركي بانحسار ناهيك عن المشاكل الداخلية التي تعيشها اسرائيل بحيث اربع حكومات بعامين والحبل على الجرار ومشاكل اخرى يصعب احصاؤها ،وان التطبيع خلق لها مشكلة كبرى لانه استفز الشعوب العربية وجعل الحكومات العميلة في حرج .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى