أحدث الأخبارفلسطين

تسارع خطوات التطبيع بين الخرطوم وتل أبيب… وتوقع اتفاق قبل نهاية العام نتنياهو: السلام مع السودان ستجني ثماره المنطقة

الأربعاء – 29 ذو الحجة 1441 هـ – 19 أغسطس 2020 مـ
الشرق الأوسطالخرطوم: أحمد يونس – تل أبيب: نظير مجلي
تشير تسريبات دبلوماسية إلى أن الحكومة الانتقالية السودانية، تعمل بدأب وبعيداً عن الأعين، باتجاه تطبيع العلاقات مع إسرائيل، فيما أشارت تصريحات رسمية إسرائيلية، إلى أن التطبيع المرتقب سيتم قبل نهاية هذا العام، وذلك بعد أشهر من اللقاء المثير للجدل بين رئيس الوزراء بنامين نتنياهو، ورئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، بمدينة عنتيبي الأوغندية في فبراير (شباط) الماضي.

وكشف وزير الاستخبارات الإسرائيلي إيلي كوهين، النقاب، عن صفقة وشيكة مع السودان، يُتوقع أن تُفضي إلى توقيع اتفاقية سلام بين البلدين، ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عنه يوم الأحد قوله: «يُتوقع أن تتم هذه الخطوة التاريخية قريباً، وربما قبل نهاية العام الحالي»، وأن بعثات مشتركة تعمل على قدم وساق للتوصل لاتفاق.

بدوره دعا المتحدث الرسمي باسم الخارجية السودانية، حيدر بدوي صادق، في نشرة على حسابه بموقع الحوار السوداني الشهير على الإنترنت «سودانيز أون لاين»، السودانيين للصلح مع إسرائيل بالقول: «أقول لكل السودانيين.. اصطلحوا مع إسرائيل».

وألمح صادق إلى ترتيبات تجري في الخفاء بين قيادة الدولة وإسرائيل، وقال: «أقول للرئيسين البرهان وحمدوك، احترموا شعبكم واكشفوا له ما يدور في الخفاء بشأن العلاقة مع إسرائيل»، وتابع: «لإسرائيل أقول، نحن شعب عريق يعرف مصالحه جيداً، ولن نرضى بعلاقات غير متكافئة كتلك التي أقامها نظام الهوس الديني المباد».

وقطع الدبلوماسي الذي أُعيد للخدمة عقب الثورة السودانية، بعد أن كانت سلطة الإسلاميين قد أحالته للصالح العام، بأن السودان لن يطبّع علاقته مع إسرائيل إلاّ بمنطق الند للند، وتابع: «للولايات المتحدة أقول، ارفعي اسم السودان المقدس، الذي دنّسه الهوس، من قائمة الدول الراعية للإرهاب فوراً ولا تتعاملي معنا إلا كندٍّ أصيل تحتاجين إليه كما يحتاج إليك، وأؤكد أنك ستحتاجين إليه، وستحتاج إليه دول العالم كافة، بأكثر مما يحتاج إليك ويحتاج إليه باقي العالم، كما سيرد لاحقاً».

وفور ذيوع هذه التصريحات المنسوبة للمتحدث باسم الخارجية السودانية سارع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عبر صفحته على موقع الرسائل القصيرة «تويتر»، للترحيب بها، قائلاً: «إسرائيل والسودان والمنطقة بأسرها ستجني الفوائد من اتفاقية السلام التي ستكون قادرة على بناء مستقبل أفضل لجميع شعوب المنطقة». وأضاف: «سنقوم بكل ما هو مطلوب لجعل هذه الرؤية حقيقة واقعة».

كما رحب وزير الخارجية الإسرائيلي، غابي أشكنازي، وقال: «إعلان وزارة الخارجية السودانية يشير إلى التغيير الجوهري الذي يحدث هذه الأيام في الشرق الأوسط بشكل عام وفي السودان بشكل خاص. وعلينا أن نتذكر أن هناك أهمية بالغة لهذا التصريح الآن، بعد 53 عاماً من مؤتمر الخرطوم الذي دعا فيه السودان وسائر العرب إلى معارضة الاعتراف بإسرائيل، (لاءات الخرطوم) وتوقيع اتفاق سلام معها، إنني أرحب بأي خطوة تعزز عملية التطبيع والسلام والاتفاقات والاعتراف بين الدول».

وقال أشكنازي: إن «الجهود الدبلوماسية الإسرائيلية بقيادة وزارة الخارجية تخلق فرصاً مهمة أخرى مثل العلاقة بين إسرائيل والسودان. وسنواصل مناقشة تحسين العلاقات في المستقبل القريب حتى يتم توقيع اتفاق سلام يحترم مصالح الطرفين».

وكان الناطق بلسان وزارة الخارجية الإسرائيلية، ليئور خياط، قد رحب هو الآخر بالتصريح السوداني، وقال إن «دولة إسرائيل ترحب بأي خطوة من شأنها أن تؤدي إلى عملية تطبيع واتفاقات سلام مع دول المنطقة».

يُذكر أن وزير المخابرات الإسرائيلي، إيلي كوهين، كان قد أعرب عن قناعته بأن السودان هي التي ستعقب الإمارات العربية في التوقيع على اتفاقية مع إسرائيل قبل نهاية العام الجاري. وقال كوهين في إحاطة قدمها لوسائل الإعلام الإسرائيلية: «أعتقد أنه قبل نهاية هذا العام سنحقق اختراقاً آخر مع دولة في أفريقيا». وتابع: «أعتقد أن السودان هو البلد التالي». لكن مصدراً سياسياً مقرباً من نتنياهو استبعد أن يكون السودان هو التالي ورجح أن تكون تلك البحرين أولاً.

وحتى الوزير كوهين، عاد وقال في تصريح لإذاعة الجيش الإسرائيلي، أمس، إنه يرجح دولة أخرى وقال: «أعتقد أن البحرين وسلطنة عمان على جدول الأعمال بالتأكيد. بالإضافة إلى ذلك، فهناك في تقديري فرصة بالفعل في العام المقبل لاتفاق سلام مع دول أخرى في أفريقيا وعلى رأسها السودان».

ويؤكد محللون يتابعون نشاط رئيس الموساد، يوسي كوهين، إنه ينوي الانتقال من الإمارات، التي يزورها منذ مساء الاثنين، إلى دولة أخرى ترغب في إقامة علاقات مع إسرائيل. فيما ذكرت القناة الرسمية للتلفزيون الإسرائيلي «كان 11»، أن الاتصالات بين إسرائيل والسودان مستمرة، كما أن «بعثات من كلا الطرفين تواصل الاستعدادات على قدم وساق للتوصل إلى هذا الاتفاق بينهما».

وكان رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، قد ذكر في حوار سابق مع «الشرق الأوسط» تعليقاً على لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في عنتيبي الأوغندية، أن من حق السودان البحث عن مصالحة الوطنية والأمنية في كل مكان، وأن الجهاز التنفيذي –يقصد مجلس الوزراء– يقوم بترتيب وإدارة العلاقات الدبلوماسية، وأن «لجنة مصغرة» تم تكوينها لمتابعة أمر العلاقة مع إسرائيل، بيد أنه عاد وقال: «العلاقة مع الجانب الإسرائيلي متروكة للجهاز التنفيذي».

وكشف في تلك المقابلة أن طرفاً ثالثاً – لم يسمّه، والأرجح أنه الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني والمستشارة المشتركة بينه والبرهان الراحلة نجوى قدح الدم قد رتّبا ذلك اللقاء– وتناول دور إسرائيل في دعم السودان فيما يتعلق بحذفه من اللائحة الأميركية للدول الراعية للإرهاب.

ووصف البرهان المعارضة للقائه مع نتنياهو ولتطبيع العلاقات مع إسرائيل بقوله: «مصلحة السودان يؤيدها قطاع واسع من السودانيين، ولا يعارضها سوى عدد محدد من الجماعات الآيديولوجية».

ولم تصدر أي تعليقات أو تصريحات رسمية، عن تطور ملف العلاقات السودانية الإسرائيلية، منذ إعلان البرهان تسليم الملف لمجلس الوزراء، وعمل «اللجنة المصغرة» التي كشف لـ«الشرق الأوسط» تكوينها، بيد أن التقارير الإسرائيلية ما انفكت تؤكد أن التواصل مستمر بين الخرطوم وتل أبيب، وهو ما تؤكده حاجة الأطراف الثلاثة للتطبيع: «نتنياهو في حملته الانتخابية، ومثله الرئيس دونالد ترمب في حملته الانتخابية هو الآخر، والسودان لحذف اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب».

ويستند الدبلوماسي صادق، في دعوته للتصالح مع إسرائيل إلى منطلقات دينية وجغرافية وتاريخية، لكونه ينتمي لجماعة «الإخوان الجمهوريين» التي أسسها المفكر محمود محمد طه الذي أعدمه الرئيس الأسبق جعفر النميري بتهمة الرِّدة على اجتهاداته الدينية الجريئة.

بيد أن السفير صادق، وصف موقفه بأنه «شخصي»، ويعبر عنه كمواطن لا كدبلوماسي: «كمواطن سوداني حر مكّنته ثورة شعب حر أن يصدح برأيه، لا كسفير مسؤول في الخارجية فحسب، والحرية الفردية المطلقة هي أسمى ما أصبو إلى تحقيقه في علاقتي بربي بالتوحيد وعلاقتي بالناس في الفضاء العام».

وتابع: «لذلك لن أدع منصبي في الخارجية والفهم القديم السائد، والمغلوط، عن الدبلوماسية، بوصفها فن الكتمان أو البوح المنمّق، يكبّلني عن الصدح برأيي الحر في أي شأن يتعلق بالمصلحة العامة، وحرية الرأي هي أهم فاعل في الفضاء العام، وهي أهم مكتسبات ثورة ديسمبر (كانون الأول) على الإطلاق».

وتعد الخرطوم من ألد أعداء إسرائيل، حيث شهدت عقب نكسة 1967 مؤتمر القمة العربي الشهير بمؤتمر اللاءات الثلاثة «لا صلح لا استسلام ولا تفاوض» مع إسرائيل، وكانت جوازات السفر السودانية حتى عام 2009 ممهورة بعبارة «مسموح له بزيارة كل الأقطار عدا إسرائيل»، ما يجعل من الخطوات المتسارعة باتجاه التطبيع تغييراً جوهرياً في السياسة الخارجية للسودان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى