أحدث الأخبارالإسلامية

تغييب المصطلحات والتلاعب بها في حربهم الناعمة ضد المرأة

مجلة تحليلات العصر الدولية - د يوسف الحاضري

توعد الشيطان الرجيم في حركته الإضلالية لبني آدم أنه سيصر ويستمر في سعيه هذا مهما حاول الإنسان اغلاق ابواب الضلال وصده دون يأس او احساس بالفشل حيث قال (ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) وهكذا استطاع إضلال المرأة المسلمة مستخدما ثقافة زخرفها لهن أنها قرآنية .

بقلم د.يوسف الحاضري
كاتب وباحث في الشئون الدينية والسياسية
abo_raghad20112@hotmail.com

عندما يجد الشيطان بابا من ابواب اضلاله للانسان موصدا في وجهه فهو لا يستمر في طرق الباب نفسه فهو اساسا أضعف من ان يستطيع ان يفتح بابا أغلق في وجهه بقوة الإيمان بل يبحث عن مدخل آخر وهكذا دون يأس بل انه يصل الى ان يدخل من باب حبك للدين وإلتزامك به فيجعلك تتدين ولا مشكلة لديه ولكن بفكر وثقافة باطلة وهكذا هو الشيطان والله قد وضح لنا ذلك وبينه لنا في القران ولعل من أهم ما قام به هو تشويه مصطلحات وتغييبها والتلاعب بها هي من أساسيات لغتنا العربية البينة الواضحة وهي أيضا من عمق كلمات القرآن الكريم الذي جاءت فيه .

عندما وصلنا في مرحلة صراعنا ضد الباطل ان نحافظ في يمن الإيمان على توازن اللباس الشرعي للمرأة وتغطيتها بما يتوافق مع توجيهات الله وأهداف هذه التوجيهات لم ييأس الشيطان بل استمر ومازال مستمرا في سعيه للإضلال ومن خطواته التي نهانا الله عن اتباعها انه شوه وتلاعب بألفاظ ومصطلحات قرآنية فجعل معناها غير الذي أرادها الله وقدمها على طبق من ذهب للناس فغرزوها في اذهانهم على انها هي الصحيحة فجاءت نتائج هذه الثقافة المغلوطة كما نرى اليوم من ممارسات وسلوكيات خاطئة يجب ان تصحح جملة وتفصيلا وهذه المصطلحات هي (زينة المرأة – عورة المرأة – سوءة المرأة) فماذا تعني هذه المصطلحات من واقع قرآني.
استطاع الشيطان ان يقدم مصطلح (زينة المرأة) التي ذكرت في سورة النور (ولا يبدين زينتهن الا لبعولتهن أو آباءهن او آباء بعولتهن ….. ) على أنها العورة ، حيث أصبحت عورة المرأة هي زينتها في فكرها وثقافتها فنجدها تبتذل كل الإبتذال في لبسها في الحفلات الخاصة بالنساء كالاعراس مثلا حيث أصبحت نساء المسلمين في هذه القاعات كأنها عند زوجها في غرفة نومها بحجة أن الله قال لهن أنه لا مشكلة ان يظهرن زينتهن عند النساء في سياق الحديث عن هذا الامر (ولا يبدين زينتهن الا لبعولتهن ….. او نسائهن) فأستطاع الشيطان ومعتمدا على سلاح رغبة بعض النساء في ابداء مفاتنهن الجسدية (العورة) بحرف المفهوم السليم للزينة الى مفهوم العورة وحصلت الكارثة وكل النساء يدركن ذلك وهن يشاهدن ما يحصل في قاعات وتجمعات الأعراس الخاصة بالنساء .

اذا ماهو مفهوم الزينة التي تكررت ثلاث مرات في آية واحدة في سورة النور ( وَقُلْ لِلْـمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَـمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَـمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْـمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) فالزينة هو ما يعطي المرأة تميز الجمال ، حيث ذكرت الزينة (ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها ) و (ولا يبدين زينتهن الا لبعولتهن …. ) و (ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن) ولعل الواقف قيلا امام هذه التوصيفات للزينة سيدرك تماما أن الزينة هي جانبان اولا جسدي شكلي يضاف اليها ما يزين المرأة ، ثانيا ما يضاف اليها مما يزين المرأة وتتلخص التالي
– (الوجه ) والذي هو أهم ما يزين المرأة لذا نجد ان معظم مكياج المرأة ينصب على الوجه لكي تظهر جميلة لذا قال تعالى في ايه اخرى في جانب تغطية الوجه عن العامة (ذلك أدنى ألا يعرفن فلا يؤذين) ، ومن وجه المرأة يأتي تمييزها فمما فيه من زينة تعرف المرأة ويستطيع ان تصنف في أمور عديدة وامر التوجيه للتغطية يأتي ضمن حفظها من أن تؤذى من أصحاب القلوب المريضة (فيطمع الذي في قلبه مرض) لذا الوجه هو زينة وليس عورة.

– هناك زينة اخرى للمرأة كشعر رأسها والذي تتميز النساء عن بعضهن وتميز جمالهن

– الايدي والجانب الأعلى من صدرها وجوانب وجهها (الاذنين وما حولهما) حيث ان المرأة تزين هذه المناطق بالخاتم وبالسلسلة على العنق والأخراص على الأذنين والحلقات على اليدين والخلاخل على الأرجل

– مما يزين المرأة ايضا شكل جسدها (حجما وطولا ) ومنها صدر المرأة الذي يسمى في القرآن ب(جيوب المرأة) ، شكلا وليس جلدا.

ومن خلال الآية القرآنية اعلاه الخاصة بالزينة والتي جاءت في سورة النور لتنير حياة المرأة والرجل على حد سواء نستطيع ان نوضح الزينة التي تظهرها بشكل عام وبشكل خاص كما هو واضح في الآية وذلك كالتالي :-
اولا :- تلك التي لا تستطيع المرأة اخفاءها (الا ما ظهر منها) اي ما ظهر من الزينة دون قدرة المرأة على اخفاءها وهذه أكيد تتلخص في شكل جسمها (طولا وعرضا) حيث لا تستطيع المرأة اخفاء هذا الجانب ويتضح من تحت ملابسها التي تحتشم بها وايضا تدخل في هذا البند عيناها وفي اماكن معينة ملزمة بقوانين معينة يدخل الوجه (ولكن بدون أي زينة للوجه ومجملات ) وايضا الكفين وهذه الزينة هي التي لا تسئل المرأة عن ظهورها لان الأمر خارج تماما عن قدرتها في اخفاءها فحتى جيوبهن (صدورهن) فهن ملزمات بإخفاء شكلهن وحجمهن بتغطيتهن اما بطول خمار رؤوسهن ووجوهن او بقطع اخرى اضافية تحملها المرأة على كتفيها (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) فيفضل الخمار يكون طويل وشامل للتغطية جيوبهن لكي لا يسقط ويبقى ثابت بثباته على رأس المرأة ، ومبررات هذا المنع حفاظا لها من الرجال وحفاظا للرجال منهن فهناك نوازع داخلية للرجل والمرأة جاءت الموانع والقوانين هذه لتحد منها وتخصصها فقط لمن ستأتي في بقية الآية.

ثانيا :- (ولا يبدين زينتهن الا لبعولتهن ….) ولبقية اصناف الرجال التي ذكرت في هذا الجزء (الزوج واباءهن ويأتي ضمن آباءهن الأجداد من الام والأب والأعمام والذين يكونون ضمن مستوى الابوة كما وضح الله ذلك في حديثه عن ابراهيم عليه السلام فوصف عمه آزر بأبيه ” أبيه آزر” لذا جاء الطرح بصيغة الجمع (آبائهن) واباء بعولتهن وأبنائهن وابناء بعولتهن من امرأة اخرى واخوانهن وابناء اخوانهن واخواتهن ، اي أن الزينة الاخرى كالوجه والشعر وكلما ذكر في انواعها الثلاثة اعلاه لا جرم عليها ان ينظر اليها هؤلاء ويستنثى الشذوذ النفسي الذي قد يصيب اي صنف من هؤلاء فينظر الى المراة بنظرة غريزية وهي امور شاذة ونادرة ولكنها تكون معروفة للمجتمع فيتم تجنبهم تماما مهما كانت قرابتهم لان هدف السماح والمنع هو تحصين المجتمع وتنقيته.

ثالثا :- اجزاء النساء التي يحق لهن ان ينظرن الى بعضهن البعض وهي كل زينة المرأة التي وضحناها أعلاه فتظهر لهن زينتها وجها وشعرا وعنقا وايدي وأقداما حتى مستوى الساق الذي يوضع فيه خلخال للزينة.

العورة :- لا يعتبر بقية جسد المرأة من عنقها حتى منتصف ساقها المراة زينة على الإطلاق ، فمنذ متى اظهار المرأة لبطنها او لظهرها او لاجزاء اخرى ضمن هذا الجزء زينة للمرأة بل هي ضمن جسد المرأة تحت مسمى العورة ، لذا عندما ينظر الرجل للمرأة عند سعيه للزواج بها فيكتفى بنظره للوجه لأن بقية الجسد يعرف للجميع بتشابه تكوينه ومكوناته مع بقية اجساد نساء الأرض ، لذا جاءت لذا جاء في سياق الآية (أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ) اي كل الاطفال حتى لولم يكونوا من الأقارب بشرط الا يكون لديه معرفة بإغراءات جسد المرأة خاصة عورتها ولم يقل الله الذين لم يظهروا على زينة النساء .

ثالثا :- سوأة المرأة ، فالسوأة هو الجزء الذي يساء الانسان من ظهوره وهي الجزء الاكثر تخصصا في جسدي الرجل والمرأة ويفهم من قوله تعالى عندما وصف آدم وحواء بعد ان أكلا من الشجرة فتساقطت عنهما ثيابها سعيا لأن يبحثا عن اي شيء يغطيها أكثر منطقة في جسدهما يجب ان تغطى ولم يجدا الا ورق الجنة ( فَلَـمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ) ثم جاءت سياق الآيات لتوصف السوأة ووجوب حفظها وسترها ( يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26) يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآَتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (27) الاعراف.

يأتي ضمن العورة والسواة هي تلك الملابس التي تظهر شكل الجسد بشكل مبتذل يعكس مدى انحطاط اخلاقيات ومعرفة ووعي هذه المرأة سواء كان لباسها في الشارع او حتى في حفلات النساء الخاصة او حتى امام اباء بعولتهن واباءهن وبقية الاصناف المستثناء للزينة (وليس للعورة) ويستثنى من كل ذلك (البعل) اي (الزوج) الذي وصف في ايات اخرى (هن لباس لكم وانتم لباس لهن) ومن خلال هذه المعرفة السليمة السديدة يجب على كل امرأة وكل أب وأخ وزوج امرأة مازالت في حالة نقص وانحراف وضلال في الوعي في معرفة هذه الجوانب الهامة جدا عليهن ان يصححن ثقافتهن وممارساتهن وسلوكهن وتوبوا الى الله جميعا ايها المؤمنون لعلكم تفلحون .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى