أحدث الأخبارفلسطينمحور المقاومة

تفجير المخيمات… وخيارات العودة

مجلة تحليلات العصر الدولية

المخيم، اسم ارتبط بالنكبة الفلسطينية 1948، وارتبط بلجوء مئات آلاف اللاجئين الذين هجروا من أراضيهم المسالمة ومن بيوتهم ومزارعهم الآمنة، لجأوا إلى مناطق أكثر أمنا من المجازر الصهيونية التي كانت تلاحقهم، ومن الطائرات التي كانت تقصفهم، ومن الخيانات العربية التي كانت تلهب ظهورهم.
ووفقا للتعريف العملي للأونروا، فإن اللاجئين الفلسطينيين هم أولئك الأشخاص الذين كانوا يقيمون في فلسطين خلال الفترة ما بين حزيران 1946 وحتى أيار 1948، والذين فقدوا بيوتهم ومورد رزقهم نتيجة حرب 1948.
وبلغ عدد مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية المحتلة 19 مخيما، وفي قطاع غزة 8 مخيمات، وفي لبنان 12 مخيما، وفي الأردن 10 مخيمات، وفي سوريا 12 مخيما، تضم أكثر من ستة ملايين لاجئ، عدا عن مئات آلاف اللاجئين الذين شقوا طريقهم الى مختلف دول العالم.
المخيم، كاسمه مكان مؤقت كان يتوقع اللاجئون أن تتخذ المخيمات كمكان للتخييم الى حين الرحيل والعودة الى بيوتهم وأراضيهم التي هجروا منها، ولكن..
لكن الأمم المتحدة واستعدادا لإدامة الكارثة، خصصت للاجئين وكالة أممية هي “أونروا” لإغاثتهم وتشغيلهم إلى حين تطبيق القرارات الأممية بعودتهم التي طالت لأكثر من 73 من التهجير واللجوء.
فشكلت “أونروا” أطول حقنة مهدئة في التاريخ، عملت على اشغال اللاجئين بالحصول على المأوى والطعام والعمل بالحد الأدنى، كي لا ينشغلوا جميعا بالعمل على العودة الى أراضيهم الثرية، وبساتينهم الغناء، وبيوتهم الفسيحة.
وجاء اليوم الذي باتت دول العالم التي صنعت “أونروا” تهدد بحجب الأموال المخصصة لدعم موازنتها لمواصلة القيام بما لبثت تقوم به على مدار عشرات السنين الماضية.
فحجبت أمريكا ما كانت تدفعه “للأونروا” ولم تعيده الا بعد توقيع ما يسمى باتفاق الإطار الذي يحاول العبث بالذاكرة الجماعية للاجئين، وتفريغ ثقافة الأجيال من الرموز والثوابت الوطنية.
وعلى ذات المنوال حاول الاتحاد الأوروبي حجب مساعداته “للأونروا” للضغط على “الاونروا” للعبث بالمناهج الفلسطينية تشويها وتغييرا وتفريغا، قبل ان تتغلب الأصوات المؤيدة للحق الفلسطيني وتصوت لصالح دفع هذه الأموال للأونروا دون اشتراطات.
وعليه باتت المخيمات كقنابل موقوتة، جرّاء تراكم الأزمات، وعدم قيام وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ” أونروا” بواجباتها الإغاثيّة استجابةً للأزمة التي يصنعها الانهيار الاقتصادي في مختلف المخيمات، سواء في مخيمات قطاع غزة المحاصر، أو في مخيمات لبنان المجوع، أو في مخيمات الضفة الغربية المحتلة، أو في مخيمات الأردن التي تشهد استقراراً مزيفًا، وانعكاسات هذه الأزمات الحادّة على اللاجئين.
لم تكتفي الدول المتآمرة على تصفية قضية اللاجئين بأن تطال حليب الأطفال، ومعظم الاحتياجات سواء للكبار أو الأطفال، ولم تكتفي أن تطال أزمات الأونروا المصطنعة حبة الدواء للاجئين، وعدم مقدرة الكثير من عوائلهم على توفير الطعام اليومي، وتسديد إيجار منازلها، أو دفع استحقاقاتهم الملحة الأخرى، بل تجرأوا على ثوابت القضية ورموزها الوطنية.
ووصلنا إلى السؤال الملح:
ماذا لو تركنا أو دفعنا مخيمات اللاجئين التي تغص بملايين اللاجئين، وغالبيتهم من فئة الشباب للانفجار في وجه من صنعوا نكبتهم.
تخيلوا لو هب ملايين اللاجئين في مختلف مخيمات اللجوء في غزة والضفة ولبنان وسوريا والأردن، وفي وقت منسق ومتزامن، لتحقيق هدف العودة بأيديهم، بعد أن فشلت الأمم المتحدة وقراراتها الفاشلة في تحقيق ذلك على مدار 73 عاما.
تخيلوا كيف ستهب كل القوى الاستعمارية لصب المال على اللاجئين صبا، كي يستمر مفعول المهدئ، وكي تنعم ربيبتهم “اسرائيل” بالسلام والهدوء.
حتما لن يقايض اللاجئون الفلسطينيون الوطن بالمال، ولكن يجب ان لا ينسى العالم ان ما يدفعه للشعب الفلسطيني هو مجرد تكفير صغير عن خطيئة صمته على اغتصاب فلسطيننا وأحلامنا وبيوتنا ووطننا الذي عاشنا فيه قرونا بهدوء وسلام.
لا يجب أن تستمر أوضاع اللاجئين الفلسطينيين بهذا السوء والانحدار، ولا يجب ان تستمر الدول الاستعمارية في ابتزاز اللاجئين للتخلي عن ثوابتهم وثقافتهم وحقهم بالعودة، الأمر الذي يفرض على القائمين على شؤون اللاجئين التفكير بجدية بهذا الخيار مضمون النتائج.
عومل تفجير المخيمات الطافحة بالثورة والغضب متوفرة بشكل فائض، فلتعملوا على توظيف هذه العوامل لتفجير المخيمات في وجه الجلادين، ولتقلبوا الطاولة في وجه الجميع، وليفرض اللاجئون جدول أعمالهم على العالم.
فالعالم لا يستمع إلا إلى الأقوياء، والعالم الذي تحكمه المصالح لا المبادئ يستحق أن نضع بساطيرنا الثقيلة فوق طاولته.
فإما حياة تسر الصديق وامما ممات يكيد العدى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى