محور المقاومة

ثقافة محور المقا١ومة من فلسفة التأسيس إلى رسم ملامح العالم التعدُّدي

مجلة تحليلات العصر الدولية - حازم أحمد فضالة

«إنَّ صناعة حضارة إسلامية متجددة يمثل أحد أهداف الشعب الإ.يراني، وأهداف الثو.رة الإسلامية» إلى أن يقول:
«الحلقة الأولى: الثو.رة الإسلامية.
الحلقة الثانية: تشكيل النظام الإسلامي.
الحلقة الثالثة: تشكيل الدولة الإسلامية
الحلقة الرابعة: تشكيل المجتمع الإسلامي.
الحلقة الخامسة: تشكيل الأمة الإسلامية».
هذا ما قاله الإمام القائد الخامنئي -أعزَّه الله- في الجزء الأول من الفيلم الوثائقي عن الجمهورية الإ.سلامية بعنوان: (القائد والمشروع الحضاري)؛ في حديثه عن بناء الأمة والحضارة الإ.سلامية.

إذ لم تكن المقا١ومة منذ شهقتها وزفرتها الأولى مقيدة بمفهوم السلا١ح بعيدًا عن المفهومات العلمية والثقافية والتكنولوجية الأخرى.
المقا١ومة التي قادتها الجمهورية ال.إسلامية كانت نهضةً للشعوب المظلو.مة كلها، وخصوصًا في غرب آسيا، وهي للوقوف بوجه التفرُّد الغربي وكسره، وإقامة التعددية في العالم المبنية على أساس المصالح المشتركة، ولنا أن نُسلسل هذه الأحداث باختصار، التي تدحرجت في منطقتنا بفضل قيام الثو.رة الإسلامية ومدها يد العون بالمال والسلا١ح والرجال والخطط للشعوب المظلو.مة لنصرتها، وهي:

1- انتصا١ر الثو.رة الإسلامية عام 1979، وهز.يمة المعسكر.ين الأ.ميركي والبر.يطاني من أرض الجمهورية الإ.سلامية.

2- ال.ن.ص.ر اللبناني بتاريخ: 25/أيار/2000 بقيادة ح.ز.ب الله على الصها١ينة ال.م.ح.ت.ل.ي.ن أرض لبنان، وطر.دهم من جنوبي لبنان طردً١ مُد.مِّرًا ومذ.لًا.

3- هز.يمة إ.سرائيل (ال.ج.ي.ش الذي لا يُ.ق.هَ.ر) على يد ح.ز.ب الله في الحر.ب التي بدأت بتاريخ: 12/تموز/2006 (حر.ب تموز)، إذ لم تتمكن إ.سرائيل المواصلة بها أكثر من أربعةٍ وثلاثين يومًا، هذه الهز.يمة الكبرى كسرت الميزان العسك.ر.ي الإستراتيجي ال.إسرائيلي، أي: أخرجتها من دائرة المقتدرين على اتخاذ قرار الحر.ب، والذهاب إلى الحر.ب وحصد النصر.

4- الاحتل١ل الأ.ميركي للعراق في عام (2003)، والفشل الأ.ميركي في التوسع نحو إ.يران وسورية أو الثبات في العراق، حتى هز.يمة مُذِ.لَّة للأ.ميركيين من العراق عام (2011) حاملين أكثر من خمسة آلاف نعش لجنو.دهم، مع أكثر من ثلاثين ألف أ.ميركي معا١ق، بخسا.ئر مادية بلغت أربعة تريليون دولار أ.ميركي!.

5- الحر.ب الأ.ميركية الإ.سرائيلية الخليجية (بالوكالة) على الدولة والشعب السوري عام (2011)، ووقوف محور المقا١ومة وروسيا؛ إسنادًا ونصرًا ودعمًا للدولة السورية، وفشلٌ أ.ميركي في تحقيق أهداف الحر.ب، وها هي اليوم سورية تنتخب رئيسًا مِلء إرادتها بعيدًا عن الإملاءات الغربية.

6- العام 2014 إدخال (دا١عش – الإ.رهاب السلفي) إلى العراق تحت غطاء أ.ميركي، وهُزِ.مَ هذا المشروع الدا١مي المؤ.لم؛ وسجل محورُ المقا١ومة نصرًا، سا.حقًا على عظام أ.ميركا في عام (2017).

7- بتاريخ: 25/آذار/2015، بدأ التحالف السعو.دي حر.ب (عا١صفة الحزم) الظا١لمة لتد.مير دولة وشعب اليمن العزيز، لكن اليوم المقا١ومة اليمانية تضر.ب عمق السعو.دية ومنشآتها الرئيسة، والسعو.دية لا تستطيع إيقاف هذه الحر.ب إلا بشروط أهل اليمن، لأنّ آل سلمان الغُز.اة ذاقوا و.يل الصوا١ريخ والمُسيَّرا١ت اليمانية.

8- الاتفاق النو.وي بين الجمهورية الإ.سلامية ومجموعة دول (5+1)، يُوَقَّع بتاريخ: 14/تموز/2015، وتنسحب منه أ.ميركا، وتعود ذ.ليلة متو.سلة الآن في عام (2021)، لكن الجمهورية الإ.سلامية لا تقبل عودة أ.ميركا إلا بعد رفع العقوبا١ت الظا١لمة المفروضة على إ.يران كلها.

9- بتاريخ: 8/كانون الثاني/2020، الجمهورية الإ.سلامية توجِّه ق.ص.فً.ا صا١روخيًا با١ليستيًا دقيقًا تأديبيًا لقاعدتَي عين الأ.سد وحرير الأ.ميركيتين في العراق، بأكثر من عشرة صوا١ريخ، ضربة لم تذُقْ مثلها أ.ميركا منذ الحر.ب العالمية الثانية.

10- الأساطيل الإ.يرانية بتاريخ: حزيران/2020، تُبحر محملة بالمشتقات النفطية والمواد الاحتياطية والغذائية، كا١سرةً الحصا١ر الأ.ميركي وصولًا إلى دولة فنزو.يلا المحا١صرة، الأسطول الإ.يراني هز.م ثلاثة أساطيل أ.ميركية ع.س.ك.ر.ية إستراتيجية وهي:
أولًا: الأسطول الأ.ميركي الخامس، مقره: البحرين – المنامة.
ثانيًا: الأسطول الأ.ميركي السادس، مقره: إيطاليا – نابولي.
ثالثًا: الأسطول الأ.ميركي الرابع، مقره: أ.ميركا – فلوريدا.

11- أ.ميركا تُهزَ.م في مجلس الأ.من الدولي أمام إ.يران بتاريخ: 14/آب/2020، ولم تتمكن من تجديد فرض ال.ح.ظ.ر ال.ع.س.ك.ري على الجمهورية الإ.سلامية، ولم يصوِّت بالإيجاب مع أ.ميركا سوى (جمهورية الدو.مينيكان!) من أصل خمسة عشَرَ عضوًا: خمسةٌ دائميون، وعشرةٌ غير دائميين.

12- الاتفاق الإ.يراني الصيني بتاريخ: 27/آذار/2021، اتفاقية 25 عامًا بعنوان: (برنامج الاتفاق الشامل بين جمهو.رية الصين الشعبية والجمهو.رية الإ.سلامية الإ.يرانية)، قيمته (400) مليار دولار على وفق المُعلَن.

محطة س.ي.ف القد.س

معر.كة (س.ي.ف القد.س) في أيار/ 2021، معر.كة الأحدَ عَشَرَ يومًا، فلسط..ين: القد.س، الضفة الغر.بية، أ.رض 1948، في موا.جهة الا.حتلال ال.ص.ه.ي.و.ني.
المقا١ومة ال.ف.ل.س.ط.ي.ن.ية تضر.ب الأ.رض ١لمحتلة (4300) صا١روخٍ موزعة على أحَدَ عَشَرَ يومًا، الصو١ريخ وصلت إلى الأرض ١لمحتلة كلها، متجاوزةً القبة الحد.يدية!.
بتاريخ: 23/أيار/2021، نشر: معهد دراسات الأ.من القومي الإسر١ئيلي:
The Institute for National Security Studies
دراسةً للكاتب: (إيتا.ي برون) بعنوان:
(عملية حا١رس الأ.سوار : بُعدان متوازيان، وثلاث مفاجآت قاسية).
نعتقد أنَّ هذه الدراسة هي أفضل دراسة حتى الآن، عرضت التغيير السيكولوجي، والأيديولوجي الذي طرأ في نسبة عالية على المستو.طنين المدنيين غا١صبي أرض فلسط..ين؛ إذ فوجِئ المستو.طنون بثلاث مفاجآت تذكرها الدراسة، هي:
1- القي١ادة السياسية الإ.سرائيلية اختارت (ر.د.عَ) حما١س، وليس (ق.ه.ر.ها). [ونحن لا نرى أنها قادرة على ق.ه.ر.ها].
2- عدم فعالية العمليات الهجو.مية لل.ج.ي.ش الإ.سرائيلي؛ لإيقاف إ.طلاق الصوا١ريخ.
3- صعوبة شرح وإثبات إنجازات ال.ج.ي.ش الإ.سرائيلي للجمهور.

أما ما تعنيه الدراسة بالبعدين المتوازيين فهو:
1- حما١س ها١جمت ال.ج.ب.ه.ة الداخلية بعدد غير مسبوق بالصو١اريخ.
2- إ.سرائيل ها١جمت حما١س بقو.ة ودقة أكثر.

الجانب السيكولوجي للمستو.طنين الغا١صبين:

تقول الدراسة فيما يتعلق بهذا الجانب: «… أ.صيب الجمهور الإ.سرائيلي بالإ.حباط؛ إذ عُرِّضَ لإ.طلاق صوا١ريخ متواصل، ولم يكن قادرًا على فهم حجم الد.مار في غز.ة»، ولأجل ذلك فإنَّ تشريحنا لسيكولوجية المستو.طنين ال.م.ح.ت.ل.ي.ن في أثناء وبعد هذه المعر.كة هي:

1- « الجمهور الإ.سرائيلي» مصا١ب بعامل (الإ.حباط)، هذه الكلمة (الإ.حباط) ذُكرت أربع مرات في هذه الدراسة، وكلها تُربَط مع «الجمهور الإ.سرائيلي».
2- «الجمهور الإ.سرائيلي لم يكن قادرًا على فهم حجم الدما١ر في غز.ة»، أي: يعيش ر.عب ال.ج.ه.ل بالواقع والمتغيرات على ساحة المعر.كة!.
3- «الجمهور الإ.سرائيلي رأى مرة أخرى أنّ ال.ن.ص.ر الحاسم على التنظيمات الإ.رهابية [يقصد المقا١ومة الفلسط..ينية] لم يكن على أ.جندة صانعي القرار»، وهنا يدخل حالة الضيا١ع، ويُعدَ.م عنده الشعور بالأ.من لكون (الرد.ع) غير (ال.ق.ه.ر)، وهو ينتظر من قيادته ق.ه.ر حما١س، لكنه يجدها عا١جزة عمّا دون ذلك وهو (الرد.ع)!
4- «الجمهور الإ.سرائيلي أُ.صيب بدهشة وخ.ي.ب.ة أمل».

الجانب الأيديولوجي للمستو.طنين الغا١صبين:

الأيديولوجيا التي بدأت تتبلور في عقلية المستو.طن المدني ال.م.ح.ت.ل عن ج.ي.ش.ه، هي:

1- الجيش الإ.سرائيلي لم يقدر على منع إ.طلاق الصوا١ريخ.
2- الجيش الإ.سرائيلي لم يمنع عددًا محدودًا من الإ.صابات التي أدت إلى و.فَيَات.
3- الجيش الإ.سرائيلي لا يستطيع تغيير هذا الوضع تغييرًا كبيرًا في المستقبل القريب.
4- الجيش الإ.سرائيلي لم ينجح في مَهَمَّته.
5- الجيش الإ.سرائيلي ف.ش.ل في وصف ما يجري على الأرض في أثناء المعركة.
6- الجيش الإ.سرائيلي ف.ش.ل في تطوير طريقة فعّالة لإيصال إنجازاته لجمهوره.
7- الجيش الإ.سرائيلي ليس لديه طريقة أخرى أفضل للتعامل مع حما١س!.

موقف الصه١ينة:
الصه١ينة يعيشون حالة ر.عب فظيعة بمجرد التفكير في مواجهة ح.ز.ب الله، وهذا لا نقوله نتيجة التفاؤل المبسوط كل البسط، ولا نتيجة التبذ.ير في الحماسة، لكن نقوله بعد مراجعتنا عشرات المقالات والدراسات الصادرة عن إ.سرائيل وأمير.كا وأورو.با قبل وبعد هذه ح.ر.ب الأحَدَ عَشَرَ يوما!.

تصا١دم الشبكات الإستراتيجية

(شبكات أ.ميركا)

الآلة الأ.ميركية وحلفا١ء هذه الآلة، كانت تنسج شبكاتها الإستراتيجية للسيطر.ة على غرب آسيا والعالم، وعلى وفق الآتي:
1- القواعد العسكر.ية، إذ بلغت أكثر من ألف قاعدة في دول العالم، وأخطر.ها في غرب آسيا، وكور.يا الجنوبية واليابان.
2- أنابيب الطاقة (النفط والغاز) التي تمثل معر.كة اقتصادية معقدة، تتكون من: قطر إلى سورية والمتوسط وأوروبا، فلسط..ين ال.م.ح.ت.لة ومصر، اليونان وقبرص، تركيا وكازاخستان.
3- الإ.خوان المسلمين، وإ.سقاط أنظمة الدول في شمال إفريقيا، وجنوب غرب آسيا، ومِنْ ثَمَّ مستنقعا١ت (الإ.رهاب السلفي) في غرب آسيا.
4- النظام المصرفي والعقو.بات الاقتصادية.

(شبكات إ.يران، رو.سيا، الصين)

1- منظومات الدفا١ع الجوي الإ.يرانية ومنها: باور 373، التي حرَّ.مَت السماء الإ.يرانية على الطيران الأ.ميركي والإ.سرائيلي، والآن وصلت إلى سورية لاستهد١اف الطيران ال.ص.ه.يو.ني.
منظومات الدفا١ع الجو.ي الرو.سي: S-300, S-400 التي نُشِرَت در.عًا استراتيجيًا لحماية روسيا كلها، ونُشِرَت في سورية، وكذلك التسلح الصيني المتفوق.
2- أنابيب النفط والغاز الرو.سي والإ.يراني إلى الهند والصين وسورية وفنز.ويلا وغيرها.
3- السكك الحديد الصينية، وخطوط الاقتصاد، وتدفّق السلع وارتفاع الموازين التجارية بين دول آسيا، وكذلك المشروع الأهم وهو مشروع (الحزا.م والطريق).
4- شبكة محور المقا١ومة بقيادة الجمهورية الإ.سلامية، الممتدة من: إ.يران، ال.ي.م.ن، العراق، سورية، لبنان، فلسطين، وسجَّلت انتصارا١تها ولم تسمح للأ.ميركي أن ينتزع نصرً١ا واحدًا منها.

الخاتمة

هكذا كانت تعمل المقا١ومة على مدى هذه العقود، فهي تشارك مشاركةً رئيسةً في رسم النظام العالمي الجديد، وهي تنطلق من الذات إلى الموضوع الخارجي، المق١اومة حركة ثقافية واقتصادية وسياسية وتكنولوجية، ثقافة ال.أقمار الصناعية والنانوتكنولوجي، ثقافة الطا.قة النو.وية السلمية، ثقافة براءات الاختراع والطب والهندسة.
المقا١ومة بناء الفرد والأسرة والدولة والمجتمع والأمة والحضارة؛ بعِزٍّ وكرامة وشموخ واستقلال وسيادة وعلم، كما وردت في كلام القائد الخامنئي -أعزَّه الله- في بداية مقالنا، وهذه هي فلسفة التأسيس ورسم ملامح العالم التعدُّدي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى