أحدث الأخبارشؤون امريكية

ثلاثة خيارات امام امريكا احلاها مُرّ وهو العودة للاتفاق النووي

مجلة تحليلات العصر الدولية - د حكم امهز

بصراحة مطلقة اعلنت الادارة الامريكية الجديدة برئاسة جو بايدن ان ساسة الضغوط
القصوى على ايران بشان برنامجها النووي السلمي، فشلت. وبالتالي لا بد من اتباع سياسة مغايرة، كان قد عبر عنها مسؤول السياسية الخارجية يالاتحاد الاوروبي جويب بوريل “باعتماد الدبلوماسية القصوى بدلا من الضغط الاقصى ضد ايران”.
ما يجري في اروقة فندق “غراند” في فيينا، يؤكد ان هناك قرارا امريكيا اوروبيا بالتوصل الى حل بشان الاتفاق النووي، والا، لما استنزفت المفاوضات حتى الان، خمس جولات تخللتها اجتماعات مكثفة للجان الفنية والتقنية بمساندة من مساعدي ومدراء وزراء الخارجية في الدول المعنية الاتفاق، ولما قبل الوفد الامريكي “مرغما” بالجلوس بعيدا عن موقع الاجتماعات، كالمنبوذ.
لو كان الامريكي في موقع القوة، لما قبل بهذا” القصاص” لكنه الان في موقع الضعيف المقيد، فهو بعد “غزوة ترامب” ضد الاتفاق النووي، امام ثلاثة خيارات لا رابعة لها، واحلاها “مر وزقوم” بالنسبة له .

1- الخيار الاول: هو ان يشن حربا على ايران ويدمر منشآتها النووية، ومواقعها الحيوية الحساسة.
ومخاطر مثل هذه المغامرة والمخاطرة كبيرة جدا، ونتائجها وتداعياتها كارثية بكل المقاييس.
– فهل ايران غير قادرة على التصدي او هل ان ايران ضعيفة؟
– هل ان نتائج الحرب ستبقى في اطار ايران فقط ولن تُشعل نيرانها المنطقة باكملها، وحصرم الهزيمة في سوريا واليمن والعراق من محور المقاومة، لا يزال تحت اضراس المخططين والمعتدين؟
– هل ان نتائج هذه الحرب مضمونة؟
= هل ان مصالح امريكا في المنطقة ستكون في امان مع هذه الحرب وان اسرائيل وامنها سيبقيان في مأمن؟
= الا تنعكس هذه الحرب كارثية على المنطقة والعالم، باعتبار ان ايران تسيطر بنفوذها ومحورها، على منطقة جغرافية هي الاكثر حساسية في العالم، لوجود ثروات هائلة فيها ومنها النفطية، وتعتبر( المنطقة) نقطة وسط عالمية ومررا بحريا وجويا وبريا هو الاقصر للتبادل الاقتصادي الدولي؟

هذه الاسئلة وغيرها، تفضي الى رفض موضوعي لهذا الخيار، وتستبعده بشكل شبه كلي على الاجندة الامريكية، لا سيما وان امريكا تصب جام تركيزها على المعركة الاساس مع الصين وروسيا، وهي تبذل كل الجهود لتبريد واطفاء الحرائق الفرعية الاقليمية وغير الاقليمية لتتفرغ للمعركة “الام” مع هاتين الدولتين التي تعتبرهما عدوتان، وتشكلان “تهديدا وجوديا” لنفوذها في العالم، بما يعني ان اولوية امريكا حاليا، تختلف عن اولوية بنيامين نتنياهو الذي يشغل رأسه الا البرنامج النووي الايراني..
لذا فان واشنطن تعمل على اسكات وسد “فم” نتنياهو، وتوظف جهودها لتبريد الملفات الفرعية، وللغرض هي تنسحب من افغانستان، وتجري حوارا استراتيجيا مع العراق بشأن وجود قواتها هناك، وتسرب معلومات عن امكانية الانسحاب من سوريا، وتصر بقوة على تثبت وقف اطلاق النار في غزة لخشيتها من انهياره واثره على اولوياتها، خصوصا انها ابدت خشيتها من ان تتوسع رقعة العدوان الاخير على غزة الى خارج الحدود. كذلك هي هدأت اللعب في قضية الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني بعد اعلانها عن التحضير لفتح القنصلية وليس السفارة فيها، مقابل دعمها وتعزيزها لاتفاقات التطبيع.
وبطبيعة الحال فان الملف النووي الايراني احد الملفات “ألأسخن” بالنسبة الى الامريكيين الذين يحاولون امساكه من طرفيه بواقٍ للحرارة.

2-الخيار الثاني امام الامريكيين هو ترك الامور كما هي دون حرب ودون اتفاق، وهذا يعني ان ايران ستستمر في تقليص التزاماتها بالاتفاق النووي، وتخصب اليورانيوم بالنسب التي ترغب، وقد اعلن مسؤولون معنيون فيها، ان بلادهم قادرة على التخصيب باي نسبة تشاء حتى ما فوق الــ90 %، وان تتنج الكميات التي تريد بوقت اسرع وبكميات اكبر بفضل استخدامها، لاجهزة طرد مركزية متطورة من جيل IR9 مع الاشارة الى ان الاتفاق النووي يقيدها باستخدام اجهزة من جيل IR1 وبنسبة تخصيب 3.67% وبكميات صغيرة من الانتاج فضلا عن امور اخرى تتعلق بآلية عمل المفاعلات لا سيما مفاعلي اراك للمياه الثقيل وفوردو للتخصيب.
وهذا الخيار، يسمح لايران، وفقا للادعاءات او ” القناعات” الغربية الامريكية والاوروبية، بان تكون قادرة خلال فترة قصيرة جدا، على تصنيع اسلحة نووية، وهو ما يشكل رعبا للغربيين والاسرائيليين وحلفائهم في المنطقة..
اذا الخيار الثاني مستبعد ايضا، لمخاطره العظمى على من تم ذكرهم..
3- الخيار الثالث وهو المرجح، وهو ان يعود الامريكيون ومعهم الدول الاوروبية “مذعنين خانعين” الى الاتفاق دون ادخال اي تعديلات عليه..باستثناء تفاهمات من خارجه لتبديد هواجسهم.
وهذا الخيار، من وجهة نظرهم،كلفته كبيرة جدا ، لكنها تبقى اقل بكثير من الخيارات الاخرى..
ومنشأ هذا الخيار، ان ايران، اخذة تباعا، بالتشافي من قيود العقوبات المفروضة عليها عبر ايجاد مزيد من سبيل الالتفاف عليها بطرق مختلفة، وبينها مذكرة التفاهم الاستراتيجية مع الصين التي تحول ايران بمواقعها الجغرافي في اطار مشروع بكين الدولي العملاق “الحزام والطريق”، الى دولة قادرة على تجاوز النسبة العظمى من هذه العقوبات. بالاضافة الى ان تحالفات طهران الدولية باتت تخفف عنه عبئا كبيرا من هذه الضغوط الاقتصادية..
اي بمعنى ان ايران ستتفلت من العقوبات عاجلا ام آجلا، وبالتالي، لن تجدي معها، هكذا سياسة ضغط، قال عنها بايدن وادارته انها فاشلة.
ووفقا لقراءة هادئة، بعيدة عن مشاريع “الرؤوس الحامية” في المنطقة، فانه من الان وحتى شهرين تقريبا وربما ثلاثة اشهر على ابعد تقدير، سينعش الاتفاق النووي من الموت السريري بروح وبقوة اكبر، وبالتزام غربي اقوى، كون طهران لن تقبل بتكرار التجربة السابقة مع الاتفاق اذ ان المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين.
وعلى حلفاء امريكا في المنطقة ان يدركوا ان واشنطن، تضع اولوياتها فوق مصالحهم، وعليهم ان يعيدوا حساباتهم، قبل ان تبيع فيهم وتشتري في سوق النخاسة كما فعلت مع غيرهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى