أحدث الأخبارالعراقمحور المقاومة

جدل العقل الشيعي حول الاحتلال الامريكي

مجلة تحليلات العصر الدولية - محمد هاشم

ملاحظة : البحث ادناه مستفاد من حوارات مباشرة وغير مباشرة مع الاطراف المعنية وتتبع لسياسات القوم , وتصريحاتهم ومواقفهم .
——————-
أمريكا دولة محتلّة للعراق ولا نقاش في الأمر، وقد صدر منها الكثيرُ من الجرأةِ والتجاوزِ على سيادة العراق، وقتل الأبرياء من أبنائه، وغيرها من الكوارث, واخرها اغتيال قادة النصروهي ماضية نحو مشروع لاينتهي الا بنهاية الاسلام السياسي ، إلّا أنّ القيادات الشِّيعية ومراكز القرار بين مَنْ يريد بقاءها اختيارا واضطرارا، ومنهم مَنْ يرفض، ولكُلٍّ منهم مبرراتُه، وفي هذا البحث نستعرضُ آراء الفريقين بحياد تام :
(أوّلاً): رأي الفريق المدافع عن الوجود الأمريكيّ:
المبررات لهذا الفريق التي تخصّ شيعة العراق :
1- كان شيعة العراق عبر التاريخ يعانون التهميش السُّياسيّ والقتل، وتمكّن المكوّن السُّنّيّ أن يحكم العراق خلال العهد العثمانيّ أربعة قرون إلّا عشرين عاماً، (من عام 1534م إلى 1920)، واستمرّ التهميشُ في العهد الملكيّ، ثمّ عهد الجمهوريات من عام( 1963 إلى عام 2003)، والآن تغير الحال فان أمريكا هي من مكّنت الشِّيعة في العراق من الحكم وجعلتهم القيادات العليا في الدولة، وأنهت عقود من تهميش الشِّيعة . وهذا بطبيعة الحال قبال الأموال والدماء التي صرفتها وخسرتها أمريكا لابد أن يكون بين أمريكا والعراق علاقات مقبولة لأمريكا، وإلّا فأنّ أمريكا أمام الرأي العام الأمريكيّ لا يمكن لها الخروج دون أنْ تحقق ثمراتٍ لوجودها.

2- أمريكا هي من حررتِ العراق من الدكتاتورية الصدامية، وأنهت حقبةً سوداء مظلمةً من تاريخ العراق، فلا يمكن لأيّ دولةٍ أنْ تنقذ العراق من براثن صدام ومخالب الوحش الكاسر الذي كان جاثياً على صدره، ولاستمرت حكومةُ صدام تتوارث الحكم لولا عملية اسقاطه , و الجدير بالذكر أنّ شيعة العراق والمنطقة أوّل المستفيدين مِنْ اسقاط الدكتاتورية البعثية التي كلّفت الشِّيعة في العراق وإيران الكثير من أموالهم ودمائهم فلا حكمة في الصدام معها .

3- بإمكان الشِّيعة في العراق والعالم الإسلاميّ والعربيّ التعايش مع أمريكا، أو إجراء هدنةٍ موقّتةٍ لأجل إنعاش التشيّع في المنطقة والعراق ريثما يتمكنوا من بناء دولتهم .

4- انهم يرون بنظرةِ واقعيةٍ نجدُ ان أمريكا دولةً مؤثّرةً وقادرةً على إخلال الأمن في العراق والمنطقة؛ لأنّها تمتلك مؤثّراتٍ عديدةً، وعليه، فإنّ الدور الأمريكيّ فاعلٌ قويّ، يمتلك القوّةَ والمالَ والقدرةَ الاقتصادية، ويمكن أنْ يعمل على تدمير العراق.

5- الرأي المدافع عن قبول التعايش مع أمريكا يقول: كما تمّ القبولُ بالروس, بأنْ يكون لهم وجودٌ وقواعدُ في سورية، وكما فتحت إيران والعراق باب التعامل مع الصّين يمكن للعراق أنْ يفتح علاقات مع أمريكا، ولا يوجد فرقٌ بين هذه الدول، فكُلّها تبحثُ عن مصالحها في المنطقة، وأمريكا أفضل من الروس والصّين؛ كونها ساهمت بشكل فعّال في إسقاط صدام، ومكّنت الشِّيعة من الحكم، بينما الروس والصين لم تقدّم لشيعة العراق شيئاً. ثمّ كيف نتوقّع أنْ تقبل أمريكا أنْ تخسر العراق لصالح الصّين التي لم تقدّم للعراق شيئا .

6- شيعة العراق يمكن أنْ يكون لهم ظرفٌ خاصّ مختلفٌ عن القرار الشِّيعي في لبنان وفي إيران، ولابدّ أنْ تكون حقيقة وضع الشِّيعة في العراق تختلف كلّياً أو نوعاً مّا عن الواقع الشِّيعي في إيران، فليس من الحكمة أنْ يقف الشِّيعة في العراق موقفاً واحداً، بل ينبغي لشيعة المنطقة أن تختلف أدوارهم في اللعبة مع هذا الغول .

7- يرى هذا المحور إمكانية إخراج القوّات الأمريكيّة عبر الطّرق السُّلمية بعيداً عن السِّلاح والمواجهات العسكريّة التي قد تكلّف شيعة العراق الكثير الكثير, وكما يتمّ الآن التعامل مع الاحتلال التركي بالطرق السُّلمية يمكن التعامل مع القواعد الأمريكيّة بنفس الطّرق.

8- شيعة العراق لا يمكن أنْ يتخذوا قرارَ المواجهةِ العسكرية ، بل لابدّ أنْ تكون لهم أولويات أبرزها تحسين وضع الداخل، وتقديم الخدمات، وتحسين مستوى الشِّيعة المعاشيّ، وتطوير الصناعة والزراعة، وبناء الدولة العراقية صحّياً وتعليمياً وتربوياً (كما في اليابان ), قبل الشِّروع في الحرب، خصوصا أنّ تجربة اليابان واضحةٌ، بأنّها بنت نفسها مع وجود القواعد الأمريكيّة على أرضها في قاعدةٍ منصوبةٍ على نصف مساحة جزيرة (أوكيناوا).

(ثانياً) : محور المقاومة الذي يريد اخراج القوّات الأمريكيّة من العراق :

روية تيّار المقاومة والخطّ الثوريّ مايلي ما يلي :
1- إنّ أمريكا دولة محتلّة، لا تمتلك الشِّرعية , وقد مارست الاحتلال، وإسقاط صدام؛ لفرض وجودها تنفيذاً لمصالحها وأمنها وأمن إسرائيل , وهي وإنْ مكّنت الشِّيعية من الحكم إلّا أنّها أفرغت الدولة من محتواها؛ لأنّها لم تقدّم أيّ مُنجزٍ لإعمار العراق , وكُلّ تاريخها منذ عام 2003 إلى الآن وإنْ كان ظاهراً إعطاء الحكم بيد الشِّيعة إلّا أنّها قامت بفتح النار عليهم, وتسقيطهم, وإدخال القاعدة وداعش إلى العراق , كما أنّها نشرت الفساد والشِّذوذ، وقامت بقتل خيرة المؤمنين، وضربت المقرّات والمعسكرات التابعة للحشد واغتالت الشِّهيدين المهندس وسليمانيّ، وتقوم بتسخير القانون الأمريكيّ للحكم على قيادات الحشد لإدخالهم في قائمة الإرهاب وفق أحكام الخزينة الأمريكيّة .

2- أمريكا غير جادّة في تمكين الشِّيعة من الحكم والسُّلطة، وتحاول نزع السُّلطة من الشِّيعة الإسلاميين لصالح الشِّيعة البعثيين وغيرهم، وعملية تمكين أمريكا الشِّيعة كانت مرحلةً للانقضاض عليهم، وقد مارست عملية تعطيل الدولة، وشلّ حركتها، ومنع أيّ تعامل وعقد لتطوير العراق .
3- إنّ الوجود الأمريكيّ في العراق لا يمكن أنْ يكون وجوداً مجرّداً أو يكون لدعم العراق ضدّ داعش، بل لأهدافٍ مهمّةٍ واستراتيجية . (منها): استهداف الصّحوة الاسلامية . (ومنها): إضعاف العراق لصالح إسرائيل . (و(منها): إنجاح صفقة القرن . (منها): قطع الطريق على التكامل التجاري بين العراق وإيران وسورية . و(منها): منع إيران من أنْ تعمق الجغرافيا المقاومة في المنطقة عبر العراق إلى البحر المتوسّط . و (منها): منع الصّين من أنْ تصل البحر المتوسّط عبر آسيا وإيران والبحر المتوسّط عبر العراق. و(منها): إراجع حزب البعث . و (منها): محاصرة المقاومة وحماية إسرائيل.
ثالثا : نتائج جدل العقل الشيعي في العراق

1- وجد خط المقاومة موانع من الداخل الشِّيعيّ؛ إذ تمكّن الأمريكان من تحريك الجوكر ضدّهم, بل حتى السياسيين ووبعض المحسوبين على العتبات وغيرهم وتمكنت من شق الحشد .

2- يحاول البعض أو الكُلّ (( الذي يومن بامريكا اختيارا او اضطرارا) جرّ التيّار المقاوم إلى مساحات صراع غير راغبين فيها وخلق صدام يؤدّي إلى محاصرتهم قانونيا, كما حصل في عام 2019 ويحصل في وقت لاحق .

3- يحتاج الخطّ المقاوم المزيد من الإعلام الخاصّ المؤثّر لمواجهة الخطاب الخطير تحت مقولة « الدّولة واللّادولة ».

4- يمتاز الخطّ الثوريّ بوجوده العمليّ والفعليّ وأنه الخطّ القادر على حماية العملية السُّياسية، ودفع الأخطار وحماية القرار السُّياسيّ , بينما الخط الثاني خط نظري لم يقدم الضمانات, الا ان ابرز قوى المواجهة معه الان وفي هذه المرحلة هي قوى التشيع الامريكي .

5- يحتاج الخطّ المقاوم أنْ يتوحّد، وأنْ يؤسس له مراكز دراسات، وتخطيط، وأنْ يمارس دقّةً وضبطاً في المواقف التي يستغلّها البعض لفتح الثغرات الاقتصادية والأمنية والقانونية .

6- من المهمّ أنْ يرسّخ هذا الخطّ من وجوده في الدولة والمجتمع من خلال خطاب وسياسة البناء للدولة العراقية .

7- إنّ قرار المواجهة ضد القواعد الامريكية وعموم التواجد الامريكي في العراق الآن بعد الانشطار في الموقف الشيعي تحوّل من قرار شعبيّ وقرار أغلبية للقوى الشِّيعية إلى قرار جهة شيعية ( المقاومة ) وهو الآن يعيش حالة الحصار من : (المحيط الدوليّ)، و(الاوربيّ)، و(العربيّ)، و(الكرديّ)، و(السُّنيّ)، والبعض الشِّيعيّ، سواء الأحزاب أو الشّارع العراقيّ الجوكري « من تيّار (مدنيّ)، و(ليبراليّ)، و(جوكريّ)، و(بعثي) و(يماني)،و(صرخي)، وغيرهم , فلابد لهم من اعادة الاتصال بالجمهور بقوة عبر اليات عميقة .
8- الخطّ العلمانيّ والتطبيعي الشيعي أو الذي يومُنّ بالعلاقة معها ((اضطراراً او اختيارا ) الآن تمكّن أنْ يحكم العراق، فلابدّ أنْ نكثّقف العمل السُّياسي لاستعادة الحكومة إلى صالح الخطّ الإسلاميّ الثوريّ، وهذا يحتاج الى الاهتمام بالعامل السُّياسي والإعلاميّ والاعمار بالدّرجة الأساس والمساوقة للعمل الجهادي وبما يمكن الجمهور العراقي من معرفة الحقيقة من خلال وعي عميق لخطورة المشروع الامريكي الذي لايمكن التعايش معه مطلقا في ظل الموامرات .

9- يحاول الخط التطبيعي ان يمنحه نفسه ورويته, وجدله – زيفا – بانه ينتمي الى الشرعية والى النجف والواقع غير هذا ولكنهم مصرون على التدليس وخلط الاوراق .

10- على الخط الثوري ان يدرك ان اشد مراحل الخطورة عليه بعد عام 2019 وتداعياته هي المرحلة المقبلة والتي رتبت النتائج الانتخابية وفقها لحماية الخط التطبيعي. انتهي .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى