أحدث الأخبارالعراقمحور المقاومة

حراك تشرين – خطوات حرق الإسلاميين/ 1

مجلة تحليلات العصر / المعمار تحليلات في الشأن العراقي- الشيعي

▪️ما قبل الحراك – البدايات
يوما بعد يوم -ومن خلال الوقائع المتكشفة- تتعزز القناعة أن الفشل الذي أصاب منظومتَي الحكم وإدارة المؤسسات والموارد -في العراق- قد تم تصميمه من قبل سلطة الإحتلال، تبعا لقرارٍ استراتيجي قضى بتأسيس عراق جديد وضعيف ، لا يملك مستلزمات القوة، يبقى تابعا طيّعا لهم .. أو تحويله إلى خراب لو تطلب الأمر.

بغباء وسوء تقدير ؛ شاركتهم الأحزاب العراقية في تأسيس ذلك الفشل ، عبر وقوعها في فخّ المحاصصة، وقبولها النموذج اللبناني، وعبر أداءها المتواضع، والإنغماس في مغانم السلطة، والوهنِ أمام مغرياتِها، والنكوص عن المبادئ التي تبنتها أيام المعارضة.

الأحزاب الإسلامية لم تكن استثناءاً ..
.. بخلاف ما كان مؤملا فيها من ثبات عَقَدِيّ مبنيٍّ على العلاقة مع الله، والتمسك الراسخ بالقيم الإسلامية وإرتكازها على مباني فكرية متينة وفهم واقعي لجدليّة العلاقة بين الدين والسياسة.

في مجال علاقتها بالمجتمع – يعتقد البعض أن الأحزاب الإسلامية قد عانت من عقدة تجاه عراقيّي الداخل، مصرّةً على إنفرادها في تمثيل الشيعة بكوادرها القديمة، الموثوق بولاءها ، مستسلمين لإعتقاد أن المواقع والمناصب هي مكافآتُ نهاية الخدمة الجهادية لهم ولكوادرهم ..
لم يفهموا العراقيين جيدا ..
.. هذا السلوك أدى إلى إهمال طاقاتٍ كثيرةٍ ، كانت مؤهلة لرفد الأحزاب الهرمة بدماء جديدة وطاقاتٍ واعدة، مع قدرة أعلى للأندماج في المحيط المجتمعي، وتفهمِ مشكلاتِه والوصولِ إلى حلول أنجعَ.

.. جهاتُ أخرى كانت ترى نجاحَ الأحزاب الإسلامية خطرا على وضعِها وقوتِها في الساحة الشيعية، وفشلا لإطروحاتها الفكرية الفقيرة وغير الواقعية.
.. لذلك لم تكن متحمسةً أبدا لنجاح تجربة الحكم الجديد بقيادة إسلامية لا تنسجم معها ، خشية أن يترجم ذلك نجاحاً لأطاريح الإسلام الحركي بعمومها.

فشل الإسلاميين وإفتضاح فسادهم كان يمثل مخرجا مثالياً لتلك الجهات جعلته هدفا لها، سعت إليه لإثبات أحقية نهجها المتقاطع مع الإسلام الحركي، وللحفاظ على قواعدها الشعبية من الإنجراف بعيدا عن موالاتها !!.

الطريقةُ المثلى لبلوغ ذلك الهدف كانت في توريطِ تلك الأحزابِ بمستنقع السلطة، ثم تركِهم وحيدين عالقين في وحلها، تحت رحمة الأمريكان، الذين حددوا أولوياتهم بإفشال كل تجارب الإسلام السياسي المستنسخة -أو القريبة عقائديا- من النموذج الإيراني، وإحباط أي محاولاتٍ للترابط الشيعي مع بلدان الأقليم. كان العراق مرتكزا أساسيا لكسر ذلك الترابط .. ورغم مساوئ الأحزاب الشيعية .. كانت تمثل أكبر العوائق امام بلوغ ذلك الهدف.

داخليا – إفشال الأحزاب الإسلامية كان ثمنا مقبولا لدى أكثر من طرفٍ شيعي، مقابلَ تخليصِهم من كوابيس الإسلام الحركي والثوري، وتمدده السريع إقليمياً ومحليا.

سَوقُ الإسلاميين نحو الهاوية، وإسقاط عناوينهم الكبيرة ، وتسفيهُ منهجهم، وحرقُ تأريخهم- لم يكن مهمةً صعبة.
.. عوامل عديدة تعاضدت لتسهيلها – من بينها غياب العمق الفكري عند كثير من الزعامات المتصدية، والخواء الروحي، وعزوف شخصيات إسلامية مهمة عن التصدي خشية الغرق في وحل السلطة المثقلة بتركة النظام المقبور (وما خلفه من دمار بنيوي واجتماعي وإداري وإقتصادي .. ) وهيمنة أمريكية بغيضة على النظام الجديد، الذي وُلِد خديجاً معاقاً وعاجزاً عن النموّ السليم ..

.. غياب تلك الشخصيات الإسلامية العريقة أدى إلى صعود الخط الثاني والثالث (حتى الخطوط الخلفية) إلى واجهة أغلب التنظيمات الإسلامية، وهم كانوا الأضعف أمام إغراءات السلطة والنفوذ والاقل تمسكا بالمبادئ والقيم.

..ساقوهم حتى الهاوية ..ثم تركوهم يسقطون وحدَهم .

▪️ يحتاج المثقف الشيعي لإستكشاف الجهات المستفيدة من ذاك التقهقر والخراب ..
جهاتٍ إستثمرت فشل الأحزاب لتحقيق إنتصاراتها المعنوية، وتوسيع مساحاتِها على الأرض ، دون مراعاة لتأثير ذلك الفشل على أمن البلد ومستقبله ، وتعريضه لإنقضاض الأعداء، وتهديد المصالح العليا للأمة، ومخاطر ضياع حقوق الشيعة في العراق – والتي أضحت اليوم في مهب الريح ..

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى