أحدث الأخبارشؤون امريكية

حرب مؤجلة ام ضربة تكتيكية

مجلة تحليلات العصر الدولية - علي الربيعي

على مايبدو ان جل غاية الرئيس ترامب باتت كيف يطيل بقائة في البيت الأبيض بعد ان اقنعه طاقمه الاستشاري لانتخابات الرئاسة انه خسر الولاية الثانية لرئاسة جمهورية الولايات المتحدة الامريكية ظلما. وان هناك تلاعبا في أصوات الناخبين لصالح بايدن في الانتخابات التي جرت في تشرين ثاني من عام ٢٠٢٠. وهذا قمة انحطاط الثقة بالعملية الانتخابية الأمريكية بعد اصبحت صناديق الاقتراع وكأنها في دولة من دول العالم الثالث يتم عد الاصوات حسب القوة التي تدعم المرشح وليس قوة صوت الناخب الامريكي.
في منتصف يوم  ٢٠ /١/ ٢٠٢١ اي في الساعة الثانية عشرة ظهرا بتوقيت الولايات المتحدة بالضبط تنتهي صلاحيات الرئيس ترامب ولم يعد بامكانه ان يصنع من الفأر فيلا كما عود العالم خلال اربعة سنوات مضت، كي يبرر خطواته السياسية التي غالبا ما تكون متخبطة مثلما كان يصنع سابقا. اما قبل هذا التاريخ فإنه يتمتع بصلاحياته كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية. الرئيس دونالد ترامب طيلة فترة اربعة سنوات من ادارته للبيت الأبيض كان أهم إنجاز حققه انه مزق ستار عظمة القوة الذي كان يغطي سوءة النمر الورقي الأمريكي وافتضاح خرافة قوته وتعرية مكامن ضعفه. فهي (امريكا) في ولاية ترامب خسرت هبيتها في الشرق بأكمله،  الا عند المستعربين، الذين يجيدون سجدة الشكر لها من دون الله، حين ابتدأت بلي ايدي مع ايران انتهت لصالح الاخيرة بخلع اليد الامريكية من كتفها في المنطقة بدلا من كسرها اذ بات لا يجدي معها اي عملية تجبير. كان أخرها كسر الحصار الامريكي على فنزويلا فتحولت زمخرة النمر الى صرير الفأر  ميكي ماوس. بعد خلع اليد الامريكية قرأت تركيا وباكستان الرسالة عندما سمعتا صرير الفأر واقتنعتا بمقولة السيد الامام الخميني في ثمانينيات القرن الماضي ان امريكا عبارة عن نمر من ورق ليس الا.
في نهاية عام ٢٠١٩ تم الاعداد لتشكيل تكتل  محور إسلامي اقتصادي بين باكستان وايران وتركيا، رغم عدم وضوح الموقف التركي. المحور اعلن اول اشراقته على العالم في مارس ٢٠٢٠ من خلال قمة كولالمبور الاسلامية. ومن المحتمل أن تكون دولة افغانستان رابع اثافي هذا المحور بعد الانسحاب الامريكي منها لتتزاوج التكنولوجيا والقوى العسكرية والاقتصادية في هذه البلدان وتكون قوة واحدة وخصوصا بعد إكمال مشروع الحزام والطريق الصيني في أراضيها.
رغم ان بايدن لايريد اعادة تجربة جون كندي باستلام البيت الابيض من الجنرال ايزنهاور وامريكيا تخوض حربا ضروس في فيتنام على بعد عشرة آلاف كيلومتر الا ان قرار السياسة الخارجية لترامب او بايدن واحد وهو ماتقرره المؤسسة السياسية الأمريكية ولكن يبقى الرئيس الناجح هو من يستطيع ادارة البلد باستبعاد الحرب عنها أو تأجيلها إلى وقت أخر على الأقل بحنكة تحفظ لامريكا هيبتها.  امريكا حاليا تمر بمرحلة اندثار قوتها العسكرية والاقتصادية اللتان كانتا في الماضي القريب عمودا سياستها وفرض كلمتها على العالم. فهي وان كانت اليوم تزمجر بالوعيد لمن يقف ضدها الا ان السامع في الشرق الاوسط والاقصى لم يعد يتلقى تلك الزمجرة الا كنهيق حمار وخصوصا بعد ان حسمت الانتخابات لصالح الديمقراطيين.
صحيح ان قرار الكونكرس الأمريكي قيد  الرئيس ترامب من شن حرب على إيران دون الرجوع الى الكونكرس إلا أن المدرسة  السياسية التي يديرها صقور المحافظين في امريكا تترجم القرار انه لا يقيد ترامب من شن ضربة تكتيكية أو وقائية. ومن جانب آخر فان امريكا لم تعد مصدرا للمصداقية في عيون شعوب العالم وهي تمر في زمن تراجعها واضمحلال قوتها مقابل انها لم تستطيع فرض كلمتها في اي مكان من العالم بعد. قرار  الكونكرس في حقيقته ما هو الا تمويه شيطاني لارتكاب حماقة قد يقوم بها الرئيس ترامب قبل مغادرته البيت الأبيض، مفترضا ان إيران سوف لن ترد على الضربة الامريكية واذا ردت فان ذلك سيكون زمن خليفته بايدن.
إيران سوف لن ترد على الضربة من باب الانتقام بقدر ما سوف ترد عليها من مفهوم قرأني:
بسم الله الرحمن الرحيم
“وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ”
فالامام الخميني حين رفض ايقاف الحرب العراق- الإيرانية التي ابتدأها النظام الصدامي بعد وساطات متكررة لم يكن بهدف الانتقام او تحقيق النصر انما كان تكليفه الشرعي كفقيه يقود أمة وعليه مسؤولية شرعية هو ان ينهي الفتنة التي أوقد اوارها الشيطان، الى غير رجعة. وفعلا فقد كان الامام الخميني مصيبا في رفضه ايقاف الحرب لعلمه بالنوايا الشيطانية المبيتة التي جندت سابقا المال والسلاح والإعلام المأجور الذي غطى على جرائم حرب نظام صدام ضد أبرياء عزل من الشعبين الإيراني والعراقي. فما ان تمت الموافقة على قرار ايقاف الحرب في مجلس الامن فقد سلم القرار إلى إيران في غضون ساعات والتزمت به ولكن لم يسلم الى العراق الا بعد خمسة أيام لتعود الفتنة ويقوم نظام صدام بشن هجوم على القطعات الإيرانية رغم علمه الشفوي بقرار إيقاف الحرب والتزام إيران بوقف إطلاق النار.

وعودة الى الاحتمالات القائمة قبل مغادرة الادارة الامريكية الحالية للسلطة فان هناك أنباء عن حركة مريبة للبحرية الاسرائيلية والأمريكية في المياه الخليجية أو القريبة ربما هي مؤشر إلى أن ادارة ترامب ربما لن تودع البيت الرئاسي قبل ان تقوم بتسديد ضربة لإيران. اما ان تقوم امريكا بتنفيذها  أو تخول إسرائيل لادائها. فاذا كان تنفيذ الضربة من قبل أمريكا نفسها فهذا يعني على اقل تقدير هو زوال ثلاثة أرباع القوات الامريكية في الشرق الأوسط قبل ان تستعد امريكا لحرب شاملة قد يصمد الجندي الامريكي فيها لاسبوع وما بعد الاسبوع هو الانهيار التام.  بسبب القدرات الإيرانية التي بات لا يستهان بها . اما اذا تم تخويل إسرائيل بتنفيذ الضربة فان الرد الإيراني سيكون البداية لزوال إسرائيل الموعود. اذ ستؤول أراضيها الى قاعا صفصفا وهي على بعد مئات الكيلومترات من إيران.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى