أحدث الأخبارالعراقمحور المقاومة

حروب صدام..ضحايا وأموال قاربت خسائر الحرب العالمية الأولى!

مجلة تحليلات العصر الدولية - حسين فلسطين

بعد مضي (١٨) عام على سقوط الطاغية صدام لا زال العراق يرزخ تحت وطأة مخلفات نظام البعث الذي حكم العراق لأربعة عقود كان عنوانها الأبرز حروب داخلية و خارجية احرقت اخضر العراق ويابسه دون أن تكون هنالك أدنى المبررات التي تعلل نشوب تلك الحروب .
تلك الحقبة الكارثية والتي عجز التأريخ عن تدوين أحداثها لا زالت حاضرة في أذهان العراقيين وهم يدركون مدى تأثيرها المزمن على واقعهم الحالي وإن الكوارث التي تسبب بها الطاغية بجملة تأثيراتها تعدت اكثر من نطاق زمني وتجاوزت حتى جغرافية الوطن لذلك فمن غير المعقول إعفاء صدام وحزبه الإرهابي من التبعات الكبيرة التي تسبب بها خلال فترة حكمه وما تلاها وهنا ايظاً علينا التركيز على ما بعد نيسان ٢٠٠٣ وهو عام سقوط الدكتاتورية الذي لم يكن كفيل بأنهاء الدور التدميري الذي يتبناه البعثيين أفراد وقيادة ولعلنا لو أردنا أن نتناول بالأرقام التقريبية ما تسبب به تلك العصابة من خسائر مادية وبشرية خلال الفترة المحصورة من سبعينيات القرن الماضي إلى يومنا هذا مع عدم فصل تلك المراحل وتجزئتها او منحها عناوين واوصاف أخرى كمحاولة لتبرئة البعث من جرائمها سنجد ما يفوق قدرة العقل والشعور على تقبل حقائق صادمة خطت بدماء ملايين العراقيين !

أن تقدير اعداد ضحايا النظام البعثي البائد ليس بالأمر السهل ومن الاستحالة تثبيت أرقام تلخص اجرامه وارهابه بحق العراق والعالم كذلك فإن عملية حصر أرقام الخسائر المالية أمر شبه مستحيل نتيجة لما عاشه العراق من عقود وسنوات من الحرب التي دمرت البنى التحتية في العراق وعطلت عجلة التنمية والاقتصاد اضافة لانفاقه مئات المليارات من الدولارات لإكمال قدراته العسكرية .

فعلى المستوى الإنساني تسبب حكم البعث بجملة من جرائم ضد الإنسانية كالتهجير والقتل والسجن والتغييب وانتهاك الأعراض وإسقاط الجنسية العراقية والإعدامات ..الخ ، إذ تولت أجهزة النظام القمعية مسؤولية تنفيذ هذه الجرائم لأسباب طائفية وعنصرية وسياسية ، فأذا ما أردنا حصر الإعداد البشرية التي تسبب النظام البائد بتهجيرها نجد أن الإعداد تتجاوز (١٠) مواطن عراقي سواء داخلياً او خارجياً ، وأن اسباب التهجير الجماعي كانت طائفية بأمتياز أستطاع صدام من خلالها أحداث تغييرات ديمغرافية في المناطق الشيعية والكردية اضافة لموجات النزوح الهائلة خصوصاً في المحافظات العراقية المتاخمة لدول شن عليها نظام صدام حروب بالوكالة .!
كما أن هذه السياسة بقيت عنوان لمرحلة ما بعد ٢٠٠٣ اذا كملت خلايا البعث والأجهزة القمعية والتي حملت عناوين لتنظيمات سنية إرهابية تهجير مكونات بعينها كالشيعة والمسيح و الايزيدين والشبك والصابئة، وبالتالي فإن البعث قد ارتكب أكبر عملية تهجير طائفي وعرقي في التأريخ الحديث .

كما لم يتورع المقبور صدام في قتل مئات الآلاف من العراقيين ولن نبالغ أذا ما قلنا ان آلة القتل الصدامية قد حصدت أرواح اكثر من (٨) مليون عراقي فمن تم اعدامهم تجاوزت إعدادهم (٢) مليون بحسب ما اصدره (٢٣) اخصائيا في القضايا الدولية والعراق والذي لخص لاحقاً ب” الكتاب الاسود لصدام حسين ” والذي يكشف من خلاله التاريخ المعاصر لهذا البلد منذ تولي حزب البعث السلطة في ١٩٦٨ ، وبطبيعة الحال فإن العدد لم يتوقف عن الازدياد إذ اكمل التحالف البعثوهابي مسلسل القتل بسيل من المفخخات والاحزمة الناسفة والاغتيالات مما جعلت والتي تسببت بزهق أرواح اكثر من مليون انسان وبالتالي فإن إعداد الشهداء من تسبب بقتلهم النظام البعثي تجاوز (٣،٥) مليون ارتكبت جرائم قتلهم بشكلاٍ مباشر من قبل الأجهزة القمعية ، فيما تقدر إعداد ضحايا الحروب الصدامية العبثية سواء في الداخل العراقي او الخارج مع الجمهورية الإسلامية في إيران والكويت ودول أخرى ب (٣) مليون كان الجزء الأكبر من ضحياه وقوداً لحرب الوكالة مع إيران ، فيما تسببت أحداث غزو الكويت بحصار اقتصادي تسبب بقتل مئات الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ نتيجة العقوبات التي فرضت من قبل الأمم المتحدة بعد امتناع صدام مغادرة الكويت !

وما بين قتل وتهجير وتغييب سجل العراق ابان حكم الطاغية المقبور أرقام قياسية في عدد السجناء والمعتقلين اضافة تضرر شريحة من ذوي الضحايا الذين كانوا بمثابة “عار” حسب وجهة نظر السلطات آنذاك

ما ذكر آنفاً عززه النظام الدكتاتوري بخسائر مالية خيالية نتيجة الحروب التي شنت بالضد من دول الجوار إذ تقدر إجمالي خسائر الحرب الصدامية على ايران ب(٥٠٠) مليار دولار فيما قدرت تكاليف الحرب على الكويت بنحو (٦٢٠) مليار دولار “بسعر صرف الدولار وقتها”، وفقا لـ”التقرير الاقتصادي العربي” لعام ١٩٩١ الصادر عن صندوق النقد العربي اضافة الى تراجع صادرات النفط العراقية من (٣) مليون إلى (٣٠٠) الف برميل بخسائر تقدر ب ( ١٥) مليار دولار ، إضافة تبعات غير مباشرة إلى تقديرات التكلفة المباشرة للحرب في الأشهر الستة من عام ١٩٩١ ، و تقدر بعشرات المليارات، إن لم يكن مئات المليارات من الدولارات أي ما قد يصل إلى (١) ترليون دولار أو أكثر بأسعار هذه الأيام.
وإضافة لما تقدم فإن الخسائر المترتبة على أثر توقف عجلة التنمية الاقتصادية أثناء الحروب التي شنها نظام صدام فإن الخسائر تقترب من حاجز ال(١٠) تريلون دولار وبالتالي فإن مجموع الخسائر المادية والبشرية الكارثية اقتربت من حيث الأرقام لخسائر الحرب العالمية الأولى وتخطت من حيث الأثر آثار الحربين العالميتين وإن مسألة إزالة آلاثار التدميرية لحقبة البعث الدامية أمرا ليس بالسهل ويحتاج إلى عقود من الزمن للتخفيف من آثارها وليس التخلص منها تماماً فالعراق لازال يكتشف يوميا بعد آخر مقابر النظام الجماعية وايظاً لم يتوقف إلى يومنا هذا من دفع تعويضات الحروب وديونها وهو وبحمله الثقيل رازخاً تحت وطأة الأثر التدميري الذي خفلته الايادي البعثية مما جعله آخر الدول من حيث التنمية والتطور .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى