العراق

حكومة الكاظميّ أبرز المؤشّرات

مجلة تحليلات العصر الدولية

بقلم: د. محمّد صادق الهاشمي

تابعت أقوال المحللين والمراقبين بمختلف توجّهاتهم, وكانت ملاحظاتُهم عن تكليف السيد الكاظميّ تلخّصت بما يلي:

1. إنّ أغلب المحليين يذهبون إلى أنّ عهد الحركات والتيارات والأحزاب الإسلاميّة قد انتهى، وأنّ العهد الحالي هو عهد الشيعة تحت المظلّة الأمريكية، وأنّ التصويت للكاظمي بهذه السهولة، وبهذه الطريقة والسرعة والعدد الكبير الذي حصل عليه أغلب الوزراء, فضلا عن استعداد أمريكا وترحيبها بحكومة الكاظمي وتمديد فترة استلام الغاز والنفط من إيران, وترحيب الأمم المتحدة وبريطانيا التي بالغ سفيرها بالقول: « إنّ بريطانيا على أهبة الاستعداد للتعاون »، وهكذا دول الخليج، والجامعة العربية، كُلّ هذه مؤشّرات على دعم حكومة الكاظميّ، وإعلان الانتصار على التوجّه الإسلاميّ.

نعم الحكومة ما زالت بيد الشيعة، وتحاول أمريكا أنْ توحي أنّها انتصرت، وأنّ المرحلة شيعية أمريكية , إلّا أنّ الدولة الحقيقية بيد الشيعة كمرجعيةٍ وقوى فاعلة حشداً وسياسيين ومثقّفين ونُخَب .

2. كثيرون يستغربون من موقف إيران؛ إذْ تبدو وكأنّها راضية على تنصيب الكاظميّ، وهذا الذي جعل البعض يفسّر الأمر على أنّه عبارة عن صفقةٍ بين إيران وأمريكا، كما يتردد في أغلب منصّات النشر، بينما يقول آخرون: إنّ إيران يهمّها أن لا يخرج الحكم من يد شيعة العراق فحسبُ، حتّى لو قدّمت إيران شيء من التنازلات للصالح العامّ، فإنْ خسر الشيعة الإسلاميون مواقعهم في رئاسة الوزراء فينبغي أنْ لا يخسر الشيعة كلياً, وأقوال كثيرةٌ هنا ضدّ إيران منها: أنّها أعلنت ضعفها، ولو كان الحاجّ سليمانيّ موجوداً لما تنازل إلى أنْ تفرض أمريكا مرشّحها.
وأصحّ التفاسير: أنّ إيران تداركت الانهيار الكُلّي للعملية السياسية حتّى لا يقاد البلد من قبل تدخّل دولي، أو يصادر حقّ الشيعة إلى ( برهم صالح)، فهي منعت الفراغ بنحو من التقبّل الواقعيّ الذي ما كانت تتمنّاه .

3. وقالوا : الآن عاد إلى الواجهة الخطُّ الشيعي الذي يقوده الاصلاح : «سائرون، والنصر، والحكمة»، وهو الخطّ الذي يفرض وجوده لاحقا.

4. (برهم صالح) يعتبر من المؤسسين لعهدٍ ليبرالي شيعي، فقد تمكّن من تحقيق نجاح نظريته, ولولا وجود التظاهرات، واستشهاد الحاجّ سليماني وأبي مهدي المهندس لما تمكّن ( برهم صالح) أنْ يتدخّل سافراً في القرار الشيعيّ.

5. من الطبيعي أنّ المتظاهرين منذ عام 2019 وقبلها وبعدها سوف يستمرّ جهدُهم، ويعاد تنظيمهم وتترتّب أوضاعهم، وسيتلقون دعماً أكبر؛ كونهم يشعرون بالانتصار, وأن تجربتهم ناجحةٌ؛ لانها تمكّنت من اسقاط حكومة (عادل عبد المهدي)، وتمكّنوا أيضاً من منع أنْ تكليفُ أيّ مرشّح حزبيّ، وبهذا فهم انتصروا في اختيار مرشّحٍ مستقلّ ليبرالي، فإنّ هذا الانتصار سوف يجعل قادة التيار المدني أكثر رسوخاً .

6. الكثير من عموم الشيعة يتوقّعون خيراً، وأنّ أمريكا ستقوم بتحسين أوضاع العراق المعاشية، ولكنّ سوف يرون كذب أمريكا. هذا مبنيٌ على أنّ أمريكا تفتح باب الامتيازات السياسية والعسكرية والامنية،والاقتصادية، وسوف تفتح – كما يرى البعض- الصناديق الدولية لدعم العراق حتّى يقع تحت سيطرتها، ويخرج عن تأثير إيران , و الأيّام القادمة تثبت صحّة ما يدّعون أو خطأه . المهم أنّ الكرة الآن في ملعب أمريكا والخطّ اللّيبرالي.

7. لاحظنا أنّ المتظاهر قد اختفي صوته من ساحات التظاهرات، ومن الفيس بوك، ومن السوشيل ميديا, لكنه سيعود بأجندةٍ جديدةٍ؛ لتضييق الخناق على الحشد والمقاومة وغيرها، ولن يتوقّف دورهم حتّى يتمكّنوا من أنْ يؤسسوا عمليةً سياسيةً جديدةً وفق المنهج المدني من أعلى الهرم إلى أسفله.

8.هناك من ينتقد إيران كونها ساهمت في تشكيل حكومة الكاظمي, إلّا أنّ إيران لديها الجواب بأنّها عملت الكثير لإنقاذ الشيعة في العراق, إلّا أنّ رغبات البعض أفشلت جهدها فهي التي أرادت ترصين البيت الشيعي، ونحن مَنْ عملنا على تمزيقه، وأرادت أنْ يجتمع شطري الدعوة بعد الانتخابات الأخيرة، ولم يتمّ، وأرادت أن يكون المرشحّ بعد (عبد المهدي) من الكتل الاسلامية، وهم مَنْ اختلفوا في القول، وحتّى لا ينهارُ البلدُ ذهبت إلى نظرية أنْ يختاروا ما تختاره الاغلبية الشيعية لإنقاذ ما تبقي من العملية السياسية .

9. بقي القول في موضوع مهمّ، هل يتمكّن الكاظمي من انجاز ما وعد به من انتخابات مبكرة، وترحيل القوات الأمريكية وغيرها، هذا كلّه يحتاج إلى موقفٍ شيعيٍّ موحَّدٍ يفرض على الكاظمي الاستجابة، ولكن من صوّتَ للكاظمي بعد إعلان الرفض له؛ لأنه حصل على وزارة، لا نتوقّع منه الجدّ في العمل الموحّد للسعيّ نحو مستقبل راسخ . نسال الله التوفيق .

 

  • الآراء المطروحة تمثل رأي كاتبها ولا تمثل رأي المجلة بالضرورة.

 

  • تستطيعون المشاركة بأرائكم وتحليلاتكم السياسية حول هذا المقال:

خطأ: نموذج الاتصال غير موجود.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى