أحدث الأخبارلبنانمحور المقاومة

حل الوضع اللبناني ممكن؛ ولكن بحاجة إلى إراداة هامات لا تهاب أحداً (8)

مجلة تحليلات العصر الدولية - عدنان علامه

تناولت في عدة حلقات سابقة أهم أسباب الأزمة الإقتصادية في لبنان مع ذكر الأدلة والبراهين وأختتم بوضع مقترحات الحلول حسب تسلل معالجني للعناوين :-

2- الرئيس المكلف بتأليف الحكومة سعد الحريري.

يعيش لبنان حالياً أزمة إقتصادية وسياسية حادة يتحمل الرئيس المكلف سعد الحريري وسياسات الحكومات الحريرية المتعاقبة وحاكم مصرف لبنان أسبابها بشكل رئيسي.
فبدأت الأزمة الإقتصادية والسياسية بالتصاعد حين أعلن الرئيس الحريري الإستقالة ثم العزوف عن الترشيح وإعادة تكليفه لاحقاً بتأليف الحكومة بشروطه الخاصة ليتبين لنا وبالدليل الملموس أن شروطه لم تكن سوى أجندة أمريكية فرنسية يحاول فرضها على اللبنانيين ضارباً بعرض الحائط كافة الأعراف والتقاليد والتفاهمات لتشكيل الحكومات. وأثبتت سفيرتا امريكا وفرنسا بأن بلديهما وراء تأخير تشكيل الحكومة بسبب تغييب الموافقة السعودية. وقد خرقت السفيرتان السيادة اللبنانية ومعاهدة فيينا وكافة الأعراف الدبلوماسية بسفرهما إلى الرياض لتناقشا وبالنيابة عن الحكومة اللبنانية واللبنانيين الشؤون الداخلية اللبنانية وأهمها تأليف الحكومة.
ولا بد من جولة أفق في مراحل إستقالة الرئيس سعد الحريري والعزوف عن الترشيح وإعادة تكليفه وأسباب عدم تأليف الحكومة حتى اليوم.

بعد خمسة أيام من الإحتجاجات الشعبية التي إجتاحت الشوارع اللبنانية للمطالبة برحيل الطبقة السياسية، أعلن رئيس الحكومة سعد الحريري يوم الاثنين 21 تشرين الأول 2019 عن مجموعة من الإجراءات الإصلاحية لتهدئة المتظاهرين، ومن ضمنها خفض رواتب النواب والوزراء الحاليين والسابقين، وفرض ضرائب إضافية على أرباح المصارف، ودعم إجراء انتخابات نيابية مبكرة. ولكنه لم يتخذ أي إجراء عملي لتنفيذ الوعود التي تعد الخطوة الأولى في الإصلاح ولم تتبنَ الحكومات الحريرية المتعاقبة مثل هذه الإصلاحات . مما جعل الأوضاع المعيشية تتفاقم. وقدم في بيان مقتضب إستقالة الحكومة إستجابة لرغبة المتظاهرين بتاريخ 29 تشرين الأول /أكتوبر 2019. وبدلاً من ممارسة مهامه في تصريف الأعمال ترك الأمور على غاربها؛ الأمر الذي أدى المزيد من تدهور الليرة اللبنانية، وإقفال آلاف المؤسسات بسبب قطع الطرقات وارتفاع نسبة البطالة، واتخاذ المصارف إجراءات قاسية جداً بحق المودعين.

وأعلن الرئيس الحريري يوم الثلاثاء 26 تشرين الثاني / نوفمبر 2019 أنه لا يرغب برئاسة الحكومة المقبلة. وأضاف الحريري في بيان “كلي أمل وثقة أنه بعد إعلان قراري الصريح والقاطع أن فخامة رئيس الجمهورية، المؤتمن على الدستور وعلى مصير البلاد وأمان أهلها، سيبادر فورا إلى الدعوة للاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس جديد بتشكيل حكومة جديدة، متمنيا لمن سيتم اختياره التوفيق الكامل في مهمته”.

وجرت بتاريخ “الخميس 19 كانون الأول 2019″ الاستشارات النيابية المُلزمة لتسمية الرئيس المُكلّف تأليف الحكومة الجديدة. 69 صوتاً حصل عليها الوزير السابق حسّان دياب، في مقابل 13 صوتاً للسفير السابق نوّاف سلام. أما عدد الـ«لا تسمية»، فقد بلغ 42 صوتاً”. و”لم يختر فريق الأكثرية النيابية شخصية «استفزازية» أو تنتمي إليه، بل لجأ، وبالتشاور مع سعد الحريري، إلى تسمية بروفسور جامعي ليس لديه «عداوات سياسية». تقول مصادر في «8 آذار» إنّ المعرفة بدياب «تعود إلى أيام ما كان وزيراً للتربية، ولم تكن التجربة معه سيئة»، في حين أنّ «خلفية سلام التاريخية، منذ أيام مفاوضات الناقورة التي أدّت إلى إقرار اتفاق 17 أيار، مروراً بتسميته سفيراً من خارج الملاك من قبل فؤاد السنيورة والدور الذي لعبه في الأمم المتحدة، وصولاً إلى تحويله إلى مرشح المعركة الأميركية في المرحلة المقبلة، تُثير الشكوك حوله».”

وقدم رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب استقالة حكومته بتاريخ 10 أب / اغسطس 2020 إثر فاجعة انفجار مرفأ بيروت وإثر تصاعد الغضب الشعبي وارتفاع حدة الضغوط عليها. وجاء إعلان دياب بعد استقالة أربعة من وزراء حكومته في وقت سابق. وأعلن رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب اليوم الاثنين (العاشر من آب/ أغسطس 2020) استقالة حكومته بسبب انفجار مرفأ بيروت . وأشار دياب في كلمة إلى اللبنانيين من السراي الحكومية إلى أن ما وصفها بـ “منظومة الفساد أكبر من الدولة ونحن لا نستطيع التخلص منها، وأحد نماذج الفساد انفجار مرفأ بيروت”.

وقال دياب في كلمته: “لا نزال نعيش هول المأساة التي ضربت لبنان وأصابت اللبنانيين في الصميم والتي حصلت نتيجة فساد مزمن في الإدارة. حجم المأساة أكبر من أن يوصف، ولكن البعض يعيش في زمن آخر والبعض لا يهمه سوى تسجيل النقاط الشعبوية الانتخابية”.

وحمل دياب على السياسيين اللبنانيين متهما إياهم بأنهم “لم يقرأوا جيدا ثورة 17 تشرين الأول/اكتوبر (الماضي)، وتلك الثورة كانت ضدهم واستمروا في حساباتهم وظنوا أنهم يستطيعون تمييع مطالب اللبنانيين بالتغيير”.

وقال الحريري في حديث لوسائل الإعلام بتاريخ 2 تموز/ يوليو 2020 إن “الفراغ مدمر للبنان والفرصة للإنقاذ قائمة والحل بتغيير الآلية ‏والمحاصصة وبناء البلد على أسس جديدة”.

وأعلن أنه لديه شروطا للعودة إلى رئاسة الحكومة. وقال: “لدي شروط للعودة إلى رئاسة الحكومة ونقطة على السطر، والبلد يحتاج لطريقة مختلفة بالعمل كليا، وإذا لم نخرج من المحاصصة فلن يتغير أي شيء”.

وبتاريخ 22 تشرين الأول/ اكتوبر 2020 كلف الرئيس ميشال عون الرئيس سعد الحريري تشكيل حكومة جديدة.
ولا نزال حتى اليوم بدون حكومة مع تجاذب وتقاذف الإتهامات بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية. وللأسف فقد تمترس الرئيس الحريري مؤخراً وراء طائفته والتقى سماحة المفتي جميل دريان ونقل إليه الخلاف في تفسير الدستور وهو يعلم علم اليقين بأنه قصد المكان الخطأ لعدم تخصصه.
وقد أثبت هذا الإسبوع بأن الرئيس الحريري ينفذ الأجندة الامريكية الفرنسية وأن الكلمة الأخيرة في تأليف الحكومة هي لأمريكا وفرنسا والسعودية. وأكد ذلك بيان سفارة كل من أمريكا وفرنسا.
والتأخير في التأليف يؤكد بأن شروط السيد الحريري ليست لبنانية؛ “والحل بتغيير الآلية ‏والمحاصصة وبناء البلد على أسس جديدة” ليست من بنات أفكاره لأن سفيرتي أمريكا وفرنسا وضعتا كافة الشروط .
ولا بد من الإشارة بأن الأغلبية النيابية قد سمّت الرئيس الحريري لأنه لزوم الضرورة لمنع الحرب الأهلية وإنفجار البلد. وقبلت الأغلبية على مضص أن يكون أعضاء الحكومة تكنوقراط وغير حزبيين. وقد كشفت سفيرتا امريكا وفرنسا المستور بأن الهدف من زيارتهما للسعوديه هو تسهيل تأليف الحكومة اللبنانية، وكأنهما سلطتا إنتداب على لبنان، ويتصرفان بحرية على هذا الأساس.

ويبدو أن دول الإستكبار التي لا تزال تعتبر نفسها بأنها سلطات إنتداب أو وصايةعلى لبنان وهي تعتمد على التفجيرات وإفتعال الأحداث التي تؤدي إلى الفوضى العامة لإسقاط النظام برمته ؛ ولتغيير الواقع السياسي في لبنان لإقصاء محور المقاومة عن حقه في المشاركة السياسية ولفرض أجندات لا تخدم مصالح لبنان. فإغتيال الشهيد الحريري كان بتخطيط وتنفيذ أجهزة مخابرات دولية كما ان تفجير او إنفجار العنبر رقم 12 ليبدو كحادث عرضي بحاجة إلى فكر مخابراتي دولي. فليس من الصدفة أبداً ان توضع المفرقعات مع الآف الأطنان من نترات الأمونيا. وليس صدفة أبداً أن تبدأ عمليات الصيانة والتلحيم بعد وضع أطنان المفرقعات والألعاب النارية في نفس العنبر رقم 12. وللعلم فإن كافة المعلومات الصحفية أشارت بأن الحريق في المرفأ شبّ بعد نصف ساعة من ذهاب فريق التلحيم. فليبدأ التحقيق من هنا ودون أي توظيف سياسي لإبلاغ أهالي شهداء فاجعة المرفأ والجرحى بالحقيقة.

فكيف يتوقع السيد الحريري ممن يهدد لبنان “بالفقر الدائم أو الإزدهار المحتمل” ، أو بإرسال فرنسا بعضاً من جيشها إلى لبنان أو نشر القوات الدولية على أراضيه أن يساعد لبنان وشعبه؟
فالحل المقترح في لبنان هو تأليف حكومة وحدة وطنية من مكونات الشعب اللبناني بحسب نسبة تمثيل الكتل السياسيةفي البرلمان اللبناني ولا مانع أبداً من ان يكونوا إختصاصيين غير حزبيين؛ وتكون مهمتها إنقاذ لبنان من الإنهيار الإقتصادي، ووضع قوانين جديدة لمحاربة الفساد المتجذر في كافة مفاصل الإدارات العامة. ومن مهامها أيضاً وضع قوانين إنتخابية تعتمد النسبية، وإسترداد المال المنهوب والموهوب دون وجه حق، وتقول لأمريكا وفرنسا واي بلد آخر بأن تأليف الحكومة اللبنانية هو شأن داخلي لبناني وتضع مصلحة لبنان فوق كل إعتبار؛ لأن القرارات المصيرية يجب أن تتحملها الأحزاب السياسية التي شاركت على مدى عقود في الحكومات السابقة؛ وإلا فعلى لبنان السلام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى